كتاب الخوارج كاملا


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 8396 - 2025 / 7 / 7 - 20:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

هذا الكتاب
يتعرض للخوارج في لمحة تاريخية ، ثم في دينهم ، وينتهى بأن الخوارج لا يزال فكرهم الدينى سائدا ، متمثلا في داعش وأخواتها . هم مع المستبدين خوارج على الإسلام دين رب العالمين .
الفهرس :
فهرس كتاب الخوارج
الباب الأول : الخوارج تاريخيا
الفصل الأول : بداية الخوارج وصراعهم مع (على )
الفصل الثانى : الخوارج يقتلون عليا ويفشلون فى قتل معاوية وعمرو بن العاص
الفصل الثالث : ثورات الخوارج فى خلافة معاوية ( 41 : 60 )
الفصل الرابع : وقائع الفتنة الكبرى الثانية ( 61 : 73 )
الفصل الخامس : وقائع الخوارج فى الفتنة الكبرى الثانية ( 61 : 73 هجرية)
الباب الثانى : دين الخوارج
الفصل الأول : بين الأعراب والخوارج
الفصل الثانى : شبث بن ربعى : زعيم الخوارج وزعيم التناقض فى الولاءات
الفصل الثالث : إختلافهم نقمة .
الفصل الرابع : تطرفهم فى (تأدية الصلاة ) وفى سفك الدماء : نموذج ( شبيب وزوجته غزالة والحجاج بن يوسف )
الفصل الخامس : الخوارج يبقرون بطون الحوامل .. وشنائع أخرى .
الفصل السادس : الدين الشيطانى يجمع الخوارج وخصومهم
الفصل السابع : الخوارج من الأعراب . فما هو التأصيل القرآنى للأعراب ، وما يلحق بهم ؟

الخاتمة : من الخوارج الى داعش .. إحزن يا قلبى !!



عرض كتاب الخوارج كاملا
ف 1 : بداية الخوارج وصراعهم مع (على )
كتاب ( الخوارج تاريخيا ودينيا ) الباب الأول : الخوارج تاريخيا ف 1 : بداية الخوارج وصراعهم مع (على )
مقدمة :
1 ـ كان الخوارج من القوى الفعّالة فى الفتنة الكبرى ، لم يؤثروا فى إلصراع على السلطة بين أطراف قريش وصراع الأجنحة القرشية ( أمويون ـ هاشميون ـ زبيريون ) ، ولكنهم ـ فى الأغلب ـ حاربوا الجميع فى هذه الفتنة الكبرى الثانية ، من مقتل الحسين الى مقتل ابن الزبير ، ثم إستمروا فى حرب الأمويين ، واستمروا فى فسادهم فى العصر العباسى الأول .
2 ـ أما فى الفتنة الكبرى الأولى فالغريب أن ظهور الخوارج ــ إثر الخلاف بين اصحاب (على ) بسبب التحكيم ــ إنتهى بإغتيالهم عليا ، وإنهاء الفتنة الكبرى الأولى ، وإنفراد معاوية بالحكم . والغريب أيضا أن ( عليا ) قضى على جميع الخوارج الذين ثاروا عليه ـ قتلهم جميعا . ولكنه قضى على الأشخاص ولم يقض على الفكرة نفسها ، لذا إستمرت الفكرة وأنجبت خوارج قاتلوا عليا ثم قتلوه ، وأنجبت ( الفكرة ) آلافا مؤلفة فيما بعد قتلوا آلافا مؤلفة .
3 ـ وهذا يؤكد ــ لمن يهمه الأمر ــ أن مواجهة داعش وغيرها من بنات الوهابية ليس بالعسكر ، ولكن بعلاج المرض الذى أنتج داعش ، وأنتج من قبله الخوارج . وقد دفع (على بن أبى طالب ) الثمن بحياته لأنه فشل فى التعامل مع الخوارج ـ ضمن سلاسل فشل أخرى عرضنا لها فى بحث خاص بتخصص ( على ) فى الفشل . والمهم أنه لا يزال الفشل نصيب كل من يتصدى لحرب ما يسمى بالارهاب بقوة الجيش واسلحة الأمن ، مع الابقاء على الفساد والظلم الذى تنبت فيه وتترعرع الحركات الارهابية من الخوارج الى حركة الزنج الى القرامطة الى الوهابية وبناتها . وسيظل الشرق الأتعس يعايش حركات الارهاب طالما يرتع فيه الاستبداد مصاحبا الفساد ، وطالما يرفض الاصلاح والعدل. وسنتوقف مع هذا فيما بعد .
4 ـ فى هذا الفصل نتوقف مع نشأة الخوارج وحربهم ( علي) . تاريخ الطبرى هو العمدة فى رصد هذه الفترة . ولكن منهج الطبرى هوايراد الروايات المختلفة والمتداخلة والمتناقضة فى الموضوع الواحد . ثم من جاء بعده كان ينقل عنه . المؤرخ ابن الأثير فى تاريخه ( الكامل ) كان عبقريا ، إذا أتى برواية واحدة تريح القارىء من تعدد روايات الطبرى . ولسنا فى مجال فحص وتمحيص الروايات مع انه تخصصنا القديم ، لذا فى هذا المبحث عن تاريخ الخوارج سننقل مما قاله ابن الأثير ثقة فيه ، وهو مستحق لهذه الثقة .
أولا : الخلاف بين أتباع (على ) بعد التحكيم
1 ـ تقول الرواية : ( ثم رجع الناس عن صفين، فلما رجع علي خالفت ( الخوارج ) الحرورية وخرجت، كان ذلك أول ما ظهرت وأنكرت تحكيم الرجال، ورجعوا على غير الطريق الذي أقبلوا فيه، أخذوا على طريق البر، وعادوا وهم أعداء متباغضون وقد فشا فيهم التحكيم يقطعون الطريق بالتشاتم والتضارب بالسياط، يقول الخوارج ( الخارجون على (على ) : يا أعداء الله أدهنتم في أمر الله، ويقول الآخرون ( الذين بقوا على الولاء لعلى : ) فارقتم إمامنا وفرقتم جماعتنا.)
2 ـ وفارق الخوارج عليا ، تقول الرواية عن (على ) : ( ثم مضى فلم يزل يذكر الله حتى دخل القصر. فلما دخل الكوفة لم يدخل الخوراج معه فأتوا حروراء فنزلوا بها. ) ( ولما رجع علي من صفين فارقة الخوارج وأتوا حروراء، فنزل بها منهم اثنا عشر ألفاً، ونادى مناديهم: إن أمير القتال شبث بن ربعي التميمي، وأمير الصلاة عبد الله بن الكوا اليشكري، والأمر شورى بعد الفتح، والبيعة لله، عز وجل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. ) .
3 ـ وبعث علي عبد الله بن عباس إلى الخوارج ليناقشهم ، وانتهى النقاش الى طلبهم من (على ) إعلان كفره لأنه وافق على التحكيم ، كما فعلوا هم حين إعترفوا بكفرهم حين وافقوا على التحكيم ثم تابوا . قالوا : ( صدقت ، قد كنا كما ذكرت ، وكان ذلك كفراً منا ، وقد تبنا إلى الله فتُب كما تُبنا نبايعك ، وإلا فنحن مخالفون.) .
ثانيا : ظهور شعار التحكيم :
1 ـ وانتشر فى معسكر صيحة الخوارج ( لا حكم إلا لله ) ، تقول الرواية ( لما أراد علي أن يبعث أبا موسى للحكومة أتاه رجلان من الخوارج: زرعة ابن البرج الطائي وحرقوص بن زهير السعدي فقالا له: لا حكم إلا لله! فقال علي: لا حكم إلا لله. وقال حرقوص بن زهير: تُب من خطيئتك وارجع عن قضيتك واخرج بنا إلى عدونا نقاتلهم حتى نلقى ربنا. فقال علي: قد أردتكم على ذلك فعصيتموني وقد كتبنا بيننا وبين القوم كتاباً وشرطنا شروطاً وأعطينا عليها عهوداً، وقد قال الله تعالى:){وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم} النحل: 91. ) فقال حرقوص: ذلك ذنب ينبغي أن تتوب عنه. فقال علي: ما هو ذنب ولكنه عجزٌ عن الرأي وقد نهيتكم. فقال زرعة: يا علي لئن لم تدع تحكيم الرجال لأقاتلنك. .. فخرجا من عنده يحكمان.) أى خرجا يهتفان ( لا حكم إلا الله ).
2 ـ وصار هذا شعارا ودينا للخوارج . واصبح تعبيرا وقتها أن يقال ( حكّم ) و ( المُحكّمة ) ، تقول الرواية : ( وخطب علي ذات يوم، فحكمت المحكمة في جوانب المسجد، فقال علي: الله أكبر، كلمة حق أريد بها باطل! . ) ( ثم خطب علي يوماً آخر فقام رجل فقال: لا حكم إلا لله! ثم توالى عدة رجال يحكمون. فقال علي: الله أكبر، كلمة حق أريد بها باطل! أما إن لكم عندنا ثلاثاً ما صحبتمونا: لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تبدأونا، وإنما فيكم أمر الله. ثم رجع إلى مكانه من الخطبة. ).
ثالثا : تفجّر الصراع بعد قتلهم عبد الله بن خباب وزوجته الحامل
1 ـ واتفق الخوارج على أن يقودهم ( عبد الله بن وهب ) وتسللوا يريدون المدائن ، ولحق بهم خوارج من الكوفة والبصرة ، وحدثت إشتباكات بينهم وبين من بقى على الولاء ل (على ). وكتب اليهم (على ) يريدهم الرجوع فكتبوا له : ( أما بعد فإنك لم تغضب لربك وإنما غضبت لنفسك، فإن شهدت على نفسك بالكفر واستقبلت التوبة نظرنا فيما بيننا وبينك وإلا فقد نبذناك على سواء، إن الله لا يحب الخائنين.). ويأس منهم (على ) واخذ فى تجميع قواته ، وبعض أتباعه كانوا فى قلق ــ إذا سار بهم (على ) لقتال معاوية وتركو أهاليهم ــ من إحتمال هجوم الخوارج على أهاليهم . وتحققت مخاوفهم بما حدث لعبد الله بن خباب .
2 ـ تقول الرواية : ( لما أقبلت الخارجة من البصرة حتى دنت من النهروان رأى عصابةٌ منهم رجلاً يسوق بامرأة على حمار، فدعوه فانتهروه فأفزعوه وقالوا له: من أنت؟ قال: أنا عبد الله بن خباب صاحب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالوا له: أفزعناك؟ قال: نعم. قالوا: لا روع عليك.. ) وناقشوه فى التحكيم وفى (على ) ولمّا لم يعجبهم رأيه قتلوه وقتلوا زوجته : ( فقالوا: إنك تتبع الهوى وتوالي الرجال على أسمائها لا على أفعالها، والله لنقتلنك قتلةً ما قتلناها أحداً. فأخذوه وكتفوه ثم أقبلوا به وبامرأته، وهي حبلى متم ... فأضجعوه فذبحوه، فسال دمه في الماء، وأقبلوا إلى المرأة فقالت: أنا امرأة ألا تتقون الله! فبقروا بطنها، وقتلوا ثلاث نسوة من طيء، وقتلوا أم سنان الصيداوية.)
3 ـ فزع اصحاب (على ) وقالوا له : ( علام ندع هؤلاء وراءنا يخلفوننا في عيالنا وأموالنا؟ سر بنا إلى القوم فإذا فرغنا منهم سرنا إلى عدونا من أهل الشام. ). وأرسل (على ) الى الخوارج يطلب تسليم القتلة ، فقالوا : ( كلنا قتلهم وكلنا مستحل لدمائكم ودمائهم. ) . وبعد مناوشات كلامية تحتمت الحرب بينهما .
رابعا : معركة النهروان عام 37 وما بعدها :
1 ـ تجهز الفريقان ، ونصب (على ) راية الأمان أمامهم وناداهم أبو أيوب الأنصارى : ( من جاء تحت هذه الراية فهو آمن، ومن لم يقتل ولم يستعرض، ومن انصرف منكم إلى الكوفة أو إلى المدائن وخرج من هذه الجماعة فهو آمن، لا حاجة لنا بعد أن نصيب قتلة إخواننا منكم في سفك دمائكم.) ، وانصرف جماعة من الخوارج ، منهم فروة بن نوفل الأشجعي في خمسمائة فارس، وخرجت طائفة أخرى متفرقين فنزلوا الكوفة،) وانضم ل (على ) منهم نحو مائة. ( وكانوا أربعة آلاف، فبقي مع عبد الله بن وهب ألف وثمانمائة، فزحفوا إلى (علي )، وكان علي قد قال لأصحابه: كفوا عنهم حتى يبدأوكم. فتنادوا: الرواح إلى الجنة! وحملوا على الناس. ) وانتهت المعركة بقتل جميع الخوارج . ( فلم يقتل من أصحاب علي إلا سبعة.). قتلهم فى هذه المعركة ولكن ظلت الفكرة قائمة :
2 ـ خروج ( الخرّيت بن راشد الناجى وبنى ناجية ) على (على ) عام 38 :
كانوا مع (على ) فى الجمل وصفين ، ثم خرجوا عليه بعد معركة النهروان . وبعث (على ) لهم (زياد بن خصفة البكري ) فقاتلهم ، وارسل له (على ) مددا يقود (معقل بن قيس ) ، بينما إنضم الى ( الخريت الناجي ) كثيرون من الفرس والعرب الناقمين على دفع الخراج من أهل الأهواز فارسل (على ) مددا لمعقل بن قيس من البصرة . وجرت معركة إنهزم فيها الخريت ، وهرب الى أسياف وظل يحرض على (على ) فإتبعه آخرون من قبائل عبد القيس وسائر العرب . وفى النهاية لحق معقل بن قيس بالخريت فهزمه وقتله.
3 ـ وتتابعت ثورات الخوارج :
3 / 1 : تقول الرواية : ( لما قتل أهل النهروان خرج أشرس بن عوف الشيباني على ( علي ) بالدسكرة في مائتين ثم سار إلى الأنبار، فوجه إليه ( علي ) الأبرش بن حسان في ثلاثمائة فواقعه، فقتل أشرس في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين.
3/ 2 : ثم خرج هلال بن علفة من تيم الرباب ومعه أخوه مجالد فأتى ماسبذان، فوجه إليه ( علي ) معقل بن قيس الرياحي فقتله وقتل أصحابه، وهم أكثر من مائتين، وكان قتلهم في جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين.
3 / 3 : ثم خرج الأشهب بن بشر، وقيل الأشعث، وهو من بجيلة، في مائة وثمانين رجلاًن فأتى المعركة التي أصيب فيها هلال وأصحابه فصلى عليهم ودفن من قدر عليه منهم، فوجه إليهم ( علي ) جارية بن قدامة السعدي، وقيل حجر ابن عدي، فأقبل إليهم الأشهب، فاقتتلا بجرجرايا من أرض جوخى، فقتل الأشهب وأصحابه في جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين.
3 / 4 : ثم خرج سعيد بن قفل التيمي من تيم الله بن ثعلبة في رجب بالبندنيجين ومعه مائتا رجل فأتى درزنجان، وهي من المدائن على فرسخين، فخرج إليهم سعد بن مسعود فقتلهم في رجب سنة ثمان وثلاثين ) .
3 / 5 : ( ثم خرج أبو مريم السعدي التميمي فأتى شهرزور، وأكثر من معه من الموالي، وقيل لم يكن معه من العرب غير ستة نفر هو أحدهم، واجتمع معه مائتا رجل، وقيل أربعمائة، وعاد حتى نزل على خمسة فراسخ من الكوفة، فأرسل إليه ( علي ) يدعوه إلى بيعته ودخول الكوفة، فلم يفعل وقال: ليس بيننا غير الحرب. فبعث إليه علي شريح بن هانىء في سبعمائة، فحمل الخوارج على شريح وأصحابه فانكشفوا وبقي شريح في مائتين، فانحاز إلى قرية، فتراجع إليه بعض أصحابه ودخل الباقون الكوفة، فخرج (علي ) بنفسه وقدم بين يديه جارية بن قدامة السعدي، فدعاهم جارية إلى طاعة ( علي ) وحذرهم القتل فلم يجيبوا، ولحقهم ( علي ) أيضاً فدعاهم فأبوا عليه وعلى أصحابه، فقتلهم أصحاب ( علي ) ولم يسلم منهم غير خمسين رجلاً استأمنوا فآمنهم. وكان في الخوارج أربعون رجلاً جرحى، فأمر علي بإدخالهم الكوفة ومداواتهم حتى برأوا. وكان قتلهم في شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين، وكانوا من أشجع من قائل من الخوارج، ولجرأتهم قاربوا الكوفة. ).
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )
https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran



ف 2 : الخوارج يقتلون عليا ويفشلون فى قتل معاوية وعمرو بن العاص
كتاب ( الخوارج تاريخيا ودينيا ) الباب الأول : الخوارج تاريخيا ف 2 : الخوارج يقتلون عليا ويفشلون فى قتل معاوية وعمرو بن العاص
مقدمة
إتفق ثلاثة من الخوارج على إغتيال على ومعاوية وعمرو بن العاص ، وان يتم هذا الاغتيال فى وقت واحد ( على فى الكوفة ، ومعاوية فى دمشق ، وعمرو فى الفسطاط بمصر ). نجح عبد الرحمن بن ملجم فى قتل ( على ) ، وفشل ( البرك بن عبدالله ) فى قتل معاوية ، كما فشل ( عمرو بن بكر ) فى قتل عمرو . ولكن هذا كانت له آثار سياسية لاحقة فى الدولة الأموية ، ثم تحول الاغتيال الى دين فى الدولة العباسية الكهنوتية .
نعطى تفصيلا :
مقتل ( علي بن أبي طالب ) ( 17 رمضان عام 40 )
1 ـ تقول الرواية : ( وكان سبب قتله أن عبد الرحمن بن ملجم المرادي والبرك بن عبد الله التميمي الصريمي، ..، وعمرو بن بكر التميمي السعدي، وهم من الخوارج، اجتمعوا ، فتذاكروا أمر الناس وعابوا عمل ولاتهم ثم ذكروا أهل النهر فترحموا عليهم، وقالوا: " ما نصنع بالبقاء بعدهم؟ فلو شرينا أنفسنا ( أى بعنا أنفسنا لله جل وعلا ) وقتلنا أئمة الضلالة وأرحنا منهم البلاد " ! . فقال ابن ملجم: " أنا أكفيكم علياً " ، وكان من أهل مصر. وقال البرك بن عبد الله: " أنا أكفيكم معاوية ". وقال عمرو بن بكر: " أنا أكفيكم عمرو بن العاص" . . فتعاهدوا أن لا ينكص أحدهم عن صاحبه الذي توجه إليه حتى يقتله أو يموت دونه، وأخذوا سيوفهم فسمُّوها ( أى جعلوها مُسمّمة ) واتعدوا لسبع عشرة من رمضان، وقصد كل رجل منهم الجهة التي يريد؛ فأتى ابن ملجم الكوفة، فلقي أصحابه بالكوفة وكتمهم أمره، ورأى يوماً أصحاباً له من تيم الرباب، وكان ( علي ) قد قتل منهم يوم النهر عدة، فتذاكروا قتلى النهر، ولقي معهم امرأة من تيم الرباب اسمها ( قطام ) . وقد قتل أبوها وأخوها يوم النهر، وكانت فائقة الجمال. فلما رآها أخذت قلبه فخطبها. فقالت: " لا أتزوجك حتى تشتفي لي ". فقال: " وما تريدين؟ " قالت: " ثلاثة آلاف وعبداً وقينةً وقتل ( علي )".!. فقال:" أما قتل (علي ) فما أراك ذكرته وأنت تريدينني. " ، قالت: " بلى، التمس غرته فإن أصبته شفيت نفسك ونفسي ونفعك العيش معي، وإن قتلت فما عند الله خير من الدنيا وما فيها ". قال: " والله ما جاء بي إلا قتل ( علي )، فلك ما سألت." . قالت: " سأطلب لك من يشد ظهرك ويساعدك." . وبعثت إلى رجل من قومها اسمه ( وردان ) وكلمته، فأجابها، وأتى ابن ملجم رجلاً من أشجع اسمه شبيب بن بجرة فقال له: " هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ " قال: " وماذا؟ " قال: " قتل علي." قال شبيب: " ثكلتك أمك! لقد جئت شيئاً إداً! كيف تقدر على قتله؟ " قال: " أكمن له في المسجد فإذا خرج إلى صلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه، فإن نجونا فقد شفينا أنفسنا، وإن قتلنا فما عند الله خير من الدنيا وما فيها. " قال: " ويحك! لو كان غير ( علي ) كان أهون، قد عرفت سابقته وفضله وبلاءه في الإسلام، وما أجدني أنشرح لقتله." قال: " أما تعلمه قتل أهل النهر العباد الصالحين؟ " قال: " بلى " . قال:" فنقتله بمن قتل من أصحابنا ". فأجابه.)
2 ـ وتمضى الرواية : ( فلما كان ليلة الجمعة، وهي الليلة التي واعد ابن ملجم أصحابه على قتل علي ومعاوية وعمرو، أخذ سيفه ومعه شبيب ووردان ، وجلسوا مقابل السدة التي يخرج منها ( علي ) للصلاة، فلما خرج ( علي ) نادى: " أيها الناس الصلاة الصلاة ". فضربه شبيب بالسيف فوقع سيفه بعضادة الباب، وضربه ابن ملجم على قرنه بالسيف، وقال: " الحكم لله لا لك يا علي ولا لأصحابك! " ، وهرب وردان فدخل منزله، فأتاه رجل من أهله، فأخبره وردان بما كان، فانصرف عنه وجاء بسيفه فضرب به وردان حتى قتله، وهرب شبيب في الغلس، وصاح الناس، فلحقه رجل من حضرموت يقال له عويمر، وفي يد شبيب السيف، فأخذه وجلس عليه، فلما رأى الحضرمي الناس قد أقبلوا في طلبه وسيف شبيب في يده خشي على نفسه فتركه ونجا، وهرب شبيب في غمار الناس.)
3 ـ ( ولما ضرب ابن ملجم ( علياً ) قال: "لا يفوتنكم الرجل ". فشد الناس عليه فأخذوه، وتأخر (علي ) وقدّم جعدة بن هبيرة، وهو ابن أخته أم هانىء، يصلي بالناس الغداة، وقال ( علي ): " أحضروا الرجل عندي. " فأدخل عليه. فقال: " أي عدو الله! ألم أحسن إليك؟ "قال: " بلى ". قال: "فما حملك على هذا؟ " قال: " شحذته أربعين صباحاً وسألت الله أن يقتل به شر خلقه." ، فقال علي: " لا أراك الا مقتولاً به ولا أراك إلا من شر خلق الله." ثم قال: " النفس بالنفس، إن هلكت فاقتلوه كما قتلني، وإن بقيت رأيت فيه رأيي، يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين تقولون قد قتل أمير المؤمنين، ألا لا يقتلن إلا قاتلي، انظر يا حسن إن أنا مت من ضربتي هذه فاضربه ضربةً بضربة ولا تمثلن بالرجل.." .. هذا كله وابن ملجم مكتوف. فقالت له أم كلثوم ابنة علي: " أي عدو الله! لا بأس على أبي، والله مخزيك! " قال:" فعلى من تبكين؟ والله إن سيفي اشتريته بألف، وسممته بألف، ولو كانت هذه الضربة بأهل مصر ما بقي منهم أحد" .!.
4 ـ ( فلما قُُبض ( أى مات على ) بعث ( الحسن ) إلى ابن ملجم فأحضره، فقال للحسن: هل لك في خصلة؟ إني والله قد أعطيت الله عهداً أن لا أعاهد عهداً إلا وفيت به، وإني عاهدت الله عند الحطيم أن اقتل علياً ومعاوية أو أموت دونهما، فإن شئت خليت بيني وبينه فلك الله علي إن لم أقتله أو قتلته ثم بقيت أن آتيك حتى أضع يدي في يدك ". فقال له الحسن: " لا والله حتى تعاين النار.". ثم قدمه فقتله، وأخذه الناس فأدرجوه في بواري ،وأحرقوه بالنار. ) .
فشل البرك فى قتل معاوية :
( وأما البرك بن عبدالله فإنه في تلك الليلة التي ضرب فيها علي قعد لمعاوية فلما خرج ليصلي الغداة شد عليه بسيفه فوقع السيف في أليته ( مؤخرته ) فأخذ فقال (البرك لمعاوية ) : إن عندي خبرا أسرك به فإن أخبرتك فنافعي ذلك عندك ؟قال نعم . قال إن أخا لي قتل عليا في مثل هذه الليلة. قال : فلعله لم يقدر على ذلك . قال : بلى إن عليا يخرج ليس معه من يحرسه فأمر به معاوية فقتل . وبعث معاوية إلى الساعدي وكان طبيبا فلما نظر إليه قال : اختر إحدى خصلتين إما أن أحمي حديدة فأضعها موضع السيف وإما أن اسقيك شربة تقطع منك الولد وتبرأ منها فإن ضربتك مسمومة. فقال معاوية : أما النار فلا صبر لي عليها وأما انقطاع الولد فإن في يزيد وعبدالله ما تقر بن عيني . فسقاه تلك الشربة فبرأ . ولم يولد له بعدها . وأمر معاوية عند ذلك بالمقصورات وحرس الليل وقيام الشرطة على رأسه إذا سجد ). صار معاوية بعدها يصلى منفردا فى مقصورة مع الحراسة .
