|
مأزق العالم الاسلامي
مهدي النجار
الحوار المتمدن-العدد: 2193 - 2008 / 2 / 16 - 10:38
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
" قُل هوَ مِن عِنِد أنفسكم ان اللهَ على كلِّ شئ قدير " [ آل عمران : 165 ] مدخل نقصد بدءأً بالعالم الاسلامي هذه الجغرافية الواسعة التي تقطنها غالبية من الناس تتدين بالدين الاسلامي، والممتدة من المغرب الى اندونسيا ومن نيجيريا الى كاز خستان وتبلغ مساحتها حوالي 32 مليون كم2، اي ما يقارب ربع مساحة اليابسة البالغة حوالي 149 مليون كم2 ، وتشير الاحصائيات المتداولة بان عدد سكان الدول الاسلامية مجتمعة ( الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي 57 دولة ) حوالي 1,3 مليار نسمة ، اما عدد نفوسهم على الكرة الاضية فيقارب المليارين، اي ان العالم الاسلامي من حيث النفوس يبلغ حوالي ربع سكان العالم البالغ حوالي ستة مليارات نسمة، تتوزع دول العالم الاسلامي على اربع قارات الا انها تتركز اساساً في قارتي افريقيا وآسيا حيث يوجد في الاولى (افريقيا) حوالي 438 مليون نسمة وفي الثانية ( آسيا ) حوالي 852 مليون نسمة ومن الجدير بالذكر ان من بين الدول الاربعين الاكثر سكاناً في العالم عشرة اسلامية منها: اندونسيا في المرتبة الاولى حوالي 225 مليون نسمة/ باكستان في المرتبة السابعة حوالي 150 نسمة/ نيجيريا في المرتبة العاشرة حوالي 121 مليون نسمة. ان هذا العالم في كل مرة يقع ضحية التزويقات والتجميلات والتقارير الكاذبة ولابد من تجرع مرارة الكشف عن المراتب الدنيا من مراتب التقدم والازدهار والحداثة التي يحتلها في اغلب مجالات الحياة ، بل على الاغلب يتقهقر خارج نطاقها وبعيداً عن مساراتها واتجاهاتها، يقع في دائرة الخراب المزري الذي يقشعر له البدن، ليس على صعيد واحد، انما على كافة الاصعدة والميادين خاصة الرئيسة منها، اصعدة الاقتصاد والتنمية والسياسة والثقافة والعلوم والآداب وقيم الاخلاق وحتى على مستوى الرياضة البدنية ؟! الا ان الذين يحملون ثقافة تقليدية او متشددة يبغضون الكلام عن ذلك ولا يروقهم رؤية الحقائق والارقام المفجعة والمخجلة ويرمون بحجر من سجيل كل اولئك الذين ينبشون الاوراق ويفضحون المستور منها، ينعتونهم بشتى النعوت: عملاء/ زنادقة/ كفار/ خونة/ اعداء الامة ....الخ وبالتالي يستحقون جزاءات عقابية رادعة وصارمة، معنوية ومادية: تشويه سمعتهم/ طردهم خارج المجتمع وخارج السلطة/ زجهم في السجون/ قطع ارزاقهم وهدر دمهم وقطع اعناقهم ....الخ. غالباً ما تدفن الوقائع والبيانات باكوام هائلة من اتربة التلفيق والتزوير والافتراء حتى يرتفع صخب الغطرسات ليملأ الدنيا، ويرتفع سقف الادعاءات الى ارتفاع شاهق لتكريس التفوق والمركزية فيضيع ويموه معه المؤشرات والتشخيصات، يُنسب الى هذا العالم المتضعضع ما ليس لديه تحت هيمنة عاطفة الزهو والكبرياء والافتخار، يُنسب اليه خلاصة تقول: انه افضل بقع الارض/ أزهى الاوطان/ اعظم المجتمعات/ ما من امة على الارض افضل واكرم وارحم من امتنا الاسلامية... لكن يتأسفون اصحاب تلك الخلاصة حين تحاصرهم الارقام والوقائع والاحداث فيعلنون نهاراً جهاراً ان رداءات عالمنا الاسلامي وانتكاساته حصلت ( وتحصل ) بسبب الامبرياليين والصهاينة، هزائمه واحباطاته، فقره وتعاسته، تفككه وتشرذمه بسبب الكفار والصليبيين،هذا ليس صحيح، والصحيح برأينا ان هؤلاء ( اي امريكا والغرب واسرائيل...)ليسوا كل اسباب مشاكل العالم الاسلامي، فلو خسف الله بهم الارض لما خرج هذا العالم من مأزقه، لان اسباب المأزق تتعلق بالاساس في مسائل التخلف والتمدن لا بمسائل دينية او طائفية، هي مسألة حضارية وتمدنية بالدرجة الاولى ومعضلة العالم الاسلامي هي داخلية بسبب انهيار جهاز المناعة فيه، والمريض الذي لايقتنع بمرضه من الصعب علاجه، الا ان الآخرين ليسوا من صنف ملاك انما هم مجموعة بشرية، كغيرها من المجاميع، تريد ان تحافظ على تفوقها وقوتها وتمدنها وتعتقد انها مؤهلة اكثر من غيرها للتمتع بخيرات الدُنيا والحضارة لانهم يتحكمون بقوة في دورة الرأسمال العالمي والبورصات الكبرى وفي التكنولوجيا والمنظمات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي... ولا يريدون للعالم الاسلامي ( او غيره من الامم ) ان يتطور الا وفق حساباتهم ومصالحهم وفي اطار المسموح به في دائرة الضبط والتحكم، والغرب انما كسب العالم ليس فقط بسبب تفوق افكاره او قيمه او دينه وانما بالاحرى – كما يرى صموئيل هانتجتون – بسبب تفوقه في تطبيق العنف المنظم، وكثيراً ما ينسى الغربيون تلك الحقيقة ولكن غير الغربيين (مثل العالم الاسلامي) لاينسوها، لذا يجب ان نقلع عن اي تصور اخلاقي للغرب الحداثي الذي لا يريد الا التبعية وادماج الاخرين في السوق ليصبحوا مُستهلكين تقنياً واقتصادياً وثقافياً. ذاك من جهة ومن جهة ثانية - وهذا هو الاهم- على المسلمين ان يبحثوا عن اسباب خرابهم وخذلانهم داخل اوطانهم ولايعلقوها، كما في الف مرة، على عاتق غيرهم، فمن يحب وطنه وامته حقاً وحقيقة عليه ان يكد ليل نهار يفتش ويشخص ويتفحص الاسباب والعلل، ينتفض بشجاعة ويعريها دون مواربة او حياء بدل شتم وسب الاخرين بمناسبة او دون مناسبة، وهل الصراخ والنواح ينفع في تغيير المسارات التاريخية ؟! المسلمون مثلهم مثل كل البشر ليس قدرهم ان يظلوا في مصاف الاقوام المتخلفة، فهم في كل مرة يريدون ان ينهضوا، يغيروا احوالهم ويشعروا بانسانيتهم وكرامتهم لكن تُضيعهم الآراء الالتباسية والتمويهية والاسطورية، تطرح هذه الاراء بشقيها التقليدي والمتشدد، تطرح شعارات تبسيطية وعمومية مثل: الاسلام هو الحل/ الاقتصاد الاسلامي/ الدولة الاسلامية/ الخلافة الاسلامية/ الدستور الاسلامي/ التكافل الاجتماعي.... هذه الشعارات مثل بكائية لانهاية لها تريد ان تعوض عن فعل البحث والاصرار، كأنها تسعى الى ان تحول البكاء على الحظ العاثر بديلا عن مراجعة الذات ثم نقدها ونقد تراثها وثقافتها ، تلك شعارات كلها غير فعالة وعلى مبعدة شاسعة من روح العصر وافكاره وقيمه ولا تقترب كثيراً من علل الخراب الذي يعيشه المسلمون في اوطانهم. مظاهر التخلف أولاً : الفقر/ يعتبر الفقر من اهم التوصيفات التي يتصف بها العالم الاسلامي رغم ما يقال عنه بانه يمتلك ثروات طبيعية هائلة، وقوى عاملة ضخمة، وعقول علمية كبيرة، وموارد مائية متاحة، وارضي زراعية شاسعة...