وديع شامخ
الحوار المتمدن-العدد: 2689 - 2009 / 6 / 26 - 07:55
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
مهاد..
تَفترض الحياة تصورات مختلفة لها ملّل ونِحل متنوعة ، منها ما هو سائد أو يسود دهرا ومنها ما هو زائل . فالمجتمع البشري هو تكوين طوعي من مجموعة من الناس تحكمهم ظروف متعددة للعيش معا في ظل جغرافية وتاريخ وثقافة مشتركة . وعلى هؤلاء الفرقاء مهما إختلفت نسبهم العددية ، أن يحترموا وجود بعضهم في هذا المكان . إذ لا جدوى للحياة إلا اذا تنوعت وتعددت ، فخير المجتمعات تلك التي لا تتسيدها طائفة أو عرق أو دين أو ملّة ..
ومن أسباب تقدم الأمم وتطوّرها ، الحفاظ على التوازن الكمي والنوعي للسكان وإحترام إختلافهم الديني والعرقي والقومي ، فالأمّم الفسيفسائية تستطيع أن تقدّم مجتمعا متوازنا ورصينا اذا أحسنت إدارة الإستفادة من عناصر الخليط المجتمعي. فهذه أستراليا قد نجحت في إدارة هذا المجتمع المتعدد والمتنوع الثقافات والأديان والأعراق لسبب مهم وعميق جدا ، إنها اسقطت الإعتبار الديني كفيصل وحكم .. وانحازت الى الإنسان ، وإحترامه ، فكان الدستور المدني ثمرة طيبة لإحتواء هذا الخليط العجيب ومثل إستراليا الكثير من المجتمعات التي إنتصرت للإنسان كقيمة عليا.
إذا نظرنا الى التاريخ الديني تحديدا في شرقنا وغربنا العربي-الإسلامي، سنجد أن الديانات، اليهودية، والمسيحية والإسلامية، قد ساهمت في إختلاق قصة الأقليات وفقا لمعيارها الأيديولوجي ، ومن ثم ووفقا لتراتبية منظّمة إستحوذ الاسلام على إدارة الصراع وحولّ المجتمعات الى أغلبية مسلمة ساحقة ، وأقليات لم تبلغ سن الرشد ، تحتاج الى حضانة ورعاية السادة، في المجتمعات ذات الأغلبية الإسلامية حصرا.
سوف أترك الحديث عن دور اليهودية في تأسيس الأقليات لأن دورها إنحصر في دولة اسرائيل اليهودية العنصرية ولأن اليهود اليوم هم أقلية "عددية" بالقياس الى المحيط العربي والإسلامي الذين يعيشون به ، وايضا سأغادر الحديث عن المسيحية ودورها في أزمة الإقتتال بين الناس تحت مسمى الصليب " والحروب الصليبية " لأن الكنيسة المسيحية إعتذرت وبشدة عما لحقهم بهم من العار في حروب أُشعلت بأسم الصليب وهي تريد غير ذاك .. المسيحيون ادانوا هذه الحروب لاسيما أن مسيحييّ الشرق قد وقفوا مع المسلمين ضد الغزاة المتدرعين بالصليب . والكنيسة ادانت محاكم التفتيش، وما عملته مع غاليلو وأخير اعتذرت عن سحب كتاب "
أصل الأنواع" لدارون .
كما أن المسيحية بمفهومها الروحي غير معنية بتأسيس مملكة من هذا العالم إذ جاء على لسان مؤسسها المسيح، " مملكتي ليست من هذا العالم "حين استجوبه بيلاطس قبل صلبه" انجيل يوحنا 18-36
الاسلام وحده هو الذي مضى الى تقعيد ظاهرة الأقليات والغاء نظرية المواطنة الحقيقية والقائمة على المساواة في الحقوق والواجبات . من واقع دفاعه المستميت عن الغزو ، والذي أطلق عليه فيما بعد بالفتوحات الإسلامية، التي طالت العالم من الخيلج الى المحيط .
