زهير دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 2307 - 2008 / 6 / 9 - 07:25
المحور:
الادب والفن
منذ أن عاد أمير من عند الحلاق ، وبراء الصّغيرة ابنة السّت سنوات لا تتوقف عن البكاء.
تريد أن تقصّ شعرها ....
وبراء الصغيرة ، جاءت إلى الدُّنيا بعد أربعة صبيان ، فكلّ شيء ٍ في البيت ولاّدي : الألوان ، الألعاب ، والهوايات ، فسارت على نفْس النَمَط ، فهي تلعب بالكرة كإخوتها ، وتلبس البنطلون وتأبى بشدّة أن تلبس فُستانًا ، بل وحتّى أن تشتريَ فستانًا جميلاً.
كانت براء حُلم والديها ، إنهما بعد الصبيان الأربعة قد اشتاقا إلى فستانٍ ليلكيّ يتمشّى في بيتهم ، واشتاقا إلى جديلتين تنسابان على الكتفين .
لكنَّ براء خيّبت ظنّهما ، رغم أنّها جميلة ، ذات شعر ذهبيّ ، وعينينِ زرقاوينِ ووجهٍ تُفاحيّ .
وعانقتها امُّها ومسحت دموعها السّاخنة ، وهي تحاول إقناعها بأنَّ شعرها الذهبيّ جميل ، وأنّ طوله يزيده جمالاً ، وأنّها عروس ...إنها بنت ، والبنت تفتخر بشعرها .
وبراء تهزُّ برأسها رافضةً.
واحتضنتها الامّ ثانية ، وبراء تبكي وتصرخ : أريد أن أقصّ شعري كأمير ـ ولا أريد هذين القُرطيْنِ .
وللقرطين قصة ، فلقد زيّنا أذنيها وهي بعد في شهرها الثالث من العمر ، "وكلّما دقّ الكوز بالجرّة "ِ تتذكّر براء القرطين وتطلب إزالتهما..إنها لا تحبّهما ، وكفى...
ونامت براء وهي تتنهّد ، نامت في حضن امِّها .
وأومأت الامّ إلى أمير أن يأتيها بمِشطٍ ، وأخذت تُسرّح شعر براء الذهبيّ بحذر شديد وهي تقبّله قائلة : " خسارة أن يذهب هذا الشَّعْر هباءً ...خسارة .
كم تمنّت الامّ أن يكون لابنتها جديلتانِ ذهبيتان تُزينانِها ، ولكنّ براء رفضت ، وها هي الفرصة مؤاتية ..
وبحذر شديد وفنيّة رائعة وشوق غامر ، رسمت الامّ من شعر صغيرتها جديلتين جميلتين ، ختمتهما بعقدتين من شريط بنفسجيّ .
ونظرت إليها من جديد ، إنّها دُمية جميلة ، هذه ألبراء !!وتزيدها الجدائل جمالاً .
وطبعت الامّ أكثر من قبلة ، مرّة على الجبين ، ومرّة على الجديلتين..وانتظرت .
ولم يطل انتظارها، فها هي براء تتململ ثم تستفيق، وقد نسيت كلّ شيء ، فقامت تلعب وتركض هنا وهناك، والام تراقبها من بعيد .
وأثناء لعبها مرّت بجانب ألمرآه ، ووقفت طويلا ، تداعب الجديلتين وتبتسم ، ثمّ ما لبثت أن صرخت : " أمي ، أمي أريد أن اشتريَ فستانًا".
وزغردت الام زغرودة كبيرة .
#زهير_دعيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