الا اننا حين نحدد الفقر حسب المرجعيات العالمية مثل مجلس المجموعة الاوربية الذي اقر منذ عام 1975 التعريف الآتي للفقر: يوصف بالفقر الافراد والاسر ذات الموارد التي تقل الى درجة تبعدهم عن الحد الادنى المقبول للحياة في الدول الاعضاء التي يعيشون فيها (المقياس الحديث لادنى نسبة دخل في العالم 725 دولار سنوياً). وفي سنة 1994 حدد المجلس الاوربي المحرومين بانهم فئة من البشر تخرج عن مجالات التمتع بحقوق الانسان جزئياً او كلياً، ومن الواضح ان هذا الربط بين الفقر وحقوق الانسان هو امتداد لاتفاقيات هلسنكي كما يعكس توسعاً واضحاً في مفهوم الفقر. وفق تلك التحديدات نجد الفقر في العالم الاسلامي كأنما اصبح شائعاً ومألوفاً كالموت، ولذلك صار تدجين الفقراء جزءاً او مدخلاً لألفتهم الفقر الى حد اصبح معه حالة طبيعية او قدراً لا خلاص منه. فعلى مستوى العالم الذي يعتبر نصف سكانه من الفقراء ويعيش نحو 1,3 مليار انسان تحت خط الفقر ( اي اولئك الذين يعيشون باقل من دولار يومياً/ ثمن شطيرة من لحم البقر او مشروبين غازيين) نجد ان ثلث فقراء العالم هم من العالم الاسلامي، بمعنى آخر يعيش في العالم الاسلامي 37% من السكان تحت مستوى خط الفقر (اعلى نسبة توجد في سيراليون 68 % وتليها غامبيا 64 % ثم اوغندا 55 % ) ، اي ما يعادل 504 مليون شخص تقريباً وتبلغ نسبتهم الى فقراء العالم 39% وهذا معناه ان اكثر من ثلث سكان العالم الذي يعيشون تحت مستوى خط الفقر يسكنون دول العالم الاسلامي، ويصاب المرء بالخجل والاستياء حين يعرف ان دخل الفرد الفقير في الدول الصناعية يساوي اكثر من مئة مرة ضعف نظيره في العالم الاسلامي وطبقاً للحسابات الشهيرة التي كان بيمال غوش، المدير الاسبق لبرنامج الامم المتحدة الانمائي، قد اجراها : فان الاعانة المالية المقدمة عن كل بقرة في الاتحاد الاوربي – والتي تبلغ 2,5 يورو – تتجاوز الدخل اليومي للملايين من الفقراء في كل انحاء العالم ! ومن الجدير بالذكر اننا لا نجد من بين البلدان الثلاثين الاغنى في العالم بلداً اسلامياً واحداً، وكل الدول الي عانت من انهيار اقتصادي وبالتالي اصبحت "د ولاً عاجزة" تنتمي، باستثناء واحدة، الى العالم الاسلامي، كذلك نلاحظ ارتفاع المديونيات التي تقدر بمئات المليارات من الدولارات، فعلى سبيل المثال فان مديونية الدول العربية وحدها ( وهي جزء اساس من العالم الاسلامي) مُقدر ان تصل الى 270 مليار دولار في عام 2020 حسب تقديرات تقرير المنتدى الستراتيجي في دبي. ثانياً: الاقتصاد والتنمية المشوهة/ تتصف اقتصاديات بلدان العالم الاسلامي بحالة رثة تعكس الطابع الريعي المشوه والاستهلاكي التبذيري، فاذا ما استثنينا النفط ( انتاج الدول الاسلامية من البترول " النفط الخام" حوالي 29,8 مليون برميل يومياً، اي بنسبة 45% من الانتاج العالمي. الاحتياطي حوالي 760 بليون برميل بنسبة 73,7% من احتياطي العالم ) والكافير "بيض السمك" والسجاد الايراني والافيون ( حصيلة انتاج افغانستان من الافيون حوالي 4,1 آلاف طن في عام 2005 اي بنسبة 87% من الانتاج العالمي وينتج الهيروين محلياً في افغانستان بواسطة مصانع ومعامل لمعالجة الافيون وتحويله الى هيروين ) ، اذا استثنينا ذلك فان الدول الاعضاء في منظمة الدول الاسلامية لا تقدم شيئاً للسوق العالمية، فمن بين منتجات الدرجة الاولى المميزة الخمسة آلاف في العالم ،ناهيك عن التصنيع العسكري، لا تنتج سلعة واحدة في بلد اسلامي، يترشح عن تلك الهياكل الاقتصادية الركيكة والهشة ظواهر خطيرة مثل: • شيوع حالة الترهل والبطالة (الفعلية والمقنعة ) يبلغ حجم القوى العاملة في العالم الاسلامي حوالي 395 مليون عامل، اي ما يعادل 29 % من اجمالي السكان، فبينما تتراوح نسبة البطالة في البلدان الصناعية بين 5 – 12 % خلال العقدين الماضيين، فان معدل المتوسط للبطالة في العالم الاسلامي يزيد على 20 % ، ونعتقد ان هذا الرقم متواضع اذا ما قيس بنسبة نساء العالم الاسلامي ( حوالي 50 % ) اللواتي اغلبهن اميات وعاطلات عن العمل، ومن غير المحتمل ان يحصل 40 % من الشباب المتعلم على مهنة عصرية لائقة في بلدانهم. • من امثلة الاستهلاك التبذيري في العالم الاسلامي نجد ان النساء الخليجيات ( وهن عينة ممتازة من النساء الغنيات) ينفقن نحو 1,7 مليار دولار سنوياً على مستحضرات التجميل وهو معدل يُعد من بين الاعلى في العالم. • ارتفاع معدلات التضخم ( التضخم يعني انخفاض القيمة الشرائية للنقد) حيث بلغ للعام 2000 في العالم الاسلامي 14 % بلغت اعلى هذه النسب في سيراليون 170 % ثم العراق 135 % ثم تركيا 65 % اما اقلها فكانت في اذربيجان 7 % ثم السعودية 1 % . ثالثاً: الفساد الأداري والفساد المالي/ بالطبع نتيجة لتلك الهياكل الاقتصادية الهشة تضعف كفاءة القوى العاملة وتتنامى حالة الفساد والهدر وتبديد الموارد تحت عناوين عديدة بمعزل عن رقابة جدية وضوابط صارمة واذ يعتبر الفساد الاداري ( وهو ما يُعرف باستغلال الوظائف العامة لتحقيق مكاسب شخصية ) والفساد المالي ( الرشاوي والاختلاس/ التلاعب باسعار المشتريات والمبيعات/ تنفيذ مشاريع وهمية... ) احد ابرز مواصفات العالم الاسلامي، فقد صنفت مؤسسة الشفافية الدولية ( وهي مؤسسة غير ربحية يشرف