|
التاريخ لايجلس القرفصاء..إختصارات موجعة في الذكرى السادسة لإحتلال العراق.
كامل الدلفي
الحوار المتمدن-العدد: 2610 - 2009 / 4 / 8 - 10:49
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
استهلال
كم عززت كثافة الصواريخ التي تسقط على بغداد من جرعات اليأس الكامنة والعابرة عند أطياف متنوعة من الابدال والمريدين والعارفين والسالكين وتابعيهم . روى الولي القطب( قطب في الثقافة الكونية) السيد هادي العلوي طاب ثراه ( انه خلال وجود له في جزيرة قبرص أوان العام 1991 م قرأ نصا ً( للشيخ الألماني ) كارل ماركس بأسم الغروندريسة عبارة عن مقدمات لكتابه الأميز رأس المال فلم يتوان الولي ان وصفها ( المقدمات) بانها تهويم في مستقبل الحلم الإنساني يتطلع الى عالم يسوده العدل والرخاء والحرية وما ان انهى غرضه كتب على الكتاب لزومية لابي العلاء المعري تفيد: كم وعظ الواعظون منا وقام في الارض انبياءُ وانصرفوا والبلاء باق ٍ ولم يزل داؤنا العياءُ ويضيف الولي القطب: وكانت هذه جرعة يأس عابرة عززتها كثافة الصواريخ التي كانت تسقط على بغداد.( هادي العلوي –الاعمال الكاملة -12- مدارات صوفية-الصفحة 257 –مطبوعات دار المدى) وفي غرة العام الميلادي 2003 ، لقيت مريدا قبيل الاهتزاز ببرهة ، لاصقا صفحة خده في شباك سيدة النجاة ومرقد أم الحزن ومأوى الغرباء عمتنا زينب بنت الامام ، في ريف دمشق ،مناجيا مطلقه الاعم: (- ياربُّ تحرك ْ ان الأمريكان قريبٌ مني أحس ُّ الموت على كـُمّ قميصي وأراك تفوض أمر الناس الى نكرات... ) فقلت مه ؟ قال رأيت فيما يرى النائم ودمعت عينا ه ثم سكت قلت زدني فاطرق قائلا: نأوي الى منزو في قبرسيدة لاتستطيع به لوجمعت قمــــــــــــم ُ نستلصق الوجه في قبضات عروتها حتى كأن الروح في الشباك تنفصم ذاك الرياض لزينب بنت فاطمة يزهو الاباء على ركنيــــــه والشمم ُ فززت من حالي على نفخات الإذن بالانفطار، فإذا بي مسجى على مقعد خلفي لسيارة أجرة على الجسر السريع ببغداد ، والأرض تميد ورجال أشباح يضرمون النار بمبنى ابيض عال رابض بمحاذاة الجسر السريع ،سألت قالوا:- المالية . فالتفت الي ّ الذي هو في اليمين ، فأجبته : أ نرجع . ُ قال : لات محيص.
الرؤية ليس صعبا ان تسقط الحكومة او تستبدل فذلك من مألوفات الشرق ، ولوكان الأمر ضربا من خيال لما كان الضابط الجميلي عبد السلام محمد عارف يقدم على مثل ذلك مرتين في غضون خمسة اعوام ، مساهما في تبديل رسومها وحجومها واتجاهها ومصيرها. الامريكان دخلوا من جهات فيزيائية متوفرة ومحتملة ومتخيلة ، في توقيت غريب يشهد انبعاجا باراسيكلوجيا ، فالمعارضة العراقية والامريكان ارادوا الحكومة والميثولوجيا والتاريخ ارادا الدولة، فكان ماهو اشبه بالحلم المنطوي على ابدال أميز ليس كالذي عند سيجوند فرويد في تفسيرات الحلم..
