|
ميلاد -الحركة الوصولية- الليبرالية
أحمد الخمسي
الحوار المتمدن-العدد: 2673 - 2009 / 6 / 10 - 10:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في هذا العمود، قبل أسبوعين، عندما عددنا الخلاصات العشر حول الأخطاء التي ارتكبها حزب الهمة، في النقطة السابعة دعونا التجمع الوطني للأحرار لفك ارتباطه النيابي عن الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة، كونه انبنى على خرق المادة 5 من قانون الأحزاب، رقم 04. 34. ولم يخطر على بال أن الأحداث ستسير بالسرعة التي نجد فيها حزب الأصالة والمعاصرة من جانبه، مضطرا لفك ارتباط "فريقه" النيابي عن فريق التجمع ما دام الموقف من الحكومة قد فرّق بينهما. وقد تم بناء منطق العمود ما قبل الأخير على أطروحة الخطأ الجسيم تجاه قانون الأحزاب. خصوصا و"الفضل" يرجع للهمة نفسه في التبني المبكر بداية 2006، عندما أصبح على الدول العربية أن تتبنى قانونا للأحزاب، ضمن أطروحة "الإصلاح من الداخل"، بحيث أصبحت سنة 2006 سنة قوانين الأحزاب في البلاد العربية، إن لم يكن تشريعا، فقد كان ضجيجا. واليوم، نجد نفس النخبة التي أنجزت مهمتها، كتقنوقراط، تعجز عن تملك لحظة العقلانية لتطبيق منجزاتها ك"فاعل سياسي"!! أي تطبيق قانون الأحزاب. والحال، يعجز المنطق نفسه أن يتفهم ترديد الهيأة نفسها (الأصالة والمعاصرة)، في ربيع 2008، تفحص ملفات البرلمانيين الراغبين الالتحاق بها، من الزاوية المخابراتية. لم نرد التعليق على المصوغ القانوني الذي يخول حزب الهمة الاطلاع على الملفات السرية لدى المخابرات للكشف عن حقنة "النزاهة" لدى كل من ارتأى الترحال من فريقه إلى فريق الأصالة والمعاصرة. كان تفصيلا من تفاصيل الشيطان الخرقاء. إذ انسلت تلك الحيثية إلى اللاوعي لدى المغاربة ليبدأ الشبه ما بين "الفديك" وبين "الأصالة والمعاصرة"، بل لتبدأ حركة كل الديمقراطيين في فقدان بريقها الأول. بعدها، أتت الأخطاء الجسيمة لحزب الهمة. واليوم، وهو ينفصل عن الحكومة. إمعانا في "الدفاع" عن حق خونة برامجهم الانتخابية في الترحال من أجل الهمزة البرلمانية. ضد الناخب وضد الحزب الأصلي على السواء. ألا يمكن اعتبار حزب الهمة وهو ينطق باسم "الحركة الوصولية البرلمانية". بل تمكن من خلق نموذج يحتدى في الأقاليم، مما أبرز للوجود "تيارا ترحاليا عارما" بمناسبة يستحق اسم "الحركة الوصولية الانتخابوية" في المغرب. ألغت كل الحدود والمقاييس ومعايير الالتزام وكأنها تتسابق مع الاستحقاقات الضريبية والتجارية والمالية لتجد نفسها في سدة الهيئات المنتخبة قبل حلول 2010، ولو أن التزامات المغرب في ذلك تأجلت إلى 2012. إن التصريحات الملكية التي كررت عزم الدولة على بناء المجتمع الحداثي الديمقراطي، أنبتت في نفوس الناس الآمال على تقوية الشرعية السياسية والمؤسساتية، على معايير الشفافية والالتزام بالغلاف الزمني للتعاقدات السياسية بين النخب والناخبين. الأمال على ربط التنمية الاقتصادية بالشرعية السياسية. وباستعادة التوزنات الاستراتيجية بين الحقل السيادي (المؤتمن على الدولة) والحقل السياسي (الآتي من المجتمع)ولم يخطر على بال أن تفتح تلك الوعود قمقم إبليس ليخرج منه عفريت أقصى اليمين، الراغب في الوصول إلى الهيئات المنتخبة على جثت القيم السياسية والالتزامات الحزبية والانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للقفز المذكور على الحدود كلها. إن الحركة الوصولية الانتخابوية تلك، تجسيد لميلاد اليمين المتطرف، اليمين المنبعث من معطف الدولة والذي يثور على الدولة نفسها. مما ينذر بميلاد تشوهات سلوكية في الحملات الانتخابية. مثل "البلطجة" المصرية، أي ظاهرة استعمال العنف في التنافس الانتخابي. مثل فرق خاصة بإحراق المقرات الانتخابية للخصوم وفرق اقتلاع ملصقاتهم ليلا وفرق استعمال السلاح الأبيض لترهيب بل لتعنيف أعوان الخدمة في فرق الخصوم الانتخابين. وبذلك، يجسد ميلاد "الحركة الوصولية الانتخابوية" ميلاد اليمين المتطرف في المغرب. يمين البلطجة. وهو ما يمس سمعة دولة محمد السادس في الصلب. ويتردى بالمغرب من التشبه بالتحضر الأوربي إلى التراجع نحو التخلف المشرقي في هذا الجانب الانتخابوي السياسوي المخجل. لقد تساءل الخبير في السوسيولوجيا السياسية عبد الله ساعف في القناة الثانية عن استكمال الحدث، حدث الخروج إلى المعارضة مداه بعدما جدد الملك الثقة في الحكومة (مصوغ الفصل 19). ثم سكت. ومن سوء حظ بعض سياسيينا أنهم يريدون أداء أقل ثمن في بحوثهم واحتمالاتهم السياسية