مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 2540 - 2009 / 1 / 28 - 09:03
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
هل سيكون خطوة لإنتصار حرية الشعوب ؟ وانتصار لغة العقل والحوار في الصراعات الدولية , على لغة الحروب والقتل والهيمنة ؟
عاش العالم مساء الثلاثاء 20 / 21 يناير كانون الثاني الحالي في ترقب أمام شاشات التلفاز ليشاهد الرئيس الأميركي الجديد في حفلة تنصيبه أمام البيت الأبيض , وما هي الترتيبات المختلفة الجديدة في الإخراج , وما مضمون الخطاب الذي سيتلوه ؟ فالعالم أصبح مفتوحاً , فالقرية الكونية الكبيرة أصبحت كوكباً في كل بيت تزوره , تدخل وتقرأ أخبارها اليومية وتتننقل من بلد إلى اّخر تجتاز تضاريسها في لحظات لتضعها أمام المشاهد أو المستمع دون تأخير أو تعب .... إنها أوقات جميلة وتطور رائع لإنسان العصر إنسان القرن الجديد المختلف جذريًا عما مضى ...
بالأمس , كان المشهد العالمي الدامي في فلسطين , قبلها المشهد الرياضي في الصين < قبلها أفغانستان باكستان الهند لبنان والعراق واليوم في عاصمة الولايات المتحدة الأميركية .
أحزان البشرية وأفراحها أصبحت كونية الصورة والمشاعر , تعيش لحظة الحدث والخبر .. .. فرضه تقدم وإنجاز العلم لا شك .. بغض النظر عن الإيجابي والسلبي الدرامي فيها .
اليوم , قلب صفحة سوداء مخزية في حقبة الإدارة الأميركية البوشية القديمة –
إنها فترة إنهاء تمدد وتوسع الإمبراطورية العسكرية الضاربة في مفاصل وعمود الفقري للأرض سياسيًا إقتصادياً عسكرياً بشريا وبيئياً .
بعض الملاحظات على هذا الحدث العالمي :
بعد أن أصبحت الأسرة الدولية مفتوحة الأبواب والساحات على بعضها صوتاً وصورة قولاً وعملاً فيحق لنا أن نشاهد ونتكلم ونضئ أو ننقد .. سواء كان عدواً أم صديقا , بعيدا أم قريبا , قبيحا أم جميلاً ..
- لقد أطل علينا الرئيس الشاب الأسمر هو وزوجته – وهذا تقليد جميل ديمقراطي وإنساني , ونصر وتقدير وإعتراف لدور وقيمة موقع المرأة في السلطة , والمجتمع , والأسرة .
يأتي قبل أهمية الرئيس وخطابه – دور و أهمية المؤسسات الدستورية في بناء الدولة وفي مقدمتها القضاء المستقل والمحكمة الدستورية العليا ورئيسها الذي يتلو الرئيس القسم أمامه – ناهيك عن عرس الإنتخابات والمنافسة المضنية التي دامت أشهراً حتى توجت بالإنتخاب الديمقراطي والإختيار الحر لرئيس البلاد .. بغض النظرعن تاريخ أميركا الإمبراطورية المتوحشة والمتغولة - حول إنتهاك أميركا لهذه القوانين ونظامها الرأسمالي إنما علينا أن نعترف , بالقواعد والتقاليد الديمقراطية في النظام الرأسمالي .
- إن انتخاب السيد أوباما كرئيس لأكبر دولة في العالم - الولايات المتحدة الأميركية , هذا دليل بأن المجتمع يحترم الإنسان فيه , بعيدًا عن الجنس والعرق والدين واللغة والأنتماء ووو
- إنتصارالرجل الأسمر .. وفوزه في الإنتخابات وتتويجه كرئيس , يعني إنتصاراً للتعددية وغنى واحترام التنوع البشري في المجتمع الأميركي , الذي يضم الأبيض والأسود والأسمر والحنطي والأصفر وأي تلون في المعتقد والدين و ( اللادين ) والخيارات والقناعات – وليس كما عندنا يطرد ويقتل ويسجن وينفى ويهجر المختلف في الرأي والطائفة والعرق والمذهب والدين كما يحصل ل ( المسيحيين الأقباط السريان الكلدان الصابئة الأرمن والأكراد والإيزيديين وغيرهم ... والإنتماءلت السياسية المختلفة عن الحزب الحاكم .. !!؟؟) .
