شاكر فريد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 2738 - 2009 / 8 / 14 - 06:14
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تعتبر ظاهرة الاسلام السياسي من الظواهر التي القت وتلقي بظلالها على الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية في الوطن العربي. ولا شك أن الصراع والجدل مع طروحات وأفكار التيارات والجماعات الاسلامية هو صراع وجدل فكري وسياسي تحكمه قوانين الصراع والاضداد في كل زمان ومكان.
وهنالك فرق بين الاسلام كدين وبين الايديولوجيا الاسلامية، فالدين قيم ورحابة صدر وانفتاح ورحمة وانسانية وعدالة ومساواة وسماحة وقبول بالجدل والاجتهاد والرأي المضاد ويدعو لذلك . اما الايديولوجيا فهي تكفير وعنف ودكتاتورية وتحزب وتعصب وتحجر وارهاب ورفض لوجهة النظر الأخرى، ويستطيع ألانسان أن يكون متديناً وعلمانياً في اّن لأن العلمانية هي بالأساس موقف من الحياة وليس من الدين . ويجب أن لا يغيب عن اذهاننا امر اساسي وهو بأنه من حق كل انسان ممارسة الشعائر الدينية وتبني العقائد التي تتماشى مع قناعاته وموروثاته ولكن ليس من حقه أن يفرض هذه القناعات على الاّخرين بقوة السلاح، وبالحديد والنار والعنف والارهاب.
ان اعمال القتل وممارسات القمع والارهاب الفكري التي تقوم بها الحركات والمنظمات والجماعات الدينية السياسية والاصولية تسيئ وتشوّه الصورة الحقيقية والمشرقة للأسلام المتنور، الاسلام الذي يحض على الثورة الاجتماعية ومقاومة الفقر والجهل والتخلف والفساد والقهر والظلم والاضطهاد، وأننا لا ننسى صرخة الفاروق عمر بن الخطاب " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا" او صيحة ابي ذر الغفاري " عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج الى الناس شاهراً سيفه" .
أن تاريخنا الاسلامي وحضارتنا العربية الاسلامية لا علاقة لهما بالطروحات والصياغات السلفية الاصولية ، وهما يحفلان بالانجازات في مجال الفكر والثقافة والتنوير الديني، وهناك حركات دينية ثورية وعقلانية واصلاحية ساهمت في تقديم نموذج اصيل لجوهر الاسلام وتمردت وثارت على القهر الانساني والاستبداد السياسي كالقرامطة والزنج والمعتزلة والشيعة والظاهرية وغيرها من الحركات. ومن الضروري الاشارة الى اسهامات رجالات عصر النهضة في اعلاء راية الاسلام وتطوير الرؤية العقلانية البعيدة عن التزمت والتعصب، ودورهم في اصلاح الأمة بالتحليل العمي، والتحليل العقلي والاستقراء والاستنباط.
واخيرا ًفأن الاصلاح الحقيقي والانبعاث الفعال لروح الاسلام سيبدأ بالفصل بين الدين والسياسة والتخلص من ذهنية التحريم والتكفير، والتحرر من قيود السلفية والتمسك بالموقف العقلاني وتجديد الفكر الديني بحيث ينسجم مع الحداثة ويتساوق مع العلمانية وينسجم مع الديمقراطية ويتماشى مع العلم الحديث والتكنولوجيا المتطورة.
(مصمص)
#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