عليها البنك الدولي ) 85 دولة حسب مدى انتشار الفساد في سلم تنازلي من 10 [ الاكثر نزاهة ] الى صفر [ الاقل نزاهة ] ووفق هذا السلم فان اكثر الدول الاسلامية نزاهة جاءت في موقع متوسط من هذا السلم، واعتبرت ماليزيا من بين الاكثر نزاهة وحصلت على [ 5,3 نقطة] تلتها تونس [5 نقطة] ثم الاردن [ 4,7 نقطة] اما اقل الدول الاسلامية نزاهة فهي نيجيريا وحصلت على [ 1,9 نقطة] ثم العراق واندونسيا [2 نقطة] ثم باكستان [2,7 نقطة]. رابعاً: الرعاية الصحية والخدمات/ نلاحظ تفاقم الاوضاع البائسة والصعبة لسكان العالم الاسلامي بسبب عجز الدول من تقديم وتوفير الرعاية الصحية والطبية والخدمية لمواطنيها حسب المعايير الحديثة، فوفقاً لدراسة اعدتها منظمة الصحة العالمية يعتبر بلد اسلامي وحيد، هو عُمان، بين الدول الاربعين التي توفر لمواطنيها تلك الرعاية ، وعلى اساس ذلك تتدهور الحالة الصحية للمواطنين وتزداد وفياتهم وتتضاءل اعمارهم، فنسبة الوفيات حوالي 10 / الف شخص ومعدل عمر الرجل في الاوطان الاسلامية اقل في المتوسط بعشرين سنة من نظيره الغربي ويصيبنا الاسى والتذمر حين نقرأ واقع الطفولة في العالم الاسلامي وما تعانيه من اهمال فقد افاد تقرير صادر عن منظمة المؤتمر الاسلامي وصندوق الامم المتحدة للطفولة (اليونسيف) والمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو) /نيويوك 21 ايلول 2005 / بان اكثر من ثلث الاطفال في منظمة المؤتمر الاسلامي يعانون من سوء التغذية وتسجل مستويات الرضاعة الطبيعية الحصرية خلال الست اشهر الاولى من حياة الطفل في داخل بلدان المنظمة ادنى المستويات في العالم، ونلاحظ ان اعلى معدلات وفيات الاطفال توجد في 16 دولة من دول العالم منها 11 دولة تابعة لمنظمة المؤتمر الاسلامي، اي بنسبة 88 % من دول العالم الاعلى وفيات، حيث يموت في دول المنظمة 4,3 مليون طفل دون سن الخامسة سنويا اي بنسبة 69 / الف نسمة، نلاحظ ان اعلى هذه النسب في افغانستان 149 /الف ثم سيراليون وموزمبيق 140 /الف واقلها في الكويت 12/ الف، يحدث ذلك نتيجة امراض يمكن الوقاية منها وبسبب رداءة الرعاية الصحية وسوء التغذية وكمثال على ذلك فانه يعاني كل طفل في العراق من بين كل ثلاثة اطفال من سوء التغذية الحاد وفي ثلاث دول من دول منظمة المؤتمر الاسلامي وهي جيبوتي والعراق واليمن يتوفى طفل واحد من كل 10 اطفال قبل بلوغه سن الخامسة، ويعاني الاطفال في الدول الاسلامية الواقعة في افريقيا جنوب الصحراء من اشد انواع الحرمان اذ تتجاوز الوفيات بينهم ضعف المتوسط العالمي، ولا يتوقع لطفل يولد في تلك المنطقة ان يتجاوز 46 سنة بالمقارنة ب 88 سنة في البلدان الصناعية، من جانب آخر نجد لفيروس نقص المناعة البشرية (الايدز) اثرا مدمرا على اطفال الدول الافريقية لمنظمة المؤتمر حيث يبلغ الانتشار بين البالغين 5,4 % اي ما يقابل 7,9 مليون حالة. واعلنت منظمة الامم المتحدة (اليونيسف) في تقريرها الصادر في 7 /10 /2007 : ان امرأة تموت كل دقيقة على مستوى العالم بسبب الحمل والولادة، وان عدد هؤلاء النساء يبلغ سنويا 535 الف امرأة على مستوى العالم، مشيرة الى ان نسبة 99% منهن نساء من دول نامية معظمها من العالم الاسلامي، وذكرت مصادر اليونيسف ان نحو 450 امرأة ماتت في كل 100 الف عملية ولادة خلال عام 2005 في حين توفيت 9 نساء فقط في كل 100 الف ولادة في الدول الصناعية ودول شرق اوربا. اضافة الى ذلك فان الدول الاسلامية عاجزة عن تقديم الخدمات الضرورية لمواطنيها كمنظومة الصرف الصحي والمياه الصالحة للشرب فاغلب المدن الكبيرة في العالم الاسلامي يعتبر فيها نقص المياه مشكلة يومية مثل: كراتشي/ طهران/ مدينة الكويت/ القاهرة/ الجزائر....ونلاحظ ان هذه الدول عاجزة ايضا من توفير مستلزمات نجاح النشاطات الترفيهية والابداعية والرياضية لمواطنيها، فلا غرابة ان يعجز العالم الاسلامي وهو المترامي الاطراف ان يقدم طيلة حياته الرياضية، فريقا في كرة القدم من الدرجة الاولى. خامساً: ظاهرة الهجرة/ من الملفت ان ظاهرة الهجرة من الاوطان الاسلامية الى غيرها بلغت اشدها في العقود الاخيرة، ونكاد ان نجزم بانه لو فُتح الباب على مصراعيه لشبيبة العالم الاسلامي وكفاءاته العلمية وخبراءه ومثقفيه لما بقي الا العدد الضئيل منهم، بما فيهم المتشددون والمتعصبون، ومن المفارقات ان اغلب الهجرات تتجه صوب عالم الكفر (كما في المنظور الديني الاسلامي) اي من دار السلام الى دار الحرب ويشكل المسلمون حوالي 80 % من لاجئي العالم. وهنالك 1,2 مليون شخص من العالم الاسلامي ومن ذوي التعليم العالي يفرون الى اوربا، وامريكا الشمالية، واستراليا، ونيوزلندا... كل عام، ومن المؤسف مثلا ان نجد في كندا اطباء ايرانيين اكثر من الاطباء في ايران نفسها ! سادساً: ظاهرة العنف والحروب والنزاعات البينية/ لاريب ان من اهم المظاهر التي يتصف بها العالم الاسلامي ويحيله الى عالم من جحيم هي مظاهر الحرب والعنف والقسوة المتمثلة بالابادات الجماعية والاغتيالات والاعدامات داخل هذه المجتمعات، فاذا استثنينا الحروب الخارجية التي لم تحرز القوى الاسلامية خلال القرنين الماضيين اي نصر في حرب ضد خصومها غير الاسلاميين، فالحروب التي خاضتها ببسالة وكراهية وبدماء غزيرة، حروب ضروس دمرت البلاد والعباد ( العراق/ايران، العراق /الكويت.....) فقد لقي في العقود الاخيرة ما لا يقل عن 2,5 مليون شخص حتفهم وانفق العالم الاسلامي اكثر من 72 مليلر دولار في المجال العسكري، كانت السعودية في المرتبة الاولى حوالي 18 مليار دولار ثم تركيا حوالي 8 مليار دولار، اندونيسيا حوالي 5 مليار دولار ( العراق لا توجد بيانات) ، اضافة الى ما حصل من تطهيرات عرقية وطائفية داخل هذه المجتمعات، من قبل الحكام ضد معارضيهم، او من قبل الطوائف والاديان نفسها بعضها