أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدو أبو يامن - أصداف ولآلئ- 3-














المزيد.....

أصداف ولآلئ- 3-


عبدو أبو يامن

الحوار المتمدن-العدد: 2407 - 2008 / 9 / 17 - 03:41
المحور: الادب والفن
    


الأمل.. الموت والنهاية

كثيرا ما نترنم بأبيات من الشعر، نتوارثها جيلا من وراء جيل، وخلف عن سلف.. نظن أنها الحكمة قد صفيت والعقل قد قطر.. نشغل بجرسها عن حقيقة معناها، يروعنا البناء اللغوي الظاهر، وما يحويه من تطريب وهزة تأخذ الأسماع حين تصافحها.. والقدم من وراء ذلك يعمل عمله، والعادة والتقليد يتمان باقي اللوحة.. والشعر متوارث عن الآباء وهل يخطئ الآباء؟! والشعر ينتسب إلى الماضي الذهبي والحكمة كلها هناك!!
من ذلك بيت الطغرائي الشهير في قصيدته اللامية المشهورة ب ( لامية العجم ) والتي يقول في مطلعها:
أصالة الرأي صانتني عن الخطل
وحلية الفضل زانتني لدى العطل
والبيت الذي أقصده من هذه القصيدة هو قوله :
أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
والحياة بلا أمل أضيق من سم الإبرة؛ وصدق في ذلك.. لولا هذه الفسحة من الخيال والأمل التي يكسر بها الإنسان قيود الزمان والمكان، ويحطم من خلالها أغلال الواقع المر الذي يرسف في قيوده، ويحرر روحه من إسار اللحظة التي تكتم أنفاسه، لولا هذا الأمل الذي جعلته الأديان ترياقا للإنسان يعوض به ما فقده من أغراض الدنيا ومتاعها.. فمن كان فقيرا في الدنيا فسيغنيه الله في الآخرة، ومن كان قبيحا فسيعود في الجنة أجمل ما يكون، ومن كان مظلوما فيسقتص له العدل الإلهي من ظالميه يوم الدينونة، وهكذا وهكذا...
في هذا التعويض الآجل تكمن عظمة الأديان؛ فبإزاء هذا العالم الفاني الناقص القبيح الظالم هناك عالم آخر هو الأجمل والأكمل والأعدل والأبقى.. وبذلك من الممكن أن تكون وطأة الحياة محتملة ..
ولكن الأمل الذي أعنيه هنا هو ذلك الأمل الذي يرقب الإنسان ثمرته في دنياه العاجلة، هو ذلك الحلم الذي يتراءى له في كل درب من دروب حياته.. هو ذلك الأمل الذي يداعب مخيلات الصغار فيمني نفسه وينتظر بشغف ذلك اليوم الذي سيصبح فيه مثل أخيه الكبير حر التصرف يخرج متى يشاء ويعود متى يشاء، أو مثل أبيه له القدرة والسلطة يأمر وينهى ويقر وينفي كما يشاء وكل ذلك- من المؤكد - منوط بتقدم العمر ومرور الأيام..
وهو ذلك الأمل الذي يراود خيال الموظف المبتدئ في سلم الوظيفة حين أجر الوظيفة لا يكاد يغطي حاجاته الأساسية فيعيش يرسم ويخطط حين يصبح راتبه كذا فسيفعل كذا وحين يصل راتبه الحد الفلاني فسيصنع به كذا..
وهو ذلك الأمل الذي ينوط به الأب حل كل مشكلاته حين يكبر أبناؤه ويساعدونه على حمل بعض العبء عنه إن لم يكن كله، ويريحونه في كبره حين أراحهم في صغرهم..
هذا الأمل الذي نجد أصداءه في كل ضرب من ضروب السلوك الإنساني، وفي كل تصرف من تصرفات البشر.. ونعثر على معانيه في قولنا : حينما أكبر، وعندما أحصل على العلاوة أو المرتبة، وبعد كذا من السنين، وعندما أتزوج، وحين أستقل بحياتي.... إلى آخره.. هذا الأمل – ويا للمفارقة ! _ هو النهاية المرتجاة والموت المرتقب!!
فكل أمل هو وليد منتظر في رحم المستقبل، وهو منوط بتقدم العمر وكرور الليالي ومرور الأيام؛ ولكن لا ننس أن هذه الأيام المتقضية هي من رصيد أيامنا نحن، فنحن نقامر بدقائق حياتنا وثوانيها، بل بأيامها وشهورها وسنينها، ونلعب لعبة ( الأمل ) على حساب حياتنا.. فالزمن لا معنى له إلا إذا خلطناه بحياتنا، وألبسناه ثوبا من مشاكلنا وهمومنا، وأجرينا في شرايينه دماء من أحاسيسنا وطموحاتنا..
ولكن هل معنى ذلك أن نكف عن الأمل، ونقضي على هذا العلاج السحري العجيب الذي يداوي كل جراحاتنا ويبلسم كل أمراضنا؟ّّ!
لا.. لا أدعو إلى ذلك ولا أستطيع بل ولم أفكر في ذلك؛ فهذا ضد طبائع الأشياء، ولكني أدعو إلى شيء دون ذلك وأهون منه وهو: أن نخفف من غلواء آمالنا وأحلامنا، ونكفف من غرب خيالتنا وشطحاتنا، ونعيش لحظتنا نشبعها عملا وجهدا وكفاحا وذلك أجدى علينا من آمال قد لا تأتي, وإذا أتت قد لا تكون على مستوى تطلعاتنا، بل من المؤكد أن تفقد جدتها وسحرها وفتنتها بمجرد حصولنا عليها، ومن ثم نذهب نفتش عن أمل جديد وهم جديد، في دراما عبثية لا تنتهي، إلا بموتنا ونهايتنا، حينها فقط نعلم حق العلم، ونعرف عين المعرفة أن أملنا هو نهايتنا وموتنا!!



#عبدو_أبو_يامن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصداف ولآلئ- 2 -
- أصداف ولآلئ – 1 -
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء .. ( حصاد ما سبق ) – 8 ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء .. ( أساليب متفرقة ) – ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء .. ( قنابل صوتية وضوئية ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء .. ( قنابل صوتية وضوئية ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء.. ( حين يتسلق اللبلاب ) ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء.. ( حين يتسلق اللبلاب ) ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء.. ( التابوهات الثلاثة ) ...
- هذا ما علمتنيه الحياة – 3 -
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء.. ( التابوهات الثلاثة )
- هذا ما علمتنيه الحياة -2-
- هذا ما علمتنيه الحياة
- كلنا يهرب
- إلى من سيضرم النار سريعا في هشيم العالم!!
- كليلة ودمنة في أراب ستان -7-
- ديكتاتور.. وغباء .. وقمر
- الظاهرة المحفوظية
- ومن العشق ما قتل!!
- ليس بالجبن وحده يحيا الإنسان


المزيد.....




- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدو أبو يامن - أصداف ولآلئ- 3-