الحركة العمالية والتحديات
سعيد نعمه
2009 / 2 / 23 - 10:20
الحركة النقابية العمالية تمر في مرحلة من التحديات الصعبة . حيث أن النظام السابق و بعد أن غيير عناوين العمال إلى موظفين بموجب القرار 150 لسنة 1987 و ألحقه بالقرار 151 لنفس السنة ثم ألحقه بقانون التنظيم النقابي رقم 52 لسنة 1987. لم يكن الهدف هو تحقيق الرفاه أو رفع الظلم و الحيف عن هذه الشريحة الكبيرة و المهمة بقدر ما كان تهميش و إقصاء لهذا المكون الكبير و المؤثر بالمجتمع . وقد صفق لهذه القرارات من يدعي بأنهم ممثلين للعمال آنذاك , و لو كانوا فعلا ممثلين للعمال و حريصين على مصالح الطبقة العاملة و و حدتها لطالبوا بقانون عمل عصري إنساني متمدن يحفظ للعامل حقه و كرامته . لكن بإصدار هذه القرارات و القوانين التي تبعتها استغل العامل أبشع استغلال تحت يافطة تغيير العنوان و تحت اسم الموظف. استغل لساعات عمل أكثر و بأجر اقل و كذلك بالعمل حتى أثناء الجمع و العطل دون أن يقف بجانبهم أي اتحاد أو نقابة أو منظمة إنسانية حتى منظمة العمل الدولية .
اليوم و بعد مرور ستة سنوات على الاحتلال و تغيير النظام ماذا حصل ؟ هل أعيد لهذه الطبقة حقها الذي اغتصب ؟ هل اطلقت الحريات النقابية ؟ هل أوقف الانتهاك بحقها و سمح لجميع العمال و الموظفين ذات العناوين العمالية بالتنظيم النقابي استنادا للاتفاقيات الدولية لمنظمة العمل و العراق عضو فيها . و وفقا للمعايير الدولية للعمل النقابي ؟ قطعا لا.
عند تأسيس مجلس الحكم الطائفي صدر القرار رقم 3 لسنة 2004 الذي بموجبه حلت المنظمات و الاتحادات المهنية السابقة و تشكل لجان مؤقتة لحين أجراء انتخابات و تأليفه لجنة لمتابعة هذا القرار . و بعده صدر القرار 16 لسنة 2004 سيء الصيت والسمعة و الذي بموجبه اقر أن يكون ( الاتحاد العام للنقابات في العراق و الذي يرأسه راسم العوادي الممثل الشرعي و القانوني للطبقة العاملة ) و بهذا أقصيت النقابات و الاتحادات الأخرى من هذه العملية ومن هذا الحق . كيف أصبح ممثلا للطبقة العاملة . هل جرت انتخابات شارك فيها العمال جميعا؟ قطعا لا لكنه قرار سياسي أريد من خلاله إبعاد الواقعيين للحركة النقابية والعمالية العناصر التحررية و الناشطين النقابين من هذا الميدان . رغم انه تدخل واضح و سافر في شؤون التنظيم النقابي و مخالفة لاتفاقيات منظمة العمل الدولية رقم 87 لسنة 1948 و 98 لسنة 1949 . لم يكتفى بهذا الحد بل تمسكت الحكومة بقرارات النظام السابق التي تخص النقابات . وشكلت لجنة سداسية عملها التدخل في التنظيم النقابي رغم تشريع دستور جديد يؤكد في مادته 22 تكفل الدولة حق التنظيم النقابي و ينظم ذلك بقانون . لكن أين القانون ؟ لا وجود له و لا احد يعرف متى ينظم و كيف ينظم .
بعد التظاهرات الاحتجاجية و المطلبية التي قامت بها الاتحادات النقابية العمالية للمطالبة بحقوق العاملين في القطاع الحكومي و خصوصا منتسبي شركات التمويل الذاتي .و أثبتت الطبقة العاملة قوتها إذا توحدت , قامت بعض الوزارات و منها النفط و الصناعة بإصدار أوامر منع التنظيم النقابي و عدم السماح له في الشركات و المصانع , بل إن بعض كبار الموظفين في وزارة الصناعة و المعادن نصبوا العداء لهذه الحركة و لن يسمحوا حتى بسماع اسم النقابة و منهم الوزير و وكيل الوزير للأنشطة المركزية و أخرهم مسؤول قطاع الصناعات الهندسية و معاون المدير العام للدائرة الاقتصادية التي تطاير الشر من عينه عندما يسمع باسم نقابة أو اتحاد انه يجسد القرارات المجحفة للنظام السابق . و انه يحمل الحقد الدفين و العداء اللا محدود كأنما له ثأر مع هذه الشريحة الواسعة . إن مواقفهم هذه لن تأتي اعتباطا بل لكونهم من مؤيدي الخصخصة و السوق الحر التي تنادي به الرأسمالية و البرجوازية و المؤسسات المالية العالمية كالبنك الدولي و صندوق النقد الدولي التي هي احد أهم مشاريع الاحتلال . هذا الموقف ليس الوحيد , بل أن وزارة العمل و الشؤون الاجتماعية لم تكن أحسن حال حيث أنها و بالتعاون مع اللجنة السداسية أنفا الذكر شكلت لجنة تحضيرية تشرف على الانتخابات العمالية و التي حصرتها باتحاد واحد و قطاع واحد هو الاتحاد العام لعمال العراق و القطاع الخاص و أقصت وهمشت الاتحادات والنقابات الأخرى و كذلك القطاع الأكثر تمثيلا هو القطاع الحكومي وهذا تدخلا واضحا بشؤون النقابات و انتهاك لحقوق ألإنسان كما انه انتهاك لاتفاقيات منظمة العمل الدولية . وهو أمر واضح المراد منه إقصاء الناشطين التحرريين و النقابيين الفاعلين و المؤثرين و تأسيس نقابات صفراء غير مؤثرة تنفذ سياستهم المنسجمة مع سياسات الاحتلال و الرأسمالية العالمية .
هذه مواقف الحكومة و الوزارات من الحركة النقابية العمالية و من العاملين في القطاع الحكومي إذن ما العمل هل تقف هذه الحركة مكتوفة الأيدي ؟ أم إنها تدافع عن حقوقها التي ضمنتها الاتفاقيات الدولية و الإعلان الدولي لحقوق الإنسان .هنا تبرز مسؤولية الحركة النقابية العمالية و الحركات التحررية العالمية .,