ضد البعض الآخر (حرب المتشددين - مثل القاعدة ضد المدنيين والعزل في ارجاء البلاد الاسلامية/ الشيعة والسنة،النظام والاكراد في العراق / غزة وفتح في فلسطين/ المسيح والمسلمين في لبنان/ المغاربة والصحراويين/ الشيعة والسنة في باكستان/ النزاعات الدامية العرقية والدينية في نيجيريا ...) اما النزاعات البينية فهي شبه دائمية بين الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي فتذكر التقارير ان من بين 27 دولة في اسيا توجد نزاعات بين 21 منها، ومن بين 26 دولة في افريقيا هناك 16 دولة منهكة في نزاعات بينية منذ عدة قرون، وان هناك 22 دولة عربية داخل المنظمة يتنازع 18 منها، وتختلف دول العالم الاسلامي فيما بينها بعدد النزاعات التي خاضتها الى جانب اختلافها في عدد الاطراف التي خاضت معها النزاع، فالعراق مثلا يصنف على انه اكثر دولة اسلامية دخلت في نزاع مع دول اسلامية اخرى، اذ بلغ عدد النزاعات التي خاضها 14 نزاعاً مع ست دول، كان للكويت النصيب الاكبر فيها اذ بلغت نزاعاته مع العراق 7 نزاعات وتعتبر السعودية وافغانستان والعراق من اقدم الدول الاسلامية دخولاً في النزاعات، كما ان طاجكستان وقرغيزستان احدث الدول الاسلامية دخولاً في حلبة النزاعات. ومن المثير للقلق ان تشير الاحصائيات ان 80 % من احكام الاعدام في العالم قد نفذت داخل العالم الاسلامي! سابعاً: الامية والتعليم والثقافة/ تشير المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة بان نسبة الالتحاق بالمدارس الابتدائية تقل عن 60 % في 17 بلداً من بلدان المنظمة ولا يلتحق ربع الاطفال في الدول العربية الاعضاء بالمدارس، وعلى العموم فان نسبة التعليم في العالم الاسلامي تصل الى 63 % غير ان معدل الانفاق عليه لا تتجاوز 4 % من الناتج القومي الاجمالي، وتتصدر غويانا دول العالم الاسلامي في نسبة التعليم 98 % تليها المالديف 93 % واقل هذه النسب في النيجر 14 % يليها الصومال 24 % ثم مالي 31 % ، وتنتشر الامية بين اكثر من نصف السكان البالغين في بعض البلدان، بل قد تصل الى نسبة 70 % لدى النساء، وتشير بعض الارقام المتوفرة لبعض الدول الى ان هناك 17 جهاز كمبيوتر لكل الف نسمة في العالم الاسلامي. ونلاحظ بصورة عامة تأخر التعليم في معظم البلدان الاسلامية حيث تُخرج مؤسساته مواطنين غير مؤهلين للمشاركة في الانتاج او الاندماج في السوق العالمية التي تتطور سريعا لان الغالبية العظمى من تلك المؤسسات تفتقر الى الجودة الضرورية في التعليم والقيادة المستقلة والمناهج التقدمية التي من شأنها تدريب الطلبة على مواءمة التطورات العلمية والتقنية، ففي دراسة قامت بها مجموعة تصنيف الخبراء الدولية ومؤسسات سياسات التعليم العالي في واشنطن، نالت جامعة اسلامية واحدة فقط موقعاً على قائمة تتألف من 3000 جامعة على امتداد العالم، وقد جاء ترتيبها في آخر القائمة. ومن المثير للاسى ان تشير الاحصائيات بان معدل قراءة الفرد في العالم الاسلامي على مستوى العالم هو ربع صفحة بينما يصل معدل قراءة الامريكي الى 11 كتاب والبريطاني الى 7 كتاب. وتقدر الاحصائيات ان متوسط قراءة الفرد في هذا العالم، مقارنة بالقارئ العالمي لا تتجاوز النصف ساعة في السنة، وان كافة المواد الاولية اللازمة لصناعة الكتاب هي مستوردة من الخارج سواء الورق او الاحبار او آلات الطباعة، اضافة الى ارتفاع اسعار هذه المواد والخدمات. وفي تقرير للامم المتحدة عن التنمية، اشار الى ان ما ترجم من كتب الى اللغة العربية (وهي اهم لغات العالم الاسلامي) خلال الالف سنة الماضية، عادل ما ترجمته بلد مثل اسبانيا في عام واحد !. ثامناً: غياب الحريات وانتهاك حقوق الانسان/ رغم ان تلك الفقرات من مظاهر الخراب في العالم الاسلامي الآنفة الذكر كلها تساهم مساهمة جدية ومثيرة للقلق في امتهان كرامة الانسان وسلب حقوقه في ان يعيش حياة سوية، الا ان غياب الحريات الفردية والاجتماعية هي مظهر آخر من مظاهر ذلك الخراب متمثلة بالانتهاكات الخطيرة لحرية الصحافة وحرية النقد والتعبير لا سيما ان غياب التعددية في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة تثقل كاهل حرية التعبير في هذا العالم، وحسب مسوحات 2005 نجد ان هناك دولتان فقط من بين دول منظمة المؤتمر الاسلامي تتمتعان بتوفير الحرية، و17 دولة لديها حريات جزئية او في طريقها نحو الحرية، بينما هناك حوالي 614 مليون شخص في 28 دولة اسلامية، اي ما نسبته 60 % من دول العالم الاسلامي، يعانون تقييد الحرية ووصلت احوال الحرية في عشر دول الى اسوأ اوضاعها وهي سبع درجات ومعظمها دول عربية، وتفيد التقارير بان ثلثا السجناء السياسيين في العالم يقبعون في سجون الدول الاسلامية وان بعض الدول الاسلامية تنفذ حكم الاعدام بمواطنيها المحكوم عليهم بالاعدام بطرق بشعة ومقززة للضمير الانساني كالرجم بالحجارة او رميهم باحواض حامض النتريك او تمزيقهم بواسطة كلاب مفترسة....، وعن الانتهاكات الخطيرة لحرية الصحافة والعنف الممارس ضد العاملين المحترفين في القطاع الاعلامي، سنجد مدى استهانة بلاد الاسلام بالعقل وحرية التعبيرحين نطالع تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" في تقريرها لعام 2007 ، فمن بين 169 دولة أُجري فيها البحث والاستطلاع، كانت اغلب الدول الاسلامية تحتل اسوأ المراتب: ايران 166 / الصومال 159 /فلسطين 158 /العراق 157 / السعودية 148 /مصر146 /تونس 145 /ماليزيا 124 /الجزائر 123 / المغرب 106 /قطر 75 /الامارات65 /الكويت 63 ....(يبدو ان المنظمة لم تستطع القيام بالاستطلاع في دول مثل سوريا وليبيا والسودان وباكستان، لكن وضعتها في اسوأ المراتب!) ومقارنة مع دول الغرب فقد كانت جميع دول اوربا وامريكا تقع ضمن المراتب الافضل، امريكا 48 /فرنسا33 / المانيا 20 /كندا 18 .
