|
صعوبة الحياد ومنزلقات الانحياز في الحياة السياسية الفلسطينية
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 2416 - 2008 / 9 / 26 - 03:12
المحور:
القضية الفلسطينية
لا يبدو بالأفق بوادر لما اصطلح على تسميته بـ(الحل المشرف) وهي تسمية أريد بها التغطية على التخلي عن ثلثي الوطن التاريخي،وعلى كل حال فقد ارتضت غالبية الشعب التعامل هذا الحل رضاء مشروطا بقيام الدولة المستقلة في الضفة وغزة عاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين،أيضا لا يبدو بالأفق أمل بالخروج قريبا من الأزمة المركبة التي تمر بها القضية الفلسطينية،أزمة التسوية والمفاوضات مع إسرائيل،وأزمة الحوار الداخلي وأزمة شاليط الأسير الذي تحول لآسر وأزمة معبر رفح الذي تراه حركة حماس الحل السحري لمعاناة الشعب الفلسطيني ولمجمل للفضية الفلسطينية.حتى تفاؤل رايس وزيرة الخارجية الأمريكية وبعض المسئولين الأوروبيين لا يُغيب الواقع المرير المناقض لكل مفردات التفاؤل. نعم نستحضر ويستحضر آخرون مقولة تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة،إلا أن الإرادة لوحدها لا تغير الواقع فهي تحتاج للقوة وللعقل،ويبدو أن العقل الوطني الجمعي كمرشد وهاد لأولي أمر الشعب الفلسطيني ما زال مغيبا ومكبلا،العقل الجمعي مكبل بأغلال الرؤى الحزبية الضيقة والمصالح الذاتية والارتهان للخارج بكل مشاربه حتى وإن بدت متناقضة،عندما يرتهن العقل للخارج فإنه يتقاعس عن إبداع حلول وطنية للمسالة الوطنية ويستسهل ما يشير له به الخارج وخصوصا عندما تكون المشورة مرفقة بإغراءات مالية،هذا التشوه للعقل الجمعي هو الذي يفسر كيف أن القوى المتصارعة تُجيز لنفسها التحالف مع قوى خارجية أو التعايش مع دولة الاحتلال فيما هي غير قادرة ولا راغبة بالتحالف أو التعايش مع بعضها البعض. استمرار وتزايد حالة العداء والقطيعة ما بين الطرفين المتقاتلين في الساحة الفلسطينية يجعل أية تسوية مشرفة مع العدو غير ممكنة وتجعل كل محاولة لتفعيل القرارات الدولية أو تشجيع القوى الخارجية للتدخل للضغط على إسرائيل ضربا من العبث حيث لا تعرف الأطراف الخارجية ماذا يريد الفلسطينيون الرسميون بالضبط ؟ومن هو الطرف الفلسطيني الذي سيتحدث باسم الفلسطينيين ما دامت حماس لا تعترف بمرجعية منظمة التحرير؟ وإن تم الاتفاق مع طرف فلسطيني على شيء مع الإسرائيليين أو غيرهم فلا ضمانات بأن يقبل الطرف الفلسطيني الآخر ما تم الاتفاق عليه؟. هذا لا يعني أن إسرائيل تريد السلام والحالة الفلسطينية هي المعيقة ،بل نريد القول بان الحالة الانقسامية الفلسطينية تمكن إسرائيل من رمي الكرة بالملعب الفلسطيني والتهرب من التزاماتها والزعم بأن الفلسطينيين غير مهيئين للسلام ولا لإدارة دولة وهو قول يجد تفهما في الخارج .
