أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - سيار الجميل - اغتيال كامل شّياع : فجيعة مؤلمة لكلّ المثقفين العراقيين















المزيد.....

اغتيال كامل شّياع : فجيعة مؤلمة لكلّ المثقفين العراقيين


سيار الجميل

الحوار المتمدن-العدد: 2385 - 2008 / 8 / 26 - 09:24
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


صعقني خبر مصرعك الدامي ايها الصديق العزيز كامل شيّاع .. واهتز لاغتيالك الآثم كل المشهد الثقافي العراقي .. وبكى عليك كل من عرفك عن قرب .. وعرف مزاياك العراقية الاصيلة .. لم تكن مثقفا ملتزما ومنظما حسب ، بل كنت انسانا عراقيا طيبا غاية الطيبة .. يتلمس سجاياك الكريمة كل من عرفك ورآك ، بل وتداول اسمك كل المثقفين العراقيين .. كنت امينا على موقعك الثقافي ببغداد منذ سنوات وانت تعمل ليل نهار في خط النار من اجل العراق .. ان الحزن العارم على رحيلك الذي اراده لك المجرمون .. هو رسالة مؤلمة تخبرنا انك لم تكن مستشارا في وزارة يسمونها وزارة الثقافة ، بل كنت مثقفا اصيلا ، وانسانا قلما يجود الزمن بمثله .. لقد بكيتك بحرقة بالغة لأنني عرفتك ، وكنت سعيدا جدا بمعرفتك .. وجدت فيك وانا اجالسك طعم العراق ، وروح العراق ، وقيم العراق ، وشموخ العراق ..
كنت تصغي رفقة الاخت العزيزة ميسون الدملوجي الى محاضرتي في " بنية الثقافة العراقية " قبل قرابة ثلاث سنوات ولم تفارقك ابتسامة المحب العاشق لثقافة العراق المتجددة .. ومن يعشق ثقافة العراق ، يلتصق بتراب العراق ، وماء العراق ، وهواء العراق .. وكنت معك جنبا الى جنب على مائدة عشاء ، وانت تحدثّنى عن متغيرات ثقافة العراق وما يمكن عمله من اجل مستقبل اجيال العراق الجديدة .. كنت تحدثّني عن المتوحشين الذين يريدون قتل ثقافة العراق ، ومحو حداثة العراق ، وهتك كل ابداعات العراق بطقوسهم البالية ومهرجاناتهم المضحكة .. كنت تشتكي لي من مكابدات تعانيها وانت في وزارة الثقافة وعلى رأسها " وزير " متخلّف لا يعرف معنى " ثقافة " ! كنت تنقل لي مشهد العراق المرّ ، والالم يعتصرك لما آل اليه وضع العراق .. وعندما قلت لك : اني اخاف عليك من كل هذه الامواج اللعينة التي طغت كالجراد على كل الحياة .. ابتسمت ، وقلت : لقد اخترت العراق ، ولن ارحل منه ابدا ، وسأبقى التصق بترابه حيا او ميتا ! بقيت تراسلني .. بقيت تكتب لي واكتب اليك .. بقيت تسألني وأسألك .. تجيبني واجيبك .. تحدثني واحادثك .. تبلغني سلام الاصدقاء واقرئهم وأياك كل السلام .. كم ناشدتني ان اكتب لك مقالا او خطابا لنشره ، وكم طلبت مني ان ازور العراق .. ؟؟
لقد خسرناك يا اطيب الاصدقاء ، وافتقدك العراق ، ورحت مغادرا قسرا ميدان حياة العراق ، وهو في امّس الحاجة اليك في بحر هذه الايام .. قتلك الجناة القتلة في لحظة دموية بائسة على جسر محمد القاسم ببغداد ، وفّروا الى المجهول ليبكي عليك كل المثقفين العراقيين في يوم مذهل ينبغي ان يمثّل في ذاكرتهم كل انحدار العراق ومآساة هذا الزمن الغادر .. ان صوت المثقفين العراقيين لابد ان يعلو على كل الاصوات المنكرة والمرتزقة واللقيطة والغادرة والمنافقة والمتردية التي لا تعرف الا الظلام الاسود ولا ترى العراق الا من خلال العواصف الهائجة .. ان صوت المثقفين العراقيين ليكن حرا وشجاعا بوجه كل الصامتين من السياسيين المتخلفين الذين لم يجدوا مكانا لهم الا في المنطقة الخضراء .. ماذا جنى كامل شيّاع بحق السماء كي يغتاله الغادرون ؟ ماذا فعلتم بقوافل الذين رحلوا من اجل العراق وهم احرار ابرياء .. حتى يقتل كامل شّياع ؟
كم وجدتك مثقفا حقيقيا ، غزير المعلومات ، عميق الرؤية وانت تتوغل في الثقافة الانسانية ؟ كم وجدتك تتبارى معي في عشق الموسيقى العالمية ؟ كم وجدتك تهوى دجلة والفرات .. والنخلة وعنبر شامية المشخاب ؟ كم وجدتك رقيق الحاشية ، عذب اللفتات ، هادئ الطبع ، سريع البديهة .. ساحر الكلمات ؟ كم وجدتك تقدميا تهوى الفكر المعاصر ، وتسمو بالحداثة على مختلف الجبهات ؟ كم وجدتك نزيها نظيفا .. وانت تسير على نهج من سبقك من المناضلين العراقيين واثقي الخطوات ؟ كم وجدتك انسانا حرا تريد العراق حرا ومتطورا وموحدّا .. لا ينال منه الطغاة ، وان يكون شعبه فوق كل الشبهات ؟ كم وجدتك متواضعا ، دائم البسمة ، تحلم بالعراقيين تزدهر اجيالهم بكل المستويات ؟ كم وجدتك اكبر من كل اولئك الجهلة الذين يتربعون على كل الاطباق وفوق كل الركامات ؟ كم وجدتك متغايرا .. تتقبل الافكار والاراء المختلفة وتؤمن بالديمقراطية والسلم والامن وقوى الانتاج بعد كل ما مضى من صراع الطبقات ؟
قتلوك لأنك اكبر منهم ، واطيب منهم ، واسخى منهم ، واشجع منهم .. وانهم لمنتهون حتما الى مزبلة التاريخ .. ان عداءهم للثقافة الحية والنهج القويم .. جعلهم لم يلجأوا للغدر بك حسب ، بل لاقتراف جريمة غادرة بحق كل المثقفين العراقيين .. فقتلك هو قتل لكل المثقفين الحقيقيين ، من حيث يشعرون او لا يشعرون .. ولكن لن نسكت ابدا ، ولن يسكت صوت المثقف العراقي اينما كان في هذا الوجود .. سيبقى صامدا مع كلمته وخطابه وموقفه الخصم اللدود لكّل اللقطاء والطفيليين والارهابيين وانصاف المتعلمين .. ان دمك يا كامل سينير الدرب امام الاجيال العراقية القادمة ، ويعلمهم بأنه قد سفح من رجل مثقف ملتزم قبل ان يسفح من سياسي مناور ..
ان نضالك في اعماق الغابة الموحشة سيبقى صفحة بطولية ناصعة ، ورمزا لعهد يتساقط فيه خيرة العراقيين .. من دون ان يتحرك أي مسؤول من المسؤولين عن البلاد لعمل شيئ حقيقي مضاد ازاء استفحال هذا الجحيم . ان برقيات التعاطف وابداء الاسى لا تكفي ابدا ، فهي بمثابة اعتراف بالصمت القاتل على تصفية كل المثقفين العراقيين الرائعين . ان التمادي باخفاء الاسرار ، او التغطية عليها ، او التعتيم على المعلومات والتحقيقات والتستر على كل اوراق الجنايات الفاضحة.. يبطن من ورائه خفايا سياسية نطالب بالكشف عنها عاجلا .. ان المثقفين العراقيين لا يمكنهم ان ينتظروا التصفيات تنالهم الواحد بعد الاخر .. انهم لا يقبلون ابدا ان يعبث بمصيرهم بعد ان تم العبث والجريمة المنظمة بالاكاديميين والصحفيين العراقيين .
انني اناشد كل المثقفين العراقيين ان يقفوا صفا واحدا من اجل ابقاء كلمتهم ، واتساع خطابهم ، وصلابة مواقفهم .. انني اناشدهم بهذه المناسبة المؤلمة ، ومهما كانت اتجاهاتهم السياسية ، وميولهم الفكرية ، ونزعاتهم الايديولوجية ، ان يطالبوا الحكومة العراقية باتخاذ الاجراءات اللازمة ليس لحمايتهم انفسهم ، بل بنزع كّل الاسلحة من ايادي العراقيين ، وحلّ كل عصابات المرتزقة ، وميليشيات الاحزاب ، والجيوش غير الرسمية ، وفرق الموت الارهابية وان يسري العمل بالقانون الصارم ضد كل القتلة والمجرمين والعابثين والارهابيين .. وكل عصابات الدمار والخراب .
وأخيرا ، دعونا نقف زمن حداد لمصرع صديقنا جميعا الشهيد الاستاذ كامل شيّاع ، مستوحين من هذه المناسبة المؤلمة الدرس بأن ما يجري في العراق اليوم هو الخطر الذي سيأخذه الى الدمار ، فهل نحن بمدركين لسوء المصير . سيبقى أسم كامل شيّاع ، محفورا في ذاكرتنا العراقية شعلة متوقدة ورمزا وطنيا .. وسنذكره دوما بطيبته وبساطته .. بثقافته ومنتجاته .. باخلاصه ووفائه وحبه للعراق .
سّيار الجميل
تورنتو ، اونتاريو
24 آب / اغسطس 2008



