|
كعادتها: أمريكا تبيع الصحوات و-مجاهدين خلق- في صفقة إيرانية مجهولة
عادل البياتي
الحوار المتمدن-العدد: 2398 - 2008 / 9 / 8 - 03:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كعادتها دوماً في بيع مواليها وصنائعها، ومن تكفلت علناً أو سراً، بحمايتهم ورعايتهم والدفاع عنهم، لتحقيق أغراضها ومصالحها، بعد أن تفرغ منهم، ثم تنقلب عليهم وتلفظهم، وتبيعهم في سوق السياسة بل النخاسة (تلك السياسة غير النظيفة التي لا تعرف الأخلاق، وطبقا لشعار يردده سياسيّوها ومنظرّو استراتيجياتها، أنه: "في السياسة لايوجد صديق دائم ولا عدوّ أبدي...بل توجد مصالح دائمة"!!)، فكما سبق لها أن عملته مع شاهنشاه إيران، شُرطيُّها المُدلل في الخليج، ومع غيره، تخلت الولايات المتحدة عن الصحوات التي أسستها بدءاً في الأنبار، ورعتها منذ أكثر من عام، وأغرت للتجنيد إليها عشرات الآلاف من الشبان في المحافظات السنية في العراق، (قيل أن عدد المنتمين للصحوات تجاوز المائة وخمسين ألف شاب) وتحت ذريعة مقارعة القاعدة، والدفاع عن مدن وأحياء السنة من هجمات فرق الموت المدعومة من إيران ومن قوى أحزاب طائفية حكومية، يمكن القول أن الصحوات برزت كرد فعل لاقى ترحيبا إجتماعيا وشعبيا وخاصة في أرياف العراق وأحياء بغداد، نتيجة انحرافات تنظيم القاعدة المخترق في بعض عملياتها وبالتالي لاقت الصحوات قبولا من الناس الذين شعروا بعودة أمن مفتقد، وهنا مكمن النجاح الأميركي في أنها استغلت بعض قادة الصحوات نتيجة الأموال الطائلة التي صرفها الجيش الأميركي، في أن يتم القضاء والدلالة على قادة المقاومة وليس القاعدة حسب، وبالتالي انتشرت قوات شبه عسكرية للصحوة، بالأموال وبرواتب معروفة، لتقلص عدد الأهداف الأميركية من خلال الحد من انتشارها. ولئن كانت الذريعة والهدف المعلنين يشكلان حاجة أساسية وحقيقية لدى محافظات العراق السنية والأحياء والمدن التي كانت دوما على مدى عامي 2006 و2007 عرضة لهجمات فرق الموت الطائفية (من أمثال فيلق بدر وما يسمى بجيش المهدي) اللذّين فتكا بعشرات الألوف من الأبرياء في مساكنهم وأحيائهم ومساجدهم تحت منطلق حقد طائفي، وشعارات طائفية، وقتلٍ مُجرّدٍ على الأسم والهوية والإنتماء.. وحرق وتدمير للمساجد، أما (القاعدة) فقد أجرمت بحق الشعب العراقي، وآذت المدنيين والسكان الآمنين تحت منطلق وشعار (من ليس معنا فهو ضدنا!!) ومن لا يبايع إمارتهم الإسلامية فهو خارج عن الملة، ومن يتطوع في الشرطة أو يتوظف في الحكومة فهو (كافر مرتد يستحق القتل!!)، وتلك شعارات عملت القاعدة على تنفيذها بشكل مؤذٍ ومدمر، إضافة إلى شعارها البائس المعروف في إستهداف الشيعة وتجمعاتهم ومواكبهم (مهما كانت صفاتهم ومواقفهم) بذريعة أنهم روافض كفرة وأنهم عملاء للاحتلال!.. وأخذت (الصحوات) من إهتمام القيادة الأمريكية الكثير فقد أغدقت عليها بالأموال وبالتسليح والرعاية، (بالرغم من الإعتراضات العلنية السافرة من كل من إيران وحكومة المالكي، وأحزابها الميليشياوية ذات الهوس الطائفي