أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعد نزال - فن كوميديا الزواحف















المزيد.....

فن كوميديا الزواحف


سعد نزال

الحوار المتمدن-العدد: 2034 - 2007 / 9 / 10 - 06:52
المحور: كتابات ساخرة
    


فن كوميديا الزواحف*لا يجيده أي شخص بل هو تخصص كغيره من التخصصات العلمية ,وينتمي إلى العلوم الإنسانية والطبيعية معا ,بل يجب أن يفرد له حقلا جديدا يضاف إلى حقول العلوم الأخرى,فهو متأرجح بين الاثنين ؛ فتراه تارةً يعتمد الإحصاء والتجربة والخطأ كمنهاج له وأخرى يعتمد القوانين الرياضية البحتة كقوانين اينشتاين ونيوتن فتعرف إلى أي جهة تميل بجسمك الثقيل عند استدارة السيارة مع الأخذ بعين الاعتبار لمن هم حولك من الركاب ,جنسهم,سنهم,درجة الفضول التي يتمتعون بها وطبعا لا تنسى السائق ونظراته الفضولية عبر المرآة المصغِّرة .
هناك نوعان من كوميديا الزواحف وكل نوع له تقسيماته الفرعية ,النوع الأول هو أن تبادر أنت إلى صعود السيارة وتختار مقعدك قرب النافذة وبكل أدب تاركا المقعد الذي بقربك فارغا لخلق الله أيا كان جنسهم وأصلهم وفصلهم,ولو سألك أي راكب :هل هذا المكان محجوز ؟يجب أن تبادر وفورا إلى القول:لا أخي تفضل أستريح لا يوجد حجز.تقولها وبكل براءة ووجهك بشوشا مبتسما وتلحقها بـ (الله بالخير عيوني).
وهنا قد يأتيك رزق من السماء يتمايل فرحا وغنجا ويتهاوى على المقعد الفارغ الذي بجانبك وتكون من الفائزين.
لن يسألك إن كان المقعد محجوزا أم لا لأنه صاحب فضل عليك ويعرف مسبقا حتى وان كان محجوزا لوالدك سيكون جوابك :لا والله ما محجوز!!
ثم تطلب من والدك أن يبحث له عن مقعد آخر أو حتى سيارة أخرى إن تطلب الأمر لأنه ليس صغير السن.
والقسم الثاني من هذا النوع يكون بقولك وبنبرة هادئة :نعم أخي محجوز,تقول ذلك وعيناك تمسحان المنطقة كعيني صقر بحثا عن فريسة ضالة ومتناسيا كل طول أو قصر أو حتى أستكماتزم في البصر,بل قل إن عينيك وبقدرة قادر تحولتا إلى عيون مركبة كعيني ذبابة التسي تسي وتستطيع أن ترى بذات الوضوح والنقاوة كل بقعة من ارض ألمراب .
ويستمر صعود الركاب وأنت تجلس في الحافة القريبة من الممر حاجزا المقعد المجاور للنافذة بجسمك الثقيل وتوزع الابتسامات على كل من يسألك عن ذلك المقعد قائلا, محجوز عيني, محجوز حبيبي, محجوز اغاتي, وتمثل دور الشخص القلق لتأخر صديقك المزعوم ولا تنسى أن تردد وبصوت مسموع , هذا وين صار؟
وفجأةً ينتصب شعر جسمك كمسامير الخرسانة عندما تطالعك عينا السائق في مرآته المصغرة وهما تتقادحان شررا وصوته المرعب يصرخ فيك ,وين صار صاحبك مو نريد نطلع عاد؟
وتنتبه إلى انه لم يبقَ مقعدا شاغرا إلا المقعد الذي بجانبك.
في هذه المرحلة وبعد التأكد من احتلال المقاعد كافة, تنساب بجسمك وباتجاه النافذة منكمشا انكماشة القنفذ الاملس, إن كان ثمة قنفذ أملس.
وأخيرا تنطق بصوت المهزوم الكسير, يلّه خويه خل يصعد أي واحد هذا يبين ما راح يجي.
ويجيبك السائق ولكن هذه المره ليس من خلال المراة بل يستدير بكامل جسمه باتجاهك قائلا:جا ليش اخّرتنه يابه؟
وبما ان عقلك راجح ولا تنزل إلى مستوى ذلك السائق فتكتفي بمط شفتيك وتشيح بوجهك عن ذلك الديناصور باتجاه النافذة مره أخرى.
أما النوع الآخر من كوميديا الزواحف فهو أن تحترم نفسك وتنتظر قرب باب السيارة وتنقض على الفريسة حال صعودها واحتلالها مقعدا أيّا كان مكانه ,وطبعا هناك أقسام وفروع عديدة لهذا النوع لا مجال لسردها.
أما الذي حصل لصاحبي وصديقي فيدل على قلة الخبرة وعدم التخصص,كشخص يصخم وجهه ويدعي انه حداد ماهر أو أن يرتدي بذلة بثلاثة أزرار وفتحتين مع ربطة عنق تحوي ألوان الأكس بي وندوز مجتمعةً ويصرح انه وزير فلته ويضيف في مؤتمره الصحفي , وسأسحق كل المشاكل التي تعيق عمل الوزارة وهذا ليس خارج تخصصي فقد قضيت جل وقتي بمطاردة و سحق الصراصير المنتشرة في داري القديمة قبل ان يوفقني الله واصبح وزيرا.
