ناس حدهوم أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 2119 - 2007 / 12 / 4 - 08:11
المحور:
الادب والفن
بالكاد إستطاعت عشوشة أن تتدبر مبلغ الأضحية . لقد أقبل عيد الأضحى ولم يبق له
الا أياما معدودة .
زوجها مريض وطريح الفراش منذ أشهر طويلة .وعمله بالأوراش لم يكن ليضمن له أي
حقوق تذكر . فتحملت عشوشة أعباء الأولاد ومصاريفهم لوحدها لأن لا أحد من أقاربها
كان ليساعدها .لأن هؤلاء الأقارب بدورهم لا حول لهم ولا قوة ( كلشي كيقول راسي راسي) . هكذا كانت تردد دائما .
جمعت عشوشة نفسها ودست المبلغ في محفظتها وتطوع أحد صغارها لكي يرافقها
الى سوق الأكباش بضاحية المدينة . فوضعت يدها في يد صغيرها عادل وقصدا معا
السوق وهي تتمتم بعبارات غير مفهومة تدعو الله لكي يسهل لها في أضحية تكون على مقاس ما بمحفظتها من أوراق مالية قليلة جمعتها بمشقة الأنفس .
حقق الله أمنيتها إذ للتو تمكنت من إيجاد خروف بثمن أقل مما كانت تتصور .حمدت الله
على الفرج وعمت الفرحة قلبها وقلب فلدة كبدها .كان السوق يعج بالكسابة والمشترين
والحمالين واللصوص وسيارات النقل وكانت الفوضى تضرب أطنابها في كل أرجاء السوق
غياب التنظيم وغياب حراس الأمن . الفوضى والهرج يعمان المكان فتشعر إن كنت إنسانا
كأنك في عالم سريالي عالم أهبل ومجنون .
كان على عشوشة أن تساوم سيارات النقل .الذين تمتليء بهم أماكن معينة بجانب
من جوانب السوق .فتركت طفلها عادل يحرس الخروف ريثما تعود اليه بعد تأمين مكانها
بسيارة النقل الجماعي حيث يختلط الخرفان بالبشر .
عادت مهرولة بعد أن حجزت المكان للخروف ولها ولإبنها .لكنها لما وصلت حيث عادل
يبست في مكانها .
الطفل يبكي . ولا أثر للخروف هناك .تطوع أحد اللصوص ليشرح لها كيف تمت عملية
نشل الخروف من عادل . لكن عشوشة لم تشعر - وبحركة لا إرادية - إنقضت على صغيرها بكلتا يديها . طوقت عنقه الغض . وخنقته ولم تتركه إلا وهو جثة هامدة .
انتقل الى الاعلى
#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