فشل عمرو بن بكر فى قتل ابن العاص
(وأما عمرو بن بكر فجلس لعمرو بن العاص تلك الليلة ، فلم يخرج ( عمرو بن العاص )وكان اشتكى بطنه ، فأمر خارجة بن حذافة وكان صاحب شرطته ، وكان من بني عامر بن لؤي ، فخرج ليصلي ، فشد عليه وهو يرى أنه عمرو فضربه فقتله . فأخذه الناس، فانطلقوا به إلى عمرو يسلمون عليه بالإمرة فقال ( عمرو بن بكر ) من هذا ؟ قالوا :عمرو. قال : فمن قتلت ؟ قالوا : خارجة بن حذافة . قال : أما والله يا فاسق ما ظننته غيرك .فقال عمرو ( ابن العاص ) : أردتني وأراد الله خارجة . فقدمه عمرو فقتله . ) ثم صارت مثلا : (أردتني وأراد الله خارجة )
أخيرا
آثار عملية الاغتيال هذه :
1 ـ مبكرا كان الإغتيال ضمن أدوات معاوية ، فى صراعه مع ( على ) حول مصر بعث ( على ) بقائده ( الأشتر النخعى ) واليا الى مصر ، فأعدّ له معاوية من إنتظره فى الطريق ، وسمّه فى عسل . وقال عمرو ومعاوية : إن لله جُندا من العسل . وصارت مثلا.!
2 ـ أيقظت محاولة الإغتيال الفاشلة مهارة معاوية فى الاغتيال . وكان الحسن بن على أهم ضحية . فى اول استعداد حربى له ضد معاوية تفرّق عن الحسن معظم جيشه وبعضهم نهب متاعه ، فايقن بالفشل ، فاتفق مع معاوية على التنازل له مقابل أن يعطيه معاوية ( ما في بيت مال الكوفة، ومبلغه خمسة آلاف ألف، وخراج دار ابجرد من فارس وأن لا يشتم علياً، فلم يجبه إلى الكف عن شتم علي، فطلب أن لا يشتم وهو يسمع، فأجابه إلى ذلك ثم لم يف له به أيضاً، وأما خراج دار ابجرد فإن أهل البصرة منعوه منه وقالوا: هو فيئنا لا نعطيه أحداً، وكان منعهم بأمر معاوية أيضاً. ) لاحظ أن المال هو غرامهم الأكبر . إنفرد معاوية بالحكم ، ولكن لم يسترح لوجود الحسن بن على فأوعز الى زوجة الحسن ( جعدة بنت الأشعث بن قيس ) أن تدُسّ له السم ووعدها بأن يزوجها ابنه يزيد . ومات الحسن مسموما . تقول الرواية فى وفيات عام 49 : ( توفي الحسن بن علي، سمته زوجته جعدة بنت الأشعث ابن قيس الكندي.)
2 ـ وفى عام 46 : إغتال معاوية بالسُّمّ عبد الرحمن بن خالد . تقول الرواية : ( وكان سبب موته أنه كان قد عظم شأنه عند أهل الشام ومالوا إليه لما عندهم من آثار أبيه ولغنائه في بلاد الروم ولشدة بأسه، فخافه معاوية وخشي على نفسه منه ، وأمر ابن أثال النصراني أن يحتال في قتله ، وضمن له أن يضع عنه خراجه ما عاش ، وأن يوليه جباية خراج حمص. فلما قدم عبد الرحمن من الروم دس إليه ابن أثال شربةً مسمومة مع بعض مماليكه، فشربها، فمات بحمص، فوفى له معاوية بما ضمن له.).
3 ـ ثم إنتقلت الاغتيالات بالسُمّ للبيت الأموى . أشهر الضحايا هو الخليفة الشّاب سليمان بن عبد المللك ، ومنشور لنا هنا بحث عنه بعنوان : ( التحقيق فى جريمة قتل غامضة حدثت عام 99 هجرية ) ، وتولى بعده عمر بن عبد العزيز ، ومات شابا ( 40 سنة ) مسموما بعد خلافة قصيرة ( سنتان وخمسة أشهر وأربعة أيام،) وذلك في 25 رجب سنة 101هـ .
3 ـ فى الدولة العباسية أصبحت الاغتيالات مع نقض العهود دينا على منوال الخوارج ، جاءت الخلافة العباسية بالحكم الكهنوتى ، وصبغها بهذا المؤسس الحقيقى للدولة العباسية ، وهو أبو جعفر المنصور ، وكان من علماء الحديث . وقد أعطى الأمان لأبى مسلم الخراسانى ثم قتله عام 137 بعد أن إستعان به فى القضاء على التمرد الذى قام به عبد الله بن على ( عم المنصور ) وعبد الله بن على هوقائد معركة الزاب التى أنهت وأسقطت الدولة الأموية عام 132 . وقد أعطى أبو جعفر المنصور لكليهما الأمان والمواثيق ثم غدر بهما . كما إنه ( أبو جعفر المنصور ) هو الذى قتل بالسُمّ الفقيه أبا حنيفة سنة 150 ، لأنه رفض أن يسايره فى أهوائه ، وأن يكون كاهنا للسلطان . وهوالذى إستقدم ابن إسحاق وكتب له أول كتاب فى السيرة ، رسم فيها صورة للنبى على مثال أبى حعفر المنصور الذى ينقض العهود ويغتال خصومه . وفى قناتنا على اليوتوب حلقات مطولة عن ( إبن إسحاق وسيرته النجسة ).
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )
https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlA lquran



ف 3 : ثورات الخوارج فى خلافة معاوية ( 41 : 60 )
كتاب ( الخوارج تاريخيا ودينيا ) الباب الأول : الخوارج تاريخيا : ثورات الخوارج فى خلافة معاوية ( 41 : 60 )
تعددت ثورات الخوارج فى خلافة معاوية قبل الفتنة الكبرى الثانية ، ومنها:
أولا : ثورات متفرقة فى عامى 41 : 42
1 ـ : ( فروة بن نوفل الأشجعي ) :
إعتزل (فروة بن نوفل الأشجعي ) في خمسمائة من الخوارج قتال (على ) فلما تولى معاوية قرروا حرب معاوية ، فتحركوا نحو الكوفة بقيادة ( فروة بن نوفل ) وإقتربوا من النخيلة عند الكوفة، فأرسل معاوية الى (الحسن ابن علي ) يدعوه إلى قتال الخوارج ، فكتب الحسن إلى معاوية: ( لو آثرت أن أقاتل أحداً من أهل القبلة لبدأت بقتالك، فإني تركتك لصلاح الأمة وحقن دمائها.) . فأرسل اليهم معاوية جيشا فهزمه الخوارج . فأمر معاوية أهل الكوفة بقتال الخوارج ، وهددهم إن لم يفعلوا ، فخرج الكوفيون لقتال الخوارج ، فقالت لهم الخوارج:( أليس معاوية عدونا وعدوكم؟ دعونا حتى نقاتله، فإن أصبنا كنا قد كفيناكم عدوكم، وإن أصابنا كنتم قد كفيتمونا.) فقالوا: ( لابد لنا من قتالكم. ). فأخذت قبيلة (أشجع ) ابنهم ( فروة بن نوفل الأشجعى ) فحادثوه ووعظوه فلم يرجع، فأخذوه قهراً وحبسوه فى ( الكوفة) ، فجعل الخوارج قائدا عليهم هو ( عبد الله بن أبي الحوساءالطائى ) ، وقاتلهم أهل الكوفة وهزموهم ، وقتلوا ابن أبي الحوساء.
2 ـ : ( حوثرة بن وداع ) :
قادهم حوثرة بن وداع الأسدى ، وتحرك بهم الى (النخيلة ) قرب الكوفة ، ومعه مائة وخمسون ولحق به آخرون . فأرسل معاوية والد حوثرة ليعظه ، ولم يتعظ حوثرة بوعظ أبيه، فقال له أبوه : ( ألا أجيئك بابنك فلعلك إذا رأيته كرهت فراقه؟) فقال حوثرة لأبيه : ( أنا إلى طعنة من يد كافر برمح أتقلب فيه ساعة أشوق مني إلى ابني.!). فرجع أبوه فأخبر معاوية بقول حوثرة ، فأرسل معاوية إليهم عبد الله بن عوف الأحمر في ألفين، وخرج أبو حوثرة فيمن خرج، فدعا ابنه إلى البراز، فقال: ( يا أبه لك في غيري سعة.! ). وإنهزم الخوارج، وقُتل حوثرة بيد عبد الله بن عوف قائد جيش معاوية. ورأى ابن عوف بوجه حوثرة أثر السجود، وكان صاحب عبادة، فندم على قتله.
3 ــ ثورة فروة بن نوفل الثانية ومقتله :
عاد ( فروة بن نوفل الأشجعي ) للثورة فى ولاية (المغيرة بن شعبة ) على الكوفة ، فأرسل إليه المغيرة خيلاً عليها شبث بن ربعي، ويقال: معقل بن قيس، فلقيه بشهرزور فقتله.
4 ـ ثورة شبيب بن بجرة:
خرج شبيب على (المغيرة ) فى الكوفة ، فبعث إليه المغيرة خيلاً عليها خالد بن عرفطة، وقيل: معقل ابن قيس، فاقتتلوا فقتل شبيب وأصحابه.
5 ـ قتل معين الخارجي :
كان للمغيرة بن أبى شعبه جواسيسه فى الكوفة ، فأبلغوه أن (معين بن عبد الله ) يريد الخروج، فحبسه المغيرة ، وبعث إلى معاوية يخبره أمره، فكتب إليه معاوية: ( إن شهد أني خليفة فخل سبيله ). فأحضره المغيرة وقال له: ( أتشهد أن معاوية خليفة وأنه أمير المؤمنين؟) فقال معين : ( أشهد أن الله، عز وجل، حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور. )، فأمر به فقتل، قتله قبيصة الهلالي. ثم فيما بعد قام رجل من الخوارج بإغتيال قبيصة .
6 ـ ثورة أبى مريم :
خرج أبو مريم مولى بني الحارث بن كعب، ومعه امرأتان: قطام وكحيلة، وكان أول من أخرج معه النساء، فوجه إليه المغيرة جابراً البجلي، فقاتله فقتل أبو مريم وأصحابه .
7 ـ ثورة سهم بن غالب عام 42:
خرج سهم بن غالب الهجيمي في سبعين رجلاً منهم الخطيم ، فنزلوا بين الجسرين والبصرة، وقتلوا فى طريقهم رجلا وابن أخيه، فخرج إليهم والى البصرة ابن عامر بنفسه وقاتلهم وهزمهم ، وهرب بقيتهم إلى غابة وفيهم سهم والخطيم، فعرض عليهم ابن عامر الأمان فقبلوه، فآمنهم، فرجعوا، فكتب إليه معاوية يأمر بقتلهم، فكتب إليه ابن عامر: إني قد جعلت لهم ذمتك .فلما أتى زياد البصرة سنة 45 هرب سهم والخطيم خوفا منه فخرجا إلى الأهواز، فاجتمع إلى سهم جماعة ، فأقبل بهم إلى البصرة، فتفرق عنه أصحابه، فاختفى سهم،وطلب الأمان فلم يؤمنه زياد، وبحث عنه، فدُلّ عليه، فأخذه وقتله وصلبه في داره عام 45 .
ثانيا : ثورة الخوارج بزعامة المستورد بن علفة فى عامى 42 : 43
1 ـ كان (على ) قد عفا عن بعض الخوارج ، فارتحلوا شرقا الى منطقة ( الرى ) ، وكانوا بضعة عشر ، وتزعمهم ( حيان بن ظبيان السلمي ) ، ولما علموا بمقتل (على ) دعاهم ( حيان ) إلى الخروج ومقاتلة أهل القبلة، فأقبلوا إلى الكوفة فأقاموا بها حتى قدمها معاوية، واستعمل على الكوفة المغيرة بن شعبة، وكان المغيرة يتسامح مع من يرى رأى الخوارج طالما لا يتأهب للثورة ، وكانت عيونه تأتيه بأخبارهم ( فيقال له: إن فلاناً يرى رأي الشيعة وفلاناً يرى رأي الخوارج، فيقول: قضى الله أن لا يزالوا مختلفين وسيحكم الله بين عباده. فأمنه الناس.) وأسفرت إجتماعات الخوارج عام 42عن تكوينهم جماعة من 400 شخص ، بقيادة ( المستورد بن علفة التيمي ) وقد جعلوه ( أمير المؤمنين ). وتواعدوا على الخروج فى شعبان 43 .
