|
الجدل حول المجلات الثقافية وكيفية تطوره مع ظهور الثقافة الإلكترونية
نادية أبو زاهر
الحوار المتمدن-العدد: 2142 - 2007 / 12 / 27 - 11:37
المحور:
ملف مفتوح : نحو مشاركة واسعة في تقييم وتقويم النشاط الفكري والإعلامي للحوار المتمدن في الذكرى السادسة لتأسيسه 9-12-2007
المجلات الثقافية ومدى الإقبال عليها وأهمية دورها في المجتمعات العربية ومدى تأثيرها في التكوين الثقافي للإنسان العربي على مدى العقود الماضية باتت مثار جدل. وتراوح الجدل بين من يدافع عن تلك المجلات ودورها في المجتمعات العربية وبين من يعتقد أنه لم يكن لها أي تأثير في مجتمعاتنا العربية والاعتقاد أن الإقبال على الصحف السياسية أكثر بكثير من المجلات الثقافية. ومع انتشار ما بات يعرف "بالثقافة الإلكترونية" وانتشار ظاهرة المجلات الثقافية الإلكترونية عاد الجدل من جديد، لكن هذه المرة بات يضاف إليه جدل آخر حول إمكانية أن تشكل المجلات الثقافية الإلكترونية والمنتديات الثقافية بديلا عن "الصالونات الثقافية". وسنحاول أن نلقي الضوء على هذا الجدل، لكن هذا لا يعني بأننا سنحيط بجميع تفصيلاته التي بدأت بالتشعب على أكثر من صعيد. لذا سنعمل على معالجة هذا الموضوع في محاولة لمعرفة أين تقف المجلات الثقافية من التكوين الثقافي للإنسان العربي؟ وهل ستشكل المجلات والمنتديات الثقافية الإلكترونية بديلا عن "الصالونات الثقافية"؟ يذهب المدافعون عن دور المجلات الثقافية العربية في التكوين الثقافي للإنسان العربي، أن الرواد الأوائل الذين أنشأوا المجلات الثقافية الأولى في الوطن العربي، كانوا مدركين لأهمية "المجلة الثقافية" ودورها الذي جُعل منه قوة دافعة لمسار النهضة العربية في القرن التاسع عشر. حيث يرى أصحاب هذا الرأي أن أي استرجاع لأهم المجلات الثقافية التي صدرت في القرن التاسع عشر يؤكد هذا التكييف، ويؤكد وعي القائمين عليها بدورها الحضاري في معركة التقدم. فهي حسب اعتقادهم آلة هدم للعالم القديم والتمهيد لبناء عالم جديد، يخلو من كل سلبيات الماضي المتخلف وعوامل جموده. ولذلك خاضت المجلات الثقافية معركة النهضة التي اعتمدت على جهود صنَّاع النهضة الذين جعلوا من مجلاتهم الثقافية، سلاحهم في معارك الحريات السياسية والاعتقادية، وترسيخ حضور الدولة المدنية وتأكيد حتميتها في مسار التقدم، وأشاعوا مبدأ التسامح في الفكر والاعتقاد، وحاربوا الطائفية والنزعات العرقية، فضلا عن أشكال التمييز الراسخة ضد المرأة، ودافعوا عن حق المرأة في التعليم والمشاركة الاجتماعية، وانفتحوا على العالم بكل تياراته، واستبدلوا العلم بالخرافة، منطلقين مع الموجة الصاعدة للطبقة الوسطى التي اكتسبت من "المدنية" الحديثة ملامحها الأساسية: قبول التعدد العرقي، والتنوع الجنسي، والتباين الثقافي، والاعتراف بحق الآخر في الوجود. ولم ينسوا الوقوف في صف أنواع الإبداع الأدبي والفني الجديدة، فآزروها بما أكد حضورها وجعلها جزءا لا يتجزأ من بناء ثقافة النهضة. ويشير الرأي المدافع عن دور المجلات الثقافية لا سيما في تلك الآونة استطاعت فتح أفق الحوار الثقافي مع العالم المتقدم كله، وتقديم أفكاره وتياراته وفنونه الإبداعية الجديدة إلى القارئ العربي، الأمر الذي أخرج هذا القارئ من عزلته، وعمّق فيه الوعي بأنه ينتسب إلى المعمورة الإنسانية التي لا يتناقض انتسابه إليها مع انتمائه إلى وطنه أو إلى عروبته أو