ومن الناس من يشهد استبدال الحكومات خلال عمره اكثر من مرة لكن قلة من الملأ لهم حظ معايشة سقوط الدولة . فالدولة لاتسقط الا لماما في التاريخ ، ومن اللافت للنظر بانا قوم لاسابق عهد لنا بفراقها ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ...قرآن كريم) فكانت فديتنا وطنا .. ( اعاب على من معه الافرنجية في التبغ، فقالوا ايها العزيز ماعرفنا خيرا منها فدلنا .. - اما انا فقد دخنت لكم وطناً ) . تصحرت الحضارة ساعتئذ ولا أعني بأنها جدبت او قل ماؤها كما يحدث للأرض.. انما المعنى يفيد بان الحضارة الغربية قد لبست لبوس اهل الصحراء وطباعهم من بدو ( عرب ، مغول تتار، ميديين وغيرهم ) حين حربهم مع احد. فغزت غزوتهم وجاءت بها كاملة ، بل اتت بها على آخرها ( عدد وعدة، احلاف، دليل عارف بالصحراء ، سبي ونهب، غنيمة وخمس ، مكوث في دار الأذلين "المهزومين في الحرب " ،وشرط وجزاء وغرامة، وكأس وسكر وقيان وبغاء ونخاسة ، فتنة وتطير ، رايات وأراجيز ،شماتة الربط بين السبب والنتيجة ، وعوام يتندرون حكمة لمايرون " يالتحوش الناس حاشوا بيدرك" . اما في فضاء اللغة فقد منحت الأمر بدهة من مجازاتها واحجياتها ما صور لنا بان الأمر محض صدام دلالي بين منظومتين لغويتين في البعث.. بصورة بعث امريكي على بعث عربي . فاللغة العربية تسمي الجيش المتوجه من مكان الى آخر بعثا وبذا قلنا البعث الامريكي بمعنى الجيش الامريكي وقلنا البعث العربي لان الذي منه في العراق لما هوى وهزم رفع اخوه البعث السوري رايته ولبس لامة حربه وآوى المندحرين منه وطبب من جرح منهم وسلحهم ولم يكف ، فاعطى للصراع الوانا من التمترس والتجابه والقبح . وسوقت الولايات المتحدة الامريكية بعوثها تحت راية الليبرالية والديمقراطية وحقوق الانسان لاتريد العراق حسب انما الشرق الاوسط عامة ، ولما اسقطت المتحول الزمني الزائل ( نظام البعث) صارت وجها لوجه امام الثابت المستقر(التاريخ) وامام مركزية الانسان الراسخة ، فمن بربك سيكون جورج بوش او مندوبه بريمر امام حضور مكثف لجلجامش وحمورابي ونبوخذ نصر ومقولات لاتعد ؟. ذهلت مركزية العقل الاوربي في المواجهة اللصيقة مع المركزية الرافدينية الام. فخرت الاوراق والسيقان امام الجذور.هرب اللوغوس الابن امام غضب الاب الحكيم الوقور ولم يبق في الساحة الا الكابوي اللص المشتهي لروائح النفط ، فاعرضت الحكمة عن القرصنة.. اصيبت الديمقراطية في مقتل واحفيت قدماها لجل ما أثار الكابوي من هبوب فاسدة نكراء انطوت على نهب المال العام وانتاج الفوضى واستقدام الارهاب، فأوقعت أميركا نفسها والعراق أولا في فداحة الضرر حين عمدت غريزتها الضالة الى تدمير المؤسسة المستقرة في بنية الدولة العراقية ، واومئت لغرائز شرهة سائبة بما يشير الى انتفاء العقاب عند النهب والانفلة واحضرت لمن استجاب منهم مايليق به من دلالات" الحواسم " .. كانت لحظة امبريالية وسخة فتحت فيها مصاريع المستحكمات ( المتاحف ، المصارف ، المكتبات، دور الوثائق، وكل مايعز على قلب التاريخ والمواطنة) امام هبوب غرائزي نتن ، فدوى النحل في اركاننا الاربعة.. وخفت عاصفته الا انه ترك سلوكا فاسدا صعب اجتثاثه ونقل موقع العراق في مصاف الدول الاكثر فسادا في الارض . وبدأ الكابوي في انتاج مسلسل فاضح آخر اشد فتكا بالآدمية العراقية ، فتنة مستعرة كغطاء تديم به الولايات المتحدة الأمريكية حربها مع دول المنطقة ، فلم تكن هناك حرب طائفية مثلما زمرت مزاميرها بل حرب اميركية – اقليمية دارت رحاها على ارض العراق والتحق فيها من التحق من العراقيين نصرة الى هذا او ذاك من المتصارعين، فبدت وكأنها تدور بين العراقيين انفسهم .