من علوم الكفار .

صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein‏)

الحوار المتمدن-العدد: 2432 - 2008 / 10 / 12 - 05:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

للكفار علوم . مثل ما للمؤمنين علوم .
فمن علوم المؤمنين : علم الحديث . ويضم الاحاديث الصحيحة والكاذبة والمشكوك فيها . وتشمل طبعا حديث العلاج ببول البعير وبول الرسول - الطاهر - ! وارضاع الكبير . .. وغيرها
وكذلك من علوم المؤمنين علم اللغة وعلم النحو والصرف وعلم القراءات وعلم يسمي " علم التفسير ! –" وكلها عن الكلام .
وعلوم كثيرة اخري للمؤمنين . ومن تلك العلوم ما يبين كيف يتم فرض العقيدة فرضا علي الشعوب الأخري بكافة الحيل ومن ضمنها الارهاب الذي يسمي جهاد في سبيل الله ! وفي نفس الوقت الزعم بأنه لا اكراه في الدين .. وعلوم وعلوم وعلوم للمؤمنين ليس فيها علم واحد فيه كيفية صناعة لمبة كهربائية أو دراجة هوائية . ولا موبايل ولا نقول طائرة أو سيارة .

أما علوم الكفار – والعياذ بالله - : فعلم الفضاء والطيران . ونقل الناس بالمئات داخل حافلة واحدة تسمي " طائرة "من قارة لقارة تبعد عنها ربما ب 3 قارات في ساعات ، بيسر وراحة وأمان . وكأنهم في بيوتهم - يأكلون ويشربون ويشاهدون الفضائيات..! وينامون ان شعروا بالنوم وكأنهم في بيوتهم!- ، وعلم الليزر والعلاج الفوري به من أمراض عديدة .. وعلوم وعلوم أخري للكفار – عليهم لعنة الله - .. !

واليوم سوف أحدثكم عن علم من علوم الكفرة – والعياذ بالله – لم يكن يخطر علي بالي . وربما كان الأمر كذلك بالنسبة لكم .

لي قاريء وصديق عزيز . يمر علي بسيارته من حين لآخر . لتناول الشاي معا باحدي الكافيتريات أو نتناول الغذاء بأحد المطاعم . ونتحاور حول الأحداث والقراءات والآراء والقضايا .
وفي احد لقاءاتنا منذ بضعة شهور . استأذن في المرور علي أحد المحلات لشراء قطعة غيار صغيرة لأحد الأجهزة الكهربائية المنزلية الخاصة بمنزله .

دخلنا المحل . فوجدته معرضا لعدد كبير من الأجهزة والمعدات الكهربائية المختلفة الانواع والأحجام والموديلات . وصناعتها تتسم بتكنولوجيا عالية ذات أناقة بالغة .
رحت أتفرج علي تلك الآجهزة والمعدات الكثيرة وأشكالها المختلفة .

تكلم هو مع الموظفة الشابة وأطلعها علي القطعة المطلوب بديل لها . فرحبت . وسمعتها تقول له : سيكون جاهزا عقب أن تشرب فنجان القهوة . ومضت بينما اقترب هو مني وتابع شغفي الشديد بالتنزه في تلك الحديقة الرائعة .. من الأجهزة الكهربائية البالغة الدقة والأناقة التكنولوجية . وقال لي صديقي : سوف تشرب فنجانا من القهوة الآن .. لن تشرب مثله بأي مكان آخر ..

وبصراحة أنا أكاد لا أستطيع التمييز بين أي فنجان قهوة وآخر لأنني لا أتذوقها ولكن لا أمانع من شربها مع صديق أو بين مجموعة أو في مناسبة ما . كمجرد مشاركة لن تضرني ولن تفيد .
الا أنني أعرف تماما أن غيري كثيرين جدا تذوقهم للقهوة وتمييزهم لانواعها . لا يقل عن تذوقي للشعر والموسيقي والغناء وفن الرسم والنحت - ونقدها والتمييز بينها .

بعد دقائق جاءت الموظفة بفنجان القهوة المخلوطة باللبن كما بدا من لونه ، و بالقرفة رسم " قلب " علي وجه القهوة ، لمسة فنية تضفي نوعا من البهجة قبل أن تبدأ في الشرب . رحت اسأل صديقي . وهو مهندس . عن وظيفة كل جهاز من تلك الأجهزة والمعدات الكهربائية . راح يشرح لي وظيفة كل منها . وكيفية العمل والفرق بين كل جهاز وآخر .. وأنا أستمع باهتمام واستغراب شديد عندما عرفت أن كل ذاك الكم والتنوع المدهش لخدمة شيء واحد فقط . وغرض واحد فقط هو " عمل القهوة " ... ! .

– اسم المحل " اكسبريسو " وهو متخصص جدا في لوازم عمل القهوة . و بيع تلك الأجهزة - وقطع غيلراتها – وهي أجهزة منها العائلي متوسط الحجم والصغير للاستخدام الفردي ، والضخم - نسبيا - . لاحتياجات الفنادق ..

سألت نفسي . ونقلت سؤالي لصديقي . هل تلك الأجهزة البالغة التقدم . اخترعت هكذا وبهذه الدقة العالية والتكنولوجيا الراقية . مرة واحدة ؟ أم مرت ككل الصناعات بمراحل وتطويرات . ولكل مرحلة مبتكر – وطبعا سجلها باسمه - . فرد صديقي : بالطبع كما قدرت..
قلت له : وربما احد هذه الأجهزة فكرته مأخوذة من فكرة جهاز آخر يستخدم باحدي الصناعات الكبري الثقيلة أو المتوسطة .
فقال : ليس بعيدا أن يكون الأمر كذلك .