دينه. كما استطاعت تأجيج رغبة السير في الطريق الذي أفضى إلى تقدم "العلم الغربي" الذي بدأ من حيث توقف العلم العربي، لكن ليس من منظور البكاء العاجز على الماضي الذاهب، وإنما من منظور الرغبة المتلهبة في اللحاق بالمتقدم. فالمجلات الثقافية فتحت الأبواب لترجمة الأنواع الإبداعية الجديدة التي لم يعرفها العرب، على الأقل في شكلها الحديث. وكما أدى تبنّى المجلات الثقافية العامة لقضية المرأة إلى تتابع إنشاء المجلات الثقافية النسائية، في سياق النهضة، الأمر الذي أدى إلى اهتمام هذه المجلات بالفنون الأدبية الجديدة إلى إنشاء مجلات متخصصة في ترجمة الروايات أولا، ومختصة بفن المسرح ثانيا، وذلك في السياق الذي أدّى، أخيرا، إلى ظهور المجلة الأولى المهتمة بفن السينما. وعن حاضر "المجلات الثقافية" التي تزايدت وتعددت وتنوعت، وأصبحت موضوعا للمنافسة الإيجابية بين الأقطار العربية، يعتقد هذا الرأي أنه لا يزال زمننا يشهد من جوانب السلب والإيجاب الكثير الذي يدفع هذه المجلات إلى الأمام أحيانا، ويجرها إلى الخلف في أحيان أخرى. هناك رأي آخر لا يعتقد بأن المجلات الثقافية كان لها أثر كبير في التكوين الثقافي العربي ويعتقد أصحاب هذا الرأي أن إقبال القارئ العربي دوما يتجه نحو الترفيهي والسياسي أكثر منه إلى الثقافي، ويجادلون أن ما ذهب إليه المدافعون عن دور المجلات الثقافية كقوة دافعة لمسار النهضة العربية في القرن التاسع عشر، لم يكن ليحدث لولا ارتباط تلك المجلات بالصحف السياسية. حيث يعتقد أصحاب هذا الرأي أنه عندما تم تخصيص مجلات ثقافية تصدر دون ارتباطها بالصحف السياسية أدى ذلك إلى وجود ظاهرة محبطة مرتبطة بالمجلات الثقافية، وهي أنها مجلات قصيرة العمر، ما تلبث أن تختفي لأسباب كثيرة، أهمها: عدم توفر تمويل مادي لاستمرار مطبوعة لا يشتريها أحد، إما لغلائها، أو لنخبويتها، وغياب الدعم المادي الذي يضمن استمرار طباعتها بشكل يفي موضوعاتها حقها. ويقلل أصحاب هذا الرأي من الطرح الذي ذهب إليه المدافعون عن المجلات الثقافية فهم يعتقدون أن الصفحات الثقافية ليست منابر سياسية أو اجتماعية، ولا حتى تربوية أو تعليمية، كي يكون لها تأثير مباشر وفوري في الرأي العام، لا سيما مع وجود عائق الحريات الذي يجعل لكل مجلة ثقافية سقفا لا يمكن تجاوزه. مع التقدم التكنولوجي وانتشار المنتديات والمجلات الثقافية الإلكترونية لم يعد يقتصر الجدل حول دور المجلات الثقافية عند هذا الحد، بل تطور نوع جديد من الجدل حول دور المجلات والمنتديات الثقافية حيث لم يعد الحديث عن قصر عمر المجلة الإلكترونية لعدم توفر الإمكانيات المادية اللازمة لاستمرار صدور المطبوعات الثقافية لقلة وجود من يشتريها أو الحديث عن انخفاض سقف الحريات للمجلات الثقافية مبررا للجدل. فالمدافعون عن دور المنتديات والمجلات الثقافية الإلكترونية يرون أنه مع التقدم التكنولوجي أصبح هناك إمكانية للوصول إلى المنتدى أو المجلة الثقافية الإلكترونية في أي مكان ودون الحاجة إلى دفع تكاليف مادية فاتسع بذلك دائرة قرائها، كما أنه أصبح هناك اتساع كبير في هامش الحرية المتاح لها وفتحت بذلك أمام القارئ العربي من الآفاق المعرفية ما لم يكن متاحا له من قبل، ويجد فيها الكاتب حقولا من الحرية لا تطالها أصابع الرقابة وحراس الكلمة المحبوسة، فلا عمليات شطب للجمل والفقرات وتحريف الكلمات، ولا رفض للمواد والنتاج الأدبي.