كما يفعل التقنوقراط عندما يفضلون أن يبادر أصحاب الغلبة في ميزان القوى بالقرار، لينخفض ثمن خساراتهم (خسارة التقنوقراط في السياسة منعدمة). والواجب على الباحثين في سوسيولوجيا السياسة الآن أن يبرهنوا على أن لهم خبرة استشراف. لإنقاذ البلد من هذا اليمين الليبرالي المتطرف. الذي يفضل أن يستعمل الأظافر والأنياب والقرون مجتمعة. ليبرز في السياسة خلقا شرسا غريبا. إن كل هذه الأوصاف لا تتناقض مع الأمل الذي نشأ مع مؤتمر الأصالة والمعاصرة. كونه لحظة لقراءة الأخطاء في الفترة التحضيرية. ثم التهيؤ للانتخابات والمؤسسات المنتخبة لزيادة حقن الشرعية السياسية بالمعايير الدولية للعمليات الانتخابية. قصد الاقتراب من تجارب الاتحاد الأوربي. بل والاستفادة من تجارب النخب السياسية التركية. خصوصا ولنا المؤسسة الملكية التي تتمتع بنسبة أجدر من المؤسسة العسكرية التركية، للقيام على الميثاق المؤسس للكيان السياسي برمته. كان إذن الدور المنتظر لحزب الهمة بالضبط هو ما يرافق حزب العدالة والتنمية وما يقابله في الساحة الليبرالية، من تجديد في قواعد العمل التنظيمي والسياسي والاستراتيجي. ليصبح تلخيص الحقل الحزبي في الأقطاب الثلاثة (اليسار والليبرالية والأصولية) تكاملا مستجدا في العشر السنوات الأخيرة. ومكسبا للعمل السياسي في البلاد قصد التهيؤ الهيكلي للعمليات السياسية المستقرة المتوجهة نحو التنافسية السياسية الانتخابية الشفافة. القائمة على البرامج الاقتصادية حيث التوازن بين النخب الحزبية السياسية الآتية من صندوق الاقتراع وبين النخب المقاولاتية المالية المنتجة للشغل والبضائع والخدمات وبين النخب الثقافية في المجتمع المدني والأكاديمي. ثم ما لبث أن ظهر أن خروج الحزب الوليد من معطف الدولة لم يكن أحسن مما علق بالساحة الحزبية من ملامح البقايا. بحيث عجز عن تبليغ أفكار استراتيجية للرأي العام. عندما انفتحت شهيته على البرلمانيين الرحل. فكان متسرعا في استحصال الكم والحضور. بينما لم يقض من الوقت الكافي لزرع الأفكار ولبث الثقة. من هنا، مال رصيده إلى استهلاك الصلة المعروفة مع الملك. وفي الحقيقة كان ذلك شططا في استعمال صداقة الملك. وهو شطط ماس بالحقلين معا: الحقل السيادي والحقل السياسي. مما أرجع انشغال المجتمع والدولة بالمشروع الحداثي الديمقراطي إلى لحظة الصفر. وكان ذلك من أضعف لحظات السنوات العشر الأخيرة، إذا كان من باب العقلانية تقويم حصيلة السنوات العشر الأخيرة كما وكيفا. لذلك وبالرغم من كل العثرات، ترياق كل إخفاق النقد الذاتي. و"وقتاش ما جا الخير ينفع". والخير المتبقى للأصالة والمعاصرة هو التأمل في لحظة نقد ذاتي للانطلاق ما بعد يوليوز في سنوات عشر أخرى مغايرة. وإلا سيصبح خلقا متوحشا على يمين الدولة والمجتمع. بلا هدف زلا مشروع مجتمعي إلا هدف الانتفاع المتوحش بمقياس البرلمانيين الرحل.
#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
امتحانات الشباب والنخب: العقل أم -النقل-؟
-
بركان سياسي ينفجر في النيبال
-
الاحتراف الانتخابوي والليبرالية المتوحشة
-
الخطأ الجسيم لحزب الهمة في الظرفية الانتخابية
-
38 سنة من حكم القهر
-
الملاحظ في تازمامارت
-
حول إنهاء عسكرة قطاع الرياضة
-
من أجل مدونة سياسية للجهوية في المغرب
-
الانتخابات مجرد صناعة للنفوذ الفردي!!
-
مسألتان أمام تجربة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان
-
الانتخابات المقبلة في المغرب الذخيرة المالية في الحرب الانتخ
...
-
من أجل مقعد في الجماعات المحلية ديناصور اشتراكي يلتحق باللي
...
-
لِمَ الفراغات البرنامجية في الانتخابات؟
-
عطب في صندوق الضمان الاجتماعي
-
ما بعد الحرب على غزة
-
عندما يأتي الحزن من باريس ومدريد
-
فلتهنأ الملكية في التايلاند وأنجلترا
-
وصفة عبد الله العروي
-
حول الأخطاء المطبعية في البيانات السياسية
-
موقعنا في لعبة طوريرو الأمريكية
المزيد.....
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
-
زاخاروفا ترد على تصريحات بودولياك حول صاروخ -أوريشنيك-
-
خلافات داخل فريق ترامب الانتقالي تصل إلى الشتائم والاعتداء ا
...
-
الخارجية الإماراتية: نتابع عن كثب قضية اختفاء المواطن المولد
...
-
ظهور بحيرة حمم بركانية إثر ثوران بركان جريندافيك في إيسلندا
...
-
وزارة الصحة اللبنانية تكشف حصيلة القتلى والجرحى منذ بدء -ا
...
-
-فايننشال تايمز-: خطط ترامب للتقارب مع روسيا تهدد بريطانيا و
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|