أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أمين مطر - عون..الجنرال في نهايته!















المزيد.....

عون..الجنرال في نهايته!


أمين مطر

الحوار المتمدن-العدد: 2494 - 2008 / 12 / 13 - 03:32
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


كان بودي أن يكون العنوان هو عنوان رائعة غابرييل غارسيا ماركيز "الجنرال في متاهته" التي كُتبت كتأريخ لحياة بطل استقلال بلدان امريكا اللاتينية الجنرال سيمون بوليفار، ولكن لا شيئ قريب الشبه بين الجنرال اللبناني ميشال عون في نهايته الذي وصل اليها، وبين متاهة الجنرال الفنزويلي بطل تلك الرواية.

ولأن من دخل متاهة ما زال يمتلك ألف خيار وخيار للخروج منها، وهو ما حصل مع الجنرال بوليفار أكثر من مرة حين نجح بتحرير بلاده، لكنه لم يفلح في الحفاظ على استقلالها بسبب الحكم الديكتاتوري الذي مارسه، إلا انه خرج مرة ثانية وثالثة مما أوقع نفسه وبلاده به ونجح بتحرير بلاده وغيرها من بلدان امريكا اللاتينية تحريرا نهائيا من قبضة الاحتلال الاسباني، الا ان الشيئ الوحيد الذي لم يفلح في تخقيقه بوليفار هو وحدة بلدان امريكا اللاتينية وهو الحلم الذي كان يراوده ليل نهار، حيث ان الوحدة لا تتحقق الا في اطار خيار شعبي حر، والا ستكون على شاكلة التجارب الوخدوية العربية التي جاءت بعد تجارب بوليفار بحوالي مائتي عام دون ان يستفيد اصحابها من تجربة بلدان امريكا اللاتينية، فلا جمهورية ناصر المتحدة حافظت على وحدتها القسرية، ولن تدوم وحدة اليمن الذي كان سعيدا في سالف الزمن الامامي، وكنا نعتقد خاطئين بانه سيغدو أكثر سعادة من ذي قبل في ظل الثوار الميامين.

ان المتاهة التي دخل بها الجنرال بوليفار شيء والنهاية التي وصل اليها الجنرال عون هي شيء أخر وأخير ايضا، فلا خيارات بعد ذلك ولا مجال للتراجع والمناورة، كما انه لا مجال للتوبة والغفران بعد ان ذهب الجنرال بعيدا في اهانة أبناء وطنه وطائفته، واهانة دماءهم التي سالت عزيزة وما تزال على مذبح الاستقلال اللبناني الثاني، وقبل ذلك هي اهانة لنضال الجنرال نفسه ولمواقفه من نظام دمشق الدموي، والتي كانت السبب الوحيد الذي جعل منه رمزا لكل اللبنانيين على اختلاف دياناتهم وطوائفهم.

أليس هو الجنرال ذاته الذي وقف شامخا تجاه احتلال النظام السوري لبلاده وقدم كثيرا من التضحيات كانت ذروتها حين تم اقتلاعه من قبل جحافل نظام دمشق من قصر بعبدا ونفيه بعد ذلك الى فرنسا؟ فما الذي استجد اليوم ليغير الجنرال من مواقفه وينقلب على تاريخه راسا على عقب، في حين ان لا شيء تغير في دمشق غير الاسم الاول فقط، وكل ما جرى من اغتيالات ومجازر بحق الشعب اللبناني وقياداته يؤكد ان الابن سر ابيه وان "فرخ" الاسد ليس قادرا على العوم في بحر دماء الشعب اللبناني الذي أساله أبيه فحسب، وانما أثبت انه أكثر قدرة من أبيه على اسالة المزيد من الدماء اللبنانية والفلسطينية والعراقية.

أليس هو الجنرال ذاته الذي قال واصفا النظام السوري بانه نظام دموي دأب على تدمير بنى لبنان التحتية وحال غير مرة دون تصالح اللبنانيين وتوافقهم، وأسَس لفساد في دوائر الحكم اللبناني لا مثيل له على الاطلاق، وحول لبنان الى مزرعة مخدرات، وأقام العديد من الموانئ الغير شرعية، واغتال كل من فكر من اللبنانيين بالتخلص من الاحتلال السوري، فما الذي تغير أيها الجنرال؟ وهذا النظام مازال يمارس كل ما وصفته به وان اختلفت الطريقة والادوات من مباشرة اثناء احتلاله المباشر للبنان، الى استخدام رجاله الذين ابقاهم في لبنان ومدهم بكل ما يلزم للقيام بما يطلبه منهم من طلبات كلها في غير صالح لبنان واللبنانيين.