هذه الحالة الانقسامية سياسيا والمعززة بالفصل الجغرافي، لا تخدم فقط المخططات الإسرائيلية فهذا أمر لم يعد محل شك وخصوصا مع تزايد الاستيطان بشكل مريع خلال سنتي الاقتتال الفلسطيني الداخلي ومع تجرؤ إسرائيل على القول علنا وبوضوح لا لتقسيم القدس ولا لعودة اللاجئين ولا لوقف الاستيطان ولا للعودة لحدود 67،ولكنها حالة تولِّد مع الوقت حالة من الإحباط والشك وألا يقين بأي شيء عند الإنسان الفلسطيني،حالة من الشك بثوابته الوطنية وبتاريخه الوطني و النضالي وبإمكانياته الذاتية وهو يرى أن حصيلة ستين عاما من المعاناة وأربعين عاما من النضال المسلح وانتفاضتين وعشرات آلاف الشهداء ... مزيد من البؤس وقليل من الكرامة الإنسانية وأخوة سلاح يتصارعون على سلطة وهمية على وطن افتراضي.
كل محاولاتنا لإعمال العقل فيما يجري عسى ولعل أن نجد معقولية لما تمارسه النخبة السياسية،معقولية تقنعنا بأن القوى السياسية ما زالت مؤتمنة على القضية الوطنية وان ما يفعلونه يخدم القضية الوطنية إن لم يكن عاجلا فآجلا،كل هذه المحاولات تذهب هدرا وتؤكد عبثية ما يجري.حتى ما تعتبره النخبة أوراق قوة ومساومة يمكن التلويح بها أمام العدو تنكشف بأنها أوراق من ألا شيء أو سراب يضحكون بها على شعبهم ويضحك عليها وعليهم العدو الذي يطلق لهم العنان ليستمروا في وهمهم بأنهم يملكون أوراق قوة يرتعب منها العدو.هذا لا يعني بأنه لا توجد لدى الشعب أوراق قوة لمواجهة العدو بل لأن النخبة تبحث عند الشعب عن أوراق قوة جزئية لدعم سلطتها وترجيح موقفها كأحزاب حاكمة وقوى نافذة في مواجهة بعضها البعض وليس عن القوة الحقيقية للشعب في مواجهة العدو الخارجي،هذه النخب تستثير عند الشعب وتوظف من الشعب أسوء ما فيه من نزعات وقيم رديئة ومن الأفراد الأسوأ الذين بلا أخلاق وطنية أو ضمير ليكونوا أدواتها في الحرب الأهلية،كما توظف حالة الفقر والجوع والبطالة والترعس الديني عند الشباب ليكونوا وقودا للحرب الأهلية ،قوة الشعب الحقيقية لا يمكن حشدها إلا خلف قيادة وحدة وطنية وفي إطار إستراتيجية عمل وطني. قد تبدو هذه المقاربة التي تميع للمسؤولية والتي تطلق النار على الجميع و تُحمل المسؤولية لكل الأطراف السياسية ... غير عقلانية بحد ذاتها و في نظر البعض لا تخلو من الانتهازية السياسية... . فبعد استقالتي من حكومة تسيير الأعمال لامني صديق عربي على عدم بقائي بالحكومة وعلى انتقادي لطرفي المعادلة الفلسطينية وقال بأنه يجب الانحياز للطرف الصواب لتدعيم مواقفه وتمكينه من الانتصار على الطرف الآخر،وأنا أدرك المدرسة الفكرية التي ينتمي لها صديقي- بالرغم من وجود مدرسة أخرى تقول بأن المثقف يجب أن يبتعد عن الانحياز الواضح لموقف سياسي وخصوصا إن كان موقف حزب سلطة- مدرسة صديقي لها مسوغات فكرية وأخلاقية تحث على الوقوف مع الفريق السياسي الأكثر توافقا وعملا للمصلحة الوطنية أو الأقرب فكريا وأيديولوجيا لما يؤمن به الإنسان،وأن الحياد هروب من تحمل المسؤولية الخ.