ولا أحد من المسلمين يستطيع أن يعتذر عن هذا الحيف الذي لحق بالشعوب .. الفتوحات الإسلامية هي جهاد وواجب ديني مقدس موضع فخر وتكليف سماوي .
لقد أنطلق الإسلام من هذا المقدس الى تأسيس ثقافة للتعامل مع الآخر وفقا ل"نظرية التسامح" ،التي تبدو في ظاهرها حسن طوية وسريرة بيضاء فيما تخفي كثير حقد وأهانة وازدراء للآخرين بوصفهم أقليات، واهل ذمة .
الأقليات ليست سبّة أو تهمة بحد ذاتها ولكنها تتحول هكذا إذا ماوجدت أرضا خصبة لنمو الأفكار لتقعيد هذا الواقع غير المتوازن نظريا وعمليا .
مفهوم الأقليات في الإسلام
يضع المشرع الاسلامي نفسه نيابة عن الناس وفقا لتصور كتابه المقدس " القرآن " والذي يجعله فوق البشر أجمعين
*-"إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ
*-"وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" آل عمران 85
*-(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادمين) المائدة:51-52
و جاء في الحديث النبوي عن محمد بن عبد الله قوله " لا يجتمع دينان في جزيرة العرب" ، وما لحق هذا الإقرار من تصفية شاملة لليهودية والمسيحية، وهو أول بوادر الإقصاء للآخرين وحرمانهم من العيش في أراضيهم وإهدار حقوقهم الوطنية المشروعة . كما أن الفقه الإسلامي الحديث توسّع في طرح قضية أن المسلم هو ممثل الحق ورسالة الإسلام والتوحيد بوصف الإسلام أفضل عند الله من أي دين آخر في الدنيا والآخرة معا .
وكانت " العهدة العمرية" نموذجا للتعامل الفوقي بين مُحتل قوي ومواطنين ضعفاء عليهم واجبات ووصايا لا تليق إطلاقا بحقوق الإنسان، وهذا الأمر يسري الى الآن بخصوص تنصيب رئيس الكنيسة في فلسطين، اذا لا يتم دون موافقة ملك الأردن بوصفه الحاكم الاسلامي والذي بيده تنصيب قادة المسيحيين الروحيين !، والغريب في الامر أن العهدة العمرية كانت من نتاج فترة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب الذي يمثل قمة العدالة في الدولة الاسلامية !
وبعد الإسلام جاءت النظريات والحركات القومية الشوفينية التي راحت تدعو الى نقاء العرق العربي وسمّوه عن الاجناس والاعراق الاخرى لفضائل عديدة خصّ الله بها العرب ومنها ، ان لغة القرآن عربية، ولغة اهل الجنة عربية ، وكنت خير امة اخرجت للناس ، ومنكم الرسول العربي.. والخلفاء من قريش العربية .. الخ من المسوغات الغريبة التي جعلت العرب والمسلمين خلفاء الله في الارض واسيادا، وباقي القوميات والملل والنحل هم أقليات ومواطنين من الدرجة الثانية . كما ان الفرس والعثمانيين قد إستبدّ بهم الغرور عندما ركبوا موجة الإسلام .
..............
نماذج تطبيقية
عربيا
يتكون الشعب العراقي دينيا من الديانات التالية: الإسلام، المسيحية، الصابئة المندائيين ،الأيزيدية ،اليهود.