فدول المنطقة لما أحست دنو الاجل بدنو الكابوي تطيرت خوفا على بنيتها ومصالحها ووجودها وسيادتها ، فمدت اقدامها لتحارب في العراق كل من يهدد سلامتها واذا بسوء حظنا يدفعهم الى الحرب فوق رؤوسنا واصبح العراق ساحة الحرب الاولى حسب وصف جورج بوش. ان سلوكيات الكابوي النفطي عبر ستة اعوام وماتمخض عنها من نتائج حفزت الوعي الشعبي سلبا ضد الديمقراطية وجعلته بمستوى غير المتحمس او المصدق باطروحتها باعتبار انها مرتبطة بارادات خارجية وقرينة للاحتلال والفوضى والنهب والارهاب والفقدانات ، ما يلقى واجبا مضاعفا على عاتق الديمقراطيين لتخليص الديمقراطية من براثن الاحتلال والسلوكيات الأمريكية والخارجية العالقة و مثيلاتها المحلية الفاسدة والمستبدة ،.فالديمقراطية ليست ختما ينتجه الدستور ولاهي الانتخابات فحسب ، مثلما يسوق ذلك البعض ممن يحلب اوضاعنا حلبا ولم يجد في داعي الديمقراطية بحسب مايطبقه هو ، أي خطر او ضرر عليه أوعلى منظومته . لن يتطابق الشكل مع المضمون والثروات سائبة بهذا الأسى المفجع، والحقوق مهددة على كف عفريت الا من غنم اونام على غنيمة ، وقول علي عليه السلام أوضح وأجلى وهو القائل روحي له الفداء( من ملك استبد). هذه اختصارات موجعة والأرض تدور والتاريخ لايجلس القرفصاء.والله ينور وجوه الصادقين بالرافدين وبالنخل وبصحبة الثابتين على الدرب .. ِ
#كامل_الدلفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المتاهة المهذبة في الدوران حول النص المشرعن للسلطة الغائبة (
...
-
أوباما والحلم الامريكي المفقودهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟
-
قتلتنا الردة ،دلالات في سوء القصد
-
الهجنة المدينية في مثقف اليوم، السائد منه انموذجا!
-
تمائم الكاهن الاخير.....(2) قصص قصيرة جدا
-
تمائم الكاهن الاخير.....(1) قصص قصيرة جدا
-
حيادية عالية &الخصاء المؤبد
-
المفكر والناشط العراقي في حقوق الانسان الدكتور تيسير عبد الج
...
-
احلام في زقاق منسي
-
صناعة الاختلاف في غياب المنهج
-
فاضل المياحي.... تأسيسات متأنية في الاغنية السياسية
-
مقترحات للانتخابات القادمة
-
التاريخ كما يكتبه العامة
-
استلاب الذات عند منزلات الخوف في العاصمة
-
نقد المنهج السياسي والوسائل المحتملة في التجديد
-
تحديات الديمقراطية في العراق
-
قراءة في الازمة التركية العراقية
-
اسلاك شائكة
-
مقاربة حول دور المراة في المصالحة الوطنية
-
هل ينبغي ان نرسم المواطنة بريشة الاحتلال?
المزيد.....
-
الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
-
بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند
...
-
لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
-
قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب
...
-
3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
-
إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب
...
-
مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
-
كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل
...
-
تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|