والتي لا ترتضي أن توجد قوة مسلحة سنية مدربة تكون نداً للميليشيات الطائفية الدموية المدعومة من أحزاب السلطة الطائفية ومن إيران)، حتى أن الرئيس جورج بوش ومعه أركان قيادته حطّ بطائرته في زيارة مفاجئة للأنبار، من أجل أن يُحيّي الصحوات وقائدها بالانبار (المرحوم أبو ريشة)، وليشكره على شجاعته أمام الملأ! ويستدعي الحكومة والرئاسة من بغداد وكردستان- اللتين تفاجئتا بزيارته- الى الرمادي!!، ليعلمهم أمام العالم كله، تقديره وإعجابه بالدور الذي قامت به الصحوات في طرد القاعدة من مناطق الانبار ومحافظات أخرى ((المعلوم أن ابو ريشة قتل في هجوم انتحاري في ايلول 2007 بعد اسبوع من لقائه الرئيس الامريكي جورج بوش في الرمادي))، ويعود الفضل في إطمئنان الناس في الأحياء الى الصحوات، في أن معظم تشكيلاتها شباب هم من بقايا جنود وأفراد الجيش العراقي السابق يقودهم ضباط أيضاً منه، وللأمانة فإنها في البدء حظيت برضا وإطمئنان الناس في الأحياء والمدن التي تطهّرت من القاعدة، وحمت نفسها من هجمات الميليشيات الشيعية) مع الإعتراف بوجود بعض الممارسات الخاطئة التي صاحبت تشكيل وأنشطة الصحوات، إذ مارس بعضها الإبتزاز، والفساد، والأنتقام الفردي) لكن على العموم كانت الصحوات ردة فعل إجتماعية نالت شيئا من الارتياح والقبول الشعبي للوهلة الأولى. قوات الصحوة التي تشكلت في البدء بالأنبار لمحاربة تنظيم القاعدة بعد أن وصل العنف ذروته وقام الجيش الاميركي بتمويلهم ومساندتهم مقابل تعهدهم بمنع استهداف قواته، ثم إنتشرت إلى بغداد (بخاصة أحيائها السنية)، ثم الى الموصل وصلاح الدين وكركوك وديالى، وأدت وأنجزت مهام، كانت موضع الترحيب من بعض وموضع السخط من بعض آخر، تشهد اليوم تحللآ وتراجعا، فالولايات المتحدة قطعت إمداداتها المالية عن كثير منها، والحكومة تتهمها بممارسة الأرهاب والتهجير والأختراق، كما ترفض الحكومة طلبات بضم الصحوات الى الشرطة والجيش، مكتفية القول أنها ممكن تقبل (20%) منها (لكن سامي العسكري أحد الناطقين بإسم الحكومة خفض النسبة الى 10%) بإعتبار أن الصحوات مخترقة من قبل الارهابيين وهي تهمة ماتنفك ترددها حكومة المالكي وأطراف طائفية في الحكومة، وأضاف العسكري " نحن لانحتاج ان ندمجهم جميعا في الجيش، لان ذلك سيتسبب بفوضى". أما أمريكا فأصبحت تصر على أن الحكومة هي التي يجب أن تتولى دفع رواتب الصحوات بدءاً من اكتوبر القادم، وأن تنجز الحكومة إجراءات إحتواء الصحوات في الاجهزة الامنية والعسكرية. لكن حكومة المالكي رفضت علنيا انضمام هذه الصحوات فالحكومة كما معلوم ذات طبيعة ومضمون طائفي وبالتالي فانضمام أكثر من مائة ألف مقاتل من طائفة أخرى إلى جسم القوات الحكومية يشكل تهديدا وخطراً داهماً لهذه الحكومة مستقبلا وبالتالي لن تسمح بأكثر من مناورة إعلامية لضم ما نسبته 10%. رغم أن الميجور جون هول الناطق باسم القوات المحتلة الامريكية صرّح بأن "الحكومة العراقية وقوات التحالف اتفقا على تسليم مسؤولية المئة الف عنصر من قوات الصحوة