الانحياز لحزب أو فريق سياسي على حساب بقية الأحزاب يكون أمرا محمودا عندما نكون أمام تعددية سياسية وحزبية في نظام ديمقراطي حقيقي ،حيث تتوافق كل القوى السياسية أو غالبيتها حول ثوابت وطنية وتختلف في البرامج المتعلقة بالتطبيق أو بالتفاصيل ، ولكن في الحالة الفلسطينية الأمر يختلف ،حيث طرفا المعادلة يختلفان حول الثوابت الوطنية من جانب وحقيقة خطابهم السياسي المعلن وشعاراتهم لا تعبر عن نواياهم الحقيقية وواقع ممارساتهم بالإضافة إلى أن الوضع الصحيح هو وحدة كل قوى العمل السياسي في مواجهة الاحتلال . الظاهر للعلن وما يعتقد كثير من المراقبين وخصوصا في الخارج اعتمادا على الخطاب السياسي لكل طرف، أن تنظيم حركة فتح الحالي وما تبقى من منظمة التحرير الفلسطينية و حكومة فياض يمثلون المشروع الوطني وخيار السلام و التسوية السلمية ، وان حركة حماس تمثل تهج المقاومة بما يستتبعه أو يوحى به من رفض الاعتراف بإسرائيل والعمل على تحرير فلسطين عسكريا من البحر إلى النهر ورفض التعايش أو التواصل مع دولة الاحتلال ومن يدعمها ويعترف بها من عجم وعرب الخ ،ولكن هل بالفعل أن كل طرف يمثل ويجسد بسلوكه على أرض الواقع ما يقول به ويروجه للجمهور؟ هنا تكمن صعوبة الاختيار ومخاطر الانحياز. لا أخفي أنني انتمي للفكر الوطني بما هو هوية وثقافة وطنية ودولة وطنية،هوية وطنية لا تعني القطع مع الإيديولوجيات الأخرى من قومية وإسلامية بل هي مسألة تحديد الأولويات انطلاقا من تلمس المخاطر الحقيقية التي تهدد هويتنا ووجودنا الوطني بشكل مباشر ولا تهدد الهويات الأخرى بنفس الحدة،ولا اخفي أنني انتمي منذ خمس وثلاثين عاما لحركة فتح التي مثلت بفكرها ومنطلقاتها الأولى هذه الوطنية، ولا أنكر أيضا أنني أؤمن بفكرة السلام والتسوية السلمية للصراع مع إسرائيل ... ولكن هل أن واقع تنظيم حركة فتح اليوم – ونحن نميز ونفرق بين حركة فتح وتنظيم فتح الحالي- بجسد الفكرة الوطنية والمشروع الوطني بالفعل ؟هل أن تنظيم حركة فتح اليوم بممارساته وتشرذمه واختراقه من أكثر من جهة خارجية يجسد الهوية والفكرة الوطنية وفكرة السلام العادل وسلام الشجعان الذي تحدث عنه الرئيس أبو عمار؟ هل أن حكومة الدكتور فياض تحمل وتُعبر عن المشروع الوطني ؟. كل هذه التساؤلات تفرض علينا التمييز بين الفكرة و المبدأ من جانب والممارسة من جانب آخر،ومن هنا تأتي صعوبة الاختيار، كثيرون يؤمنون بالفكرة الوطنية وبالمشروع الوطني وبالسلام ولكن كثيرا ممَن يتحدثون عن هذه الأمور رسميا أو يفترض أنهم يمثلونها بعيدون عنها كثيرا بل يسيئون لها،حيث تمت عملية مصادرة لحركة فتح: الفكرة والمبدأ، من طرف أشخاص وجماعات مصالح وميليشيات مسلحة لا يعملون إلا لصالحهم ولخدمة أجندة وطنيتها مجروحة،والمخلصون لفتح الحقيقية محاصرون ومُبعدون عن الفرار أو قبلوا بإبعاد أنفسهم خوفا من قطع رواتبهم ومصدر رزقهم.وتمت مصادرة فكرة السلام من طرف أشخاص متسلقين وانتهازيين وظفوا فكرة السلام لخدمة مصالحهم حيث أسسوا مع الإسرائيليين ليس شراكة سلام بل شراكة مصالح اقتصادية بحيث باتوا من كبار أصحاب الأموال في الوطن وفي البلاد المجاورة وتمكنوا من شراء ذمم قوى سياسية ومؤسسات مجتمع مدني بل وقطاعات من المجتمع،وبات الرئيس أبو مازن مهندس التسوية ورجل السلام شاهد زور على عملية وأد السلام من طرف هؤلاء ومن طرف إسرائيل وعاجزا عن مواجهة الذين صادروا فكرة السلام .وبالتالي فنحن ننحاز للمشروع الوطني وللسلام ولفتح الفكرة والمبدأ وليس لجماعات تُنسب لحركة فتح ولا لحكومة تسيير الأعمال،ويكون اقترابنا من تنظيم فتح والحكومة بقدر اقترابهم من المشروع والفكرة والمصلحة الوطنية والسلام الحقيقي،فنثمن وندعم ما هو صواب وننقد ما هو خطأ.