أما قوميا فهو يشتمل على، العرب و الأكراد والكرد الفيليين و التركمان والكلدان الأشورين السريان و الشبك و الأرمن "
النسيج المجتمعي العراقي قد بدأ منذ الاقوام السومرية والبابلية والأشوريه والأكدية من سكنة العراق الأوائل ، ناهيك عن الوجود المسيحيي الكبير قبل دخول الإسلام وإحتلال العراق، ومن بعده سياده العرق العربي ، ومنذ تأسيس الدولة الدولة العراقية الحديثة عام 1921 كان للأقليات دور مشهود في قيادة مفاصل الدولة، ومعها خروقات فاضحة بحقهم إذ يشير الكاتب العراقي الدكتور كاظم حبيب الى أن " العراق الحديث قدّم منذ تأسيسه في العام 1921 نموذجاً صارخاً في هذا المجال , رغم توقيع العراق على كل اللوائح الصادرة عن الأمم المتحدة تقريباً، ابتداءً من اللائحة الدولية لحقوق الإنسان التي شارك في وضعها والتوقيع والمصادقة الرسمية عليها ومروراً بالكثير من اللوائح والمواثيق الأخرى، ولست في معرض تقديم دراسة تاريخية عن تجاوزات الحكومات العراقية المتعاقبة على حقوق القوميات المختلفة في العراق , سواء أكان في العهد الملكي أم في العهد الجمهوري , الذي بدأ في العام 1958 , حيث برزت بعض المظاهر التي كانت تشير إلى احتمال التزام العراق بتلك اللوائح في أعقاب قيام الجمهورية الأولى , ولكن سرعان ما اختفى ذلك الإحتمال وحل الخلاف الشديد بين القوى السياسية ثم بدأ منذ العام 1961 الخلاف بين سياسة عبد الكريم قاسم والقوى السياسية الكردية بشأن الحقوق القومية للشعب الكردي, وتفاقمت هذه الحالة في أعقاب انقلاب شباط الدموي في العام 1963 , وتحول إلى مواصلة الاضطهاد والحروب وسيل من الدماء كرد على مطالبة القوميات العديدة الموجودة في العراق بحقوقها القومية. ولنا في ما تعرض له الشعب الكردي في كُردستان العراق من جرائم بشعة ضد الإنسانية وجرائم إبادة ضد الجنس البشري في عمليات الأنفال ما يندى له جبين البشرية كلها. وقد شملت هذه العمليات الدموية قتل المئات من بنات وأبناء الشعب الكلداني الآشوري السرياني. وعلينا أن نتذكر هنا أيضاً ما فعله النظام بالكُرد الفيلية من قتل وتهجير قسري ومصادرة أموال ودور سكن" .
لقد استمر هذا الوضع حتى سقط نظام صدام 2003 ، حيث اعيدت كتابة الدستور، وللأمانة، نقول: انه أول دستور في تاريخ العراق يعترف دستورياً بأن العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب ويعكس التنوع والتمايز في هذا المجال وهو ما يعكس الواقع الاجتماعي في العراق. ولكن بروز المد الديني في عراق ما بعد صدام حسين قد ساهم بشكل او بآخر في دحر الأديان الاخرى وقد تقعد هذا نظريا في الدستور العراقي الذي جاءت فقرة منه تقول " لا يجوز سن اي قانون يتعارض مع الشريعة الاسلامية "! رغم ان فقرة اخرى تقول " العراق بلد ديمقراطي .. الخ"، ونحن نعرف ماذا تعني الشريعة الاسلامية بقوانينها الجائرة على حقوق الانسان عموما تلك التي اجتهدت الانسانية في صياغتها كوثيقة "" Human Rights مثل حقوق الإنسان بالولايات المتحدة (إعلان فرجينيا) 1776م، وإعلان الثورة الفرنسية 1790م، ثم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر 1947م عن الأمم المتحدة. هكذا يتم مصادرة لحقوق الانسان العراقي الذي ساهم باغلبية قومايتهم واديانهم في اسقاط الديكتاتورية! لا لسبب إلا لسيادة الاسلام .
وهذه المصادرة لحقوق الانسان من خلال نشوء ظاهرة الاقليات بأفقها الشوفيني الضيق لم تتتوقف عند العراق فهناك سوريا ، وما تمثله مدينة (القامشلي) السورية ، التي يتميز سكانها بالتنوع القومي والديني والإثني والثقافي لا يعترف به من قبل الحكومة السورية ، حتى أن الأكراد في سورية تطمس هويتهم تماما، فهناك مشكلة كردية ومشكلة آشورية أو مشكلة أقليات عموما ، تمثل في افقها العام مشكلة حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات العامة .
