|
الحصاد الحمساوي المُر!!
أمين مطر
الحوار المتمدن-العدد: 2511 - 2008 / 12 / 30 - 07:20
المحور:
القضية الفلسطينية
لم تشأ قيادة حركة حماس في دمشق أن تمر الايام الاخيرة من العام على أهالي غزة بخير، وان كان بحده الادنى، مع غياب أكثر الخدمات الضرورية لحياة الانسان، نتيجة حصار خانق مفروض على القطاع، سببه مواقف حماس الرافضة لكل الشرعيات الفلسطينية والعربية والدولية.
حماس لم تبال يوما بالدم الفلسطيني، التي أسالت منه في انقلابها أكثر مما سال بالامس، فهي وعلى طريقة الحزب الالهي "اياه" لا ترى خاتمة او نهاية لهذه المعركة التي تخوضها بدماء الشعب الفلسطيني خدمة لاهداف عقائدية حينا، واهداف عربية واقليمية حينا آخر، وطالما انها ارتضت لنفسها ان تكون أداة بيد محور الشر الايراني السوري، يستخدمها لاغراضه الخاصة متى يشاء وكيفما يشاء.
الحزب الالهي فعلها قبلهم، ولصالح ذات المحور حين أقدم على التوغل في اراض غير متنازع عليها وقتل عددا من الجنود الاشرائيليين والاحتقاظ بجثتين، وكان الثمن الذي دفعه لبنان باهضا جدا حين دمرت القوات الاسرائيلية البنى التحتية، وقتلت ما يزيد على الالف ومائتي لبناني، وجرحت الالاف غيرهم وهجرت عشرات الالوف، ليعلن سيد الحزب ندمه على ما فعل، وبانه لو كان يدرك حجم رد الفعل الاسرائيلي لما أقدم على تلك الخطوة.
منذ اعتقال الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط من قبل عناصر حماس، وهو بالمناسبة حدث بالتزامن مع فعلة الحزب الالهي في شمالي اسرائيل، كانت الامور تسير بذات الاتجاه التدميري التي سارت عليه في لبنان، ولم تستفد قيادة حماس مما جرى، والامر على أية حال ليس في يدها حالها حال ذلك الحزب، وطالما ان تلك الحرب التي أدخل الحزب الالهي لبنان وشعبه في أتونها لم تحقق ما كان مطلوبا منها، فلا العالم نسيَ المحكمة الدولية التي تلاحق قتلة رفيق الحريري، ولا غض بصره عن الجنون الايراني المتمثل بمحاولة صنع السلاح النووي، فلذلك كان على محور الشر الايراني السوري أن يواصل اشعال الحرائق ومحاولة اللعب بأوراقها هربا من الاستحقاقات المذكورة.
لم يمنع اسرائيل من العودة الى غزة بعد حادثة الجندي جلعاد شاليط الا الوضع الاسرائيلي الداخلي ونتائج التحقيق التي توصلت اليها لجنة فينوغراد، وانتظرت اسرائيل كثيرا لاستخلاص الدروس والعبر من ملاحظات فينوغراد، وكانت حماس عوضا عن الافراج عن الجندي شاليط وسحب البساط من تحت اقدام المؤسسة العسكرية والامنية الاسرائيلية، كانت تقدم لتلكم الجهات الذريعة تلو الذريعة للوصول الى ما وصلت اليه الحال في غزة هذه الايام.
لو لم تكن حماس رهينة لخطابها العقائدي بشكل عام، ولمطالب النظامين السوري والايراني بشكل خاص، لكانت استغلت وصولها الى السلطة وأقدمت على الاعتراف بكل الاتفاقيات الموقعة سابقا بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وأهمها اتفاق اوسلو الذي لولاه ما كان هناك سلطة فلسطينية ولا مجلس تشريعي سيطرت حماس على أغلب مقاعده. لم يكن أحدا ليعتب على حماس بهذا الخصوص فالسلطة لها خطابها واستحقاقاتها التي تختلف كليا عن خطاب واستحقاقات حزب المعارضة التي كانت حماس ممثله الأكبر قبل وصولها الى السلطة.
الا ان حماس وبالاضافة لرفضها كل الاتفاقيات الموقعة، ورفضها لشروط اللجنة الرباعية، فقد أستغلت وصولها الى السلطة ليكون ابديا، وعلى غرار كل حركات الاسلام السياسي التي لا تؤمن بالديمقراطية الا لمرة واحدة حين تكون سبيلا لوصولها الى السلطة، للقضاء على كل صوت معارض حزبيا او مستقلا، وصولا الى انقلابها الدموي على مؤسسة الرئاسة واجهزتها والسيطرة على قطاع غزة بالحديد والنار، حتى بات الغزاوي يلجأ الى اسرائيل هربا من اجرام حماس وعناصرها.
