|
مشروع قانون النقابات: لا لعرقلة تأسيس النقابة العمالية لا للتدخل في شأنها الداخلي، ولا لمسخها الى -شريك اجتماعي- للعدو الطبقي
المناضل-ة
الحوار المتمدن-العدد: 2642 - 2009 / 5 / 10 - 09:05
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
بعد قانون تدجين الأحزاب السياسية، جاء دور النقابات لتفرغ من محتواها وتلحق بجهاز الدولة. مع نشر نص مشروع قانون النقابات، تتضح نوايا الدولة البرجوازية إزاء ما تبقى من حرية نقابية ودور نضالي لمنظمات العمال. فبوجه عام، يندرج قانون النقابات في سعي النظام إلى إحكام القبضة على كل تعبيرات قاعدة المجتمع، واستعمال النقابات العمالية أداة لتدبير النزاعات الاجتماعية بما يخدم مصلحة الرأسمال.
قانون معزز لترسانة الضبط والقمع
يجري النيل من قدرة الطبقة العاملة على تنظيم قواها بمعدل بطالة عال، وبتعميم هشاشة التشغيل. من جانب آخر تسعى الدولة البرجوازية إلى تحطيم ما بني من تنظيم بتشديد القمع. في هذا السياق يأتي قانون النقابات قيدا إضافيا مستكملا لترسانة الضبط والقمع، بعد ما جرى تكريسه في قوانين الحريات العامة، وبعد قانون الإرهاب، وقانون الأحزاب. يستمد قانون النقابات جوهره من المادة الثالثة من دستور الاستبداد الذي يسند للنقابات و الأحزاب، مع الجماعات المحلية والغرف المهنية ، مهمة " تنظيم المواطنين وتمثيلهم". إن تنظيم المواطنين هذا إذا نظر إليه بالمنطق العام للدستور، يعني تنظيمهم بالشكل الذي يخضعهم للحكم المطلق..
مضمون مشروع القانون
عرقلة تاسيس النقابة :
في القانون الحالي يكفي لتأسيس نقابة عمالية إيداع ملفها لدى السلطة بعد تأسيسها. كان إعلان تأسيس النقابة متاحا، بينما الصعوبة كانت في ممارسة الحرية النقابية بعد الحصول على قانونية النقابة. اما قانون النقابات الجديد فيعرقل منذ البدء تأسيس النقابة باشتراط وضع تصريح حتى قبل عقد الاجتماع التأسيسي للنقابة. وقد يدخل هذا التصريح المؤسسين في متاهة المحاكم.
تدخل سافر في الشؤون الداخلية للنقابة
يتضمن مشروع قانون النقابات أوجها عديدة لحشر الدولة انفها في الشأن الداخلي للنقابات، لعل أخطرها استعمال الدعم المالي. سبق لمدونة الشغل ان نصت على منح الدولة إعانات للمركزيات النقابية، ،و تراقب إنفاقها لجنة برئاسة رئيس الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى.زاد مشروع قانون النقابات التدخل في الشأن المالي للنقابات باعتبار كل استعمال للدعم الممنوح لأغراض غير التي منح لها اختلاسا لمال عام يعاقب عليه القانون. بهذا سيعتبر دعم المضربين او أسرهم او المطرودين من العمل اختلاسا لمال عام.
ستستعمل الدولة تمويلها للنقابات لتتحكم بماليتها برقابة شديدة، إذ ستحدد لها كيفية مسك محاسبتها، وستفرض عليها وضع أموالها ببنك، طبعا لتكون قابلة للتجميد ساعة النزاعات الاجتماعية، ساعة الإضرابات العامة والمظاهرات بالشارع واحتداد امتحانات القوة الطبقية.
مشروع معاد للحريات النقابية
لو كانت غاية مشروع القانون الإفساح في المجال لممارسة العمل النقابي لنص على ما يلي:
1- توسيع الحق النقابي إلى المحرومين منه من بوليس وقضاة وغيرهم.