فاضفت : وهناك احتمال أن تكون فكرة احدي أو بعض هذه الاجهزة . استوحي منها فكرة ماكينة ضخمة من المعدات الثقيلة المستخدمة في الصناعات الثقيلة او المتوسطة البالغة الاهمية وربما الاستراتيجية ..
فاجاب بان هذا ليس مستبعدا ..
هنا قلت له : اذا يمكننا القول . انه يوجد علم اسمه "علم هندسة صناعة القهوة " ..!
فضحك ووافقني علي ذلك .

ثم رحت اتأمل واتجول وسط تلك الحديقة التي زهورها من فناجين وأطباق وأكواب شرب القهوة . بديعة الجمال ..! اشكال وانواع وأصناف وألوان وانماط كثيرة جدا . منها المصنوع من الخزف ومنها المصنوع من الزجاج البسيط والبالغ الفخامة . ومنها المصنوع من البلاستيك ..!
ومنها ما هو علي درجة غير عادية في الاناقة والفخامة التي تقطع بانه مصمم خصيصا لتناول القهوة بالقصور أو بفنادق الخمسة وربما السبعة نجوم ..

ولفت نظري فنجان يتسم بالأبهة العالية والطلعة الارستقراطية ، ولكنه لا يستوعب الا ما يمكن اعتباره : لحسة .. لحسة قهوة . أو يكاد .. !!
فسألت صديقي باندهاش . وفيما يستخدم هذا ؟!
فرد بانه هناك نوع من القهوة . هكذا تحتاج لهذا الفنجان !!

سالته عن انواع القهوة - كمشروب لا كحبوب - .. فأنا لست شريبا - كما ذكرت - فراح يعدد انواعا لها أسماء .. هذه باللبن وتلك بالويسكي واخري .. واخري .. وقهوة علي البخار ولها جهاز خاص بها .. ، ..
فقلت له : اذا يمكننا القول ايضا بأنه يوجد أيضا علم اسمه : " علم وفن اعداد وتجهيز وتقديم القهوة "...
فابتسم وهز رأسه موافقا .

فقلت له : هل تعتقد ان العرب لهم فضل في اختراع تلك الأجهزة وابتكار : " علم هندسة اعداد القهوة " .
فرد : ولماذا العرب ؟ّ
ضحك وضحك . . فكلانا يعرف أن جزيرة العرب والبلاد الاخري المسماة عربية . لا باع لهم ولا ذراع في اية صناعة حديثة . لا صناعة الطائرات وسفن الفضاء وعابرات القارات ولا حتي ماكينة صناعة ال شيبسي . أو البسكويت .

قلت : كان يجب أن يكون العرب هم أول من اخترع تلك الأجهزة – والعلم - الخاصة بالقهوة . لان اليمن من الدول المعروفة بزراعة حبوب القهوة . وحسبما أعلم فان طقس بلاد الغرب الصناعية لا يصلح لتلك الزراعة فكان يجب ان يكون لعرب شبه الجزيرة السبق في ابتكار علم هندسة وصناعة وفن اعداد وتفديم القهوة ..
- تمام ..
فقلت : ولكن هل ننكر أن للعرب علوم اخري هامة غير علم هندسة القهوة ؟!
فقال بسخرية : طبعا طبعا ..
لحظة صمت قصيرة . ثم قلت له :
ألا تعرف ان لصلعم حديثا - يقولون انه غير مؤكد - يقول الحديث :
" أنا مدينة العلم ... وعلي . بابها " .
هنا أطلق صديقي صوتا - هو تعبير شعبي مصري . يطلقه العامة ان سمعوا كلاما قارحا أو راوا فعلا منكرا

فقلت : صحيح ان الحديث ليس مؤكدا ولكن ما العجب في ان يكون صلعم قد قاله . وهو الذي قال ما هو أفكه منه ، وكان يفتي في كل شيء حتي في الطب والجراحة – تخصص أمراض نساء ! – كالختان :
" ‏أن امرأة كانت ‏ ‏تختن ‏ ‏بالمدينة ‏ ‏فقال لها صلعم ‏لا تنهكي ‏ ‏فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى ‏ ‏البعل " http://hadith.al-islam.com/Display/Display.asp?Doc=14&ID=23086&SearchText=خفضي&SearchType=root&Scope=all&Offset=0&SearchLevel=QBE
!!!! .
الخلاصة هي أن العرب والمسلمين من الواضح انهم ليس بكتابهم الذي يزعم أنه لم يترك صغيرة ولا كبيرة ولا اية شريفة واحدة .. ، ولا حديثا صحيحا أو مكسورا واحدا ولا بتراثهم المجيد ولا بتاريخهم الحميد . ثمة شيء عن علم هندسة صناعة القهوة ولا علم اعداد وتجهيز وتقديم القهوة . ولا لهم ثمة دراية بشيء عن القهوة ذاك المشروب العالمي - والعولمي ! - بشكل عام . الا فقط ما علمتهم اياه المطربة الأردنية الرائعة " سميرة توفيق " - كرم الله صوتها . وبحق – اذا صاحت في أمة العرب آمرة اياهم بصوتها الذي يسري كما الضؤ وسرعته . قائلة لهم في أشهر أغانيها :

" صبوا القهوة ، صبوها ، صبوها هيل " .

- أي دعوة لشرب القهوة .. الشرب فقط . . دون الابداع ، دون الاختراع ..
*****

#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)       Salah_El_Din_Mohssein‏#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات