|
سمير القنطار..أين البطولة فيما فعلت؟
أمين مطر
الحوار المتمدن-العدد: 2352 - 2008 / 7 / 24 - 04:16
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
"بعد مرور اكثر من ثمانية عشر عاماً على اعتقالي أقول لكم من هنا من سجن نفحة الصحراوي ولكل شعبنا في لبنان أنني فخور اشد الفخر بما قمنا به ولم اكن لأندم لحظة واحدة لأنني اخترت الدرب، وسأبقى رافضاً اشد الرفض للعروض التي قدمها عدونا لي والمتمثلة بأن أرسل رسائل الاعتذار لعائلات قتلاهم الذين قتلوا في عملية نهاريا وان أعلن ندمي عبر شاشات التلفاز كشرط مسبق لإطلاق سراحي في المستقبل، واكرر على مسامعكم انه لو اضطرني الآمر أن امكث عشرون عاماً آخر فلن يفرحوا يوماً بمشاهدتي أوقع على رسائل اعتذار لهم، ولن يفرحوا بمشاهدتي وسماعي لا سراً ولا علناً بأنني نادماً على ما فعلته وكونوا مطمئنين بأنني سأبقى شامخاً شموخ أرز لبنان شموخ شهداء لبنان".
الكلمات أعلاه هي جزء من رسالة كان قد وجهها الأسير اللبناني الأغلى سمير القنطار الى الشعب اللبناني بمناسبة يوم الأسير اللبناني في العام 2000، وينضح من هذه الكلمات كمية كبيرة جدا من العنجهية الجوفاء والكبرياء الفارغ، كيف لا وهي تقال من الأسر وبعد أن حافظ العدو الذي يتحدث عنه على حياته رغم اصابته بخمس رصاصات مقدما له عناية طبية قل مثيلها ونظاما غذائيا صحيا لن يحلم به بين أحضان عائلته التي كان عدم تماسكها سببا رئيسيا في الخط الذي سار عليه القنطار فيما بعد وأدى به الى هذه النهاية.
هنا أقول وحتى لا أقع تحت سيوف المزايدات الثورية والقومجية الفارغة ان هناك كثير من الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل بحق شعبنا الفلسطيني، ولكن هذا لا يعني أبدا اذا كان الآخر مجرما فيجب أن أجاريه بالاجرام، أو اذا كان الاخر قاتلا للاطفال والنساء والشيوخ والمدنيين فيجب أن أبادله ذات الشيئ. ان استعمال السلاح من قبل المنظمات الفلسطينية وعلى مدار أكثر من ثلاثين عاما لم يكن من نتيجته الا مزيدا من الخسائر البشرية وضياع ماتبقى من الارض الى جانب الخسائر السياسية الكبيرة على الصعيد الدولي والتي كان من نتيجتها وصم نضال الشعب الفلسطيني بالارهاب نتيجة أفعال البعض الارهابية.
ان معركة الشعب الفلسطيني وفي ظل اختلال كامل بميزان القوى لصالح الطرف الآخر هي معركة أخلاقية بالدرجة الاولى وقابلة للحسم عن طريق تسجيل النقاط الاخلاقية في مرمى الآخر وهو ما أكدته انتفاضة أطفال الحجارة التي انتزعت اعجاب العالم وأجبرت اسرائيل على الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية والجلوس معها على طاولة المفاوضات وصولا الى اتفاق اوسلو عام 1993 والذي كان من نتيجته تسجيل اول انسحاب اسرائيلي فعلي من الارض الفلسطينية وبداية تبلور للهوية الوطنية الفلسطينية من خلال قيام سلطة وطنية فلسطينية ومؤسسات حكم قضى عليها ونسفها من أساسها انتفاضة الاقصى أو انتفاضة الرصاص والصواريخ التي انطلقت العام 2000 التي أوصلت شعبنا وقضيته الى الهاوية التي نحن بها الأن.