على عكس ما يراه هؤلاء المدافعون عن المجلات والمنتديات الثقافية الإلكترونية بأنها ساهمت في توسيع نطاق الحرية يرى المنتقدون أن مثل هذه المجلات والمنتديات تتيح المجال لكل من يريد المشاركة للإدلاء بدلوه، وتنشر حسب وصفهم "لمن هب ودب"، ويرون أنه لا يجوز أن تنشر مواد لكتّاب من ذوي المكانة المرموقة ومن لهم باع طويل في الأدب إلى جانب مواد لكتّاب مغمورين وليس لديهم ذات المكانة في الأدب. إلا أن المدافعين يعتقدون أن هذه النقطة ربما تعتبر من أهم إيجابيات المجلات والمنتديات الثقافية الإلكترونية حيث تكون هناك إمكانية أن يتعرّف الجيل الشاب الصاعد من الأدباء إلى أدباء من الجيل القديم من أصحاب الشهرة الواسعة، ويرون أنه لم يكن لأؤلئك الكتّاب الجدد أن تتاح لهم فرصة التعرف إلى أؤلئك الأدباء من ذوي المكانة المرموقة لولا هذه المواقع، ويجادلون أن نشر مواد لكتّاب لهم مكانة مرموقة في الأدب إلى جانب مواد لكتّاب مغمورين ليس لديهم ذات المكانة ليس معناه أي نوع من تقليل قدر النوع الأول من الكتّاب بل يترك الفرصة للقارئ أن يحكم على المادة المقدمة، فتكون المنافسة ليس بناء على الاسم والشهرة بقدر الجودة والقيمة الفعلية للمادة المنشورة بغض النظر عن مدى شهرة كاتبها.
يستمر هؤلاء المدافعون في ذكر المزايا التي يجدونها في المنتديات والمجلات الثقافية الإلكترونية والتي قد لا توفرها المجلات الورقية. فهم يعتقدون أن التقدم التكنولوجي كما كان له دور كبير في التقدم المعرفي وسهّل كثيرا الوصول إلى المعلومة، فإن الثقافة حظيت بنصيب ذهبي فيه. فعشاق الشعر والأدب أو النقد ما عليهم سوى تشغيل محرك البحث وكتابة كلمة "منتدى ثقافي" أو "مجلة ثقافية"، لتظهر المئات من المواقع الثقافية المعنية بالأدب والثقافة والفنون. وأصبح للمنتديات الثقافية الإلكترونية خاصية مميزة وهي إمكانية إيجاد أقسام مختصة إن لم يكن ذلك متوفرا في المجلات الثقافية الإلكترونية. ويرون أن المثقف العربي أو الشاعر أو الأديب أو الناقد الأكثر استفادة من تلك المنتديات والمجلات الثقافية لأنهم يستطيعون نشر نتاجهم الأدبي للجماهير المختلفة وإلى كل العالم بصورة لم تكن متحققة لهم من قبل عن طريق المجلات الثقافية الورقية ذات التوزيع المحدود مقارنة بالمنتديات والمجلات الثقافية الإلكتروني. فهم يرون أنها خير مكان لنشر ما يكتب المثقف، دون الحاجة للقلق على نتاجه ألا يصل إلى الشريحة الكبرى من القرّاء، ودون الحاجة لانتظار المجلات الشهرية حتى تصدر أو انتظار الدور في الجرائد اليومية، ودون أيضا الخضوع لغربلة شاملة عامة لكل ما كتبه. لكن الرافضين لهذا النوع من المجلات والمنتديات الثقافية الإلكترونية يرون أنه ورغم أن إمكانية الانتشار للإنتاج الفكري في حالة المجلات والمنتديات الثقافية الإلكترونية يكون أسرع وأوسع إلا أن الخضوع لغربلة شاملة لكل ما يُكتب هو إحدى الميزات للمجلات الثقافية الورقية التي تحرص كل الحرص على أن تخضع المادة الثقافية قبل نشرها لتدقيق ومراجعة بحيث لا ينشر أي شيء دون أن يرقى إلى المستوى المطلوب، على عكس المنتديات والمجلات الثقافية الإلكترونية التي غالبا تنشر ما يصل إليها دون أن تراعي التدقيق والمراجعة الشاملة لما يُنشر. كما يناقش الرافضون لهذا النوع من المنتديات والمجلات أن حقوق المؤلف تتلاشى وتضييع الحقوق الفكرية له، ويختلط الحابل بالنابل في حالة النشر في تلك المجلات الإلكترونية، ويعتقدون أن الأمر سيكون أكثر سوءا بالنسبة لضياع الحقوق الفكرية في حال المنتديات الإلكترونية.