اسباب التخلف
اولاً: الاستبداد السياسي
ان الاستبداد السياسي (الوراثي/ الشمولي) بنوعيه الملكي والجمهوري ،هو الاشد تجذراً في العالم الاسلامي بحيث يعتبر واحداً من الصفات الاساسية لنوع الحكم السائد وهوامتداد لمبدأ التوريث الاسلامي القديم ( اي مبدأ الوراثة في الحكم) الذي ابتدعه الامويون لاول مرة ( 663 – 754 ) باعتباره الحاكمية المشروعة التي وفقها يعتبر الحاكم ( الخليفة/ الملك/ الرئيس/ الامير...) مصدراً للسلطات كلها من عسكرية وقضائية وادارية ولا تخرج هذه السلطات من قبضة يده، حيث اعتبر اول خليفة اموي معاوية بن ابي سفيان (ت/680 ) ان السلطة هبة من الله. نُقل عنه انه خاطب العراقيين بعد تمكنه من الامر وبسط يده على الكوفة، بالقول: " يا اهل العراق، اترونني قاتلتكم على الصيام والصلاة والزكاة وانا اعلم انكم تقومون بها! وانما قاتلتكم على ان أتأمر عليكم، وقد أمَّرني الله عليكم... انما انا خازن من خزان الله، اعطي من اعطاه الله، أمنع مَنْ منعه الله" (القاضي عبد الجبار/ فضل الاعتزال) وقال مثل ذلك ثاني خليفة عباسي ابو جعفر المنصور (ت/775) مخاطباً المسلمين في موسم الحج: " ايها الناس انما انا سلطان الله في ارضه، اسوسكم بتوفيقه وتسديده، وتاييده وتبصيره، خازنه على فيئه اعمل بمشيئته، واقسمه بارادته، واعطيه بأذنه ... قد جعلني عليه قفلاً، اذا شاء يفتحني لاعطائكم وقسم ارزاقكم فتحني، واذا شاء ان يقفلني عليها اقفلني " (ابن قتيبة/ عيون الاخبار) وقد هيمن هذا النوع من الحكم على امتداد حكم الدولتين الاموية والعباسية (663 – 1258 )، اي منذ القرن السابع وحتى القرن الثالث عشر ، وليس من المستغرب ان تطول مدة حكم بعض الخلفاء حتى تضرب الرقم القياسي ( كما في تعبيراتنا المعاصرة) فقد كانت مدة خلافة الناصر لدين لله 46 سنة و10 أشهر و28 يوما، الا ان هذا الرقم القياسي يبدو اعتياديا ومعتدلا اذا ما قورن بفترة مكوث حكام الدول الاسلامية المعاصرين الذين يعزُ عليهم التخلي قيد انملة عن مقاعدهم الى حين يقبض سبحانه وتعالى ارواحهم فيتركوها بكل تركاتها لاولادهم حتى ولو لم يبلغوا سن الرشد! او تتسلط عليهم حركة انقلابية عسكرية تزيحهم عن اماكنهم بعنف ليحل محلهم الاسوء والاغشم، وهنا نورد بعض النماذج لملوك ورؤساء بعض الدول الاسلامية حسب مدة حكمهم، باستثناء منطقة الخليج العربي التي عرفت بحكمها الوراثي الشمولي الى ما لا نهاية : *الملك حسين/الاردن- مدة الحكم 47 سنة- اعلن ملكاً خليفة لاخيه طلال بن عبد الله بن الحسين الاول الذي اجبره البرلمان على التنحي بسبب مرض ألم به طويلاً وذلك عام 1952 وكان عمره آنذاك 17 سنة ولم يكن يبلغ السن القانونية، فشكل مجلس للوصاية على العرش وتم تتويجه 1953 توفي الملك حسين اثر اصابته بسرطان في الجهاز البولي سنة 1999 وتولى الحكم من بعده ابنه الملك عبد الله الثاني. *الملك الحسن بن محمد الخامس/المغرب - مدة الحكم 38 سنة – تم تنصيبه ملكا بعد والده سنة 1961 حتى وفاته 1999 اثر نوبة قلبية، تولى الحكم من بعده ابنه الملك محمد السادس. *العقيد معمر القذافي/ليبيا - مدة الحكم 39 سنة ، مازال مستمرا- قام العقيد معمر بثورة على الحكم السنوسي في ليبيا واستلم السلطة ومازال فيها. *سوهارتو/اندونيسيا - مدة الحكم 33 سنة – تولى السلطة بانقلاب عسكري عام 1965 ،ادت الاحتجاجات الطلابية واعمال العنف التي اجتاحت البلاد للاطاحة بالجنرال، اصيب بعد ان توارى عن الانظار بعدة جلطات قلبية، افادت منظمة "الشفافية الدولية" ان سوهارتو وعائلته جمعوا ثروات تقدر بالمليارت من اموال الدولة. *الحبيب بورقيبة/تونس – مدة الحكم 30 سنة – تولى الحكم 1957 وامام الحالة الصحية المتردية للرئيس بورقيبة، قام الوزير الاول زين العابدين بن علي 1987 بتغييره واعلن نفسه رئيسا جديدا للجمهورية. *حافظ الاسد /سوريا – مدة الحكم 30 سنة – تولى الرئيس اسد الحكم في سوريا سنة 1970 حتى وفاته عام 2000 اثر ازمة قلبية مفاجئة وكان يعاد انتخابه في استفتاءات متتابعة وفي كل مرة يحصل على نسبة اصوات تقارب 100 % . تولى الحكم من بعده ابنه بشار الاسد. *محمد حسني مبارك/ مصر – مدة الحكم 27 مازال مستمرا – تولى رئاسة مصر في 1981 وحصل على نسبة اصوات اغلبية مطلقة في خمس دورات انتخابية. *علي عبد الله صالح/اليمن – مدة الحكم 21 سنة مازال مستمرا – رئيس اليمن الشمالي (سابقا) منذ عام 1987 والرئيس الحالي للجمهورية اليمنية منذ 1990 . يستثنى من هذه الممارسة (الامساك بالسلطة ) المشير عبد الرحمن سوار الذهب الذي استلم السلطة اثناء انتفاضة ابريل/ 1985 باعتباره اعلى قادة الجيش وبتنسيق مع قادة الانتفاضة من احزاب ونقابات ثم قام بعمل غير مسبوق في العالم الاسلامي، اذ سلم السلطة الى الرئاسة المنتخبة في العام التالي، يذكرنا هذا بالحدث المماثل الوحيد الذي حدث في التاريخ الاسلامي في القصة المثيرة لمعاوية بن يزيد مع معلمه عمر المقصوص، واعتزاله الخلافة، قيل كان المقصوص من نفاة القدر، ويقول بالعدل، على طريقة المعتزلة، في ما بعد. لما مات يزيد بن معاوية خلفه ابنه معاوية الثاني ( عمره 13 عاما )، وقد استشار معلمه في امر البيعة، فاجابه: " اما ان تعدل او تعتزل". فخطب معاوية بن يزيد: ان جديّ معاوية نازع الامر مَن كان اولى به واحق ( يعني عليّ بن ابي طالب )ثم تقلده ابي، ولقد كان غير خليق به، ولا احبُّ ان القى الله عزَّ وجل بتبعاتكم، فشانكم وامركم ولوه مَنْ شئتم. ثم نزل واغلق الباب في وجهه، وتخلى بالعبادة حتى مات بالطاعون بعد اربعين يوماً، وكانت ولايته عشرين يوما. فوثب بنو امية على عمر المقصوص وقالوا: انت افسدته وعلمته، فطمروه ودفنوه حياً. (ابن العبري/ تاريخ مختصر الدول). ان متوسط معدل امساك السلطة من قبل الزعماء المعاصرين في العالم الاسلامي (ينطبق هذا الكلام بشكل نسبي على الاحزاب والتنظيمات السياسية، الدينية وغير الدينية، خارج سلطة الحكم من حيث الامساك برئاسة الحزب او التنظيم) حوالي ربع قرن للزعيم الواحد (باستثناء ورثته) وهي مدة من الزمن كافية لان يفعلوا اي شئ لشعوبهم، او على الاقل التمهيد لمن ياتي بعدهم، الاانهم وكما تشير التقارير والارقام الآنفة فشلوا فشلا ذريعاً في نقل شعوبهم الى مسارات الحداثة والرفاه، فاغرقوا بلدانهم بالفقر والبطالة والمديونيات والفساد الاداري والمالي، وتخلفت في عهودهم اشكال الاقتصاد ولم يحققوا اشكالا من الاقتصاديات الحديثة او الانتاج الصناعي المتطور رغم اهتمام بعضهم بالبهرجة العمرانية (شوارع/ بنايات ضخمة/ جسور/ ساحات/ مطارات ...).