واصلت حماس تقديم الذرائع للجانب الاسرائيلي من خلال اطلاق عشرات الصواريخ محلية الصنع التي قتلت من الفلسطينيين أكثر بكثير مما قتلت من الاسرائيليين، ورفض كل العروض لاطلاق سراح الجندي شاليط، ورفض عودة الشرعية الفلسطينية الى معبر رفح الحدودي، واشراف حماس على حفر عشرات الانفاق وانشاء ادارة خاصة لتسيير عمل الانفاق، واستمرار محاولات تهريب الاسلحة بانواعها عبر تلك الانفاق في تحد صارخ لما متفق عليه بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي من جهة، وتحد للظروف الطبيعية التي أصبحت موجودة على الارض بعد الانسحاب الاسرائيلي الأحادي الجانب من قطاع غزة، والتي تؤشر لنهاية مرحلة العداء والحرب والتفرغ لمرحلة السلام والبناء، وأخيرا رفض تجديد التهدئة النصف سنوية التي كانت قائمة الى حد ما، ظنا من قادة حماس ومن يقف خلفها ويوجهها بان الحركة أصبحت قوة عظمى تستطيع املاء ما ترغب من شروط على الجانب الاسرائيلي، طمعا بصفقة كبيرة سيظل يحلم بها حكام طهران ودمشق دونما أمل.
كانت كل هذه الذرائع تُقدم من جانب حماس للمؤسسة العسكرية والامنية الاسرائيلية، اضافة للأحزاب السياسية المتنافسة هذه الايام على الفوز بالانتخابات الاسرائيلية، والتي تدرك ان الهاجس الامني يبقى هو الأساس لتوجهات الناخب الاسرائيلي في ظل سيطرة خطاب غارق في اصوليته من جانب حماس يحلم بتحرير فلسطين التاريخية، وقتل اليهود ورميهم في بحر "غزة"، أو اعادتهم من حيث أتوا في أحسن الاحوال، فما كان من تسيبي ليفني القائمة باعمال رئيس الحكومة وخليفة ايهود اولمرت في رئاسة حزب كاديما وايهود باراك رئيس حزب العمل الا استغلال هذه الفرصة الكبيرة التي تقدمها حماس على طبق من ذهب وفي الوقت الذهبي ليثبت هؤلاء للناخب الاسرائيلي بأن بنيامين نتنياهو رئيس حزب الليكود الذي يتقدم في استطلاعات الرأي نتيجة مواقفه المتشددة حيال أفعال حماس، ليس أكثر حرصا منهم على حياة وسلامة وأمن المواطن الاسرائيلي.
أتفهم كل المواقف المساندة والداعمة والمتضامنة مع أبناء غزة جراء ما حدث بالامس، لكن يجب ان لا تحجب العواطف أعيننا عن قول الحقيقة كماهي، فحماس وحدها من يتحمل المسؤولية في ما آلت اليه الامور في القطاع، وعليها وحدها ان تتحمل عواقب أفعالها، وعلى الدول العربية وجامعتهم عدم المتاجرة بمزيد من الدم الفلسطيني من خلال مجاراة الشارع العربي بعواطفه، وامتلاك الجرأة الكاملة بتوجيه اصابع الاتهام مباشرة الى الحركة الاسلامية وقادتها، والى النظامين السوري والايراني من ورائها.
عودة اهل القطاع الى استعمال الادوات البدائية في تسيير امورهم الحياتية اليومية، ورفض الاقتراح المصري لاعادة الوحدة الفلسطينية، والتصويت على نظام عقوبات جديد في قطاع غزة يقطع يد السارق وهو مواطن جائع في أغلب الاحوال، ويقطع رأس المتآمر على فلسطين وهو فلسطيني لا ينتمي لحماس غالبا، وآخيرا رفض تجديد التهدئة والوصول الى المآساة التي عشنا أول فصولها الدموية بالأمس ولا أحد يعلم متى ستتوقف. هذا كله هو حصاد حركة حماس الارهابية ويا له من حصاد بالغ المرارة على أبناء غزة وبالغ الخزي والعار على قادة حماس وأسيادهم في دمشق وطهران.
#أمين_مطر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أين حذاءك من حذاء أبو تحسين يا زيدي؟
-
عون..الجنرال في نهايته!
-
مات درويش..أتحفونا بابداعكم ان كنتم مبدعين!
-
اللجوء الفلسطيني الى اسرائيل!!
-
حتى تكون فلسطينيا حقا!!
-
سمير القنطار..أين البطولة فيما فعلت؟
-
عمر البشير...حبة جديدة تسقط من العقد الديكتاتوري العربي
-
أبدا لم يكن الحكيم حكيما..
-
لا لحق العودة..نعم للتعويض واعادة التوطين
المزيد.....
-
زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح
...
-
الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد
...
-
طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
-
موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
-
بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
-
تصريحات ماكرون تشعل الغضب في هايتي وتضع باريس في موقف محرج
-
هونغ كونغ تحتفل بـ100 يوم على ولادة أول توأم باندا في تاريخه
...
-
حزب -البديل- فرع بافاريا يتبنى قرارًا بترحيل الأجانب من ألما
...
-
هل تسعى إسرائيل لتدمير لبنان؟
-
زيلينسكي يلوم حلفاءه على النقص في عديد جيشه
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|