أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - فتنة ملوي.. واستراتيجية المصاطب!














المزيد.....

فتنة ملوي.. واستراتيجية المصاطب!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2307 - 2008 / 6 / 9 - 10:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كل مرة تشتعل فيها نيران فتنة طائفية أو صدام طائفي ينتهي الأمر بـ«تبويس» اللحي، والتقاط صورة تذكارية لقسيس يعانق شيخًا، وكنس الخلافات وجذور المشكلة تحت السجادة وكأن شيئًا لم يكن.
وفي كل مرة من هذه المرات المتكررة دأب عدد من ثقلاء الظل - ومنهم كاتب هذه السطور - علي التحذير من عواقب هذا المنهج الذي يكتفي بإطفاء الحرائق دون البحث في أسباب اشتعالها من أجل القضاء عليها بصورة جذرية.
وها نحن «نفاجأ» مرة أخري بحريق طائفي جديد في ملوي بمحافظة المنيا، بعد صدام مسلح بين المسلمين والمسيحيين سقط فيه قتيل وعدد من المصابين، والجديد هذه المرة هو ما تردد عن اختطاف ثلاثة رهبان ومواطن آخر تم «تحريرهم» بعد ساعات!!
والذريعة موجودة دائمًا وهي في كل الأحوال ذريعة «دنيوية» لا علاقة لها بالدين لكنها سرعان ما تتحول إلي شرارة تكتسب طابعًا دينيًا وطائفيًا ونجد أنفسنا في مواجهة فتنة طائفية تلتهب فيها المشاعر وترتفع إلي عنان السماء صرخات «الجهاد» المقدس دفاعًا عن الدين والعقيدة، وتنسي الأطراف المتناحرة الأصل «الدنيوي» لهذه «الحرب الدينية» الذي كان يمكن حله ببساطة لو كانت النوايا صافية ولو لم تكن القلوب مشحونة بالهواجس والشكوك والتربص والكراهية.
وفي حادث ملوي كانت الذريعة «الدنيوية» التي نتحدث عنها هي نزاع علي أرض مملوكة للدولة يريد كل من الرفين المتحاربين التوسع فيها.
أي أن اصل النزاع مجرد نزاع علي قطعة أرض لكنه تحول إلي ما يشبه «نزاعا علي الحدود بين دولتين» وتعتبر كل «دولة» منهما أن التنازل عن شبر واحد من الأرض المتنازع عليها بمثابة تنازل عن العرض والشرف والسيادة الوطنية.
في حين أن الأرض في حالة حادث ملوي مملوكة للدولة لكن المالك صاحب «السيادة» وصاحب الحق الأصيل في تقرير مصير هذه الأرض كان غائبًا الكل يضع يده علي ممتلكاته وهو نائم في العسل.
لكن هذه الغيبوبة ليست مقتصرة علي حادث ملوي وإنما هي شائعة في مئات وربما آلاف حالات اغتصاب أراضي الدولة في سائر المحافظات وفي معظم الأحيان تثبت «مافيا الأراضي» انها فوق القانون وانها أقوي من إرادة الدولة!
والمشكلة في حالة ملوي أن هذا التلمظ للتوسع والتوغل في أراضي الدولة اكتسي بلافتات دينية لا علاقة لها بالموضوع.
ومع هذا الخلط بين ما هو ديني وما هو دنيوي تم إطلاق الشرارة غير المقدسة التي اشعلت الحريق في جسم الوطن ذاته.
في حين أن الدولة لو قامت بواجبها منذ البداية في تقرير مصير أرضها وتحديد الطرف الذي تعطيه لها لمنعت هذا الجدل من الأصل لكنها لم تفعل ذلك!
وبعد أن وقع الفأس في الرأس واشتعلت الفتنة فان الحكومة - فيما يبدو - ستمارس هوايتها المعهودة، وستعود «ريما إلي عادتها القديمة» حيث ستحاول تهدئة النفوس وتطييب الخواطر من خلال «مجلس عرب» ينتهي بمساومة وحل وسط وفقا لقاعدة «لا غالب ولا مغلوب» في حين أن الواجب في مثل هذه الحالة هو تنفيذ القانون وتطبيقه بحسم ونزاهة وشفافية علي الجميع بصرف النظر عن الدين أو اللون أو الجنس لأنني إزاء حادث جنائي في المقام الأول يجب أن ينال المخطئ فيه عقابه وفقا للقانون.
