أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مستخدم العقل - استحالة الاكتفاء بالدين الإسلامي كمصدر للأخلاق (3)















المزيد.....

استحالة الاكتفاء بالدين الإسلامي كمصدر للأخلاق (3)


مستخدم العقل

الحوار المتمدن-العدد: 2318 - 2008 / 6 / 20 - 11:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


استكمالاً للمقالات السابقة حول علاقة الدين الإسلامي بالأخلاق فمن الملاحظ وجود تباين واضح بين الدين الإسلامي وبين مفاهيمنا العصرية للأخلاق حول القيم والروابط الأسرية، فبينما نجد مجتمعاتنا العصرية تؤكد على أهمية الروابط الأسرية وضرورة التماسك الأسري نجد أن الإسلام – على الجانب الآخر – قد يكون سبباً للتفرقة بين الأب وإبنه بل ويمنع المسلم من مجرد إظهار التعاطف والمودة نحو أبيه أو إبنه غير المسلم وذلك عملاً بالآية 113 من سورة التوبة التي تقول (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) وكذلك الآية 22 من سورة المجادلة التي تقول (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ). وقد ورد في تفسير تلك الآية الأخيرة أنها نزلت بعد غزوة بدر وأن المقصود بكلمة (آبَاءَهُمْ) هو أبو عبيدة ابن الجراح الذي قتل والده المشرك، والمقصود بكلمة (أَبْنَاءَهُمْ) هو أبو بكر الصدّيق الذي همّ بقتل ابنه عبد الرحمن، والمقصود بكلمة (إِخْوَانَهُمْ) هو مصعب ابن عمير الذي قتل أخاه عبيد بن عمير. وبغض النظر عن مدى صحة تلك الروايات التاريخية فإنّ ما يهمّمنا في الأمر هو وجود النصوص القرآنية التشريعية التي تدعو إليها مع ملاحظة أن مثل تلك القيم مازالت تُدرّس لأطفالنا كمثال رائع لإخلاص المسلم لدينه و نبيّه و كقدوة سامية يُحتذى بها.

مثال آخر للتأثير السلبي للإسلام على قيم الترابط الأسري هو أمر الإسلام للمرأة المسلمة بالانفصال عن زوجها في حالة إذا ماترك الإسلام وذلك عملاً بالقاعدة الفقهية التي تقول (لا ولاية لغير المسلم على المسلم)، فقد تكون الزوجة سعيدة مع زوجها وتهيم به حباً وقد يكون الزوج عطوفاً صادقاً أميناً معها ولكن كل ذلك لا يهم الإسلام في شيء فالقيم الأسرية لاوجود لها حين تتعارض مع أهداف الإسلام الأيديولوجية وخير دليل على ذلك هو مهازل دعاوى التفريق التي أُقيمت ضد الدكتور نصر حامد أبو زيد أو ضد الدكتورة نوال السعداوي، بل ووصل الأمر الى قيام محامي برفع دعوى تفريق ضد المؤلف التليفزيوني أسامة أنور عكاشة.