يدافع المؤمنون بدور المجلات والمنتديات الثقافية الإلكترونية بالقول: "إن من يريد السرقة يسهل عليه القيام بذلك سواء في حالة المجلات الثقافية الورقية أو الإلكترونية، وبأنه يجري العمل على تطوير آليات جديدة من شأنها حماية حقوق النشر الإلكتروني". لكنهم ومع ذلك يجادلون أن هناك ميزة إضافية تستطيع أن تكشف السرقة بسهولة فيما لو حدثت عن طريق محركات البحث الإلكترونية، وهو ما لا يتوفر في المجلات الورقية. ويواصلون ذكر المزايا للمنتديات والمجلات الثقافية الإلكترونية ومن بينها إمكانية أن يعرف القارئ ردود قرّائه حول ما كتبه من مادة أدبية أو ثقافية وهو ما لا يتوفر في المجلات الثقافية الورقية. ويعتبرون أن أي مثقف لا يعرف استخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة سيُعتبر من المتأخرين وسيفوته الكثير مما يحدث من حوله، لذلك فهم يرون أن الوعي بأهمية تلك المنتديات والمجلات الثقافية الإلكترونية زاد كثيرا واستقطب هذا النوع من المنتديات والمجلات الإلكترونية من المثقفين العرب لا سيما من أصحاب المكانة المرموقة ومن ذوي الشهرة الواسعة.
على صعيد آخر يثار نوع من الجدل حول المنتديات الثقافية الإلكترونية والصالونات الأدبية. فالصالونات الأدبية هي مكان يلتقي فيه المثقفون لمناقشة القضايا الثقافية المختلفة، ولتبادل الآراء حول مشاريع الأعمال الإبداعية قبل نشرها. وربما هي من الأماكن التي يفضل ارتيادها الأدباء والشعراء لتبادل الآراء حول القراءات الشعرية والنثرية. وهناك اعتقاد أن الصالونات الأدبية كانت منتشرة بشكل كبير في السابق لكن عددها الآن بات يتقلص شيئا فشيئا، لا سيما في ظل انتشار ما بت يُعرف بالمنتديات الثقافية الإلكترونية.
يتراوح الجدل حول الصالونات الأدبية والمنتديات الثقافية الإلكترونية بين من يرى أن الصالونات الأدبية باتت موضة قديمة حلت محلها المنتديات الثقافية الإلكترونية، ومن يرى استحالة أن تحل المنتديات الإلكترونية محل الصالونات الأدبية. فالمدافعون عن الصالونات الأدبية يرون أن التواصل من خلال المنتدى الإلكتروني يكون تواصلا إلكترونيا عن طريق جهاز الكمبيوتر وبالتالي لا يكون هناك دفء أو حميمية في العلاقات الإنسانية بين والناس ولا يكون التواصل فعلي بينهم على عكس الصالونات الأدبية التي يكون فيها التواصل الإنساني حقيقيا، وبالتالي إمكانية إنشاء علاقات إنسانية حقيقية بين المثقفين حيث تدور النقاشات والحوارات والأحاديث في الأمور الثقافية المختلفة وجها لوجه وهو أمر يختلف عن التواصل الإلكتروني.