#سيار_الجميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جورجيا : وَرطةٌ جَديدة !!
- كَثُرَ الراحِلون ... قلّ القادِمون !
- بازار المخفيّات المتبادلة
- تكوين العراق المعاصر
- عولمية عربية بلا تشريعات حيوية
- الأحْياء يخْسَرَهُم الأمْوات ! رِسالَةٌ عابِرةٌ الى كُلّ الأ ...
- الصحافة العراقية تاريخ رائع يدخل متاهة الانفلات !
- المسيري : الرحيل الاخير
- مبادئ وخطوات لا صناديق وشعارات !
- مَن يُنقِذُهُنّ مِن أيدِي البَرابِرة الجُددْ ؟
- هل من ضوابط قانونية للصحافة الالكترونية ؟
- باراك حسين اوباما : البدل الامريكي الضائع !
- مسّلة الجوع : أين سلال الغذاء العربية !!
- إشكالية - التاريخ - في الثقافة العراقية
- وقفة عند مؤرخي اسرائيل الجدد
- شرانق الماضوية والقطيعة التاريخية
- امريكا مطالبة باعتذار تاريخي !!
- قصة التحّول التاريخي من عالم بريطانيا القديم الى عالم امريكا ...
- ثقافة الكراهية .. فجيعة التاريخ !
- البرلمانيون العرب .. هل يمثلون مجتمعاتهم ؟


المزيد.....




- حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
- تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا ...
- تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال ...
- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - سيار الجميل - اغتيال كامل شّياع : فجيعة مؤلمة لكلّ المثقفين العراقيين