2 ـ ووصلت أخبارهم الى المغيرة فأرسل صاحب شرطته، فإعتقلهم ولم يكن معهم المستورد وقتها ، وحقق معهم المغيرة فلم يعترفوا بشيء، وذكروا أنهم اجتمعوا لقراءة القرآن، وظلوا في السجن نحو سنة. وسمع إخوانهم فحذروا، وخرج صاحبهم المستورد فنزل الحيرة، واجتمعت به الخوارج إليه، وبلغ المغيرة خبرهم وأنهم عازمون على الخروج تلك الأيام، فجمع رءوس القبائل وحذرهم ، وأيده معقل بن قيس الرياحي ، وكان من شيعة (على ) وكارها للخوارج ، فقال : ( أنا أكفيك قومي فليكفك كل رئيس قومه. ) فقال المغيرة : ( ليكفني كل رجل منكم قومه وإلا فوالله لا تحولن عما تعرفون إلى ما تنكرون، وعما تحبون إلى ما تكرهون.) ، فرجعوا إلى قومهم فناشدوهم الله والإسلام إلا دلوهم على كل من يريد أن يهيج الفتنة. ) وجاء أصحاب المستورد إليه فأعلموه بما قام به المغيرة في الناس وبما قام به رؤوسهم فيهم ، فتحرك بثلثمائة من أصحابه وساروا إلى الصراة، فسمع المغيرة بن شعبة خبرهم فدعا رؤساء الناس فاستشارهم فيمن يرسله إليهم،وانتهى الأمر بإرسال ( معقل بن قيس) ومعه ثلاثة آلاف فارس معظمهم من شيعة (على ) . وتحرك المستورد بالخوارج إلى بهر سير ، وأرادوا العبور إلى المدينة العتيقة التي فيها منازل كسرى، فمنعهم سماك بن عبيد الأزدي العبسي، وكان عاملاً عليها . وأقام المستورد بالمدائن ثلاثة أيام، ثم بلغه مسير معقل إليهم ، فتحرك المستورد الى المذار. وبلغ ابن عامر والى البصرة خبرهم فأرسل اليهم (شريك بن الأعور الحارثي )، وكان من شيعة علي، ومعه ثلاثة آلاف فارس من الشيعة، وكان أكثرهم من ربيعة، وسار بهم إلى المذار.وأما معقل بن قيس فسار إلى المدائن حتى بلغها، فبلغه رحيلهم. فأرسل معقل فرقة إستطلاع من 300 فارس يقودهم أبو الرواغ الشاكري ، فتبعهم أبو الرواغ حتى لحقهم بالمذار، وتقاتل معهم ، ثم لحق معقل بأبى الرواغ وقاتل معه المستورد وجماعته ، وجاءت الأخبار بوصول مدد من البصرة لمعقل يقوده (شريك بن الأعور) ومعه ثلاثة آلاف. فانسحب المستورد بأصحابه ، فارسل معقل خلفهم أبا الرواغ يطاردهم ومعه 600 فارس ، وأدركهم أبو الرواغ ونازلهم ، وخاف المستورد أن يأتى معقل بجيشه فمضى هو وأصحابه فعبروا دجلة ووقفوا في أرض بهرسير وتبعهم أبو الرواغ حتى نزل بهم بساباط، فانسحب المستود ليلقى معقل ، فوجد أصحاب معقل على وشك الرحيل ففاجأهم وتقاتل معهم وكادوا يهزمونهم لولا لحق ابو الرواغ ونشب قتال مرير ، وتبارز معقل والمستورد وقتل كل منهما صاحبه . وتولى القيادة بعد معقل نائبه عمرو بن محرز فأكمل هزيمة الخوارج ولم ينج منهم غير خمسة أو ستة.
ثالثا : الخوارج وزياد ابن أبيه
1 ـ إشتد زياد فى مطاردة الخوارج فى ولايته على الكوفة ثم بعد ضم البصرة اليه، فقتل منهم كثيرين ، وأمر نائبه سمرة بذلك فقتل منهم بشراً كثيراً. وخطب زياد على المنبر فقال: ( يا أهل البصرة والله لتكفنني هؤلاء أو لأبدأن بكم! والله لئن أفلت منهم رجل لا تأخذون العام من عطائكم درهماً!) فثار الناس بهم فقتلوهم.
2 ـ وفى عام 52 خرج زياد بن خراش العجلي في ثلاثمائة فارس فأتى أرض مسكن من السواد، فسير إليه زياد خيلاً عليها سعد بن حذيفة أو غيره، فقتلوهم وقد صاروا إلى ماه
3 ـ وخرج معاذ الطائي: فى نفس السنة في ثلاثين رجلاً هذه السنة، فبعث إليه زياد من قتله وأصحابه.
رابعا : الخوارج وعبيد الله بن زياد
1 ـ تولى عبيد الله بن زياد بعد أبيه زياد، وقد إتبع سياسة أبيه فى أخذ الخوارج بالشدة وتتبع من له ميول للثورة ، ومن يؤمن بدين الخوارج .
2 ـ وفى عام 58 : ( كان قوم من الخوارج بالبصرة يجتمعون إلى رجل اسمه جدار، فيتحدثون عنده ويعيبون السلطان، فأخذهم ابن زياد فحبسهم ثم دعا بهم وعرض عليهم أن يقتل بعضهم بعضاً ويخلي سبيل القاتلين، ففعلوا، فأطلقهم. ) وندم القتلة بعد إطلاق سراحهم ، وكان منهم ( طواف ) وأصحابه ، وتعرضوا الى اللوم ، فعرضوا على أهل القتلى دفع الدية فرفضوا أخذها ، فعرضوا أن يقتلوهم قصاصا فأبوا .فلم يجدوا سبيلا للتوبة إلا بالثورة وقتل ابن زياد . وبويع طواف عام 58 ، وتبعه 70 رجلاً من بني عبد القيس بالبصرة، وعلم بهم ابن زياد، فأرسل ابن زياد الشرطة ، فتحرك طواف قبل مجىء الشرطة وهرب ، ولحقتهم الشرطة ، ولكن انهزمت الشرطة ، ودخل طواف البصرة ، وطاردتهم من بقى من الشرطة ، وذلك يوم عيد الفطر، وإنضم أهل البصرة للشرطة فقتلوا الخوارج ، وبقي مع طواف ستة فقط، وعطش فرسه فأقحمه الماء، فرمته الشرطة بالنشاب وقتلوه ثم صلبوه.
3 ـ وتابع عبيد الله بن زياد سياسته المتشددة مع الخوارج ، فقتل منهم جماعةً كثيرة، بمجرد الاشتباه . ومنهم: عروة بن أدية. أحد الوُعّاظ . وكان سبب قتله أن ابن زياد كان قد خرج في رهان له، فلما جلس ينتظر الخيل اجتمع إليه الناس وفيهم عروة، فأقبل عروة على ابن زياد يعظه، وكان مما قال له( أتبنون بكل ريعٍ آيةً تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين} الشعراء: 128- 130.)، فغضب ابن زياد ، فقام وركب وترك رهانه. فقيل لعروة: ليقتلنك! ، فاختفى عروة، فطلبه ابن زياد ، فهرب وأتى الكوفة، فأُخذ ، وجىء به لابن زياد، فقطع يديه ورجليه وقتله، وقتل ابنته.
4 ـ ( وأما أخوه أبو بلال مرداس فكان عابداً مجتهداً عظيم القدر في الخوارج، وشهد صفين مع علي فأنكر التحكيم، وشهد النهروان مع الخوارج، وكانت الخوارج كلها تتولاه، وكان يقول: ( لا نقاتل إلا من قاتلنا ولا نجبي إلا من حمينا. )
5 ـ ( وكانت البثجاء، امرأة من بني يربوع، تحرض على ابن زياد وتذكر تجبره وسوء سيرته، وكانت من المجتهدات، فذكرها ابن زياد، فقال لها أبو بلال مرداس : ( إن التقية لا بأس بها فتغيبي فإن هذا الجبار قد ذكرك.) قالت: ( أخشى أن يلقى أحدٌ بسبي مكروهاً. ) فأخذها ابن زياد فقطع يديها ورجليها، فمر بها أبو بلال في السوق فعض على لحيته وقال: أهذه أطيب نفساً بالموت منك يا مرداس؟ ما ميتةٌ أموتها أحب إلي من ميتة البثجاء! .
6 ــ وبسبب تطرف ابن زياد فى الايقاع بمن يعتنق فكر الخوارج أحسّ مرداس بالخطر ( فخرج في أربعين رجلاً إلى الأهواز، فكان إذا اجتاز به مالٌ لبيت المال أخذ منه عطاءه وعطاء أصحابه ثم يرد الباقي، فلما سمع ابن زياد بهم بعث إليهم جيشاً عليهم أسلم بن زرعة الكلابي سنة ستين .. وكان الجيش ألفي رجل، فلما وصلوا إلى أبي بلال ، ناشدهم الله أن يقاتلوه فلم يفعلوا، ودعاهم أسلم إلى معاودة الجماعة، فقالوا: أتردوننا إلى ابن زياد الفاسق؟. فرمى أصحاب أسلم رجلاً من أصحاب أبي بلال فقتلوه، فقال أبو بلال: قد بدؤوكم بالقتال. فشدّ الخوارج على أسلم وأصحابه شدة رجل واحد ، فهزموهم . فقدموا البصرة، فلام ابن زياد أسلم وقال: هزمك أربعون وأنت في ألفين، لا خير فيك! فقال: ( لأن تلومني وأنا حي خير من أن تثني علي وأنا ميتٌ ). فكان الصبيان إذا رأوا أسلم صاحوا به: أما أبو بلال وراءك! فشكا ذلك إلى ابن زياد، فنهاهم فانتهوا. وقال رجل من الخوارج:
أألفا مؤمنٍ منكم زعمتم ** ويقتلهم بآسك أربعونا
كذبتم ليس ذاك كما زعمتم ** ولكن الخوارج مؤمنونا .
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور ) https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran


ف 4 : وقائع الفتنة الكبرى الثانية ( 61 : 73 )
كتاب ( الخوارج تاريخيا ودينيا ) الباب الأول : الخوارج تاريخيا : وقائع الفتنة الكبرى الثانية
مقدمة دامية
1 ـ خلال عشر سنوات ( 61 : 71 ) فقط شهد قصر الامارة بالكوفة أربع رءوس مقطوعة لمشاهير الناس وقتها : رأس الحسين ، ثم رأس عبيد الله بن زياد ، ثم رأس المختار الثقفى ، ثم رأس مصعب بن الزبير . شهد هذا كله شخص إسمه عبد الملك بن عمير الليثي . قال ‏:‏ ( رأيت في قصر الإمارة بالكوفة رأس الحسين رضي الله عنه بين يدي عبيد الله بن زياد ، ثم رأيت رأس ابن زياد بين يدي المختار ، ثم رأيت رأس المختار بين يدي مصعب بن الزبير، ثم رأيت رأس مصعب بين يدي عبدالملك بن مروان‏ .)
2 ـ نتخيل ما سبق فى هذه المشاهد الدرامية :
م1 : عبيد الله بن زياد على كرسى الإمارة فى قصر الامارة فى الكوفة عام 61 : وأمامه رأس الحسين .
م 2 : المختار بن عبيد الثقفى على كرسى الإمارة فى قصر الامارة فى الكوفة عام 64 : وامامه رأس عبيد الله بن زياد .
م 3 : مصعب بن الزبير على كرسى الإمارة فى قصر الامارة فى الكوفة عام 67 : وأمامه رأس المختار بن عبيد الثقفى .
م 4 : عبد الملك بن مروان على كرسى الإمارة فى قصر الامارة فى الكوفة عام 71 : وأمامه رأس مصعب بن الزبير .
هذه ( رءوس ) موضوعات فى الفتنة الكبرى الثانية التى تفجرت بسبب وراثة يزيد بن معاوية الحكم وما تسبب عنها من قتل الحسين .
نعطى لمحات عن وقائع الفتنة الكبرى الثانية
1 ـ قُتل الحسين سنة 61، ثم فجأة هلك يزيد بن معاوية فى 14 ربيع الأول سنة 64،وهو فى أوج شبابه وفروسيته ، قيل إن عمره 38 عاما أو 35 عاما ، بعد خلافة استمرت حوالى ثلاث سنوات فقط . تولى إبنه معاوية الثانى الذى عهد اليه أبوه يزيد بالخلافة فإعتزل وسرعان ما مات وهو في العشرين من عمره بعد أن ظل خليفة أربعين يوما فقط .
2 ـ بإعتزال الشاب معاوية بن يزيد بن معاوية الخلافة وموته وإعلان ابن الزبير نفسه خليفة في مكة ،انضمت إليه العراق ومصر ومعظم الشام ، وذلك بتحالف قبائل قيس معه لحقدها على قبائل "كلب" المتحالفة مع الأمويين ،ولكن الأمويين عقدوا مؤتمر الجابية سنة 64هـ وفيه اتفقوا على اتحاد كلمتهم، وان يتولى الخلافة مروان بن الحكم ، ثم يتولاها بعده خالد بن يزيد بن معاوية ، ثم عمرو بن سعيد بن العاص ( الأشدق ) .
3 ـ تحتم الصراع بين الأمويين وعبد الله بن الزبير. بدأ مروان بن الحكم باستخلاص الشام من أتباع ابن الزبير ، فهزم الضحاك بن قيس الفهرى وقتله فى موقعة مرج راهط ، عام 64 ، ويقال 65 ، وليحمى ظهره بعدها سار مروان بن الحكم لاسترداد مصر من والى ابن الزبير ، وهو عبد الرحمن بن جحدم الفهرى القرشى فقتله . ولكن ظل العراق شوكة فى ظهر مروان بن الحكم . وكان يتبع العراق خراسان وما حولها ، فأرسل مروان جيشا يقوده عبيد الله بن زياد الى منطقة الجزيرة وقرقيساء حيث إنضم زفر بن الحارث لابن الزبير ، وهزم ابن زياد زفر بن الحارث ، واتجه للعراق ليعيده الى السيطرة الأموية . وفى فترة الاضطراب هذه تحركت الشيعة فى العراق للثأر من قتلة الحسين تحت شعار ( التوابين )، وتزعمهم سليمان بن صرد ، وقد هزمهم عبيد الله بن زياد فى موقعة عين الوردة في شهر ربيع الآخر‏.‏ 65 .