المهم إن صاحبي وبحكم عمله كطبيب بيطري في قضاء الشامية يستقل سيارة الأو أم كل يوم ذهابا وإيابا .
في صباحٍ من تلك الصباحات (والعهدة عليه) وعندما دلف داخل حبيبة العراقيين ولسنوات طوال(الأو أم) ,لمح المقعد الأخير والذي صمم لأربعة ركاب إلا إن سائقي تلك الحبيبة يصرون على حشر خمسة ركاب ويقسموا أغلض الايمان انهم لن يبرحوا مكانهمحتى يأتي الراكب الخامس,لمحه متشرفا بجسم ذو وجه ملائكي متشحا بعباءة سوداء.
حدق مليا في ذلك الوجه قبل أن يتجاوز المقاعد شبه الفارغة ليستقر وبهدوء دونما أي سلام أو كلام جنب كتلة العطور تلك.
دقائق وامتلأت السيارة بالعدد المطلوب من السائق وليس من الشركة التي صممتها بما فيها المقعد الخلفي ذو الخمسة ركاب حيث اضطر صاحبنا إلى إزاحة جسمه الثقيل وصار لصق ذات الوجه الملائكي المجاور للنافذة.
واستمر بسرد حديثه معي قائلا :لا ادري كم مضى من الوقت حتى شعرت بخدر ودفيء لذيذ بساقي الأيسر,دفيءٍ امتزج بشذى ذات الوجه الملائكي وعنبر حقول الشامية الذي شارف على الحصاد,فأحاط بي العنبر والخضراء والوجه الحسن.
تحرك ساقي الأيسر أعلى وأسفل كثقل معاق بنابضٍ حلزوني مستمتعا بالنعومة والدفيء في ذلك الصباح التشريني العبق.
لم تبدِ ذات الوجه الملائكي اهتماما بالمرة, هي منشغلة بمراقبة حقول العنبر وسنابله الراقصة وانأ منشغل بمصيبتي الكبرى.
تماديت أكثر وقمت بحركة بهلوانية وطوقت الفخذ ألذيذ بفخذي ومرفق يدي اليسرى فسرى الدفيء من المرفق إلى العضد وصولا إلى القلب الذي زاد خفقانه وجاوزت دقاته دقات قلب نيل ارمسترونج عند هبوطه على سطح القمر .
لم يدم المشهد طويلا, فجأةً وبدون سابق إنذار انساب صوتها كصوت بلبل(رابي بزهديه), نازل عيني نازل........
نازل !!!! أتقولي نازل؟ ,وهل هذا أوان النزول؟لله درك, لِمَ لا يدوم الفرح طويلا ؟لماذا يسرق دائما؟هل هي فرحة سقوط الصنم حتى تسرقوها مني؟ إنهما نعومه ودفء لا أكثر ولا اقل.
أبطأ السائق السرعة وراح يحرف السيارة يمينا حتى توقفت على كتف الطريق الترابي.وحال إكمال ذات الوجه الملائكي وقوفها لغرض النزول توقفت معها كل أعضاء جسمي عن الحركة وصرت كجسم محكوم عليه بالإعدام بالمقصلة لحظة تحرير النصل وهبوطه بالتعجيل الأرضي باتجاه رقبتي, لا لأنها غادرتني قبل الأوان بل لشيء اخطر من ذلك, فها هي واقفة بكامل جسمها ومازلت اشعر بذات النعومة والدفء.
نظرت نحوي نظرةً ماكرة وبصوت ملؤه الدلال والغنج وبتركيز مقصود على مخارج الكلمات قالت لي وهي تشير إلى ساقي الأيسر:(عيني انطيني كيس الخبز الّي جوّاك) ....
وبهدوء, وانا انظر لها بأبتسامه بليدة سحبت الكيس البلاستيكي ذو الخبز الدافئ والملفوف بعناية من أسفل ساقي وبذات الابتسامة البليدة والفم الفاغر ناولتها ذلك الكيس الدافئ الناعم, سحبته من يدي بتمهل ومالت نحوي قليلا وكأنها تريد أن تطلعني على سرٍ خطير:( شكرا عيني صارت زحمة )
لا ادري هل كان صوتي مسموعا أم لا حينما رددت, أيتها الخبيثة سيكون مأواكِ النار.
حين أنهى صديقي روايته تلك قلت وابتسامة المنتصر على شفتي, أتعرف الخطأ بالموضوع؟وقبل أن أكمل سحب نفسا عميقا من سكارته وأشاح بوجهه عني وتمتم قائلا فيما الدخان يخرج من فمه وانفه: اعلم انك أستاذ بكوميديا الزواحف.

* كوميديا الزواحف, رواية للأديب العرقي محمد حسين المطلبي ( محمد شمسي)



#سعد_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في المادة (407) من قانون العقوبات العراقي
- نسيان العنبر
- ( قومي روؤس كلهم أرأيت مزرعة البصل)


المزيد.....




- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعد نزال - فن كوميديا الزواحف