في المقابل نجد أن حركة حماس وحكومتها في غزة بدأت اقتحامها للمجال السياسي الفلسطيني بميثاق وبرنامج بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية بكل ما كانت تمثله المنظمة من تحالفات وأيديولوجيا و برنامج سياسي ،فقالت حماس بالجهاد لتحرير كامل فلسطين ورفض التسوية والسلام وقرارات الشرعية الدولية ثم رفضت اتفاقية أوسلو وكل الاتفاقات التي وقعتها المنظمة ثم رفضت المبادرة العربية للسلام ،وحتى التهدئة التي كان يطالب بها الرئيس أبو عمار ثم أبو مازن حتى لا تعيق العمليات الاستشهادية والصواريخ المنطلقة من عزة عملية السلام والمفاوضات الجارية،هذه التهدئة رفضتها حركة حماس وطرحت بالمقابل تصورها للتهدئة حيث قالت بإمكانية عقد هدنة لمدة خمسة عشر ستة مع إسرائيل بعد انسحاب هذه الأخيرة من الضفة والقطاع وعودة اللاجئين وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف،وقد اعتبرت حركة حماس كل ما أقدمت عليه السلطة والمنظمة ضربا من الخيانة الوطنية حتى المشاركة في السلطة وفي الانتخابات الأولى لم تنج من التخوين الخ. فأين حركة حماس اليوم من منطلقاتها وشعاراتها الأولى؟ ألم تثبت الممارسة الواقعية أنها كانت مقاومة وجهاد من اجل السلطة وليس في سبيل الله والوطن؟ ألا تعني التهدئة الواقعة اليوم وقف المقاومة ؟ ألا تعني التهدئة التخلي عن بقية فلسطين وحق العودة والقدس أو اعتبارها قضايا مؤجلة وهو ما تريده إسرائيل وترفضه السلطة الوطنية؟ ألا بعني حديث حماس عن كونها جزءا من جماعة الإخوان المسلمين تخليها عن المشروع الوطني والهوية الوطنية والثقافة الوطنية؟.قد يقول قائل،وهذا ما تقول به حركة حماس أبضا،بان التآمر على الحركة هو السبب في تقليص أهدافها وفي القبول بالتهدئة،وأن الحركة لم تتخل عن الثوابت بل هي مرحلية وتكتيك ومناورة لحين تغير الظروف والأوضاع الخ.!.ولكن متى كان الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية وكل فصائل العمل الوطني غير معرضين للتآمر؟ألم تدمر إسرائيل مؤسسات السلطة واجتاحت الضفة وحاصرت الرئيس أبو عمار ثم اغتالته قبل أن تكون حماس بالسلطة؟ألم تحاصر إسرائيل مناطق السلطة عدة مرات قبل أن تكون حماس جزءا من السلطة؟الم تغتال إسرائيل مقاومين وقيادات من كل الفصائل الفلسطينية دون أن تحترم أو تحسب حسابا لوجود السلطة الوطنية؟ألم تكن حركة حماس متآمرة على حركة فتح والسلطة منذ تأسيس السلطة عندما رفضت المشاركة بانتخابات 96 وبالسلطة ومارست سياسة التخوين والتشكيك بكل ما تمارسه السلطة؟. التآمر الإسرائيلي ليس فقط على حماس وحكومتها بل هو سياسة متأصلة عند الإسرائيليين ضد الشعب الفلسطيني وأي حكومة فلسطينية،كما أن التآمر الداخلي جزء من الحياة السياسية لكل دولة ، فلا سياسة تخلو من تآمر وخصوصا عندما يعيب التوافق الوطني وحكومة وحدة وطنية،وعليه لا يجوز تبرير التراجع بالأهداف وقبول ما قبلت به حركة حماس تحت ذريعة العدوان الصهيوني والتآمر السياسي.