في السودان حيث يعرض الكاتب احمد ضحية في كتابه " دارفور والتطهير العرقي والتهجير القسري إّذ يؤكد أن "السودان باعتباره يمثل نموذجا مصغرا لأفريقيا , باعتباره قد حظى بموقع متوسط فى افريقيا ذات العوالم الثقافية المتعددة( اى افريقيا العربية -افريقيا الافريقية - افريقيا المسلمة - افريقيا المسيحية - افريقيا الناطقة بالانجليزية - افريقيا الناطقة بالفرنسية...وبينما تقدم التركيبة الداخلية للسكان السودانيين نموذجا مصغرا لافريقيا : طبيعيا وثقافيا واثنيا, فان فرادته تواجه ذلك , بهامشيته الساسية المتعددة , بوصفه لا عربى ولا افريقى ولا مسلم ولا مسيحي, وهذا يضع السودان داخليا فى وضع مربك وحرج جدا , اذ ترغب نخبته المسيطرة , التى تنحدر غالبا من الشمال العربى , ان يكون عربيا ومسلما , وترغب نخبته غير العربية ان يكون افريقيا , وربما منبت عربيا ..ان هاتين الرغبتين المتعارضتين تقفان فى قلب الصراع السياسى الذى يكمن فى مركز تحلل الدولة السودانية, ولقد تطورت الازمة التاريخية لدارفور فى هذا السياق , بتضافر العديد من العوامل.ويمضى المؤلف الى القول" ان وقائع الوضع الكارثى فى دارفور تشير الى ان انماط العنف الذى مورس ضد المدنيين تؤكد نية الحكومة فى السودان , اجبار السكان الاصليين الذين ينتمون الى قبائل غير عربية , على مغادرة اراضيهم واحلال القبائل العربية محلهم . وهو ذات ما تمت محاولته باشكال اخرى من قبل فى جنوب السودان ".
في مصر تضعنا قضية الاقباط المصريين في صلب المشكلة ، كما يشير الكاتب سليمان يوسف يوسف بقوله: "يعتبر (الأقباط) المسيحيين في مصر إحدى أكبر (الأقليات) الإثنية والدينية في الشرق الأوسط وأكثرها عرضاً للاضطهاد والظلم والحرمان، وان أكثر الإحصائيات تقدر عددهم بـأكثر من (10) مليون نسمة، وهم امتداد وتواصل لسلالة الشعب المصري القديم( الفراعنة) وممن تبقى من المصريين الذين اعتنقوا المسيحية.. لهذا يرتبط وجودهم بوجود مصر التي تحمل أسمهم.. و لم يكن قط في حسابات الأقباط أن يستمر الوجود العربي (الإسلامي) ويتحول إلى احتلال دائم لموطنهم(مصر) ويصبحون فيه أقلية مضطهدة، وأهل (ذمة) يدفعون (الجزية) للمسلمين حتى عام1855 م " " وقد زادت مرارة الأقباط واشتدت في عهد أنور السادات، فمنذ بداية حكمه، تصاعد النشاط الديني للقوى السلفية المسلمة في مصر، في مقدمتهم(الإخوان المسلمين) واشتد مسلسل الاعتداءات على الأقباط ووقوف السلطات المصرية وانحيازها التام إلى جانب المعتدين المتطرفين من الإسلاميين. وقد بلغ نشاط هذه القوى السلفية بإعلان السادات في آب 1977، عزم السلطة على إصدار قانون الردة، الذي يعاقب كل مرتد عن الإسلام بالإعدام"
ولا يختلف الأمر كثيرا في اغلب البلدان في شرقنا العربي وغربه من الميحط الى الخليج .
