|
العلم نور ردا على جاك عطا لله
محمود جابر
الحوار المتمدن-العدد: 2047 - 2007 / 9 / 23 - 09:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
العلم نور هذه حكمة قديمة .قد لا أعرف من قائلها إلا أنها حكمة جيدة ، وهى أيضا تعنى أن الجهل ظلمة ، والجهل من الجهالة وهى عدم المعرفة أو الافتراء في القول أو الفعل، وأنا هنا في هذا المقال أحاول أن تلمس ردا على مقال جاك عطا الله المعنون ب( أستاذ فتوى رضاع الكبير يشكو للرسول والسيدة عائشة رفته من الأستاذية بالأزهر و تحريف الأزهر للقرآن والسنة ) والمنشور بالعدد 2034 بتاريخ 19/9/2007 . والأستاذ (جاك ) أقحم نفسه بهوى في قضية أظن انه لا علم منها شيء إلا كعلمي باللغة اليابانية ، وأن إقحامه فيها يتشابه مع إقحامي في معركة تيار الرهبان الجديد ضد قداسة البابا شنودة واتهامه بالهرطقة والنسطورية في عقيدة التوحيد والتثليث وبعض تعاليم الكنيسة . ولعلي لن اشرح ل(جاك ) أو آلاف ( الجواك) غيره الفرق بين القرآن والسنة في عقيدتنا نحن المسلمين ، والذي يطلب (قدسه) حذف بعض آياته طالما قام المفتى وغيره بإنكار الحديث الذي اجتهد( قدسه) ليأتي لنا بمصدره في كتب الحديث والتراث الإسلامي وغيره ، ولكني لن أجهد القارىء أو أجهد (قدس) الأخ (جاك) بموضوع القرآن والحديث واختلافهم واختلاف نظرت المسلمين ومدارسهم حيال هذا الأمر ، ولن أقف منه موقف (لا تعيرني وعيرك ده الهم طيلنى وطيلك ) وأسوق له كلامهم فرق ومذاهب حول يسوع المسيح، وتعاليم الكنيسة، وموقف هذه الطوائف من الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ، لكن ما يهمني في هذه المقال القاعدة التي انطلق منها جاك . وهو الحديث عن اضطهاد إسلامي للمسيحيين والقرآن المحرض على العنف ونبذ الآخر، وهذا ليس برد هذا الاتهام عن القرآن أو الإسلام ، ولكن بقصد رد هذه الشبه والرد على أولئك المشبوهين العاملين تحت اللواء الأمريكي في محاولة تقسيم بلادنا ودعم الإمبريالية الغربية ، تحت دعوى (أن خرب بيت أبوك خد منه قالب ) . أقول وليعلم وليقرأ الأخ جاك وأمثاله انه حينما دخل/احتل العرب المسلمون مصر لم تكن مصر دولة مسيحية ، وأن المسيحية لم تنتشر في العهد الذي سبق دخول العرب مصر ، بل لقد انتشرت المسيحية بعد دخول العرب مصر وهذه واحدة . وما يدل على ما أقول هو وجود هذا الكم الهائل من الكنائس والأديرة في مصر منذ عهد رسل الكنيسة الأوائل وحتى اليوم ، وكذلك عدم تعرض هذه الكنائس لعمليات هدم أو ابادة كما حدث للمسلمين في الأندلس بعد القضاء على دولتهم في الأندلس / أسبانيا والبرتغال . أما الآيات والقرآن الذي يتحدث عنه الأخ (جاك) فانه وصف المسيحيين أو النصارى بان" منهم قسيسين ورهبان وأنهم لا يستكبرون " كما وصفهم بأنهم " قالوا أن الله ثالث ثلاثة "، ووصف يسوع المسيح ب"أن مثل عيسى عند الله كمثل آدم " ، ووصف أمه ب" مريم التي أحصنت فرجها " وهذه بعض آيات من وصف القرآن للنصارى /المسيحيين فالوصف الأول فيه مدح للقساوسة والرهبان وإشادة بتقواهم وخشيتهم من الله ، أما الآية الثانية فإنها تصف النصارى بأنهم قالوا أن الله ثالث ثلاثة وهل خرج هذا الوصف عما ترددوه صباح مساء (بسم ألآب والابن والروح القدس اله واحد ) ، أما الوصف الثالث في حق يسوع المسيح وكذاك الوصف الآخر في حق السيدة العذراء فاننى اتحدي (جاك) بان يأتي بنص مماثل للوصفين في رقيهم وتنزيههم للسيد المسيح ولامه العذراء مريم في العهد الجديد أو في رسائل الرسل تنزههما مثل هذا التنزيه . ويبقى هناك أمر فيه شبه من حقيقة وهو تعرض المسيحيين /النصارى أو القبط للاضطهاد ودفع الجزية في عهود الدولة الإسلامية الممتدة من الخلفاء الراشدين وحتى نهاية الدولة العثمانية ، والأمر وان اطلق على علاته وجد فيه المرء صحة ولكن إذا ما فصلنا فيه القول نقول ، أن الدولة (الحاكم ) حين يتحرك فإنه ينظر إلى مصالحه والحفاظ على عرشه ، وقد اصطدم يزيد بن معاوية حين المحافظة على عرشه بالإمام الحسين حفيد المصطفى (صلى الله عليه وعلى آله) ، فما كان منه إلا أن قتله ، وقد اصطدم الحجاج ابن يوسف الثقفي بالبيت الحرام فضربه بالمجانيك وأضرم فيه النار، والأمثلة في هذا كثيرة ، فالتاريخ يثبت اضطهاد الحاكم للمحكومين لا لدينهم، ولكن خوفا على عرشه ، وكون هذا الحاكم أو تلك حاول أن يجد من الدين غطاء لأفعاله وتبريرها فهذا لا يطعن في الدين، و إلا فإن اضطهاد مسيحي مصر أو قبطهم من قبل حكام روما والرومان المسيحيين هو اتهام للمسيحية ، أو المذابح التي قامت بين المالكنيين واليعاقبة تدين المسيحية ،أو ما قام في أوروبا من مذابح في حق البروتستانت والكاثوليك وهو الذي مازال موجود يدين المسيحية(!!) ، والجواب بالنفي لسبب بسيط ، لان الأديان من عند الله ولا يستطيع كائن من كان أن يقول انه ليس هناك يهود ويهودية كرسالة وشعب جاءه رسول ، ولا يستطيع كائن من كان أن لا يقول أن هناك نصارى /مسيحيين وان المسيحية دين من عند الله . بيد أن الموقف من هذا الدين أمرا مغاير غير الإثبات وهذه قمة الاعتراف التي لا يعرفها الأخ (جاك )، الذي أتحداه أن يقول أن الإسلام دين سماوي منزل من عند الله ، أما قصة الجزية فهذه قضية كلاسيكية دينية وسياسية أيضا، حيث أن الأخر لم يكن عنصر مكون في جيوش الدفاع عن الأمة ومن اجل ذلك فرضة الجزية ك(بدل حماية للوطن لا للشخص )، وأما وان مبدأ المواطنة قد أصبح اجتهاد جديد وأصبح العالم يعرف هذا المبدأ منذ مطلع القرن العشرين، ومع ظهور الدول القطرية والدولة الحديث فأصبحت المواطنة هو الأصل وليس الدين ، أما ما يمكن أن يسوقه جاك من اضطهاد للأقباط في مصر ومحاولاته هو الآخرين أن يصنع من هذه المقولة أساطير مؤسسة حتى تنفتح له أبواب أوروبا وخزائن أمريكا وجنسيتها ، فنحن ياعزيزى في هذه البلد (مصر ) في (الهم شركو) مضطهدون أيضا مسلمون ومسيحيون وليس أقباط حيث أن كلمة( قبطي ) ، هي اسم لسكان مصر وليس خاص بأهل دين ، وان السلطة التي تضطهدونا قد احتكرت كل شيء الدين والدنيا المسيحية والإسلام وربما الإلحاد (!!) ، فمازال البابا شنودة يبايع (مبارك) باسم شعب الكنيسة في مصر ، كما يبايعه شيخ الأزهر ، فكلهم عزيزي أرجوزات في سيرك السلطة التي طحنت عظامنا وليس للإسلام ولا للمسيحية علاقة ،غير أن (الإخوان ) المتحالفون مع (مبارك ) في الخفاء يسبون النصارى ويكفرون المسلمون في العلن ، كما أن البابا الذي مازال يتذكر سنوات السبعينات والعزل والاضطهاد الساداتي ، هو نفسه من تحالف مع السادات ثم ما لبس أن ركب موجة الأصولية أي كلهم في الهم سواء ، فلا تصطاد يا عم جاك في الماء العكر واعلم أن ما قلته هو جهل مطبق وأن العلم نور وهذا يساوى اعتذارك عما قلت ن وارجوا أن لا تدعى أن احد المسلمين هددك واستباح دمك لأنك قلت ما قلت ، ولكني أقول لك ... قل كما تشاء وفعل ما تشاء ، لكن تعلم قبل أن تتكلم وأعلم أن العلم نور ...
* كاتب وباحث مصري متخصص في جماعات الإسلام السياسي والمشرف العام على منتدى الفكر بمركز يافا للدراسات – القاهرة – مصر.
#محمود_جابر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى متى تستمر مفكرة ابن سلول في الفتنة ؟!!
-
حاصدوا الشر
-
من كتاب بروتوكولات حكماء العقبة.. ماذا يحدث فى غزة 2/2
-
من طالبان الى فتح الاسلام ... وللسعودية وجوة كثيرة
-
الدور السعودي في أفريقيا الأبعاد والمخاطر
-
من كتاب بروتوكولات حكماء العقبة .. ماذا يحدث فى غزة ؟؟؟؟
-
الإخوان المسلمون وهل ما زال الأمر محض صدفة؟؟
-
تعددية الإبادة وتنوع الهلاك
-
الاقباط فى فكر الاخوان تعايش ام احتراب
المزيد.....
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|