أما أهم مثال يكشف التباين الواضح بين قيمنا العصرية الحديثة وبين القيم الإسلامية المعبّرة عن عصور تاريخية بائدة فهو العلاقة الأسرية بين الزوج وزوجته، فبينما نجد قيمنا المعاصرة تعتبر تلك العلاقة نوعاً من المشاركة في الكفاح وفي المسئوليات بحيث تقوم على الحب والاحترام المتبادل نجد أن الإسلام – في المقابل – ينظر اليها كعلاقة جنسية شهوانية تقوم على استمتاع الرجل بالمرأة مقابل المال (الأجر) الذي يدفعه لها. فالآية 10 من سورة الممتحنة تقول (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)، وكذلك الآية 24 من سورة النساء تقول (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ). ففي الوقت الذي تعتبر فيه قيمنا المعاصرة أن العلاقة الجنسية بين الزوج وزوجته هي نوع شديد الخصوصية من التعبير عن الحب والرغبة في الآخر (تسمّى بالإنجليزية صناعة الحب love making) نجد أن القرآن ينظر لتلك العلاقة كمجرد تفريغ لشهوة الرجل (مقابل المال الذي يدفعه) وذلك طبقاً للآية 223 من سورة البقرة التي تقول (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ). وهناك العديد من الأحاديث الصحيحة التي تؤكد مثل تلك النظرة الإسلامية للزوجة كمجرد أداة لتفريغ الشهوة الجنسية، فنجد الحديث الصحيح الذي يرويه جابر ابن عبد الله قائلاً (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة فدخل على زينب بنت جحش فقضى حاجته منها ثم خرج إلى أصحابه فقال لهم إن المرأة تقبل في صورة شيطان فمن وجد من ذلك شيئا فليأت أهله فإنه يضمر ما في نفسه)، فكما نلاحظ أن راوي الحديث هو جابر بن عبد الله وهو أحد صحابة الرسول الذي لاحظ أن الرسول رأى امرأة فثارت لديه الشهوة فذهب الى زوجته زينب و(قضى حاجته منها) بينما جابر جالس ينتظره مع باقي الصحابة. والملاحظ من سياق الحديث أن الرسول لم يسأل امرأته زينب عن رأيها أو عمّا إذا كانت مهيأة نفسيا، فالحديث ينص على أنها كانت مشغولة بعمل ما حين "جرّها" الرسول للفراش، فالمسئولية الأولى للزوجة في الإسلام هي إشباع الرغبات الجنسية لزوجها ولذلك نجد الحديث الصحيح الوارد في الصحيحين الذي يقول (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح). وقد بالغ الإسلام قليلاً في تكريس تلك النظرة الشهوانية الدونية للزوجة لدرجة أن الرسول لم يجد حرجاً في أن يداعب زوجته في حضور زوجته الأخرى وذلك طبقاً للحديث الصحيح الوارد في صحيح مسلم الذي يقول (كان للنبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة فكان إذا قسم بينهن لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلا في تسع . فكن يجتمعن كل ليلة في بيت التي يأتيها . فكان في بيت عائشة . فجاءت زينب فمد يده إليها فقالت : هذه زينب . فكف النبي صلى الله عليه وسلم يده)، بل أن الأمر قد وصل لدرجة أن يحاول الرسول أن (يقضي حاجته) من زوجته صفية في حضور زوجته الأخرى عائشة وذلك طبقاً للحديث الصحيح الوارد في صحيح البخاري على لسان السيدة عائشة التي قالت (‏حججنا مع النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فأفضنا يوم النحر فحاضت ‏ ‏صفية ‏ ‏فأراد النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏منها ما يريد الرجل من أهله فقلت يا رسول الله إنها حائض).

وللحقيقة فإن نظرة الإسلام للزوجة لم تتوقف عند فرجها فقط بل امتدت لتشمل جهازها التناسلي بالكامل، فطبقاً للمفهوم الإسلامي فإن الوظيفة الثانية للزوجة (بعد إشباع الرغبة الجنسية لزوجها) كانت إنجاب الأطفال، وهناك العديد من الأحاديث الصحيحة التي تنصح بالزواج من المرأة الولود وتنفّر من الزواج بالتي لاتلد، ومن الأحاديث الصحيحة في ذلك (جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فقال : إني أصبت امرأة ذات جمال وحسب وأنها لا تلد, أفأتزوجها قال : لا ثم أتاه الثانية فنهاه ثم أتاه الثالثة فقال : تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم)، وكذلك الحديث الصحيح الذي أخرجه الألباني والذي يقول (خير نسائكم الودود الولود).