4 ـ فى عامى 66 :67 ظهر فى العراق مغامر اسمه المختار الثقفى سيطر على معظم العراق فى هذا العام ، واستقر فى كرسى الامارة . كان يزعم تبعيته لآل البيت ودعوته لمحمد بن على بن أبى طالب ( ابن الحنفية ) أكبر أولاد (على ) والمقيم فى الحجاز تحت سيطرة ابن الزبير ، ومرة بزعمه التبعية لابن الزبير ، ولكن هواه كان أكثر مع الهاشميين . ولكن المختار كان حريصا على ألاّ يأتى محمد بن الحنفية الى العراق حتى يظل فى سلطته بالعراق ، وكان فى نفس الوقت يخادع ابن الزبير يوهمه أنه على بيعته . وظهر لابن الزبير نفاقه حين هدد ابن الزبير باحراق كل بنى هاشم إن لم يبايعوا له ، بل جمعهم وكاد أن يشعل فيهم النار ، فبعثوا يستغيثون بالمختار فى العراق فارسل المختار لهم فرقة من الجيش لانقاذهم ، وعندما رأى ابن الزبير جيش المختار هرب واستنجد بالكعبة ، وتم انقاذ محمد بن الحنفية وسائر بنى هاشم وقد أعد ابن الزبير الحطب ليحرقهم، فكسروا الباب ودخلوا على ابن الحنفية فقالوا: خل بيننا وبين عدو الله ابن الزبير! فقال لهم: إني لا أستحل القتال في الحرم. . وأصبح العداء علنيا بين المختار الثقفى وابن الزبير . المختار الثقفى هو الذى تتبع بالقتل كل من شارك فى مذبحة كربلاء ،وقد انضم اليه ابراهيم بن الأشتر النخعى بمن معه من الشيعة فأرسله المختار ليقاتل عبيد الله بن زياد . وكان ابن زياد قد سار في عسكر عظيم من الشام، فبلغ الموصل وملكها، ، فسار إبراهيم بن الأشتر الى الموصل ، وجرت موقعة هائلة انتصر فيها العراقيون الشيعة على جنود اهل الشام الأمويين ، وقتل ابراهيم بن الأشتر عبيد الله بن زياد فى المعركة دون ان يعرفه . وتم التعرف عليه فاحتزوا رأسه وأرسلوها الى المختار فى الكوفة بينما أحرقوا جسده ، وكان هذا عام 67 . وفى نفس العام 67 كانت هزيمة المختار وقتله على يد مصعب بن الزبير . إذ أرسل ابن الزبير أخاه مصعب الى العراق ـ فهزم المختار وقتله عام 67 وضم العراق لأخيه . وتم عرض رأس المختار على مصعب بن الزبير .
يوجز ابن الأثير تاريخ المختار فيقول :( وكان المختار قد خرج يطلب بثأر الحسين فاجتمع عليه بشر كثير من الشيعة بالكوفة ، فغلب عليها ، وتطلب قتلة الحسين فقتلهم . قتل شمر بن ذي الجوشن الذي باشر قتل الحسين ، وخولي بن يزيد الذي سار برأسه إلى الكوفة، وعمر بن سعد بن أبي وقاص أمير الجيش الذي حاربوا الحسين حتى قتلوه ، وقتل معه ولده حفصا . وأرسل إبراهيم بن الأشتر في عسكر كثيف فلقي عبيد الله بن زياد الذي كان جهز الجيش إلى الحسين فحاربوه، فقتل عبيد الله بن زياد في تلك الواقعة . ... ثم سار إليه مصعب من البصرة فقتل المختار ) . وعن مقتل المختار تقول الرواية إن المختار هزم الخوارج وزعيمهم ( شبث بن ربعي ) فلحقوا بمصعب بن الزبير بالبصرة وانضموا اليه ، ثم إنضم اليهم (محمد بن الأشعث بن قيس ) ، وكان المختار قد هدم داره بالكوفة . وكتب مصعب الى ( المهلب بن أبى صفرة ) عامله فى فارس أن يأتى اليه بالجنود والأموال ليهاجموا المختار فى الكوفة ، فأقبل المهلب بجموع كثيرة وأموال عظيمة . كما إنضم لمصعب زعيم قبائل تميم ( الأحنف بن قيس ). وأرسل مصعب الى عبد الله بن مخنف الى الكوفة ليخذل أهلها عن المختار . وانهزمت طليعة للمختار يقودها احمد بن شميط ، وقُتل ابن شميط ، ثم إلتقى المختار مع جيش مصعب . وفى البداية إنهزم جيش مصعب ولكنه ثبت ولم يهرب فرجع اليه أصحابه وثبتوا معه ، وحمل المهلب بن أبى صفرة بجنده فهزم المختار وهرب اصحابه ، ولجأ المختار الى قصر الامارة بالكوفة وتحصّن به بمن بقى من جيشه ، وحوصروا فى القصر ومنعوا عنهم الطعام والشراب ، وكان إذا خرج جماعة من جيشه تناولتها السهام والحجارة من البيوت والمياه القذرة . وإقترب جيش مصعب من القصر فأمر المختار من بقى معه بالقصر ليواجهوه وقال ‏:‏ ( ويحكم إن الحصار لا يزيدكم إلا ضعفًا فانزلوا بنا نقاتل ، لنقتل كرامًا، والله ما أنا بآيس إن صدقتموهم أن ينصركم الله‏.‏) فتوقفوا عن قبول قوله ، فقال‏:‏ ( أما أنا فوالله لا أعطي بيدي‏.‏) . ثم أرسل إلى امرأته أم ثابت بنت سمرة بن جندب ، فأرسلت إليه بطيب كثير،فاغتسل وتحنط ووضع ذلك الطيب على رأسه ولحيته ، ثم خرج في تسعة عشر رجلًا . فقال لهم‏:‏( أتؤمنونني وأخرج إليكم ) فقالوا‏:‏ ( لا . إلا على الحكم ) فقال‏:‏ ( لا أحكمكم في نفسي أبدًا) . فضارب بسيفه حتى قُتل . ونزل أصحابه على الحكم ، فقُتلوا). وقُتل المختار لأربع عشرة ليلة خلت من رمضان سنة سبع وستين وهو ابن سبع وستين سنة‏.‏
12 ـ ( وأمر مصعب بكفّ المختار فقُطعت، ثم سُمّرت بمسمار حديد إلى جنب حائط المسجد ، ولم يزل على ذلك حتى قدم الحجاج بن يوسف فنظرإليها فقال‏:‏ ما هذه فقالوا‏:‏ كف المختار فأمر بنزعها‏.‏) وبعث مصعب برأس المختار مع رسول خاص إلى أخيه عبدالله بن الزبير فى مكة ، فوصل مكة بعد العشاء .، ولم يسمح ابن الزبير للرسول بالدخول عليه بزعم أنه يقوم الليل يصلى ، ثم أذن له فى الفجر فدخل عليه بكتاب مصعب وبرأس المختار . تقول الرواية : ( فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين معي الرأس‏.‏فقال‏:‏ ألقه على باب المسجد‏.‏فألقاه ، ثم جاء فقال‏:‏ جائزتي يا أمير المؤمنين‏.‏فقال‏:‏ جائزتك الرأس الذي جئت به تأخذه معك إلى العراق‏.‏).!!

5 ـ وهناك فى الشام مكث عبد الملك بن مروان يعد جيشه ويستعد للمواجهة الكبرى فى العراق تاركا مصعب بن الزبير يستنفذ قواه فى معارك متتالية مع المختار الثقفى ثم مع الخوارج الأزارقة وغيرهم ، وفى عام 71 كان جيش مصعب منهكا فزحف اليه عبد الملك بجيشه فهزم مصعب وقتله ـ وكانا من قبل صديقين متحابّين ـ . وتم عرض رأس مصعب بن الزبير على عبد الملك بن مروان
6 ـ وبهذا حوصر عبد الله بن الزبير فى الحجاز حيث لا زرع ولا ضرع . وفى عام 72 بعث عبد الملك بجيش يقوده الحجاج بن يوسف فأعاد حصار مكة والحرم فى هلال ذى القعدة الشهر الحرام عام 72 ، واستمر الحصار ستة أشهر وسبع عشرة ليلة وقيل ثمانية أشهر ، فتفرق عن ابن الزبير معظم أتباعه وأهله ومنهم ابناه حمزة وخبيب ، وقتل جيش الحجاج ابن الزبير ، فاحتزّ الحجاج رأسه وبعث بها الى عبد الملك فى دمشق .وعُرضت رأس عبد الله بن الزبير على عبد الملك فى قصر الخلافة فى دمشق .
وبهذا انتهت الفتنة الكبرى الثانية ، بعد الفتنة الكبرى الأولى . ولايزال المحمديون فى نفق الفتنة يسيرون .
أخيرا
ماذا عن الخوارج فى الفتنة الكبرى الثانية ؟
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )
https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran


ف 5 : وقائع الخوارج فى الفتنة الكبرى الثانية ( 61 : 73 هجرية)
كتاب ( الخوارج تاريخيا ودينيا ) الباب الأول : الخوارج تاريخيا : وقائع الخوارج فى الفتنة الكبرى الثانية ( 61 : 73 هجرية)
أولا : الخوارج وعبيد الله بن زياد :
1 ـ فى ( آسك )هزم أبو بلال مرداس وأربعون معه من الخوارج جيش ابن زياد الذى بلغ تعداده ألفين . وإنتقم زياد بأن أرسل جيشا آخر بلغ تعداده ثلاثة آلاف يقوده عباد بن الأخضر. ولحق هذا الجيش الخوارج فى منطقة ( توج ) ، وثبت الخوارج لجيش ابن زياد . وحلّ وقت صلاة الجمعة ، فطلب أبو بلال هدنة للصلاة ، فاستجاب له ابن الأخضر . وتوقف القتال . تقول الرواية (فعجل ابن الأخضر الصلاة، وقيل قطعها، والخوارج يصلون، فشد عليهم هو وأصحابه وهم ما بين قائم وراكع وساجد لم يتغير منهم أحد من حاله، فقتلوا من آخرهم وأخذ رأس أبي بلال. ). رأى الخوارج الجيش الأموى يهجم عليهم غدرا وهم فى الصلاة ، فلم يقطعوا صلاتهم ، وأتاحوا للجبناء قتلهم بلا مقاومة.! .
2 ـ وانتقم الخوارج بإغتيال قائد هذا الجيش ( عباد بن الأخضر ) .تقول الرواية ( ورجع عباد إلى البصرة فرصده بها عبيدة بن هلال ومعه ثلاثة نفر، فأقبل عباد يريد قصر الإمارة وهو مردف ابناً صغيراً له، فقالوا له: قف حتى نستفتيك. فوقف، فقالوا: نحن إخوة أربعة قتل أخونا فما ترى؟ قال: استعدوا الأمير. قالوا: قد استعديناه فلم يعدنا. قال: فاقتلوه قتله الله! فوثبوا عليه وحكّموا به ) ( حكّموا به ) أى صاحوا ( لا حكم إلا لله ) وهى صيحتهم عندما يبدأون فى القتل . تقول الرواية إن عباد بن الأخضر ألقى إبنه وثبت هو لهم فقتلوه ، ونجا إبنه . ثم إجتمع أهل البصرة على الخوارج الأربعة فقتلوا منهم ثلاثة ، وأفلت عبيدة بن هلال .
3 ـ وصمم ابن زياد على الانتقام . وكان نائبه على البصرة ( عبيد الله بن أبي بكرة )، فكتب إليه يأمره أن يتتبع الخوارج، ففعل ذلك) وحبس ابن أبى بكرة كثيرا من الخوارج ، وكان من يشفع فى بعض الخوارج يطلق ابن أبى بكره سراحه على أن يكون الشافع فيه كفيلا أى مسئولا عن هذا الخارجى. وحضر ابن زياد الى البصرة ، وقتل كل المحبوسين من الخوارج . وطلب من كل كفيل أن يحضر اليه بمن يكفله من الخوارج ، فإذا عجز الكفيل قتله ابن زياد ، فإذا أحضر الخارجى أطلق ابن زياد الكفيل وقتل الخارجى .
ثانيا : الخوارج وعبد الله بن الزبير
1 ـ فى عام 64 ، وبعد أن هزم الجيش الأموى أهل المدينة فى موقعة الحرة ، تحرك الجيش نحو مكة ليقاتل ابن الزبير ، وإنضم الخوارج بزعامة نجدة بن عامر الى ابن الزبير دفاعا عن البيت الحرام . وانسحب الجيش الأموى من حصار مكة والحرم بعد أن بلغهم موت يزيد بن معاوية .