في سوريا يعرف القاصي والداني ان النظام السوري اذا وصف احدهم بالوطنية فوطنيته تكون بالتأكيد على شاكلة وطنية النظام السوري التي اعتادت اسرائيل على استباحة أراضي ومياه وأجواء سوريا في ظل حكمه وقبله حكم أبيه، وحلقت الطائرات الاسرائيلية مرارا فوق قصره، ووصلت الى اعماق سوريا حين ضربت ما يشتبه به على انه مفاعل نووي قيد الانشاء، واغتالت اسرائيل في قلب العاصمة السورية أكثر من شخصية المفروض انها تعيش بحماية هذا النظام، كما يعرف الجميع ان هذا النظام اذا وصف أحدهم بالقومي فهذا يعني ان عليه ان يكون قوميا على الطريقة الاسدية التي تجلت سابقا بقتل الفلسطينيين ومحاولات زرع الفرقة بينهم وتتجلى اليوم بارسال آلاف الارهابيين الى العراق بغية تفجير أجسادهم النتنة بأبناء الشعب العراقي في محاولة منه لاعادة عقارب الساعة الى الوراء، أما اذا وصف هذا النظام أحدهم بالبطل القومي والوطني، فعلى هذا الشخص ان يطبع من بيان "نحتفظ بحق الرد في الزمان المناسب والمكان المناسب" مئات النسخ ليوزعها على وسائل الاعلام كلما تعرض لاهانة من نوعية الاهانات التي اعتادت اسرائيل توجيهها لنظام دمشق.

أما اذا وصف هذا النظام أحد بالتآمر على سورية ومحاولة اضعاف هيبة الدولة، واضعاف الشعور القومي فهذا يعني انه واحد من المناضلين في سبيل حرية سوريا وكرامة المواطن السوري والعمل على تخليص السوريين من شرور وفساد هذا النظام، وتجد أغلب هؤلاء في سجون النظام وفي مقدمتهم أبطال اعلان دمشق، وقبلهم ومن ضمنهم أبطال الربيع الدمشقي، وما تبقى منهم مهاجرون في أصقاع الأرض، واذا ما وجه النظام تهمة العمالة والخيانة والاشتراك بخطط استعمارية امبريالية صهيوامريكية هدفها النيل من "صمود" نظام دمشق فاعلم ان التوصيف يشمل كل من يريد التخلص من هيمنة النظام السوري على لبنان، ومصير هؤلاء غالبا الاغتيال وكثير منهم قد تم اغتياله والباقي مازلوا ينتظرون على لائحة "الصبي" الدموية. ان حرية لبنان ايها الجنرال مرتبطة ارتباطا وثيقا بحرية سوريا، وان حديث النظام السوري عن تلازم المسارين صحيح تماما فربيع لبنان لن يزهر الا اذا أزهر ربيع دمشق، وهو ما نشعر ويشعر غيرنا انه بات أقرب الى التحقق أكثر من أي وقت مضى.

نعلم ان السياسة هي فن الممكن، كما انها القدرة على التعامل مع معطيات الواقع، ولا يوجد في السياسة اصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون، كما ان وجود علاقات طبيعية بين لبنان وسوريا هو أمر مطلوب على الصعيد الشعبي اللبناني والسوري قبل ان يكون مطلوبا على الصعيد الرسمي، ولا أحد يجادل بخصوصية العلاقة وتميزها وتداخلها بين الشعبين، ولكن كل أفعال النظام السوري تؤكد أن هذا النظام لا يريد من لبنان إلا ان يكون تابعا له يبتلعه ويمتص خيراته، ولا يريد من قادة لبنان ان يكونوا شركاء وانما أجراء عنده، يقربهم منه كلما ابتعدوا عن شعبهم وتآمروا عليه.

عندما قضى الجنرال سيمون بوليفار في بيت احد الاسبان وهم اعداءه كتبت له حياة جديدة، وأصبح أسطورة تاريخية من خلال اطلاق اسمه على دول مثل بوليفيا وعلى ميادين عامة ومدارس ومكتبات وحتى على اقمار اصطناعية، وصدرت جوائز باسمه في بلدان امريكا اللاتينية وغيرها من بلدان العالم، أما الجنرال عون فقد مات وهو حياً في ضواحي دمشق وغيرها من المدن السورية حين ارتدى تلك العباءة الاموية التي قُتل باسمها وفي ظلها كثيرون.



#أمين_مطر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مات درويش..أتحفونا بابداعكم ان كنتم مبدعين!
- اللجوء الفلسطيني الى اسرائيل!!
- حتى تكون فلسطينيا حقا!!
- سمير القنطار..أين البطولة فيما فعلت؟
- عمر البشير...حبة جديدة تسقط من العقد الديكتاتوري العربي
- أبدا لم يكن الحكيم حكيما..
- لا لحق العودة..نعم للتعويض واعادة التوطين


المزيد.....




- -لا يتبع قوانين السجن ويحاول التلاعب بالشهود-.. إليكم ما نعر ...
- نظام روما: حين سعى العالم لمحكمة دولية تُحاسب مجرمي الحروب
- لأول مرة منذ 13 عامًا.. قبرص تحقق قفزة تاريخية في التصنيف ا ...
- أمطار غزيرة تضرب شمال كاليفورنيا مسببة فيضانات وانزلاقات أرض ...
- عملية مركّبة للقسام في رفح والاحتلال ينذر بإخلاء مناطق بحي ا ...
- إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
- حزب إنصاف يستعد لمظاهرات بإسلام آباد والحكومة تغلق الطرق
- من هو الحاخام الذي اختفى في الإمارات.. وحقائق عن -حباد-
- بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
- اختتام أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أمين مطر - عون..الجنرال في نهايته!