إذن، نحن لسنا أمام مفاضلة أو اختيار ما بين تيار وطني واضح وتيار إسلامي عقلاني ،ولا بين نهج سلام وتسوية ونهج مقاومة حتى تحرير كل فلسطين،ولا بين سلطة ومعارضة،ولكننا أمام قوى سياسية تتصارع على سلطة وهمية تحت حراب وسيادة الاحتلال،وكل من هذه القوى تدعي أنها تمثل الشعب والقضية وموظفة الشرعيات الدينية والتاريخية والدولية.لو كان الموضوع هو مفاضلة ما بين الثنائيات المشار إليها لكنا بلا تردد مع المشروع الوطني سواء مثلته حركة فتح أو قوى العمل الوطني أو أية جهة أخرى ولكنا مع المقاومة،لأن المشروع الوطني لا يتعارض مع المقاومة، ولكنا مع السلام،والذين يقولون بالتعارض ما بين المشروع الوطني والمقاومة والسلام وحتى بين المشروع الوطني المؤمن بالسلام والتوجه الإسلامي هم أولئك الذين يريدون السلطة ومن اجلها بحثوا عما يميزهم عن الآخرين بالشعارات فقط . كم يحز بالنفس أن ننّشد بفكرنا وقلمنا و ننشغل وينشغل الكتاب والمفكرون والسياسيون بالحالة السياسية الداخلية فيما العدو يحتل الأرض ويهدد الوجود الوطني،كم يحز بالنفس أن نوجه النقد لأحزاب تمثل الطبقة و القيادة السياسية للشعب الفلسطيني وينظر ويتعامل معها العالم الخارجي على هذا الأساس وخصوصا عندما يقترن اسم هذه الأحزاب بشعارات المقاومة والجهاد والمشروع الوطني الفلسطيني... ولكن هل يمكن القفز على بؤس الحالة السياسية الداخلية التي آلت لاقتتال داخلي وتشويه صورتنا أمام العالم؟ هل يمكن القفز على هذا الواقع المرير أو نتجاهله ونقتصر في حديثنا وكتاباتنا عن الاحتلال وممارساته ؟نعتقد بان النضال بكل أشكاله ضد الاحتلال لا ينفصل عن النضال السياسي والفكري ضد كل أشكال الفوضى والفساد والجهل السياسي عند الطبقة السياسية ،بطبيعة الحال لا يمكن وضع الطرفين في سلة واحدة،فإسرائيل عدو يجوز مواجهته بكل أشكال النضال والمقاومة،فيما الطبقة السياسية الوطنية نواجهها بالحوار وبالكلمة الطيبة وبالنقد البناء وإحراجها إن احتاج الأمر بهدف لفت انتباهها لأخطائها ومحاولة تصويب سلوكها. لو كانت الحالة هي حالة شعب تحت الاحتلال في مواجهة دولة الاحتلال كما كان الأمر قبل وجود السلطة الوطنية الفلسطينية،ما كان هناك مبررا لتوجيه النقد بنفس الحدة للطبقة السياسية ما دامت هذه الطبقة على رأس حركة تحرر وطني،ولكن اليوم هناك سلطتان وحكومتان لها مشاريع سياسية وتحالفات خارجية وداخلة مع الاحتلال بتفاهمات واتفاقات وتهدئة متعثرة ومثيرة للبس ،هناك سلطة وحكومات وبرامج سياسية ومصالح فئوية تتأسس وتتشكل وتتصارع على السلطة ومكاسبها وفي نفس الوقت تتفاوض وتساوم على حقوقنا الوطنية ومستقبل شعبنا،في هذه الحالة من حق كل مواطن أن يكون له موقف وان ينتقد ما يراه مسيئا