الى السلطات العراقية في الأول من أكتوبر". وقال مساعد الادميرال باتريك دريرسكول، الناطق باسم القوات الاميركية بان العراقيين "يفترض انهم سيتحملون مسؤولية الدفع المالي والسيطرة والقيادة " حول هؤلاء الاشخاص، والذين سيُحَوّلون بعد ذلك الى قوات الامن العراقية في الشرطة او الجيش او التدريب المهني". أما منظمة "مجاهدين خلق" العسكرية التي تتخذ من الحدود العراقية الايرانية مقر لقاعدتها، بمحافظة ديالى السنية، المنظمة موجودة في العراق منذ 1980، وكان النظام آنذاك يعاملها كقوة مقاومة إيرانية مدربة جيدا، وكان يستخدمها ورقة في الحرب ضد إيران، وبعد غزو العراق 2003، أبقت امريكا مواقع هذه المنظمة وأخضعتها لإشرافها وحمايتها، ورفعتها من قائمة المنظمات الإرهابية، وإستخدمتها أيضا كورقة ضغط ضد إيران، وبالرغم من كل مطالبات القوى الموالية لإيران في الحكومة والبرلمان العراقيين بطرد هذه المنظمة ومحاكمة قادتها لمعاونتهم صدام في الحرب على إيران وفي قمع ماسميت بالإنتفاضة 1991 عقب حرب الخليج الثانية في محافظات الجنوب، ومساعي إيران المستمرة لطردها من العراق، كانت المنظمة تحظى بالحماية الامريكية، والترحيب الشعبي من أهالي محافظة ديالى، إلا أن امريكا مؤخرا وفي تطور مفاجئ أعلنت أنها ستسلم مسؤولية حماية المعسكر إلى القوات العراقية، وبذات الوقت لوحظ أن لهجة أطراف حكومة المالكي، وأحزاب السلطة الموالية لإيران، قد تغيرت وصارت تصرح بأن المنظمة لن تطرد من العراق، وستخضع لحماية ومراقبة القوات العراقية، وسيخيَّر مقاتلوها بين العودة لايران أو إختيار بلد ثالث! ويغلب الظن لدى كثير من المحللين السياسيين أن هناك (صفقة إيرانية أمريكية) قد عقدت بشأن العراق خاصة، وبشأن العلاقات الامريكية الايرانية عامة، في إطلاق يد إيران – بشروط وحدود – في العراق، بشرط عدم إدخال أسلحة بعيدة المدى إليه – كما صرح الجنرال باتريوس بالأمس!!- ويفهم من تصريحه بالتاكيد (عدم التعرض لاسرائيل)، وأن لا تشكل إيران في العراق تهديدا لأمن إسرائيل... أمور كثيرة في السياسة اللعينة التي لاتعرف الأخلاق... سوف تتكشّف تباعا في قابل الأيام وسوف ينكشف المزيد!..
#عادل_البياتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بتوبيخ نادر.. أغنى رجل في الصين ينتقد -تقاعس الحكومة-
-
مصر.. ضجة حادث قتل تسبب فيه نجل زوجة -شيف- شهير والداخلية تك
...
-
ترامب يعين سكوت بيسنت وزيراً للخزانة بعد عملية اختيار طويلة
...
-
ترامب بين الرئاسة والمحاكمة: هل تُحسم قضية ستورمي دانيالز قر
...
-
لبنان..13 قتيلا وعشرات الجرحى جراء غارة إسرائيلية على البسطة
...
-
العراق يلجأ لمجلس الأمن والمنظمات الدولية لردع إسرائيل عن إط
...
-
الجامعة العربية تعقد اجتماعا طارئا لبحث تهديدات إسرائيل للعر
...
-
ابتكار بلاستيك يتحلل في ماء البحر!
-
-تفاحة الكاسترد-.. فاكهة بخصائص استثنائية!
-
-كلاشينكوف- تستعرض أحدث طائراتها المسيّرة
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|