مجئ أوباما كرئيس لأميركا ترجع أصوله إلى القارة الأفريقية , يعني إنتصارًا للحرية والنضال الشعبي و الطبقي والسياسي وطموح وفرصة الإنسان المضطهد وخاصة الأفريقي أن يصل إلى أعلى المناصب , فلا بد للحقوق الإنسانية أن تنتصر حتى ولو بعد قرون وقرون.. الحق سينتصر والحرية دائما للشعوب .
الرقم 4 ) يظهر أن هذا الرقم يلاحقه من مولده إلى رئاسته كما جاء في الإعلام ... أوباما يعتبر الرئيس 44 في تاريخ الرئاسة الأميركية ..
... " سوف يأتي اليوم الذي سننهض فيه نحن السود .. في يوم ما سيأتي .. اّت اّت هذا اليوم " . مقطع من صلاة يرددها الأفارقة في أميركا .................. متى سيغني شعبنا المضطهد مثل هذه الأغنية ..؟
لقد أتى هذا اليوم وانتصر العدل والحق على الظلم والعبودية بوصول أوباما لأعلى منصب في أميركا !؟ .. وعقبال ما ينتصر الحق عندنا من الكيان الصهيوني العنصري , والأنظمة العربية المستبدة .
- أبتدأ خطاب أوباما بالإشارة إلى دور العمال والمزارعين السود وتاريخ معاناتهم ودورهم ومساهمتهم الفعالة في بناء ونهضة أميركا الإقتصادية , هذا جيد جداً , ولفتة تضامنية , و مكافأة معنوية لصبرهم الأسطوري وانتصارًا لقضاياهم الإنسانية العادلة .
كان خطابه جميلًا أنيقاً يحمل الفرح والاّمال للشعب الأميركي أولا بمعالجته لأزماته وهمومه وخاصة التركيز على الشق الداخلي كمنطلق أولي لحل أزمته المالية الخطيرة التي ألمت بالإقتصاد الأميركي والعالمي بكوارثها الإنسانية والبيئية والإقتصادية فقر بطالة مرض وفقدان الضمان الصحي وغيرها وووو .. كما تكلم عن حماية مبادئ حقوق الإنسان في العالم والخطوات العملية ( الفورية ) التي سيقوم بها للتخفيف عن اّلام الرازحين تحت انتهاكها .. . فالداخل لا ينفصل عن الخارج , فحل القضايا الدولية الخطيرة هي جزء من حل الأزمات الداخلية .. أليس كذلك ؟ فلذلك هو سيسرع بالتوازي بحل الإثنين معاً وركيزته في ذلك الطاقم الذي سيتعاون معه وصواب الخطة والبرنامج والجدية ومراقبة التنفيذ , وأضع خطين تحت عبارة التنفيذ ..
- ركز الرئيس أوباما على العمل بجهود حثيثة وصادقة بتحقيق السلام العالمي بما لأميركا وإدارتها من تأثير مباشر وفاعل في تقديم التصورات والحلول السلمية على الحروب والصدامات العسكرية بما يملك هو ووزيرة الخارجية السيدة هيلاري كلينتون من ديبلوماسية وخبرات ورؤية عقلانية في حل النزاعات وخاصة الصراع الصهيوني العربي ومنطقة الشرق الأوسط بكل مفاعيلها وأزماتها وعقدها المتشابكة طولا وعرضا , وقدماً ؟
- سيعمل على نشر الديمقراطية كمعيار أساسي , مع تجميد الدعم التاريخي للنظم الديكتاتورية المستبدة طوال عقود المستشرية في العالم .
- والملاحظة والدرس الديمقراطي التي علينا التركيز والإضاءة عليه هو أولاً - جانب الإنتخابات الديمقراطية للوصول إلى هذا المنصب . والجانب الاّخر هو أن كل رؤساء السابقين للولايات المتحدة كانوا حاضرين في حفلة التنصيب هذه , أي لم يكن أي رئيس في السجن أو في إقامة جبرية أو منفياً في إحدى الجزر أو مسحولا وجثة في الشارع نتيجة إنقلاب عسكري وصراع على السلطة ..