بسبب احتكارهم للثروات وانشغالهم في توسيع هيمنتهم والحفاظ على امنهم وامن عوائلهم، ان الحكومات الاسلامية المعاصرة بصورة عامة حكومات من نوع: مَلكيات/ أنظمة الحزب الواحد/ انظمة عسكرية/ ديكتاتوريات شخصية/ او بعض من هذه التركيبات مجتمعة... تعتمد هذه الحكومات عادة على اسرة واحدة، اساس قبلي او عشائري، من جهة اخرى نجد ممارسة اغلب هذه الحكومات مضادة في احيان كثيرة لحقوق الله وحقوق الانسان في آن معاً، اضافة الى فقدانها لاي اسس يمكن ان تبرر بها حكمها على اساس من الشرعية الدينية او الشرعية الديمقراطية او الشرعية الوطنية، ومن توصيفات هذه الحكومات الجوهرية انها غارقة في الفساد المالي والاداري، قمعية ومعزولة تماما عن احتياجات وتطلعات شعوبها ولا تشتري بفلس احمر حقوق الانسان او حرية الناس فهي منغمسة في ذاتيتها وفي كسلها ومنغمسة في نهب الثروات وتكديسها، منشغلة في تهيئة ابنائها لاقتناص السلطة وتداولها في ما بينهم وفي احسن الاحوال، اذا رضخت لمطالب العصر الملحة، فهي تمارس الديمقراطيات الحديثة بشكل هزيل ومضحك غالبا ما تحقق في صناديق الاقتراع او الاستفتاءات نتائج مذهلة تصل الى ما يقارب المئة في المئة! كأنها بذلك تضحك على ذقون العالم وذقون مواطنيها (هناك 10 دول فقط تتمتع بانظمة سياسية ذات ديمقراطية انتخابية، بغض النظر عن نوع الانتخابات، بينما لاتزال 47 دولة من دول منظمة المؤتمر الاسلامي اي ما نسبته 82,4 % من دول المنظمة، دون انظمة انتخابية). وحين تنشط التيارات والاحزاب والتجمعات الاسلامية السياسية ويمتد ويتسع الزخم الديني المعارض ويقلق راحة الحكومات التي تعجز عن تصفيته وقمعه، يندفع الزعماء في الدول الاسلامية بقوة وذعر لتوحيد انظمتهم وانفسهم في الاسلام، ففي الثمانينيات والتسعينيات نجد الملك "حسين" ملك الاردن كان يتكلم عن الحاجة لاقامة (ديمقراطية اسلامية) و(اسلام حديث)، وفي المغرب يؤكد الملك "الحسن" انه من سلالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما راح يؤكد على دوره ك(امير المؤمنين)، ولم يُعرف سلطان بروناي باية ممارسة اسلامية من قبل، اصبح (شديد الورع) وراح يعرف نظامه بانه(ملكية ملاوية اسلامية)، وفي تونس بدأ "بن علي" يتوسل الى الله بانتظام في خطبه ولف نفسه بعباءة اسلامية ليرضي النفوذ المتزايد للجماعات الاسلامية، وفي اوائل التسعينات تبنى "سوهارتو" صراحة سياسة ان يصبح (اكثر اسلاما)، وفي العراق قاد "صدام" حملة ايمانية واسعة فخط اسم الجلالة على العلم وكتب القرآن بدمه وسمى نفسه "عبد الله المؤمن"، وهرع بعض رؤساء الحكومات (اوزال، سوهارتو، كريموف) لاداء فريضة الحج بغرض ابراز التزامهم الاسلامي. ان ما نلاحظه في الاستبداد السياسي في العالم الاسلامي (القديم والمعاصر) هو تمايزه بالتلازم (او احيانا التماهي) مع الاستبداد الديني، فنراهما في اغلب الاحيان احدهما يلبس جلباب الآخر ويستقوي به، ليضفي على نفسه الشرعية والهيبة والقوة، وقد تظافرت آراء اكثر العلماء من الناظرين في التاريخ الطبيعي للاديان، على ان الاستبداد السياسي متولد من الاستبداد الديني والكواكبي (عبد الرحمن الكواكبي/ت 1902 ابرز اقطاب التنوير في القرن التاسع عشر) يقول بهذا المعنى: "ان لم يكن هناك توليد فهما اخوان، وابوهما التغلب والرياسة، او هما صنوان قويان بينهما رابطة الحاجة على التعاون، لتذليل الانسان، والمشاكلة بينهما انهما حاكمان، احدهما في مملكة الاجسام والآخر في عالم القلوب" (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) 0 لذا كان من مظاهر هذا التلازم بين الاستبداد السياسي والاستبداد الديني ان تحلى اغلب الحكام في التاريخ الاسلامي بالاسماء الالهية (مثل: الواثق بالله، المنتصر بالله، المعتز بالله، القاهر بالله، المستنجد بالله ... ) وقدسوا انفسهم بصفاته القدسية فهم يعتقدون ان البلاد والعباد ملكهم شأنها شأن غنائم الحرب والاماء والجواري و" اينما تمطرين فهي ارضي"! مطبقين على انفسهم قوله تعالى: " لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون" [الانبياء:23 ] وقد قامت الدنيا ولم تقعد حين قال الشيخ الازهري علي عبد الرازق بان الاسلام دين وليس دولة!، وتشير الرواية التالية الى ان الاسلام دين وليس دولة حكم. قال النبي لقومه: " ما ادري ما تقولون؟ ماجئتكم بما جئتكم به لطلب اموالكم، ولا لشرف فيكم، ولا لملك عليكم. ولكن الله بعثني اليكم رسولاً، وانزل عليَّ كتاباً، وامرني ان اكون لكم بشيراً ونذيراً، فبلغتكم رسالة ربي" (سيرة ابن اسحاق النبوية/ص 179 ). وقد حاول الشيخ علي عبد الرازق، على ذلك الاساس، ان يثبت في كتابه المشهور : "الاسلام واصول الحكم" الصادر في مصر سنة 1925 بان الخلافة (او الحكم) ليست اصلا من اصول الاسلام وان هذه المسالة دنيوية سياسية اكثر من كونها مسالة دينية وانها مع مصلحة الامة نفسها مباشرة، ولم يرد بيان في القرآن ولا في الاحاديث النبوية في كيفية تنصيب الخليفة او تعيينه.