2 ـ بعدها كان منتظرا أن يفارق الخوارج ابن الزبير. إنفجرت الخلافات القديمة بينهم ، سألوا ابن الزبير عن رأيه فى (عثمان ) ، وخاف منهم ابن الزبير ــ وكان جبانا ـ فأمهلهم الى العشية ، وعندما جاءوا وجدوا حوله أتباعه مسلحين . وأعلن ابن الزبير براءته من الخوارج ، فتركوه .
ثالثا : تفرق الخوارج
1 ـ بعد تركهم ابن الزبير تفرق الخوارج . منهم من ذهب الى البصرة وكلهم من بنى تميم وتزعمهم نافع بن الأزرق ومعه ابن الصفار وابن اباض ، وإتجه آخرون الى اليمامة تزعمهم أبو طالوت وأبو فديك.
2 ــ فى البصرة إنتهز نافع بن الأزرق فرصة ثورة الناس على (ابن زياد ) والصراع بين بين قبيلتى الأزد وربيعة ـ فجمع معه ثلثمائة فاقتحم بهم سجن ابن زياد وأطلق من فيه .
وإتفق اهل البصرة على تولية عبد الله بن الحارث ، وواجهوا الخوارج ، فهرب نافع ببعض أصحابه الى الأهواز فى شوال 64 ، وتخلف عنه إبن الصفار وابن إباض .
وتبرأ نافع بن الأزرق من صاحبيه إبن الصفار وابن إباض ، وحرّم مناكحتهم وأكل ذبائحهم وقبول شهادتهم ,اخذ الدين عنهم . وأعلن نافع بن الأزرق أن جهاده يشمل ( قتل الأطفال والاستعراض،) أى القتل العشوائى لمن خالفه ، ( وأن جميع المسلمين كفار مثل كفار العرب لا يقبل منهم إلا الإسلام أو القتل.) . وهذا هو دين الأزارقة . وبهذا بدأ تقسيم هؤلاء الى الخوارج الى : الأزارقة ( نافع بن الأزرق ) والاباضية ( ابن إباض ) القائل باستحلال الدماء دون الأموال ، والصفرية ( ابن الصفار ) الذى إعتبر ابن الأزرق متطرفا. وتبرأ الزعماء الثلاث من بعضهم . وقد خالف (نجدة بن عامر الحنفى ) نافع بن الأزرق ، وإنفصل عنه وسار إلى اليمامة، فأطاعه الخوارج الذين بها وتركوا أبا طالوت.
3 ـ تقول الرواية : ( واشتدت شوكة ابن الأزرق ،وكثرت جموعه ، وأقام بالأهواز يجبي الخراج ويتقوى به. )، ثم أقبل نحو البصرة حتى دنا من الجسر، فبعث إليه واليها (عبد الله بن الحارث ) جيشا عام 65 ، وإقتتلوا ، فقُتل نافع بن الأزرق ، وتولى بعده ابن الماحوز التميمى ، واستمر القتال ، حتى ملّ الجيشان القتال ، وركن الفريقان الى الراحة ، ولكن أقبلت للخوارج كتيبة مددا لهم فتقوى بهم الخوارج وهزموا جيش أهل البصرة ، وتقدم الخوارج بعدها نحو البصرة .
رابعا : تولية المهلب بن أبى صفرة حرب الخوارج وإنقاذه البصرة
1 ــ المهلب أشهر من حارب الخوارج ، حاربهم باسم ابن الزبير ثم باسم الأمويين .
2 ـ وبدأ الأمر عندما فزع أهل البصرة من تقدم الخوارج نحوهم ، فلجأوا الى الأحنف بن قيس زعيم بنى تميم ليقودهم ضد الخوارج ، فإعتذر وأشار عليهم بالمهلب بن ابى صفرة . ورفض المهلب أولا ثم إشترط عليهم أن يكون له ما يغلب عليه وأن يتقوى بالأموال من بيت المال ، فوافقوا ، ووافق ابن الزبير على أن يقاتل الخوارج باسمه .
3 ــ وقام المهلب بتكوين جيش قوى من اهل البصرة قوامه 12 ألفا ، وسار بهم الى الخوارج فإنسحبوا الى الأهواز ، فطاردهم المهلب ، وأرسل مقدمة جيشه يقودها ابنه المغيرة ، فاقتتل معهم ، ثم انسحب الخوارج من الأهواز الى مناذر ، ثم التحم بهم المهلب بجيشه ، وفى البداية إنتصر الخوارج ولكن ثبت المهلب وابنه المغيرة ، فعاد اليه اربعة آلاف فارس من أصحابه المنهزمين ، وتم صدُّ الخوارج . واستراح المهلب بجيشه ، ثم إنسحب الى العاقول ، وتحرك فى أثر الخوارج وعسكر قريبا منهم ، وهجم الخوارج ليلا على معسكر المهلب فوجدوه مستعدا لهم ، ودار قتال شديد ، تقول الرواية : ( وصبر الفريقان عامة النهار، ثم إن الخوارج شدت على الناس شدةً منكرةً، فأجفلوا وانهزموا لا يلوي أحد على أحدٍ، حتى بلغت الهزيمة البصرة، وخاف أهلها السباء.) ، أى خافوا أن يسبى الخوارج نساءهم وذرياتهم . ولم ييأس المهلب فظل يصرخ فى جيشه المهزوم حتى تجمع حوله ، وفاجأ بهم الخوارج من حيث لا يشعرون وقد إنفصلت عنهم فرقة لتقتحم البصرة . وإقتتل المهلب مع مؤخرة الخوارج ، واستمر القتال ساعة ، وأسفر عن قتل قائد الخوارج ابن الماحوز وكثيرٌ من أصحابه، وغنم المهلب عسكرهم. وتراجعت مقدمة الخوارج التى كانت تتقدم لاحتلال البصرة فوقعوا فريسة لجيش المهلب ، تقول الرواية : ( وأقبل من كان في طلب أهل البصرة راجعاً، وقد وضع المهلب لهم خيلاً ورجالاً تختطفهم وتقتلهم، وانكفأوا راجعين مذلولين مغلوبين، فارتفعوا إلى كرمان وجانب أصبهان...فلما قتل عبد الله بن الماحوز استخلف الخوارج الزبير بن الماحوز.)، (ولما فرغ المهلب منهم أقام مكانه حتى قدم مصعب بن الزبير على البصرة أميراً. )

خامسا : نجدة بن عامر الحنفى الخارجى فى الجزيرة العربية
1 ـ كان ( نجدة ) مع نافع ابن الأزرق،ثم خالفه وفارقه وسار إلى اليمامة حيث كان فيها خوارج آخرون بزعامة أبى طالوت فأصبح نجدة من كبار أتباع أبى طالوت . وكانت منطقة حضرموت من قبل تابعة لبنى حنيفة قوم نجدة بن عامر الحنفى. فإستولى عليها معاوية من بنى حنيفة ، وقد أسكن فيها معاوية أربعة آلاف من الرقيق وعائلاتهم يعملون فى الأرض . وسار نجدة الى حضرموت فإستردها ، وغنم ما فيها وقسمه بين أصحابه، عام 65 ، فكثر جمعه. ثم نهب نجدة قافلة كانت تحمل أموالا لابن الزبير ، وجاء بها لأبى طالوت ( فقسمها بين أصحابه، وقال: "اقتسموا هذا المال وردوا هؤلاء العبيد واجعلوهم يعملون الأرض لكم فإن ذلك أنفع" ، فاقتسموا المال وقالوا: نجدة خير لنا من أبي طالوت؛ فخلعوا أبا طالوت وبايعوا نجدة وبايعه أبو طالوت، وذلك في سنة ست وستين، ونجدة يومئذٍ ابن ثلاثين سنة. )
2 ـ ثم حارب نجدة قبيلة بني كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، فى منطقة ( ذي المجاز ) ( فهزمهم وقتلهم قتلاً ذريعاً ). ( ورجع نجدة إلى اليمامة فكثر أصحابه فصاروا ثلاثة آلاف، ثم سار نجدة إلى البحرين سنة 67، . وانضمت اليه هناك الأزد من قبائل اليمن ، ووقفت ضده قبائل عبد القيس من ربيعة . ودارت معركة بين الفريقين فى القطيف ، وانتصر عليهم نجدة ، تقول الرواية : ( فالتقوا بالقطيف فانهزمت عبد القيس ، وقتل منهم جمعٌ كثير ، وسبى نجدة من قدر عليه من أهل القطيف . ) ( وأقام نجدة بالقطيف ووجه ابنه المطرح في جمع إلى المنهزمين من عبد القيس، فقاتلوه بالثوير، فقتل المطرح بن نجدة وجماعة من أصحابه.
وأرسل نجدة سريةً إلى الخط فظفر بأهله. )
3 ـ وأقام نجدة بالبحرين. فلما قدم مصعب بن الزبير إلى البصرة سنة69 ، بعث إليه ( عبد الله بن عمير الليثي الأعور ) في أربعة عشر ألفاً . ولكن نجدة فاجأه وهو غافل، وهزمه وهرب ابن عمير . وسبى نجدة جارية لابن عمير فعرض عليها أن يرسلها إلى مولاها فقالت:" لا حاجة بي إلى من فرعني وتركني.". ( فرع ) كناية عن إفتضاض البكارة .
وبعث نجدة أيضاً بعد هزيمة ابن عمير جيشاً إلى عُمان واستعمل عليهم عطية بن الأسود الحنفي، وقد غلب عليها عباد بن عبد الله، وهو شيخ كبير، وابناه سعيد وسليمان يعشران السفن ( أى يفرضان العُشر ) ويجيبان البلاد ). وانتصر عطية وقتل عباد . واستولى عطية على البلاد فأقام بها أشهراً ثم خرج منها، واستخلف رجلاً يكنى أبا القاسم، فقتله سعيد وسليمان ابنا عباد وأهل عمان. ) ( ثم خالف عطية نجدة، فعاد إلى عمان ، فلم يقدر عليها ، فركب في البحر وأتى كرمان ،وضرب بها دراهم سماها العطوية. وأقام بكرمان. فأرسل إليه المهلب جيشاً، فهرب إلى سجستان ثم إلى السند، فلقيه خيل المهلب بقندابيل فقتله. ).
4 ـ ( ثم بعث نجدة إلى البوادي بعد هزيمة ابن عمير من يأخذ من أهلها الصدقة، فقاتل أصحابه بني تميم بكاظمة، وأعان أهل طويلع بني تميم، فقتلوا من الخوارج رجلاً، فأرسل نجدة إلى أهل طويلع من أغار عليهم وقتل منهم نيفاً وثلاثين رجلاً وسبى. ثم إنه دعاهم بعد ذلك فأجابوه، فأخذ منهم الصدقة. )
5 ـ ( ثم سار نجدة إلى صنعاء في خف من الجيش، فبايعه أهلها ، وظنوا أن وراءه جيشاً كثيراً، فلما لم يروا مدداً يأتيه ندموا على بيعته، وبلغه ذلك فقال: إن شئتم أقلتكم بيعتكم وجعلتكم في حل منها وقاتلتكم. فقالوا: لا نستقيل بيعتنا. فبعث إلى مخالفيها فأخذ منهم الصدقة، وبعث نجدة أبا فديك إلى حضرموت فجبى صدقات أهلها.)
6 ــ وحج نجدة سنة 68 ، وقيل سنة 69، وهو في ثمانمائة وستين رجلاً، وقيل في ألفي رجل وستمائة رجل، وصالح ابن الزبير على أن يصلي كل واحد بأصحابه ويقف بهم ويكف بعضهم عن بعض. فلما صدر نجدة عن الحج سار إلى المدينة، فتأهب أهلها لقتاله، وتقلد عبد الله بن عمر سيفاً، فلما كان نجدة بنخل أخبر بلبس ابن عمر السلاح، فرجع إلى الطائف . )
7 ـ وسبى نجدة بنتا هى حفيدة عثمان بن عفان ، (بنت عبد الله بن عمرو بن عثمان ) ( فسأله بعضهم بيعها منه، فقال: قد أعتقت نصيبي منها فهي حرة. قال: فزوجني إياها. قال: هي بالغ وهي أملك بنفسها فأنا استأمرها؛ فقام من مجلسه ثم عاد، قال: قد استأمرتها وكرهت الزواج. ).
8 ـ واتسع مُلك نجدة من الطائف الى البحرين وحضرموت واليمن وتبالة والسراة .
9 ـ ثم إن أصحاب نجدة اختلفوا عليه لأسباب نقموها منه ... فانحازوا عنه وولوا أمرهم أبا فديك عبد الله بن ثور.. واستخفى نجدة، فأرسل أبو فديك في طلبه جماعةً من أصحابه وقال: إن ظفرتم به فجيئوني به. ) وعثروا عليه فقتلوه .