- , حتى الرئيس السابق هو وزوجته بوش رغم كل الأخطاء والخطايا والجرائم التي ارتكبها في حق أميركا وشعبها قبل الشعوب الأخرى كان موجودا ومكرما , أليس دليل التقدم في سلم الديمقراطية واحترام المؤسسات في الدولة مهما كان رأينا في هذه الدولة المعروف -
.... هل استورد ت أنظمتنا العربية شئاً من هذا المشهد الديمقراطي المتواضع قبل أن تستورد المرسيدس والكولا والماكدونالد وكل أدوات رفاهيتنا !!؟؟
لقد رفع السقف عالياً الرئيس أوباما في طموحاته واّماله وبرنامجه العملي في بدء رئاسته , نأمل أن يحقق الكثير من هذه الأطروحات والوعود التي هي بالأساس ليست صعبة , لكن يراد لها الصدق في العمل والتنفيذ هذا إذا استطاع أن يبعد بذكاء وهدوء عنه التأثيرات الشريرة والنفوذ المهيمن على القرار الأميركي داخليا وخارجياً ( شركات السلاح والبترول ورجال سياسة وأعمال مخضرمين في السوق والمؤسسات والجشع والإحتكار واللصوصية في الوول ستريت وغيرها ...
وأخيراً لا ننسى أنه يستلم إرث دولة عظمى تجر أذيال الإمبراطورية الأكبر والأقوى في البطش والحروب والأحلاف والقواعد والإحتكارات وو ..
أكثر رؤساء الدول الكبرى تأملوا خيراً من خطابه ومدت يد الصداقة والعمل والتكاتف معاً لدرء وحل الأزمات والصراعات المستفحلة الدولية الحاضرة بقوة على السطح يعيش العالم مأساتها الصارخة الضارية كل يوم ..
هل سيبقى التحالف الاّثم الهمجي مع إسرائيل , والإنحياز الأعمى الصهيوني إلى صف القتلة والغاصبين ؟ أم هناك طريق اّخر للخروج من ردهة الإرهاب وعربدة الدول الكبرى على الدول الصغرى وشعوبها وحقوقها ووجودها التاريخي ؟
هل يستطيع الرئيس الجديد الوقوف في صف العدالة والحق بما يملك من خلفيات وحضور ؟
الأزمات والمهمات المحلية والخارجية ثقيلة , مزمنة , وصعبة , هل يستطيع فك العقد ووضع الحلول المرضية للجميع والوصول إلى أجواء السلام والتعاون بين الدول على أساس الإحترام والمصالح المتبادلة ؟
التاريخ لا يتوقف .. المجتمات البشرية ليست ديكوراً توضع في البيت ( صمديات ) كالشخص عديمة الحركة – إنها في حركة مستمرة ... الشعوب خلاقة مبدعة , ستبحث عن وسائل للتغيير مهما مرت في منعطفات وعقبات ستبحث عن طريقها وستصل أخيراً ..
كل دولة وكل مجتمع يمر في مرحلة ترهل وخمول وشلل بحاجة إلى " نفضة , تعزيلة " أو تنظيف جذري وليس سطحياً , أي ثورة , سلمية أو أكثر من سلمية أحياناً حسب شدة وكوارث الإنحطاط أو التكلس والجراثيم والغبار الذي علق في مفاصلها وأذيالها وأطرافها , تماماً كما تنظف و ( تعزّل ) وتنسق ربة البيت منزلها كل عام وكل عيد ومناسبة , ليبقى في حالة تجدد دائم وإشراق وزهو ..
فقد اّن الأوان للدولة الأميركية أن تقوم في هذه المهمة , لتعيدها دولة نظيفة بقدر الإمكان لكي تستطيع الدول التي تحترم نفسها أن تمد يد السلام لها دون أن تتلوث بالزيت والنفط والشحم والحرائق ..!؟ وفي النهاية فإن هذا المشهد التاريخي وما علق عليه من اّمال ورمزيته في العمق هو تصفية معنوية لأنظمة الإستبداد والديكتاتورية المتعفنة في العالم ..
كلنا أمل أن يسود العقل والمنطق والديبلوماسية والمرونة واحترام سيادة وحقوق الدول والأفراد واحترام إرادة الشعوب في العيش بسلام وعدالة وأمان ومحبة ........ كوكبنا واسع وكبير وغني ... الطبيعة فياضة بالخيرات .. العالم بحاجة إلى أخوة .. وعدالة .. وحرية .. ...... كلنا أمل في عامنا الجديد 2009 ... عام المفاجاّت والأسرار والمتغيرات ..!
كل تغيير وتجديد والجميع بخير .. لاهاي / 25 / 1 2009
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