وفي النهاية فقد كان الهدف من هذه السلسلة من المقالات هو توضيح التباين بين الأخلاق التي نادى بها الإسلام وبين أخلاقنا العصرية الدائمة التطوّر، فالإنسان يحتاج دائما الى منظومة أخلاقية ولكن ربط هذه المنظومة بالدين (أي دين) يجعلها جامدة كجمود الأديان ورفضها للتطوّر ممّا يتعارض مع المرونة المطلوبة للأخلاق وحاجتها الدائمة للتطوّر. ولعلنا نلاحظ أن المسلمين قد بدأوا رغماً عنهم في الاندماج في المنظومة الأخلاقية العصرية وذلك بالرغم من تعارضها مع الدين (كمثال إلغاء الرق وتجريم اغتصاب نساء الأعداء وتضاؤل نسب تعدد الزوجات). ولكن المشكلة تكمن في أن الدين في مثل تلك الأحوال يمثّل عائقا للتطوّر الأخلاقي ممّا نتج عنه تدهور أخلاقي خطير في معظم المجتمعات الإسلامية بحيث أن نظرة معظم المسلمين للأخلاق لم تعد تتعدى أعضاءهم التناسلية، بينما – في المقابل – تنتشر بينهم القبلية والعنف والغش والتمييز بين أفراد المجتمع على أساس الديانة وغير ذلك من الأمراض الاجتماعية. فالحل – في رأيي – هو أن يعرف المسلمون أن دينهم قد يكون حقاً وقد يكون باطلاً وبالتالي يتوقفون عن قتل البشر أو إقصائهم باسم ذلك الدين. الحل هو أن يتعلّم المسلمون أن الدين يجب ألا يزيد عن علاقة شديدة الخصوصية بين الإنسان ونفسه بهدف إعطاء ذلك الإنسان بعض القوة اللازمة لمواجهة أعباء الحياة التي لاتنتهي. الحل هو أن يتعلم المسلمون من تجارب الآخرين سواء في الشرق أو الغرب الذين وصلوا لمراحل عالية من الأخلاق (على مستوى المجتمع) تجاوزت بكثير النظرة المحمومة للأعضاء التناسلية وذلك بالرغم من عدم ربطهم تلك الأخلاق بالدين. لعلنا جميعاً نتذكر خمسينيات وستينيات القرن الماضي حين انتشرت في الولايات المتحدة عصابات كوكلوكس كلان Ku Klux Klan التي كان أعضاؤها يرتدون قمصاناً مرسوم عليها الصليب ويهدفون للتفرقة العنصرية والعنف ضد غير البيض وذلك كله تحت اسم المسيحية. لقد انتهت مثل تلك العصابات الى مزبلة التاريخ نتيجة للرفض الشعبي العارم لها والذي فضّل الأخلاق الحديثة المتطورة على أخلاق مسيحية القرون الوسطى، فهل يمكن أن يأتي اليوم الذي يفضّل فيه المسلمون أخلاقنا العصرية على أخلاق العصور البائدة التي نادى بها الإسلام؟



#مستخدم_العقل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استحالة الاكتفاء بالدين الإسلامي كمصدر للأخلاق (2)
- استحالة الاكتفاء بالدين الإسلامي كمصدر للأخلاق (1)
- آيات قرآنية (دستورية) لتنفيذ رغبات خير البرية
- الخطأ العلمي في فكرة الكتب السماوية عن وظيفة القلب
- هل يمكن للقرآن أن يكون دستوراً للعالم؟
- هل تعريف القرآن للسماء هو الحقيقة المطلقة؟
- النظرة التشريعية للأنثى في فقه المواريث الإسلامي
- هل يمكن للشريعة الإسلامية أن تجد لها مكانا بين القيم العلمان ...
- جهاد الرسول مع بني قينقاع - صورة أخرى لثقافة الإرهاب التي تس ...
- ثقافة الإرهاب تحاصرنا في المدرسة والمسجد
- الحور العين هي إهانة للشعور الإنساني
- نقد النص المقدّس هو طريقنا الحقيقي للقضاء على الإرهاب


المزيد.....




- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مستخدم العقل - استحالة الاكتفاء بالدين الإسلامي كمصدر للأخلاق (3)