سادسا : مصعب بن الزبير والخوارج فى فارس والعراق :
1 ـ فى عام 68 عزل مصعب بن الزبير ( المهلب بن أبى صفرة ) وولى مكانه فى حرب الأزارقة (عمر بن عبيد الله بن معمر ) . وكان الخوارج قد ولوا عليهم الزبير بن الماحوز عام 65 . ودارت معركة عند اصطخر بين الخوارج و (عمر بن عبيد الله )، فقتل الخوارج ابنه ولكن انهزموا . وكاد عمر بهلك في هذه الوقعة، فدافع عنه مجاعة، فوهب له عمر تسعمائة ألف درهم. وانسحب الخوارج وساروا غربا نحو العراق ، فطاردهم عمر بن عبيد الله ، وجهز مصعب جيشا آخر ، ووقع الخوارج بين جيشى مصعب و عمر بن عبيد الله ، فانطلقوا نحو المدائن فاقتحموها وهرب قائدها ( كردم بن مرشد القرادي ) ، تقول الرواية عما فعله الخوارج بأهل المدائن : ( شنوا الغارة على أهل المدائن يقتلون الرجال والنساء والوالدان ويشقون أجواف الحبالى. .. ) ثم ساروا الى ساباط : ( وأقبلوا إلى ساباط ووضعوا السيف في الناس يقتلون .. وأفسد الخوارج في الأرض. ). وارتعب أهل الكوفة من مجىء الخوارج فحثوا واليهم ( القباع ) فخرج متثاقلا برغم الالحاح عليه . وقال فيه شاعر :
سار بنا القباع سيراً نكرا ** يسير يوماً ويقيم شهرا
2 ـ وطورد الخوارج حتى اصبهان وحاصروها ، وكان والى اصبهان (عتاب بن ورقاء )، فصبر لهم، وكان يقاتلهم على باب المدينة ويرمون من السور بالنبال والحجارة. واستمر حصار الخوارج لاصبهان فاضطر مقاتلوها للخروج لمقاتلة الخوارج ـ وكانوا لا يتوقعون الهجوم ، ففاجأهم الهجوم فانهزموا ، وقُتل أميرهم الزبير بن الماحوز .
3 ـ وولى الخوارج عليهم قطري بن الفجاء ، فانسحب بهم الى كرمان وأقام بها حتى اجتمعت إليه جموع كثيرة وجبى المال وقوي. ثم أقبل إلى أصبهان ثم أتى إلى أرض الأهواز فأقام بها. واضطر مصعب الى إعادة المهلب لقتال الخوارج . وجاء المهلب إلى البصرة وأعد جيشا وسار به نحو الخوارج، ثم أقبلوا إليه حتى التقوا بسولاف فاقتتلوا بها ثمانية أشهر أشد قتال رآه الناس.
4 ـ وحين قتل مصعب عام 71 ، كان المهلب يحارب الأزارقة بسولاف، بلد بفارس على شاطئ البحر، ثمانية أشهر. وعرف الخوارج الأزارقة بقتل مصعب قبل أن يعرف به المهلب ، تقول الرواية : ( فصاحوا بأصحاب المهلب: ما قولكم في مصعب؟ قالوا: أمير هدى، وهو ولينا في الدنيا والآخرة، ونحن أولياؤه. قالوا: فما قولكم في عبد الملك؟ قالوا: ذاك ابن اللعين، نحن نبرأ إلى الله منه وهو أحل دماً منكم. قالوا: فإن عبد الملك قتل مصعباً وستجعلون غداً عبد الملك إمامكم. فلما كان الغد سمع المهلب وأصحابه قتل مصعب فبايع المهلب الناس لعبد الملك بن مروان، فصاح بهم الخوارج: يا أعداء الله! ما تقولون في مصعب؟ قالوا: يا أعداء الله لا نخبركم. وكرهوا أن يكذبوا أنفسهم. قالوا: وما قولكم في عبد الملك؟ قالوا: خليفتنا. ولم يجدوا بداً إذ بايعوه أن يقولوا ذلك. قالوا: يا أعداء الله! أنتم بالأمس تبرأون منه في الدنيا والآخرة وهو اليوم إمامكم وقد قتل أميركم الذي كنتم تولونه! فأيهما المهتدي وأيهما المبطل؟ قالوا: يا أعداء الله رضينا بذلك إذ كان يتولى أمرنا ونرتضي بهذا. قالوا: لا والله ولكنكم إخوان الشياطين وعبيد الدنيا. )
سابعا : عبد الملك بن مروان والخوارج
ـ فى عام 72 ، ولّى عبد الملك (خالد بن عبد الله على البصرة، فلما قدمها خالد كان المهلب يحارب الأزارقة، فعزله وسيّر أخاه عبد العزيز بن عبد الله إلى قتل الخوارج. ). وهزم قطرى بن الفجاءة الجيش الأموى ، وسبى إمرأة القائد عبد العزيز بن عبد الله . وهى ابنة المنذر بن الجارود ، وعرضها الخوارج للبيع فى مزاد ، تقول الرواية : (وانهزم عبد العزيز، وأخذت امرأته ابنة المنذر بن الجارود فأقيمت فيمن يزيد، فبلغت قيمتها مائة ألف، فجاء رجل من قومها من رؤوس الخوارج فقال: تنحوا هكذا، ما أرى هذه المشركة إلا قد فتنتكم! وضرب عنقها، ولحق بالبصرة، فرآه آل المنذر فقالوا: والله ما ندري أنحمدك أم نذمك! فكان يقول: ما فعلته إلا غيره وحمية. ). وأرسل عبد الملك يؤنب الوالى خالد بن عبد الله لعزله المهلب ، وأمره أن يُعيد المهلب ، وأمر عبد الملك أخاه بشر بن مروان والى الكوفة أن يرسل مددا من خمسة آلاف لحرب الخوارج ، فأرسل المدد بقيادة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث . واجتمع جيش البصرة وفيه أميرها خالد بن عبد الله وجيش الكوفة يقوده ابن الأشعث ، معهم المهلب مستشارا. وانهزم الخوارج . وكتب عبد الملك لأخيه بشر بن مروان بأن يطارد الخوارج .
واستمرت الحروب بين الخوارج وبنى أمية حتى سقوط دولة الأمويين .
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور ) https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran



ف 1 : بين الاعرب / الخوارج وقريش
كتاب ( الخوارج تاريخيا ودينيا ) الباب الثانى : دين الخوارج . ف1 :بين الأعراب /الخوارج وقريش
مقدمة
ينزل الدين الالهى من رب العزة جل وعلا لاصلاح البشر . ولكن البشر بالوحى الشيطانى يخترعون أديانا أرضية شيطانية تلبى إحتياجاتهم واهواءهم ،ثم هم فيها مختلفون .ينطبق هذا على دين الأعراب /الخوارج . قريش هى الحاضر الغائب فى هذه المعضلة . قريش (بالتحديد بنو عبد مناف الأمويون والهاشميون ) هم الذين أدمنوا خداع الأعراب ، وفى النهاية ظهر الخوارج نتيجة لهذا الاستغلال والخداع . الموضوع معقد ، ونحاول تبسيطه كالآتى :
أولا :
خداع قريش للأعراب فى الجاهلية ثم عند نزول القرآن الكريم
1 ـ ابراهيم عليه السلام هو الذى بنى البيت الحرام ومعه إبنه إسماعيل ، وهو الذى دعا الناس الى الحج اليه ، وهو الذى أراه الله جل وعلا مناسك العبادة من صلاة وصدقات وحج . نقرأ قول ربنا جل وعلا :
1 / 1 : ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) البقرة )
1 / 2 :( وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)الحج ).
2 ـ بتوالى القرون دخل العرب فى دين ابراهيم ، وشعائره وخصوصا الحج للبيت الحرام ، ولكنهم وقعوا فى الشّرك . لم يكونوا حنفاء ،أى مخلصين لله جل وعلا دينهم . أنزل الله جل وعلا كلمته النهائية للبشر ، وتكرر فيها الدعوة الى إتباع ( ملة ابراهيم حنيفا ) مع الشرح الوافى لمعنى ( حنيفا ) . الآيات كثيرة ، منها قول ربنا جل وعلا للنبى محمد نفسه :
2 / 1 : ( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ) (164)الانعام )
2 / 2 : ( ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123)النحل )
2 / 3 : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) الروم )
3 ـ إستغلت قريش شيوع الشّرك عند العرب بأن تتاجر بالبيت الحرام ، فقد أقنعت الأعراب أن تكون أصنامهم حول الكعبة ، وإحتفظت بها رهائن ، ورضى الأعراب بهذا إذ ستكتسب أصنامهم قداسة . فى المقابل إستغلت الأعراب ـ المتقاتلين فيما بينهم ـ فى أن يكونوا حُماة لتجارتها الشرقية العالمية ، إذا كانت قوافلهم فى رحلتى الشتاء والصيف تنقل بضائع الهند الآتية الى اليمن الى سوريا حيث الدولة البيزنطية ثم الى أوربا ، وبالعكس تنقل بضائع الغرب الى اليمن لتأخذ طريقها الى الهند ، وهذا هو (الإيلاف ) . قال جل وعلا : ( لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4) قريش ). الايلاف يعنى الإتفاق مع القبائل فى الطريق على حماية القوافل القرشية ، وفى الداخل يساهم القرشيون فى هذا التجارة بأسهم ،ولكل سهم ربح . ترتب على هذا أن تنعّم القرشيون بثروات هائلة وبالأمن ، بينما عاش الأعراب فى تقاتل فيما بينهم ، يتخطفون بعضهم .
4 ـ نزل القرآن الكريم بالدعوة الى ملة ابراهيم حنيفا . ورأت قريش فيه خطرا على تجارتها ، لأنه يعنى أنه لا مجال لأصنام الأعراب فى الحرم .إعترفوا اته الهدى ، ولكنه خطر عليهم . نقرأ قول ربنا جل وعلا :
4 / 1 :( وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (57)القصص )
4 / 2 : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67)العنكبوت ).
5 ـ قال جل وعلا : ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)الانفال )
أكابر قريش الرأسماليون هم أيضا أكابر المكر والدهاء . عقدوا إجتماعا تداولوا فيه كيفية التصرف مع النبى واصحابه وهم يزدادون عددا خصوصا بين المستضعفين . المعضلة ان النبى محمدا ينتمى الى بنى هاشم وهم الذين يتقاسمون السلطة مع بنى عمومتهم الأمويين ، بالتالى فإن قتله او سجنه ليس فى المصلحة . تمخّض مكرهم على ان يجعلوه يخرج ، ولكن يبعثون معه بجواسيس يكونون حلقة حوله ، يكتمون أمرهم ، فإذا نجحت دعوته كانوا الأقرب منه باعتبارهم اهله واصهاره ،ويكون سهلا لهم الاستيلاء على السُّلطة بعده . هذا هو المكر الذى وصفه رب العزة بأنه تزول منه الجبال : ( وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)ابراهيم ).
6 ـ عن هؤلاء الجواسيس نقرأ قوله جل وعلا فى سورة التوبة وهى من أوخر ما نزل من القرآن الكريم : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيم (101) التوبة ). ونلاحظ :
6 / 1 : قبلها بسنوات قال جل وعلا عن المنافقين الصُّرحاء : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللَّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146)النساء ) . اى هم فى الدرك أسفل من النار ، إلا من تاب منهم توبة نصوحا . اى هناك إحتمال للتوبة بالنسبة للمنافقين الصُّرحاء .
6 / 2 : فى سورة التوبة عرض شامل لأقوال وافعال المنافقين الصرحاء مع الردّ عليهم . ولكن الذين (مردوا على النفاق ) قال جل وعلا للنبى محمد عليه السلام أنه لا يعلمهم إلا الله جل وعلا ،وإنهم لن يتوبوا ،وسيتولى الله جل وعلا تعذيبهم مرتين فى الدنيا ، ثم ينتظرهم فى الآخرة عذاب شديد . اى سيرتكبون فظائع بعد موته عليه السلام . وهذا ما حدث من الخلفاء الفاسقين وصحابة الفتوحات .
ثانيا :
1 ـ عشرات الآيات القرآنية نزلت فى المنافقين الصُّرحاء ، بداية من سورة( الأنفال ) الى سورتى ( المائدة ) و( التوبة )، ومع ذلك إنقطع الحديث عنهم مرة واحدة فى التاريخ . فالتاريخ ينام فى أحضان الطُغاة ، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وعائشة ..الخ .
2 ـ ليس فى الاسلام إجبار على إتباع ملة ابراهيم حنيفا ،وليس فيه إكراه فى الدين ، بل الحرية الدينية المطلقة ، وهذا طالما يكون الشخص مسالما لا يرفع سيفه . وليس فيه إرغام على دفع الصدقات ، وقد قال الله جل وعلا عن المنافقين الصُرحاء : ( ) قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ (54) التوبة ). لذا كان فى دولة الاسلام فى عهد النبى محمد عليه السلام مؤمنون ـ بمعنى الأمن والأمان والسلم والسلام ـ يعكفون على الأنصاب أى القبور المقدسة ، ونزل لهم الوعظ فى البداية وهم فى المدينة : ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ ِ (30) الحج ) وجاءهم تفصيلا وتحذيرا فى أواخر ما نزل فى المدينة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ (91) وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (92) المائدة )
3 ـ القتال فى الاسلام هو للدفاع فقط وليس للإعتداء ، وهو يستمر باستمرار الا عتداء فإذا توقف الاعتداء توقف الدفاع . قال جل وعلا : ( وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (192) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (193) الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) البقرة ).