2- حق الأطفال العاملين في الانتماء إلى نقابة عمالية.
3- حماية الممثلين النقابيين من الطرد. "الحماية" القانونية الوحيدة القائمة حاليا لا تتعدى اشتراط موافقة مفتش الشغل على قرار الطرد. علما ان لا ممثل نقابي حسب مدونة الشغل الا في المقاولة المشغلة لـ100 بالاقل 100.
4- الحريات النقابية الفعلية: حق عقد تجمعات عامة للإجراء بأماكن العمل. و حق السبورة النقابية دون رقابة رب العمل.وحق توزيع النشرات والمناشير في أماكن العمل. وساعات التفرغ النقابي .و مقر نقابي بأماكن العمل. وجمع واجبات الانخراط النقابي بأماكن العمل.
ومما يفضح مشروع القانون انه ينص على إلغاء إمكان سجن معرقلي ممارسة الحق النقابي. يسجن العمال بتهمة عرقلة حرية العمل ويستبعد سجن رب العمل المعرقل للنقابة. لم يبق قناع على وجه عدالة الرأسمال.
دولة غير ديمقراطية تزعم دمقرطة النقابات
استعملت الدولة الوضع المزري للنقابات العمالية في ظل ديكتاتورية البيروقراطيات، وما ترتب عنها من فضائح وترهل جسم التنظيم، لتنفذ خطتها في قلب وظيفة النقابة العمالية. تزعم الدولة أنها ستضفي الديمقراطية على النقابات باشتراط عقد مؤتمراتها كل أربع سنوات، وتضغط على البيروقراطية بالتهديد بوقف التمويل. وتملي الدولة بقانونها شروطا تخص أنظمة النقابات وسير أعمالها. والحقيقة ان البيروقراطية ستتكيف مع ذلك القانون، وتواصل استبدادها طالما انعدم داخل النقابة خط نضال يدافع عن هويتها الطبقية بوجه سعي الدولة إلى دمجها المتزايد. بل إن الدمج المتزايد الذي يسعى إليه قانون النقابات سيزيد ابتعادها عن القواعد العمالية ويعزز طابعها اللاديمقراطي.
لا يمكن ضمان الديمقراطية النقابية سوى بمشاركة نشيطة وواسعة للمنخرطين في شؤون النقابة عبر الاجتماعات العامة ذات سلطة القرار، وعبر تأمين كامل حرية التعبير للاراء المعارضة، وتنظيم التعدد بإمكان قيام تيارات على قاعدة ارضيات برنامجية ، وانعكاس ذلك كله في إعلام نقابي طبقي حقيقي.
قانون لمسخ النقابة العمالية
أعلنت ديباجة قانون النقابات انه يريد جعل النقابات "شريكا اجتماعيا". والحقيقة أن غايته استكمال مسخ النقابات العمالية من أدوات نضال بيد العمال إلى أدوات تدجين بيد أرباب العمل ودولتهم. فمنذ عقود والقوى المهيمنة داخل الحركة النقابية تقوم بدور الشريك الاجتماعي لمستغلي العمال، وذلك عبر التمثيل في عدد من المؤسسات الاستشارية ، وفي عدد من اللجان ، وفي عدد من المجالس المنصوص عليها في مدونة الشغل، وايضا عبر ما توقع القيادات من اتفاقات مع أرباب العمل ودولتهم ضحت فيها بمصلحة العمال، لا شك أن من أهمها الكارثة المتمثلة في مدونة الشغل.
القيادات إذن تجر النقابات الى دور الشريك الاجتماعي، وما تسعى اليه الدولة البرجوازية بقانونها الجديد هو استكمال تحويل النقابات العمالية من أداة دفاع عن مصالح العمال إلى أداة لضبطهم.