أقليميا
تمثل إيران الدولة الأقليمية الكبرى التي كانت العائلة البهلوية تحكمها ما يقارب المئتين عاما، حتى جاءت الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني لتزيح النظام البهلوي وبمشاركة أغلب اطياف الشعوب الايرانية قوميا ودينيا وسياسيا ، ولكن الجمهورية الإسلامية ومن وحي نظرية ولاية الفقية ، طبقت الشريعة الإسلامية بصرامة في مجتمع متنوع دينيا وقوميا ومذهبيا، مما خلق جملة اشكالات أدت الى إستفحال السلطات الإسلامية الحاكمة في ممارسة الاضطهاد المنظم وعلى المستويات التالية "
الاضطهاد او التمييز العرقي او القومي، الاضطهاد او التمييز الدينى، الاضطهاد السياسي
الاضطهاد القائم على الاختلاف بين الرجل والمرآة، الاضطهاد او التمييز الاجتماعي،الاضطهاد او التمييز الفئوي.
ففي كتاب الفيدرالية وعناد لعنصريين في إيران للكاتب يد الله زماني، ترجمه الى العربية جابر احمد، يشير الى
ان "التمييز العرقي والقومي يمارس اليوم بأبشع صوره بحق القوميات غير الفارسية، فقد تناقلت الصحافة الايرانية الصادرة في العام الماضي نقلا عن وزارة الصناعة الايرانية التي وضعت معايير لكل المقاطعات الايرانية وذلك على ضوء الصناعات الموجودة فيها وعلى ضوء هذا التصنيف تبين أن محافظة طهران العاصمة قد حصلت على 8616 امتيازا في حين حصلت مقاطعة اذربيجان وهي منطقة تسكنها القومية التركية – ألاذرية وكانت من اكبر المراكز التجارية والاقتصادية في مطلع القرن العشرين على 521 امتيازا واحتلت المرتبة السادسة عشرة ومقاطعة كرمانشاه 298 امتياز ( منطقة كردية ) ومقاطعة كردستان على 122 امتيازا و مقاطعة عيلام او ( أيلام ) على 34 امتيازا، اما مقاطعة الاهواز او اقليم ”خوزستان " كما تسميها ايران والتي هي موطن العرب الاهوازيين والتي تعتبر وبفضل الصناعات النفطية ما يرتبط بها من اكثر المناطق حيوية لم تحصل حتى على امتياز واحد، هذا نموذج من المعنى الاسلامي للتوزيع العادل للعدالة و الرفاه الاجتماعي في ايران.
ولعل ما قام به رجل الدين الشيعي وأستاذ الفلسفة المعروف المجتهد ” السيد محسن كديور في كتاب ضخم اسماه" حقوق الانسان والتنويرالثقافي الديني" - تحدث فيه عن مفاهيم مثل تعارض الإحكام الدينية والاسلام التقليدي وكان يقصد من الاسلام التقليدي على سبيل المثال جامع ألأزهر عند اهل السنة و الحوزات العلمية مثل النجف وقم ومشهد لدى الشيعة، أما حقوق الانسان فيقصد به الإعلان العالمي او الميثاق العالمي لحقوق الانسان او الإعلان الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية وقد تحدث السيد " كديور" بإسهاب عن التمييز او الاضطهاد الديني في ايران حيث تجلت صوره حسب رأيه في المجالات الاربعة التالية وهي:الفرقة الناجية – الشيعة، مسلمي بقية المذاهب اهل السنة وغيرهم،اهل الكتاب، يعني المسيح واليهود والمجوس – الزرادشتيين ،الكفار والمحاربين وغير اهل الذمة وغير المعاهد".
أما في تركيا في العهد العثماني الذي استمر قرونا ، فقد حكم العثمانيون الشعوب التي إحتلوها بالنار والحديد واذاقوا الناس مر الحال ، ولانريد التوسع أكثر لأن مجزرة الأرمن تشكل وصمة عار في جبين الإمبراطورية العثمانية الاسلامية، التي ظلت تركيا تحمل وزر هذا الذنب حتى بعد ما تحولت الى دولة علمانية، وقضائها على الحكم الاسلامي، الأمر الذي أخرّ دخولها الى العالم المتحضر ممثلا بالاتحاد الأوربي .
وهكذا نرى إن الاسلام قد ساهم فعليا في تقعيد ظاهرة الأقليات بوصفهم مجموعات قاصرة لا بد من إستعمارها و اعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية الى الأبد !
#وديع_شامخ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