أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار/مارس يوم المراة العالمي- 2009-اهمية وتاثير التمثيل النسبي (الكوتا) في البرلمان ومراكز صنع القرار في تحقيق مساواة المراة في المجتمع - سامي العامري - البنت , الأب , الشرق , الحُب !














المزيد.....

البنت , الأب , الشرق , الحُب !


سامي العامري

الحوار المتمدن-العدد: 2575 - 2009 / 3 / 4 - 08:13
المحور: ملف 8 اذار/مارس يوم المراة العالمي- 2009-اهمية وتاثير التمثيل النسبي (الكوتا) في البرلمان ومراكز صنع القرار في تحقيق مساواة المراة في المجتمع
    


فصل من كتاب (*)
---------------------
بمناسبة عيد المرأة العالمي
----------------

علاقتي بوالدتي هي علاقة صداقة حتى أنني لا أناديها بـ : أمي او يا أمي او ما شابه وإنما أناديها باسمها.
حينما أنهيتُ الإمتحانات النهائية للصفّ الخامس الإعدادي وخرجتُ من المدرسة , هرعتُ الى أمي , قلتُ لها : إنتهتْ المحنة أخيراً !
هاتي بعضَ النقود ...
كنتُ قبل هذا عرفتُ البيرة العراقية المثلَّجة المنعشة وأعرف أن بغداد ضاجة بالحانات , بالبارات ففكَّرتُ بإحدى حانات أبي نؤاس لكونها تطل على دجلة ...
نزلتُ من الباص وسرتُ متلهِّفاً ,
مشيتُ أولاً وسط طريقٍ معشبٍ حيث كان الجسر ورائي :
أجتازُ حقولاً مشمسةً
ورياحاً تنبضُ كالسيلْ
وتحلِّقُ فوقي سبعةُ غربانٍ
او سبعُ دقائقَ من زمن الليلْ !
----------
أنتظرُ النادل , أنظرُ الى طاولتي , آهِ إنها كالصحراء !
ضربتُ عليها بقبضتي , أتى مسرعاً تسبقهُ ابتسامتهُ
أمسكتُ الزجاجة , حاورتها قليلاً ثم ارتشفتها في عشر دقائق وبعدها اعتصرتُها بكلتا يديّ وأنا أفكر ربما هناك قطرة فيها ما تزال مختبئة في القاع !
ثم طلبتُ الثانية ...
وهناك من النافذة رأيتُ رجلاً كهلاً يقترب ليدلفَ الحانة ويتكلم مع صاحبها الذي أعطاه كيساً , وكانت أمام الباب فتاة شابة بانتظاره وحين خرج أخذتْ ذراعهُ وغابا .
ناديتُ على النادل , سألتهُ متعجِّباً : أعاشقان وبينهما هذا الفارق في السن !؟
أجاب : لا , ولكنه أبوها .
سألتُ : وما الذي أعطيتموه ؟
قال : زادَه اليومي !
لوحة فاخرة كأنها واحدة من ( بغداديات ) جواد سليم !
دَبَّ الدبيب بصحبة طعام شهي , خرجتُ أغنّي وأرمي بالحصى الصغيرة على أمواج دجلة علّها تصحو !
علّها تصحو فأبثُّها ما في الجَّنان .
هذا ما تذكرتهُ الآن ...
نساؤنا أكثر بهاءاً بإصرارهنَّ على إبعاد معول التقاليد والقيم الشائهة عن أرضهن البكر رغم أنف السعالي المتربصة , رغم أنف العفاريت الميدانية , رغم أنف التأريخ الذي اضطهد المرأة وحاول استنفادها واضطهدَ الرجلَ بأنْ جعلهُ يفقد صوابَهُ فيظنُّ أنه وحدَهُ السيد القَرْم ...
وعن الفتاة التي أخذتْ بذراع أبيها وسارت معه كصديقة له أقول إذا خاطبَ الرجل أمَّهُ بلغة يشوبُها حَنينٍ من أرض البعاد , أرض المغترَب فاختلجَ كيانُهُ ورقَّ فبكى فهذا لا يعني بأية حال أنَّ الحنين وقف على الأم وأن الأب منسيٌّ .
الأب هو الآخر مجروح بما يكفي , ملغيٌّ بما يكفي !
فالؤد في التأريخ لم يقتصر على المرأة فقط .
رأيتُ الكثير من الكاتبات وهنَّ يُحاكين الرجل في مخاطبتهِ لأُمِّهِ غير أنَّ الأب في أغلب الثقافات له منزلةٌ كبيرة في وجدان ابنتهِ ...
وأخال أن هذه اللغة , لغة الحنين للأب هي ينابيع متفجرة في قلب البنت وهي تسافر في التيه !
ولكن البنت كثيراً ما تمارس حنينها لأبيها كإسقاط على أمها...
انا كقاريء تهزني مع ذلك لغة الحنين الشجية الساحرة المنطلقة من أعماق البنت في المغترَب تجاه أبيها أكثر وأعمق مما لو كانت تجاه أمِّها .
هذه ليست كلماتي وإنما كلمات الحياة , كلمات الطبيعة , كلمات الفطرة الصافية ...
إختلفتُ مع رجل ألماني في الطريق قبل سنوات طويلة فنطقَ بعبارة لم أحتملها فدفعتُهُ بقوة وإذا بفتاة تمسك بي من رقبتي وهي تصيح : إتركْهُ وإلاّ ...
كانت ابنتهُ !
وبالمقابل فإنَّ إحدى العاملات في الشركة معي كان يسعدها أن تعرِّفني على أبيها الذي كان يأتي أحياناً لزيارتها وتطيل في إظهار مناقبهِ أمامي !
عدتُ من الشرق قبل شهر بعد أن بقيتُ فيه أقلَّ من شهر !
أسألُ ما الذي تغيَّر بعد هذه السنوات الطوال ؟
يأتي الجواب : النساء وحدهنَّ اللواتي تغيرنَ قليلاً او كثيراً !
أنا لا تهمني المواصلات والعمارات بشكل خاص على أهميتها وإنما الإنسان ...
حينما تسألُ إنساناً المانياً مثقفاً زارَ عدة بلدان , رجلاً كان أم إمرأة عن رأيه بهذا البلد او ذاك او هذه المدينة التي زارها او تلك فإنه يجيب :
البلد , أيُّ بلدٍ هو ناسُهُ .
وأعتقد أنها صحيحة تماماً ...
قالت وهي تحنو على شوقي وقلقي الأثير : نعم صحيحة !
دروب تبعثرها الريح كأثواب الأفاعي ,
الطواف حول قلعة كأنها تاج ترجَّلَ عن هام الهواء .
دخان السيجارة الواحدة يتقلب بين رئتينا
فيما الشفاه مرافيء للقُبَلات .
وافترقنا !
كلٌّ أخذَ طريقهُ عائداً الى صومعتهِ في أعماق نهرٍ دافيء ,
هي الى دجلة
وأنا الى الراين ,
كان هذا قبل شهر :
بين ذراعيَّ تمرقُ موجاتُ عطرٍ كسربِ
بين ذراعيَّ يمرقُ دربُكِ في إثرِ دربي
وتمرُّ القطاراتُ مثلَ الشرايينِ
تحملُ للغرباء هدايا
والمحطاتُ قلبي !

