أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رنا جعفر ياسين - فوبيا بغداد .. الموت على مشارف الحلم / الولادة خارج اطار الذات














المزيد.....

فوبيا بغداد .. الموت على مشارف الحلم / الولادة خارج اطار الذات


رنا جعفر ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 2062 - 2007 / 10 / 8 - 12:24
المحور: الادب والفن
    


ما دفعني للكتابة عن الدراما التلفزيونية ( فوبيا بغداد ) هو احساس اعرفه جيدا .. و يعرفه ُ كل من اخترقه الموت ( ولكنه أخطأه سهوا ) في واقع دموي مسجى بالخسارات و الرحيل و العويل و الجثث
و هذا الجحيم اليومي في العراق يحتاج الى لغة مشابهة توصل ما انقطع بين قدرة العيش على قارعات الموت و بين عدم القدرة على استيعابها احيانا , فجاءت ( فوبيا بغداد ) من على شاشة قناة الشرقية الفضائية لتعكس ذلك الحوار المناور لكل وقائع القتل المجاني و السلخ اليومي التي طالت حتى قدرة الانسان على مزاولة الحلم هناك
الحكاية تبدأ من قناعة بالبقاء في بغداد و رغبة عارمة في مواجهة الموت الصاخب سرعان ما تتلاشى و تقف عند خط احمر يستوحش ثراء الفجائع و فجور الموت .. مولدة رغبة معاكسة تتجسد في الرحيل بغية مواجهة الموت و لكن بطريقة مختلفة .. و بشكل يخرج من زيف الشعارات و الاديلوجيات ليدخل عوالم مفضوحة و مجاهرة بكل مأساة العقل الباطن و هو ينفتح على رفض الواقع و في نفس الوقت الايمان بظلام محيط يكبل البصر حتى خارج اسوار الهذيان اليومي و هو يتوارث النكبات ليستعجل الرحيل نحو ولادة مؤولة تشق جدران الرحم حين يباغتها العفن , فيكون العيش خلف جدران ملوثة بالدوي تطل على شوارع انهكها احتشاد الموت هو الدافع لصراع يتنامى و يكبر بين البقاء و اللابقاء .. بين الهوية و اللاهوية ... و الأكثر من ذلك بين الانتماء و اللا انتماء
و هذا النتاج الدامي الذي جسدته ( فوبيا بغداد ) يؤرخ لحالات تتوالد يوميا و تكبر ( موت مضج / عويل صامت / نحيب مستجير / أشلاء تتقاسمها مزابل البلاد / خمر للهروب / هجرة يومية / تهديد / ضياع خانق / تشظي الذات / حنين / تواشج عاطفي / غربة قاتلة / خيانة / ثكل / ترمل /اشتياق / وفاء / اقتسام المصائب / الهروب لمواجهة الحياة الجديدة ) ,, و كل هذا جاء في سياق تتداخل و تتشابك فيه هذه الحالات و تتمحور حول شخصية الدكتور هيثم الذي جسده الفنان المبدع ( حسن حسني / مخرجا و ممثلا في العمل) و لتنطلق منه الى محاكاة الذات الغارقة في كابوس يتكرر كل يومي بحدث فجائعي .. متخذة من الجانب النفسي انعكاسا لكل ما تبتغيه هذه الذات من رغبة بنسيان الالم و العذاب .. و محاولة تناسي الموت , و من خلال القناعة بأمكانية الولادة مرة اخرى لتحقيق الانتماء الى حالة مستحدثة تجسدها النجاة المباغتة لمقصلة الموت و في بقعة مليئة بالازبال الى الانطلاق محلقا بروحه بعيدا عن رخاء قديم و بداية متسخة بالنفايات و البشر و باسم اخر تتبناه ذاته و لكن دون الابتعاد عن مفردات اسمه الكاملة , كأن هذا الانفصال عن الماضي جاء جزيئا و متمسكا ببعض لا تنال منه وحشية الدم .. و هذا التخلي عن الهوية جاء في صراع بين عقل واع و عقل باطن , مشيرا الى البقاء داخل محارة الذات الأولى .. فصار البقاء في ماض خسره و لكنه يراوده بين الفينة و الفينة هو الرمز لما استحدث فيما بعد من هروب جديد لواقع اخر صار ماضيا ايضا و لكنه مرتبط هذه المرة بمعايشة لحظة زهق الروح التي تجاوزته و جعلته ينقسم بين حيوات ثلاث