لا لهذا القانون، من أجل يسار نقابي كفاحي
الحرية النقابية الفعلية منعدمة، والنقابات العمالية بحاجة إلى الديمقراطية، لكن تدخل الدولة بقانونها الجديد لن يؤدي الى توسيع الحرية النقابية، ولا الى الديمقراطية داخل النقابات. سينتج عن تدخل الدولة في شؤون النقابات مزيد من إفقادها استقلالها، ومن ثمة زيادة تبقرطها و طابعها اللاديمقراطي.
إن سياسة استقلال طبقي، و رفض أي تشاور اجتماعي وكل تعاون مع أرباب العمل ودولتهم، هي الكفيل بخلق أسس تجديد الحركة النقابية ومواجهة تحديات الهجمات البرجوازية.
ان تحويل النقابة العمالية إلى شريك اجتماعي للرأسماليين ودولتهم يعني قتلها.و الشراكة الوحيدة الممكنة بالنسبة للعمال هي الشراكة فيما بينهم بصفتهم أقساما تشكل نفس الطبقة ضد أعدائهم الطبقيين، ضد النظام الرأسمالي.
على هذا الأسس يجب ان يتكتل كل النقابيين الأوفياء لعلة وجود النقابات لمقاومة سياسة البيروقراطية المتعاونة مع أرباب العمل ودولتهم، وصد هذا الهجوم الجديد المتمثل في قانون النقابات.
26 ابريل 2009
جريدة المناضل-ة
#المناضل-ة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانتفاضة الزاباتية في الشياباس، بعد خمسة عشر سنة من قيامها
-
إعلان تجمع النساء بالمنتدى الاجتماعي العالمي 2009
-
الذكوريون الثوريين
-
تبُين الأزمة الرأسمالية
-
انتفاضة شعبية باليونان
-
انتخاب باراك أوباما: نصر للشعب، أم للطبقة السائدة؟
-
الوجه الجديد للسياسة الأمريكية
-
أزمة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ومسؤولية اليسار
-
عشرة أيام هزت العالم وصف شاهد عيان لثورة أكتوبر الروسية 1917
...
-
درس انتفاضة كادحي ايفني ايت باعمران-المغرب
-
نداء من أجل التضامن المحلي والدولي: الحرية للرفيق ابراهيم با
...
-
كلنا جميعا نحو الإضراب العام العمالي والشعبي بالمدن والقرى
-
الى اين يدفع -تجمع اليسار الديمقراطي- تنسيقيات مناهضة الغلاء
...
-
عصا -التنمية البشرية- تقمع وتعتقل وتسجن ببومالن دادس
-
عصا -التنمية البشرية- تقمع وتعتقل وتسجن ببومالن دادس
-
أطاك المغرب: مسيرة تقويم عاهة الولادة وجهود البناء الكفاحي
-
الشيوعيون الثوريون ودروس انتفاضة صفرو
-
لنشارك جميعا في القافلة التضامنية الى صفرو: كلنا... الى صفرو
...
-
الأحد 23 سبتمبر 2007 يوم تاريخي مجيد في مسيرة الكفاح من اجل
...
-
فنزويلا الاصلاح الدستوري: أوجه التقدم فيه وحدوده
المزيد.....
-
طريقة التقديم على منحة البطالة في الجزائر 2024 والشروط المطل
...
-
2nd Day of Works of the 4th World Working Youth Congress
-
Introductory Speech of the WFTU General Secretary in the 4th
...
-
الكلمة التمهيدية للأمين العام لاتحاد النقابات العالمي في الم
...
-
رابط مباشر .. الاستعلام عن رواتب الموظفين في القطاعين المدني
...
-
وفد برلماني سيتفقد المنشآت النووية لمراقبة تنفيذ قانون العمل
...
-
الحكومة الجزائرية تعلن عن تعديل ساعات العمل في الجزائر 2024
...
-
المالية العراقية تعلن عن موعد صرف رواتب المتقاعدين في العراق
...
-
“الجمل” يتابع تطوير شعبة الفندقة بالجامعة العمالية لتعزيز ال
...
-
وزارة المالية.. استعلام رواتب المتقاعدين وحقيقة الزيادة في ا
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|