--------------------------------------------
(*) فصل من كتاب قصصي نثري شعري بعنوان : النهرُ الأول قبل الميلاد .
(-) أعرق الحضارات هي تلك التي أقامها الإنسان على ضفاف الأنهار ويكفي أن نذكر حضارة وادي الرافدين ووادي النيل حتى نتبيَّن ذلك وأمّا عنوان الكتاب فهو الذي فرضَ نفسهُ او فاض بنفسه ِ !
-----------------------
كولونيا
شباط - 2009
[email protected]





#سامي_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحيق سيجارتي !
- حوار مع الشاعر والكاتب سامي العامري – بغداد
- السيجارة , إصبَعي الحادي عشر !
- خيطٌ من دِثار الكائنات !
- قلوبٌ تتماثل للأشواق !
- العزفُ بالمخالب !
- مِن طِباعكِ يشهقُ الكمان !
- فرحٌ يفوق شهرة العصافير !
- الثقافة ومنظومة الكهوف !
- الى مَن يُهمُّهُ الخمر !
- لا أنيسَ عَدا كُلَّ شيءٍ !
- بروقٌ تعلو وتهبط
- إمتصاص المطر بأفواه الأساور
- عن الأجيال الشعرية وقضايا أخرى
- إليَّ بكِ !
- الهوية وخدودُ الأجنبية !
- شذاها الحار كالتنّور !
- أهوارٌ على الدانوب !
- دعوة الى مالك الحزين !
- شهرةُ الكاتب بوصفِها فضيحةً لا مجداً !


المزيد.....




- زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح ...
- الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد ...
- طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
- موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
- بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
- تصريحات ماكرون تشعل الغضب في هايتي وتضع باريس في موقف محرج
- هونغ كونغ تحتفل بـ100 يوم على ولادة أول توأم باندا في تاريخه ...
- حزب -البديل- فرع بافاريا يتبنى قرارًا بترحيل الأجانب من ألما ...
- هل تسعى إسرائيل لتدمير لبنان؟
- زيلينسكي يلوم حلفاءه على النقص في عديد جيشه


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار/مارس يوم المراة العالمي- 2009-اهمية وتاثير التمثيل النسبي (الكوتا) في البرلمان ومراكز صنع القرار في تحقيق مساواة المراة في المجتمع - سامي العامري - البنت , الأب , الشرق , الحُب !