و صار الدفاع عن الذات المرهفة الرافضة للواقع من خلال رفض الذات كوسيلة دفاعية يواجه بها صناعة ايامه الجديدة في بلد مجاور و هي تحاول احترام انسانية هدرتها الحرب و من خلال الهروب من مواجهة الهروب بصناعة ذات اخرى تشفر ماضيها لتنسى .. و تزوال التقمص للآخر بفعل واع يقترب من الانكار الذهني المتعمد و المشخص بفقدان الذاكرة و هي تدرك جيدا مسلسل الدم و السلخ في فضاء تؤطره رغبة الولادة من جديد و في مقارنة بين حياة كريمة قادته للتلاشي و بين ولادة متسخة بالدم و الجراح و النفايات تقوده لحضن امرأة ثكلى ينتابها جنون الفقد لتحمله نحو النجاة بعيدا عن رخاء الموت .. و يكون رمزا ً للرغبة الهاربة من العدم , للصحوة من كابوس الذاكرة , و للتمرد على الذهول لحظة عناق الموت
و هذا الانعتاق من الجحيم داخل بلورة مصفحة بالشظايا , يدفعه لأن يحمل اوزار حبه للوطن و يسافر, ليكونَ بذلك الناجي من الموت , الشاهد على بشاعة فاحشة و باهضة , المدون للجريمة و هو ينسل منها كحياة عليها ان تتجدد حتى تنقل شريط الرذيلة اليومية و هي تمارس بغاء الموت , و أيضا المؤسس لذاكرة تستدرج فصول الرعب و الألم و العذابات لحظة فصل الروح عن الجسد حتى و ان كان خارجا ً بكيان مثقوب أو كما يقول الفنان حسن حسني ( بذاكرة مثقوبة )
هذا العمل الدرامي الكبير ضم نخبة من المبدعين الكبار ( على مستوى التأليف و السيناريو و الحوار حامد المالكي , و على مستوى التمثيل سامي عبد الحميد / فوزية عارف / سليمة خضير / سها سالم / محسن العزاوي / جواد الشكرجي / و مجموعة كبيرة من مبدعي الدراما العراقية )
و هؤلاء حملوا وطنا ضاق بمبدعيه و لكنهم حاولوا غسل الدم عنه و حاولوا رسم طريق يمنحهم فرصة بنائه من جديد .. و بقسم يخض السماء فتبكي معنا و نحن نلامسه بأفواهنا و قلوبنا حين يتعالى الصوت ( و العراق )
فرفعوا شعار الحب لمواجهة الموت .. و ايضا شعار العراق لمواجهة العراق .



#رنا_جعفر_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خاطفٌ أطلقني في وجه الرحيل
- جدارية
- جريمة ُشرف
- أطوار بهجت ... عزاء أبيض
- نصب الحرية
- رثاء الزهور
- رأسُ السنةِ الحربية
- هذيان يشبه الموت
- خديعة
- صناعات
- لعشق سيولد في بلاد الموت
- بعيداً عن طفولتهم .. قريباً من مسارات الغضب
- البطالة .. طريق معبد للارهاب
- الشرعية في التمثيل السياسي
- مُختنقينَ من تبديل ِ الوجوه
- رسالة الى طارق حربي
- حوارُ أم
- كتبتها سراً .. أبعثها علناً
- همسُ الليلك ِ
- سيدُ الأساطير


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رنا جعفر ياسين - فوبيا بغداد .. الموت على مشارف الحلم / الولادة خارج اطار الذات