للوطن ومن حق بل وواجب على كل صاحب فكر ورأي أن يتسامى عن الانتماءات الحزبية الضيقة ما دام المجتمع في حالة فتنة. وأخيرا نقول عندما يكون شعب تحت الاحتلال لا يمكنه مواجهة الاحتلال إلا بمشروع وطني بما تعنيه كلمة وطن من هوية وطنية وثقافة وطنية ودولة وطنية،كل الهويات والأيديولوجيات الأخرى يجب أن يتم توطينها، بمعنى إخضاعها للكل الوطني،في مواجهة الاحتلال لا مجال لإعمال الصراع الطبقي أو الديني أو تسبيق هذه الصراعات على الصراع مع العدو،الصراعات الطبقية والمذهبية أو الدينية قد يكون لها محل في المجتمعات المستقلة غير المهددة بوجودها الوطني،أما في الحالة الفلسطينية فإن هذه الصراعات تهدد الوحدة الوطنية وتربط القضية الوطنية بقضايا ومشاريع خارجية،وقد رأينا ما آلت إليه القضية الوطنية عندما دخلت حركة حماس النظام السياسي دون أن تكون مستعدة لتصبح جزءا من المشروع الوطني،فكان الاقتتال الداخلي والفتنة ورهن القضية الوطنية لمعادلات خارجية ستجلب وصاية مهينة على الشعب الفلسطيني قد تكون أسوء من الاحتلال.
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المصالحة الفلسطينية بين شروط الرباعية وممانعة حركة حماس
-
حكومة تسيير اعمال ام حكومة الطريق الثالث
-
مصر وتداعيات القضية الفلسطينية
-
حكومة تسيير أعمال أم حكومة الطريق الثالث؟
-
حركة «فتح» والمشروع الوطني ...والحكومة
-
ليست أزمة مفاوضات بل أزمة نخبة ومشروع وطني
-
مفارقات المشهد السياسي الإسرائيلي
-
مقال خارج السياق
-
وللعقل علينا حق
-
تفجيرات غزة جريمة مدانة بكل المقاييس
-
المشكلة الراهنة ليس استعادة غزة من حماس بل تحرير الضفة والقد
...
-
ليست أزمة مفاوضات بل ازمة نخبة ومشروع وطني
-
وللعقل علينا حق
-
إن لم ننجز الدولة فلنحافظ على هويتنا وثقافتنا الوطنية
-
لماذا التهدئة الآن؟
-
التهدئة تضع النظام السياسي الفلسطيني على مفترق طرق
-
سلطتان وحكومتان ولكن من يحمل ويحمي المشروع الوطني؟
-
حركة فتح والشروع الوطني والحكومة
-
احذروا تسوية غير قابلة للفشل لغياب البدائل
-
انقلاب السلطة على المشروع الوطني
المزيد.....
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
-
زاخاروفا ترد على تصريحات بودولياك حول صاروخ -أوريشنيك-
-
خلافات داخل فريق ترامب الانتقالي تصل إلى الشتائم والاعتداء ا
...
-
الخارجية الإماراتية: نتابع عن كثب قضية اختفاء المواطن المولد
...
-
ظهور بحيرة حمم بركانية إثر ثوران بركان جريندافيك في إيسلندا
...
-
وزارة الصحة اللبنانية تكشف حصيلة القتلى والجرحى منذ بدء -ا
...
-
-فايننشال تايمز-: خطط ترامب للتقارب مع روسيا تهدد بريطانيا و
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|