ثانيا: النمو السكاني ان من ابرز الاسباب التي جعلت من العالم الاسلامي يندرج في مأزقه الراهن هو وصول معظم المجتمعات فيه الى مرحلة الانفجار السكاني حيث يبلغ معدل النمو نحو 2,7 % سنوياً ( اكبرها في فلسطين يبلغ 8,3 % تليها سيراليون 4,3 % فالصومال 4,1 % فالسعودية 4 % فاليمن 3,3 % ...) تذكر جريدة الرياض مثلاً: بان عدد سكان المملكة العربية السعودية كان في حدود 8 مليون نسمة قبل خمسة وعشرين سنة واليوم اصبح في حدود عشرين مليون نسمة, يتوقع ان يصل الى اكثر من 45 مليون نسمة بحلول عام 2025 ، ويبرز تقرير "50 :50 " الصادر عن مجلة " ميدل است ايكونميك" لسنة 2007 الطفرة الهائلة التي حدثت في اعداد سكان منطقة الشرق الاسط (اغلبها من دول العالم الاسلامي)، حيث ارتفع عدد السكان ليبلغ في الوقت الحالي 377 مليون نسمة بعد ما كان 162 مليون نسمة في العام 1957 اي ان الزيادة خلال 50 سنة كانت 215 مليون نسمة وفي العام 2030 يتوقع ان يصل عدد السكان الى 524 مليون نسمة. وهذا المؤشر يوحي الينا بان عدد الناس في العالم الاسلامي سوف يتضاعف خلال فترة تقل عن 25 سنة اذا استمر النمو على ما هو عليه الآن، ويعتبر النموالسكاني الاسلامي من اعلى معدلات النمو السكانية في العالم فعندما نقارنه مع المعدلات الاخرى في العالم، نجد بان معدل نمو السكان في العالم يصل الى 1,6 %، وفي الدول المتقدمة نسبته: امريكا 0,8 % ، اوربا 0,3 %. ونلاحظ ان المسلمين قد زادوا خلال قرن من الزمان اكثر من 1000 مليون نسمة، وهذه الزيادة ترتبت من ناحية نسبية كالتالي: ففي عام 1900 كان المسلمون 12 % من سكان الارض، وكان المسيحيون 33 %، وفي عام 1980 وصلت نسبة المسلمين الى 20 %، وفي العام 2000 اصبحوا يمثلون 25 % من سكان الارض، بينما المسيحيون يمثلون 30 % فقط. من هذا نرى ان نسبة نمو هائلة حدثت في العالم الاسلامي تقدر بستة اضعاف من عام 1900 الى العام 2000 بينما كان نمو المسيحيين 2,5 ضعف فقط. ويصاحب هذا النمو الانفجاري في العالم الاسلامي تراجع مخيف في الانتاج الزراعي من حيث انحسار المساحات الصالحة للزراعة وتوسع موجات التصحر وشحة مياه السقي وبدائية طرق الزراعة وانخفاض مستوى الحياة من جميع وجوهها في الارياف، وعلى مستوى الانتاج الصناعي لم يحدث اي حراك مهم فظلت دول العالم الاسلامي بعيداً عن الانتاج الصناعي الحديث وتصنف ضمن الدول المتخلفة، بالطبع ينتج من ذلك تدني مستويات التنمية البشرية والاخفاق في ادراج الناس في مجالات التمدن والرقي او التمتع بحقوق الانسان كاملة. ان من اهم اسباب هذا النمو الانفجاري هو الخصوبة التناسلية العالية حيث تصل الى 6,1 طفل لكل امراة، اضافة الى ان الثقافة الاسلامية (التقليدية والمتشددة) تحث على زيادة النسل وتشجع على الزواج المبكر والتعدد في الزوجات وذلك عكس المسيحية التي تعتبر قمة التدين فيها الرهبانية والعزوف عن الزواج، من العوامل الاخرى التي تساعد على زيادة النمو هي ان معظم الدول الاسلامية ذات طبيعة ريفية تسودها التقاليد والاعراف العشائرية والعادات البالية وتحبذ ان تكون اسرها كبيرة، كما تتفشى فيها الامية والجهل، ولان القوانين غير فعالة في هذه الدول وغالباً مايرافق تطبيقها تفسيرات ملتوية وطرق غير شفافة، ويشوب المحاكم والاجراءات الردعية انتهاكات خطيرة تتدخل فيها الرشاوي والعلاقات الشخصية وصلات الرحم والضغوطات السياسية والدينية، لذا يلجأ المواطن في العالم الاسلامي الى عشيرته واقربائه، لا الى الحق والقانون، لحمايته من الابتزاز والمظالم والاعتداء وتامين الامان لحياته وحياة اسرته ومجال عمله، فهو يحبذ (ويشجع) لان يكون افراد عشيرته بعدد كبير، يستقوي بهم على الغير( بحق او دون حق) ويأخذ حقه بيده -كما يقال - وبمساعدة ابناء عمومته، ومن المستبعد، كما هو الحال مع المواطن العادي، ان نجد زعيماً في العالم الاسلامي لايستند الى هذه القاعدة، اي عصبة العشيرة، لتعزيز سلطته وحمايتها والامساك بها الى ما شاء الله . من ناحية اخرى تؤدي الصراعات الحضارية احياناً الى الدفع باتجاه التكاثر المفرط كما الصراع بين العرب الفسلطينيين والاسرائيليين او بين المسلمين و المسيحيين في لبنان وفي هذه الحالة كل طرف يحاول ان يزيد من نموه الطبيعي لكي تكون له الغلبة. ان نسبة نفوس العالم الاسلامي اذا ما استمر النمو على تلك الوتيرة المتسارعة ستصل في العقود الخمسة الاولى من القرن الواحد والعشرين الى اعلى نسبة في العالم من الناحية العددية.