لكن يبدو أن الحكومة تفضل «إستراتيجية المصاطب» التي تفضل «المجالس العرفية» علي حكم القانون في حين أن المجالس العرفية وقعدة المصطبة تنتمي إلي الدولة التقليدية ما قبل الحديثة أما الدولة الحديثة فتقوم علي القانون وليس علي الفتوي.
ورغم أن الحكومة قد جربت استراتيجية المصاطب مرارا وتكرارا من قبل، ورغم انه قد ثبت بالتجربة انها استراتيجية خائبة لا تمنع تكرار نفس الكوارث فانه يبدو أن الحكومة قد أدمنتها.
والأعجب أنه يبدو أن الأحزاب والجمعيات الأهلية - إن وجدت - قد أصبحت شريكة لها في هذا الادمان حيث يتسابق الجميع من أعضاء مجلسي الشعب والشوري والمجالس المحلية والجمعيات الخيرية وغيرها إلي تكريس كلام المصاطب وتجنب الاحتكام إلي القانون.
وهذا أمر غريب.. فلماذا الخشية من القانون؟ وإذا كانت القوانين غير كافية - وهي في رأينا أكثر مما يجب - فإنه يكن تعديلها وتغييرها من خلال توافق وطني ارتكازا علي تكريس مبدأ المواطنة وتحويله من شعار إلي واقع فعلي.
وفي هذا السياق فإن التشريع الناقص والذي نحتاج إلي ضغط جماعي من أجل إصداره هو قانون لمنع التمييز الديني وتجريم جميع صوره وأشكاله في جميع المجالات ابتداء من الوظائف العمومية ومرورًا بشروط بناء دور العبادة وانتهاء بالتعليم والاعلام ودورهما فيما يتعلق بقضية الوحدة الوطنية والمواطنة.
أما كلام المصاطب.. فقد ولي زمانه ولم يعد معقولاً أن نتعامل في الألفية الثالثة بلغة القرون الوسطي.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشاء ساخن جداً مع سفير كندا
- أجريوم .. شكرا
- سر أجنحة كلمات الأبنودى
- قنبلة طلخا... الموقوتة
- عش الدبابير !
- عصر الاضطراب (1)
- -طوارئ- .. فى الزمان والمكان فقط
- هوامش على دفتر النكبة (3)
- أزمة رئاسة مجلس الدولة: ضعف البصر له حل.. وعمى البصيرة ليس ل ...
- ثلاثية التراجعات
- اعتذار ل »دمياط«.. ورسالة حب ل »رأس البر«
- مطلوب تفسير من وزير الصحة
- هوامش على دفتر النكبة (2)
- دمياط تتحدى دافوس !
- هوامش على دفتر النكبة
- الفوضى -الهدامة-
- علاوة الأسعار (2)
- علاوة الاسعار !
- من جزارين إلي رشيد نقطة نظام
- هذا السونامى القادم .. يا حفيظ (2)


المزيد.....




- تعود إلى عام 1532.. نسخة نادرة من كتاب لمكيافيلّي إلى المزاد ...
- قهوة مجانية للزبائن رائجة على -تيك توك- لكن بشرط.. ما هو؟
- وزيرة سويدية تعاني من -رهاب الموز-.. فوبيا غير مألوفة تشعل ا ...
- مراسلنا: تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيرو ...
- الرئيس الأمريكي: -أنا زوج جو بايدن.. وهذا المنصب الذي أفتخر ...
- مسيرة إسرائيلية تستهدف صيادين على شاطئ صور اللبنانية
- شاهد.. صاروخ -إسكندر- الروسي يدمر مقاتلة أوكرانية في مطارها ...
- -نوفوستي-: سفير إيطاليا لدى دمشق يباشر أعماله بعد انقطاع دام ...
- ميركل: زيلينسكي جعلني -كبش فداء-
- الجيش السوداني يسيطر على مدينة سنجة الاستراتيجية في سنار


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - فتنة ملوي.. واستراتيجية المصاطب!