تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الطبقات . . السلطة


بلكميمي محمد
2009 / 4 / 5 - 09:13     

للقول بان هذا النظام ديمقراطي وذاك ديكتاتوري ، هناك العديد من المقاييس والمعايير المعتمدة .
الا ان تلك المقاييس والمعايير، يمكن اختزالها وتلخيصها في جذر واحد جوهري ، هو : الفصل بين الطبقات ، على صعيد المجتمع ، من جهة ،، والفصل بين السلطات ، على صعيد المؤسسات ، من جهة ثانية .
لنبدا بالجانب الاول من المسالة .
في بلدان الغرب ،، عبر الانتقال التاريخي ، من المجتمع الاقطاعي الى المجتمع البورجوازي ، عن انتقال مواز من النظام الديني الى النظام السياسي .
في هذه اللحظة ، تم توحيد الحكم وممارسته في اطار دولة مركزية ، مجسدة في شخص الامير الحديث ، ( وفق تعبير ماكيافيلي) .
والامير الحديث ، لم يكن يعبر عن طبقة اجتماعية بعينها ،، وانما كان يعبر عن مجموع طبقات المجتمع البورجوازي الصاعد الثلاث : الطبقة البورجوازية الناشئة ، والطيقة العاملة الناشئة ، والطبقة الوسطى الزراعية .
معنى هذا ،، ان الامير الحديث ، كان يتعالى ويتماهى بشكل تجريدي ، فوق الطبقات المختلفة والمتناقضة ،، هو الذي شكل الاساس التاريخي الموضوعي للدولة البورجوازية الديكتاتورية .
لذلك يمكن القول ،، ان الديمقراطية ظهرت في بلدان الغرب ، لما تم الانتقال من حالة التوحد الطبقي ، المجسد في الامير الحديث المتعالي ،، الى حالة الفصل بين الطبقات الذي ادى الى التجزئة الطبقية ، التي سمحت بظهور احزاب سياسية مستقلة ، يعبر كل واحد منها عن مصالح طبقة خاصة ،، وتدخل في علاقة صراع عن السلطة .
وعلى العموم ، طالما لم يكن هناك فصل بين الطبقات ، وطالما هناك امير متعالي ، او حزب يميني متعالي ( من طراز الحزب النازي في المانيا ) ، او حزب يساري متعالي ( من طراز الحزب الشيوعي اللينيني في الاتحاد السوفياتي ).. فهناك ديكتاتورية .
واذا كان الفصل بين الطبقات ، على صعيد المجتمع ، هو الاساس المادي للديمقراطية ، فان الامتداد المنطقي لذلك ، على صعيد المؤسسات ، هو الفصل بين السلط .
ان نظاما ما يكون ديمقراطيا ، بمقدار ما يكون متوفرا على فصل ، بين السلطة التي تسن القانون ( البرلمان ) ، والسلطة التي تنفذ القانون ( الحكومة ) ،، والسلطة التي تفصل في الخلافات على ضوء القانون ( القضاء ) .
والخلاصة ،، ان الديمقراطية قد تحققت في البلدان المسماة ديمقراطية ، لما تم الانتقال ، اولا ، من عهد التوحيد الطبقي الى عهد الانفصال الطبقي ، وثانيا ، من عهد وحدة السلطة الى عهد فصلها .
وفي المغرب ، يتميز الوضع الطبقي اليوم ، بتقدم بارز من حيث وضوح الحدود بين الطبقات ، وانفصالها عن بعضها البعض .
الا ان الفصل بين الطبقات ، الذي يعبر عنه وجود احزاب مختلفة ومتناقضة ، لازال لم يترجم ، على الصعيد المؤسساتي ، في فصل مواز للسلطة .
وهذا هو العطب الاساسي ، الذي يعرقل الانتقال نحو النظام الديمقراطي .
وفي الحقيقة يقول الفقيد عبد السلام المؤذن ، ان تخلف الديمقراطية على صعيد مؤسسات الدولة ،، يقود ايضا ، الى تخلفها على صعيد مؤسسات المجتمع .
فالاركان الثلاثة التي يقوم عليها كل نظام ديمقراطي ، والتي هي : الاحزاب ، والبرلمان ، والاقتراع العام ،، تعاني في المغرب من معيقات شتى ، ( مثل محدودية حرية الاحزاب ،، وافتقاد البرلمان لصلاحياته ، وعدم انتخابه على اساس الاقتراع المباشر الكامل ووو) ، ( وعدم تعميم الاقتراع العام على "شباب 18 سنة" وتزييفه ... ) .
ان النظام المغربي القائم ، لا هو بالنظام البرلماني الثنائي ، الذي يفترض وجود مسؤولية مزدوجة للحكومة امام البرلمان والملك ، تسمح ايضا للبرلمان بسحب الثقة من الحكومة ، عن طريق رفض التصويت على البرنامج الذي تتقدم به الحكومة ، او عن طريق ملتمس الرقابة ، ( لان اسقاط الحكومة ، هي في الواقع العملي من اختصاصات الملك ) .
ولا هو بالنظام البرلماني الاحادي ، الذي يكون فيه الملك ، غير مسؤول سياسيا ،، بحيث تنتقل كل سلطاته للوزير الاول ، ( الملك يسود ولايحكم ) .
ولا هو بالنظام الرئاسي ، الذي يتميز بوجود رئيس منتخب من الشعب ، يسود ويحكم ،، الا ان سلطاته مقيدة ، لانه يملك مثلا حق حل البرلمان .
ان كون فصل السلط ، هو المدخل الضروري لاية ديمقراطية ،، وهو ما يجب التشديد عليه .