المدافعون عن المنتديات الثقافية الإلكترونية لا يرون أن التواصل الفعلي الإنساني ضروري في حالة النقاش حول مسألة ثقافية معينة، فهم يعتبرون أن المنتديات باتت توفر الكثير من الوقت الذي قد يستغرقه المثقف للوصول إلى الصالون الأدبي، كما توفر عليه الوقت في الوصول إلى أي قسم ثقافي يفضله، عدا عن سرعة الوصول إلى أية معلومة ثقافية يحتاجها. كما يرون أن هناك ميزة إضافية في التواصل عبر المنتديات الثقافية وهي إمكانية تواصل المثقفين مع بعض من دول العالم المختلفة وهو ما لا يتوفر في الصالون الأدبي. عدا عن أن المنتديات الثقافية الإلكترونية تتيح فرصة التعرف على النتاج الأدبي لأي مثقف بسهولة، وتوفر للقارئ إمكانية أن يبدي أي تعليق أو انتقاد لما قرأه أو موقفه مما قرأه بحرية كبيرة دون الخضوع لمقص الرقيب، ودون أن يتم الكشف عن هويته إن تحرج من ذلك فما عليه إلا أن يدخل إلى المنتدى باسم مستعار.
إمكانية الدخول إلى المنتديات الثقافية الإلكترونية باسم مستعار يعتبرها المنتقدون لهذه المنتديات أنها سلبية، إذ يرون أن من يرتاد المنتدى قد يدخل باسم مستعار وباسم الحرية التي توفرها المنتديات قد يكتب ما يسيء إلى الذوق العام، في حين أن ذلك لا يحدث في الصالونات الأدبية. كما أنهم يرون أنه في المنتديات الثقافية الإلكترونية تتاح الفرصة للمبتدئين أن يعرضوا نتاجهم. ويوجد في كثير من الأحيان إسفاف ومجاملات في المنتدى الثقافي الإلكتروني ويعتقد عندها هؤلاء المبتدئين أنهم وصلوا إلى مستوى جيد وأن مادتهم جيدة وفي الحقيقة لا يكون الأمر كذلك، في حين أنه في الصالونات الأدبية يتم النقاش بين الأدباء ليس بناء على المجاملات ويكون هناك نقد حقيقي فيما يتم النقاش حوله وليس بناء على مجاملات، لأن الأدباء والمثقفين يعرفون بعضهم بعضا جيدا.
لا يرى المدافعون عن المنتديات الثقافية الإلكترونية أنه ينبغي وضع جميع المنتديات الثقافية الإلكترونية في نفس السلة، فهم يرون أن هناك منتديات ثقافية جادة مستواها متقدم ومتطور وبعضها ليست بذات المستوى. ويجادلون أن ما تسمح به بعض المنتديات بالدخول بأسماء مستعارة لا تسمح به منتديات أخرى. ويرون أن هناك منتديات ثقافية يقوم عليها مثقفون كبار ولهم خبرتهم ولا يدخلها أي شخص دون أن يكون لديه رقم سري واسمه الذي ينشر نتاجه خلاله، ويكون الأدباء فيه معروفين. وعن أهم المزايا التي يجدونها في المنتديات الثقافية الإلكترونية السرعة في نشر أي نتاج ثقافي أو أدبي جديد مباشرة وإمكانية أخرى تتيح للقارئ التعليق على ما يتم نشره أيضا بشكل مباشر، الأمر يشعر معه الأديب أو المثقف أنه في أمسية مباشرة مع جمهور قرائه، وهذا الأمر يدفعه إلى إنتاج المزيد ويشجعه على التواصل مع قرائه ومعرفة النقد الموجه إلى مادته وتفاديه في المستقبل. ويواصل المدافعون عن المنتديات الثقافية الإلكترونية ذكر المميزات التي يجدونها في تلك المنتديات حيث يرون أنها مفتوحة للجميع وقد استطاعت استقطاب الآلاف من الأقلام والمواهب العربية الشابة فأتاحت لهم الفرصة للظهور إلى جمهور عريض. حاولنا استعراض أبرز النقاط المتجادل عليها حول المجلات الثقافية ومدى الإقبال عليها في المجتمعات العربية من خلال وجهتي النظر التي ترى أهمية دور تلك المجلات وتأثيرها والتي لا ترى ذلك. كما حاولنا أن نرى كيف تطور هذا الجدل بعد ظهور