صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2397 - 2008 / 9 / 7 - 04:03
المحور:
الادب والفن
5
... ... .. .. ....
تاهَتِ الوردةُ في أوكارِ الثَّعالبِ
ماتَ الرَّضيعُ مرَّتين
والشَّبابُ تقعَّرَت أحلامَهُم
آهٍ ..
شاخَتِ الدُّنيا
قبلَ الأوانِ!
ماتَ نسيمُ الصَّباحِ
فبكَت فراخُ البلابلِ
ما هذا الصُّراخ في وجهِ بابل؟
لماذا تضاءلَ برجُ الحضارة؟
أينَ يهبطُ ذلكَ النَّيزكُ الكبير؟
كيفَ تتحمَّلُ أشجارُ النَّخيلِ
كلّ هذا الإشتعال؟
البحرُ أعلنَ حزنَهُ الأبدي
والنَّوارسُ المحلِّقة فوقَ شواطئه
أعلَنَتِ الحدادَ ..
هل ثمّةَ خلاص من ضجرِ الأيام؟
إلى أينَ يقودُنَا هذا الجموح
جموحُ الحضارة؟
تقشعرُّ روحي
من شظايا الأخبارِ
مَنْ يستطيعُ أن يبدِّدَ هذِهِ الكآبة
المستشرية
تحتَ عباءةِ اللَّيلِ؟
أريدُ أنْ أرقصَ
أنْ أخرجَ من جلدي
أنْ أشتِّتَ ولو جزءاً يسيراً
من ضجري
من وجعي
من غربةٍ مهروسةٍ
تحتَ عجلاتِ صباحاتي!
رسَمَ طفلٌ
لوحةً
مكثَّفةً
بالاحمرارِ ..
حتّى دموعه تحوَّلَت إلى لونٍ
ضاربٍ إلى الاحمرارِ!
جنازاتٌ تسيرُ
زغاريدُ النِّساءِ تسربِلُهَا شهقةً
غارقةً في الأنينِ ..
وحشيةٌ بغيضةٌ تتدحرجُ
من فوقِ قممِ الجبالِ
تهبطُ دونَ وجلٍ
فوقَ رقابِ الكائناتِ
لماذا فجأةً استفحلَ جنونُ البقرِ؟
.. تفاقمَ الأمرُ حتّى الجنون
لم يَعُدْ في الأمرِ سرَّاً ..
كنّا نقرأ في الأساطيرِ القديمة
عن الطُّوفانِ
عن زلازلٍ من قيرٍ ونار
ها قد داسَت هلوسات هذا الزَّمان
في جوفِ الأساطيرِ
أينَ أنتَ ياهابيل
كي تشهدَ ميلادَ ملايين الهابيلات
هابيلُ هذا الزَّمان
داسَ في جوفِ أعتى المهابيل!
سقطَتْ قطةٌ بيضاء
في كهفٍ منسيِّ
لم يَعُدْ للبكاءِ وقتٌ ولا نكهةٌ
ها قَدْ آنَ الرَّحيلُ
رحيلُ الشَّهيقِ العميقِ
رحيلُ الزَّفيِر
لم يَعُدْ للفرحِ
مساحةٌ نستظلُُّ فيها
حتّى الدُّنيا ضاقَتْ ذرعاً
من هطولِ زخّاتِ الجفاءِ!
أخاطبُ هذا العالم
هلْ تقحَّطَ الكونُ
وخلَتْ مِنْ بَين جوانِحِهِ
حكمةُ الأيّام
حكمةُ الإنسان؟
يا أيُّها الإنسان
أيُّها المراوغ على ذاتِكَ
أيُّها القابع
في دياجيرِ الظَّلامِ
لماذا لا تستمدُّ
من خدودِ الأطفالِ منهجاً
من نكهةِ الورودِ رؤىً
من رحيلِ البشرِ مرفأً؟
وجعٌ مزنّرُ بالشَّوكِ
يهيمنُ على خدودِ اللَّيلِ
على مرافئِ الرُّوحِ
آهٍ .. يا روح
غريبةٌ أنتِ يا روح
في دنيا مِنْ حَجَر!
... .. .... .... يتبعْ!
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