آفاق الخروج من المأزق لا يمكن للعالم الاسلامي بصيغته الراهنة وهو يعيد نفسه بانظمة سياسية تقليدية وينمو سكانه بهذا التسارع الانفجاري ان يخرج من مأزق الخراب والتخلف وان يضع اقدامه في مضمار الحداثة ليندرج فيها اقتصادياً وسياسياً ومعرفياً وثقافياً وادبياً، وهذه المسألة ليست اختيارية انما هي حتمية من حتميات المسار التاريخي، فالشعوب والامم اذا ظلت خارج فضاء عصرها تتضعضع ويصيبها الاحباط والانهيار، وتختلف تصوراتنا عن تلك التصورات التي تنطلق من نوايا حسنة فلا ترى في العالم الاسلامي (حاضره وماضيه) الا عالماً من الفردوس فتذهب الى تعليق المشاكل المعاصرة باعناق الآخرين، وتزعم بان في نصوص الاسلام (خاصة القرآن الكريم والسنة النبوية) الحلول الكافية والشافية لمشاكل عصرنا ومعالجة اوضاع هذا العالم ونقله الى احسن ما يمكن، ففيها نظرية للحكم ونظرية للاقتصاد ونظرية للاجتماع، فيها علوم الطب والوراثة والهنسة والفلك....الخ. ان هذه الاراء عمومية وتبسيطية تختزل تاريخ العلوم الانسانية والطبيعية وتجارب الانسانية برمتها في شاردة وجدتها هنا او واردة عثرت عليها هناك، ولاتعتمد في تصوراتها الارقام والوقائع ولا تسلك في النتائج التي تتوصل اليها منهجيات الفحص والاستقصاء والبحث العلمي، وهي ليست لها علاقة بما انتجته المعارف الانسانية في حقول السياسة والاقتصاد والعلوم الطبيعية والثقافة. ان الاسلام اولاً وقبل اي شئ آخر هو دين، وليس دولة او حكم، غرضه الرئيسي ان يبعث في الانسان اسمى مراتب الشعور في ما بينه وبين الله وبينه وبين الكون من صلات، ان نداءات الدين تتغلغل في نفوس الناس لتصقلها وتجليها وتعمق صلاتها بالحقيقة المطلقة، ولاريب فيه قوانين واحكام وعظات تربوية واخلاقية ما انفكت آياته تدعو جميع البشر للالتزام بها والعمل بموجبها، ليس لاي شئ آخر الا لصالح الانسان ورفعه من حالة التسافل الى حالة التسامي، يأمر الدين الاسلامي على لسان قرآنه الكريم باقامة الصلاة، وبالصدقة وايتاء الزكاة، وبعمل الصالحات وبالتواصي بالحقِّ والصبر والرحمة، وبالاحسان والاستقامة والمجادلة الحسنة، وبصون الفروج، وبفك الرقاب وباطعام اليتيم والمسكين والاسير، وبايتاء ذي القربى وابن السبيل حقهما.... مثلما ينهي عن القتل والاعتداء والظلم، والطغيان والاستكبار، وكبائر الفواحش والاثم... انها كلها بمثابة المعالم التي ينبغي على الانسان (خاصة المسلم) ان يسلكها. من جانب آخر نجد ان القرآن خلو من الاشارة ولو من بعيد الى اي نوع من الحكومات يجب ان يقيمها المجتمع الاسلامي، ولا الى كيفية انتقال السلطة من فئة الى اخرى، انما ترك مثل هذه الامور للانسان نفسه وما يتعلق بظروفه وواقعه: " انتم اعرف بامور دنياكم". من هنا تاتي معقولية المناشدة باجراء اصلاحات جوهرية واساسية في نوعية السلطات الراهنة القائمة في العالم الاسلامي من اجل اخراجه من مأزق الهوان والتخلف، اي اقامة سلطات مدنية متحررة من الارث الاستبدادي الغليظ ومعتمدة على الابجديات الاولية للحداثة السياسية: الدستور/ البرلمان/ الانتخاب/ التمييز بين السلطات، ولا بأس هنا من التذكير بتلك النصيحة الساخرة التي قدمها الرئيس اليمني (علي عبد الله صالح) مخاطباً زملاءه في النظام السياسي الاسلامي بصدد الاصلاحات السياسية: " احلقوا رؤوسكم قبل ان يحلقها غيركم" (الفضائية العربية11 /6 /2004 ). ولابد في هذا الشأن الاخذ بمسار الفكر العصري الذي ينزع عن السلطة قناع القدسية الذي تحاول التدثر به، ويعتبرها مجرد سلطة بشرية قابلة للخطأ والزلل والزيغ، وبالتالي يجوز نقدها ويتعين مراقبتها ومحاسبتها. ان مشاريع الاصلاح السياسي في العالم الاسلامي ستصطدم بعقبة كأداء فيما لو تحققت، يقف حائلاً بوجه نجاحها الانفجار السكاني الهائل. فالانظمة الجديدة التي تحاول تأسيس نفسها وفق سياقات الحداثة السياسية ستعجز عن اجراء تنميات معاشية واقتصادية مناسبة، وتفشل في نقل شعوبها الى حالات الامن الغذائي والسكني والصحي والبيئي والتعليمي والخدماتي، لان التسارع العددي للسكان لا يتناسب مع (او يواكب) اي خطوات سائرة نحو تحسين الاقتصاد والتنمية العصرية وتحقيق الانتاج الصناعي الحديث والزراعي المتطور بسبب تراكمات التخلف في كل الانشطة، لذا لابد من خطوات عملية ومناسبة تحدُ من النمو السكاني وذلك بتشجيع الناس على تنظيم تناسلهم واسرهم، والصخب الذي يتعالى ضد مثل هذه التصورات لايستند الى معايير حسابية وعلمية، وهو بعيد عن الحلول الواقعية والعقلانية، فما معنى ان يبتهج الداعين الى الزيادة العددية في نفوس المسلمين- حتى لو انطلقوا من غيرتهم الشديدة على الاسلام – وهم عاجزون تماماً لتقديم الحلول الواقعية والعقلانية من اجل انقاذ مجتمعاتهم من حالات ذل الفقر ومهانة العوز، من حالات بائسة ويائسة تضيع فيها الكرامة والمعنى، وهل تفيد الاعداد الهائلة في تغيير الاوضاع الصعبة والمزرية التي تتنافى مع ابسط القيم الدينية السامية ومع كل حقوق الانسان في الحياة، مثل اوضاع العالم الاسلامي؟! اضافة الى ما اسلفنا فان آفاق خروج العالم الاسلامي من مأزقه الراهن يتوقف على نشر وترسيخ ثقافة بديلة تحل محل الثقافة اللاعقلانية التي تحكم العالم الاسلامي اليوم في مجالات السياسة والقانون والاقتصاد والتعليم الموروث والقيم الثقافية والاجتماعية، لان هيمنة الثقافة اللاعقلانية التي تنتمي الى فضاءات القرون الوسطى أفضى الى الغاء الحريات وتبرير الجهل والتخلف وتوسيع الاستبدادين السياسي والديني. ان غاية الثقافة العقلانية والمتنورة البديلة هي فرد مستقل قادر على التفكير ومجتمع ديمقراطي حر قائم على تعاقد اجتماعي بين افراد احرار. وهي في هذا تدعو الى فصل المجال الديني عن مجال الدولة والسياسة والقانون، وتدعو الى حرية الضمير من حيث انها تشمل حرية الاعتقاد وحرية الرأي والتعبير والاخذ بما جاءت به شرعة حقوق الانسان المعترف فيها دولياً.
#مهدي_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بؤس نقد الوعي: مجلة الاداب نموذجا
-
مدخل لفهم التنوير
-
بدوي اول الفلاسفة المعاصرين
-
الحالمون والازمنة الفاسدة
-
فلسفة الثقافة البديلة في العراق
-
النفري افكار مشوشة وتاريخ غامض
-
معنى الانسان في تصورات ابن عربي
-
الذكرى المئوية الثامنة لميلاد العارف جلال الدين الرومي
-
ايها المتشددون اصنعوا ثمة شئ للعالم
-
السهروردي قتيل الاشراق
-
سيبويه رائحة التفاح
-
صالح بن عبد القدوس
-
بَشَّارُ بن بُردٍ قتيل الهوى قتيل التمرد
-
التوحيدي فيلسوف الادباء
-
ملاحظات حول بسط التجربة النبوية/اطروحة المفكر الايراني عبد ا
...
-
سلطة الله وسلطة البشر
-
اهل الكهف والصحوة الاسلامية
-
التدين العقلاني
-
لماذايندرج الشباب في تيارات العنف
-
الزمان العجائبي في سرديات الطبري
المزيد.....
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|