ان جمال عبد الناصر الذي حملت عملية القنطار اسمه لم يترك للشعوب العربية الا مزيدا من الخسائر والهزائم بشعاراته الكبيرة الغير واقعية، وكان الدجاجة التي فرخت لهذه الشعوب أنظمة حكم شمولية وديكتاتورية تسلطت على رقاب الشعوب العربية ومازالت باسم فلسطين والقومية العربية ومارست أشد انواع الفتك والقتل بحق شعوبها وساهمت بارجاع دولها وشعوبها عشرات السنين الى الوراء على كافة الأصعدة، وعلى العكس من عبد الناصرفان الرئيس المصري الراحل انور السادات والذي طالما اتهمه القنطار في رسائله بالخائن قد تمكن من استعادة كامل أرضه بشكل كامل عبر اتفاقية السلام، وان الحكم الذاتي الفلسطيني حسب تلك الاتفاقيات "الخيانية" قد قدم للفلسطينيين أكثر بكثير من الذي يتفاوضون بشأنه الأن بعد سنوات كثيرة سالت خلالها دماءاً كثيرة ودموعا أكثر وفقدان معظم الارض نتيجة الاستيطان الاسرائيلي.
ان مافعله القنطار خلال تلك العملية من أخذ رجل مدني وطفلته رهائن في يده ومن ثم قتل الرجل بالرصاص وقتل طفلته ذات الاربعة أعوام بعقب البندقية لا يستحق الا الادانة الشديدة، فتلك ليست أخلاق المعركة ولا من فضائل المحاربين في سبيل الحرية، وان كنا سنقدم تبريرا للقنطار على ما قام به نتيجة صغر سنه في ذلك الوقت وعدم قدرته على التفكير السليم، فان اصراره على عدم تقديم الاعتذار لعائلات القتلى الاسرائيليين هو غاية في الصلف والاحتقار للنفس البشرية مع اقتناع القنطار الكامل ان العدو الذي يتحدث عنه قادرا تماما على قتله هو وكل الرسميين الذين كانوا في استقباله لدى عودته. كان من المؤكد ان يشكل اعتذار القنطار من ارواح ضحاياه وعائلاتهم لدى وصوله الى مطار بيروت زلزالا اخلاقيا لن تنتهي ارتدادته الايجابية بسهولة، خصوصا وان هذا الاعتذار يأتي والقنطار حرا وقد عاد الى بلده. أود أن أسجل هنا أيضا ان القنطار مدين ايضا باعتذار شديد للشعب اللبناني الذي قدم اكثر من ألف ومائتي قتيل والاف الجرحى و خسائر اقتصادية بمليارات الدولارات نتيجة حرب شنها حزب الله باسمه ولكنها كانت بحقيقتها حربا بالوكالة خاضها الحزب "الالهي" نيابة عن النظام الديكتاتوري السوري حماية له من المحكمة الدولية وعن نظام الملالي في ايران لاشغال العالم عن برامجه النووية التدميرية.
مصادفة ربما تكون غريبة علينا ولكنها ليست غريبة على اسرائيل وحكومتها ان يقوم وزير الدفاع الاسرائيلي بالاعتذار الرسمي والعلني بسبب قيام جندي اسرائيلي باطلاق رصاصة مطاطية "دمدم" على فتى فلسطيني مقيد ومعصوب العينين أثناء مشاركته بمظاهرة ضد الجدار العازل في بلدة نعلين، في ذات الوقت الذي يصر فيه القنطار على عدم الاعتذار من قتلاه وعائلاتهم..
انها رسالة لطالما نجحت اسرائيل في ايصالها الى العالم مما أكسبها احترام العالم وتعاطفه، بينما لم يجلب لنا افتقاد القنطار وأمثاله ومن يقف خلفه لفضيلة الاعتذار إلا صورة سوداء مظلمة في عيون العالم، يكاد لا يفوقها ظلمة الا حاضرنا ومستقبلنا، فهل من يتعظ؟.
#أمين_مطر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عمر البشير...حبة جديدة تسقط من العقد الديكتاتوري العربي
-
أبدا لم يكن الحكيم حكيما..
-
لا لحق العودة..نعم للتعويض واعادة التوطين
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|