الثقافة الإلكترونية الذي تراوح بين المدافعين عن المجلات الثقافية الورقية وبين المدافعين عن المجلات الثقافية الإلكترونية، وكذلك ظهور نوع جديد من الجدل حول مدى إمكانية أن تشكل المنتديات الثقافية الإلكترونية بديلا عن الصالونات الأدبية. بين المدافعين عن الصالونات الأدبية والمدافعين عن المنتديات الثقافية الإلكترونية وتراوح الجدل بين من يدافع عن تلك المجلات ودورها في المجتمعات العربية وبين من يعتقد أنه لم يكن لها أي تأثير في مجتمعاتنا العربية والاعتقاد أن الإقبال على الصحف السياسية أكثر بكثير من المجلات الثقافية. رغم كل هذا النقاش تبقى الحقيقة الواضحة أن الإقبال على المجلات الثقافية سواء أكانت ورقية أم إلكترونية وكذلك الإقبال على الصالونات الأدبية والمنتديات الثقافية الإلكترونية لم يكن بنفس الدرجة حول الإقبال على المجلات والمنتديات الأخرى من ترفيهية وسياسية، كما لم يكن لها التأثير المطلوب في التكوين الثقافي الإنساني العربي مقارنة مع الصحف والمواقع الإلكترونية السياسية. فرغم أهمية التطور الإلكتروني الذي ترافق معه ظهور مجلات ومنتديات ثقافية إلكترونية في الوسط العربي، إلا أن نسبة القراءة في المجتمعات العربية لا زالت من أدنى مستوياتها مقارنة مع غيرها من المجتمعات الصناعية ذات التطور الحضري. ومن الواضح أن هناك نقص كبير في الدراسات العربية التي تعالج أسباب هذه الظاهرة وكيفية معالجتها وكذلك كيفية الاستفادة من ظهور الثقافة الإلكترونية واستغلالها بذكاء لمواكبة التطور التقني والارتقاء بمستوى المجلات والمنتديات الثقافة الإلكترونية لتقوم بالدور المنوط بها كما ينبغي للتأثير في التكوين العربي، بدلا من الوقوف في مجابهتها ومحاربتها. فكل عصر يفرز أدواته، ونحن نعيش في عصر الكتروني أفرز لنا أداوته التي ينبغي لنا مواكبتها واستغلالها.
#نادية_أبو_زاهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجدل بين النشر الورقي والنشر الإلكتروني ومستقبل الكتاب الور
...
-
مداخلة فكرية حول المثقف والسلطة جينيولجيا المثقف العربي
-
قراءة في مواقف مؤلفي كتاب -ثقافة العولمة وعولمة الثقافة- من
...
-
قراءة في مقالة دانكوارت رستو - التحول الديمقراطي باتجاه نموذ
...
-
قراءة في مقالة دانكوارت رستو التحول الديمقراطي باتجاه نموذج
...
-
في حوار مع المفكر برهان غليون:المجتمع المدني مخلوق تاريخي يظ
...
-
غموض مفهوم -المجتمع المدني- ونظرة سريعة حول -زئبقيته-
المزيد.....
-
العثور على قط منقرض محفوظ بصقيع روسيا منذ 35 ألف عام.. كيف ب
...
-
ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف -الناتو- في فلوريدا
...
-
الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ
...
-
صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. -ألماس- الإيرانية المستنسخة م
...
-
كيف احتلّت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ولماذا انسحبت بعد نح
...
-
باكستان ـ عشرات القتلى في أحداث عنف قبلي طائفي بين الشيعة وا
...
-
شرطة لندن تفجّر جسما مشبوها عند محطة للقطارات
-
أوستين يؤكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بالتوصل لحل دبلو
...
-
زاخاروفا: -بريطانيا بؤرة للعفن المعادي لروسيا-
-
مصر.. الكشف عن معبد بطلمي جديد جنوبي البلاد
المزيد.....
|