4 ـ عمليا خالف ابو بكر تشريعات الاسلام فألزم الأعراب بدفع إتاوات له باسم الصدقات ، ومن رفض قاتله وسبى نساءه ، وبعد ان أخضعهم اقنعهم بأن يكونوا جنودا يفتح بهم الأمم الاخرى التى لم يسبق لها الاعتداء عليه . كان الاعراب يقتتلون فيما بينهم إقتتالا (علمانيا ) مجرد سبيل للرزق ،وكان يشمل السلب والنهب والسبى . طرح لهم أبو بكر تشريعا جديدا أن يقاتلوا الآخرين باسم الاسلام . وطبعا رحبوا بالعرض ، وإجتهدوا فى الفتوحات فنجحت بسيوفهم ودمائهم . أخفى ابو بكر بيت المال عن رفاقه فقتلوه ودفنوه سرا ، وبويع (عمر ) وهوالذى فرض العطاء لأفراد القبائل ، هذا مع ظلمه لأبناءالبلاد المفتوحة، ودفع الثمن حين إغتاله أبو لؤلؤة المجوسى . تولى عثمان فكان فاسدا ، ثارالأعراب عليه وقتلوه ، وعينوا عليا بن أبى طالب ، فكانت الفتنة الكبرى ، وشارك فيها الأعراب .
5 ـ فى الفتوحات لم يشارك فيها الخلفاء، تركوا القيادة للقرشيين . فى الفتنة الكبرى شارك فيها (على ). وأدرك أتباعه انهم تعرضوا لخداع قريش . فهى الآن تتحكم فى طريق التجارة العالمى بسيوفهم وتضحياتهم ، ثم لا نصيب لهم فى الثروة ولا فى السلطة . أى إنهم مجرد أدوات لقريش من الهاشميين والأمويين . لذا كان الدين الحقيقى للخوارج الذين خرجوا على (على بن أبى طالب ) هوكراهية قريش . وجعلوا ذلك دينا لهم .
6 ـ ولكن التعميم لا يجوز . فهو دين فيه إستثناءات . نتعرض لهذا الاستثناء فى المباحث التالية .
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور ) https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran

ف 2 / ب 2 : شبث بن ربعى : زعيم الخوارج وزعيم التناقض فى الولاءات

كتاب ( الخوارج تاريخيا ودينيا ) الباب الثانى : دين الخوارج .
مقدمة :
1 ـ الإله الأكبر للخلفاء الفاسقين هو المال والسُّلطة ، بها كانت فتوحاتهم ثم كانت حروبهم فى الفتنةالكبرى . العُقدة الكبرى للخوارج لم تكن المال ، كانت إحساسهم بإستغلال قريش لهم ، أى كان دينهم فى معارضة قريش ، جعلتهم قريش يقاتلون باسم الاسلام ، ثم حازت قريش المكاسب دونهم . أصبح دينهم هو القتل بكل إخلاص كطقس دينى حتى لو كان الضحايا أطفالا ونسوة ، ثم تفرقوا فى دينهم الدموى هذا . ولكن لا يصح التعميم . فهناك منهم من تباينت مواقفه .إنه (شبث بن ربعي بن حصين بن عثيم بن ربيعة بن زيد بن رِياح بن يربوع بن حنظلة التميمى ) .
2 ـ هو جندى من جنود الفتنة ، تاريخه يعبّر عن عشرات الألوف من الأعراب الصحابة المنافقين الذين وصفهم رب العزة بقوله (كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا ) النساء 91 ). كانوا كفارا ، فأسلموا ، ثم إرتدوا ، ثم عادوا الى الاسلام ، ثم صاروا من جنود الفتح ، ثم ثاروا على الخليفة عثمان ، ثم صاروا شيعة ل ( على ) ثم إنقلبوا عليه وصاروا خوارج . هذه قصة ( شبث بن ربعى ) ولكنه تميز بأنه غيّر موقفه بعدها ورجع الى (على ) ثم صار مع الأمويين ، وممّن خدع الحسين ودعاه الى القدوم الى الكوفة ثم صار من قادة جيش ابن زياد الذى قتل الحسين ، ثم تقلبت حياته مع المختار الثقفى ، واسهم فى القضاء على المختار ، وختم حياته تابعا لمصعب بن الزبير. حياة دموية حافلة بالتقلبات ، كان فيها يحمل سيفه يقاتل مع هذا أو ذاك لا يتأخر عن أى فتنة قريبة منه، حتى بلغ أرذل العمر ، ومات عام 70 فى ولاية مصعب بن الزبير على العراق .ونعطى عنه لمحة :
1 ـ بعد إسلامه شارك فى شبابه مع المرتدين ، وعمل مؤذنا لسجاح التى إدّعت النبوة . ثم عادت سجاح للاسلام وعاد معها شبث .
2 ـ شارك فى الفتوحات فى خلافة عمر بن الخطاب :بعد إخماد حركات الردة دعا أبو بكر ثم عمر الأعراب العائدين لسيطرة قريش الى الفتوحات ، فتوافد الأعراب الى المدينة فكان يبعثهم أبو بكر ثم عمر الى الفتوحات . وورد إسم شبث بن ربعى مع أبيه ( ربعى بن حصين ) ضمن هذه الوفود .جاء ربعى ومعه ابنه شبث الى عمر فأرسله بمن معه الى العراق مددا الى المثنى بن حارثة . يقول الطبرى ( وجاء ربعي في أناس من بني حنظلة فأمّره عليهم ، وسرحهم وخرجوا حتى قدم بهم على المثنى ، فرأس بعده ابنه شبث بن ربعي. ) . هذا أول ذكر لشبث فى الفتوحات .
3 ـ شبث فى الفتنة الكبرى ( الأولى ) مع ( على ) ضد معاوية . كان من أوائل الثائرين على فساد عثمان بن عفان ، ومن الطبيعى أن ينضم الى ( على ) فظهر إسمه واضحا وقتها . فى اواخر ذى الحجة ( الشهر الحرام ) عام 36 ، فى موقعة (صفين ) تقول الرواية : ( وجاء الناس حتى أتوا عسكرهم . فمكث ( علي ) يومين لا يرسل إلى معاوية أحدا ولا يرسل إليه معاوية. ثم إن (عليا ) دعا بشير بن عمرو بن محصن الأنصاري وسعيد بن قيس الهمداني وشبث بن ربعي التميمي، فقال : " ائتوا هذا الرجل فادعوه إلى الله وإلى الطاعة والجماعة . " فقال له شبث بن ربعي : " يا أمير المؤمنين ألا تطمعه في سلطان توليه إياه ومنزلة يكون له بها أثرة عندك إن هو بايعك ؟ " فقال علي : " ائتوه فالقوه واحتجوا عليه وانظروا ما رأيه . " ).أرسل (على ) وفدا للتفاوض مع معاوية ، يريد ( على ) أن يستجيب له معاوية بلا قيد ولا شرط بمجرد الوعظ . وكان شبث بن ربعى له رأى سياسى أفضل من رأى (على ) ، فنصح (عليا ) أن يعطى معاوية ولاية مقابل أن يبايع لعلى . ورفض ( على ) بعقليته التى تريد الاستحواذ على الكعكة كلها دون أن يعطى الآخرين مقابلا ، حتى لو كان هذا الغير منافسا له ومعه جيش وقوة عسكرية .وكان شبث ضمن الوفد الذى قابل معاوية ،ورفض معاوية دعوتهم وهددهم وعاملهم باحتقار. قال لهم : ( انصرفوا من عندي فإنه ليس بيني وبينكم إلا السيف وغضب وخرج القوم وشبث يقول أفعلينا تهول بالسيف أقسم بالله ليعجلن بها إليك فأتوا عليا وأخبروه بالذي كان من قوله وذلك في ذي الحجة . ) . وشارك شبث فى محاولات الصلح فى هدنة للحرب بين (على ) ومعاوية . وهددهم معاوية ، فقال له شبث بن ربعي " أتيناك فيما يصلحنا وإياك فأقبلت تضرب لنا الأمثال. دع ما لا ينتفع به من القول والفعل وأجبنا فيما يعمنا وإياك نفعه. " ..).
4 ـ شبث بن ربعى : يخرج على (على ) ثم يترك الخوارج ويعود الى (على ). بعد فشل التحكيم وخدعة عمرو بن العاص لأبى موسى الأشعرى ، خرج بعض أصحاب (على ) عليه ،فأصبحوا ( الخوارج ) الذين كفّروا عليا لأنه رضى بالتحكيم ، وطلبوا منه أن يعلن كفره وتوبته من التحكيم ، ورفض (على )، فأصبح يواجه عدوا جديدا . وكان ( شبث بن ربعى ) هو القائد الحربى للخوارج ، وقد انسحبوا الى حروراء ، فكان إسمهم (الحرورية ). . تقول الرواية عن خروجهم : ( خرجوا مع (علي ) إلى صفين وهم متوادون أحباء ، فرجعوا متباغضين أعداء ما برحوا من عسكرهم بصفين حتى فشا فيهم التحكيم ولقد أقبلوا يتدافعون الطريق كله ويتشاتمون ويضطربون بالسياط . يقول الخوارج يا أعداء الله أدهنتم في أمر الله عز وجل وحكمتم وقال الآخرون فارقتم إمامنا وفرقتم جماعتنا . فلما دخل علي الكوفة لم يدخلوا معه حتى أتوا حروراء فنزل بها منهم اثنا عشر ألفا ونادى مناديهم إن أمير القتال شبث بن ربعي التميمي وأمير الصلاة عبدالله بن الكواء اليشكري ).
5 ـ بايع شبث بن ربعى ( معاوية ) وعاد الى الكوفة . وصار معروفا أنه من كبار الشيعة فيها ، والذين كانوا يعارضون الوالى المغيرة بن أبى شعبة حين كان يأخذ فى لعن (على ) فى خطبة الجمعة ، وهى بدعة إبتدعها معاوية . وكان معاوية يسكت عنهم . وإختلفت سياسته عندما بدأ التخطيط لتوريث إبنه يزيد ، فعمل على التخلص من رؤساء الشيعة فى البداية وكان منهم شبث بن ربعى . فكان الايقاع بحُجر بن عدى الكندى وقتله مع أصحابه . أرسل معاوية الى واليه بالكوفة المغيرة بن أبى شعبة يقول له :( خذ زيادا وسليمان بن صرد وحجر بن عدي وشبث بن ربعي وابن الكواء وعمرو بن الحمق بالصلاة في الجماعة . فكانوا يحضرون معه في الصلاة . ) . أى سعى معاوية الى إكراههم على حضور صلاة الجمعة مع الوالى حتى يسمعوا لعن (على ) ، وكان منهم شبث بن ربعى . كان معاوية يتحرش بهم لإثارتهم . فكانوا يحضرون ، ويرفعون صوتهم بالاحتجاج على المغيرة عندما يبدأ بلعن (على ) . ويثور الشغب. ويسكت عنهم المغيرة . وبعد موت المغيرة تولى الكوفة ابن زياد وحكمها بالحديد والنار، وإعتقل حجر بن عدى وصحبه ، واشهد عليهم أنهم خلعوا الطاعة ورفعوا السلاح . وشهد بهذه الشهادة الزور جماعة من كبار أهل الكوفة كان منهم القاضى أبو بردة بن أبى موسى الأشعرى وآخرون من أشياع بنى أمية . تقول الرواية : ( ثم بعث زياد إلى أصحاب حجر حتى جمع اثني عشر رجلا في السجن ، ثم إنه دعا رؤوس الأرباع فقال اشهدوا على حجر بما رأيتم منه . وكان رؤوس الأرباع يومئذ : عمرو بن حريث على ربع أهل المدينة ، وخالد بن عرفطة على ربع تميم وهمدان، وقيس بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة على ربع ربيعة وكندة ، وأبو بردة بن أبي موسى على مذحج وأسد. فشهد هؤلاء الأربعة أن حجرا جمع إليه الجموع وأظهر شتم الخليفة ودعا إلى حرب أمير المؤمنين وزعم أن هذا الأمر لا يصلح إلا في آل أبي طالب ووثب بالمصر وأخرج عامل أمير المؤمنين . ) وأراد زياد شهادات أكثر وشهودا أكثر ، وتذكر الرواية شبث بن ربعى ضمن أولئك عن الشهود الجُدُد : ( .. فشهد إسحاق بن طلحة بن عبيدالله... والسائب بن الأقرع الثقفي وشبث بن ربعي... )، وبهذه الشهادة الزور تم قتل حُجر بن عدى وأصحابه . فى هذا المشهد نرى تقلب شبث بن ربعى ، كان من الشيعة فلما رأى حزم ابن زياد غيّر موقفه الى النقيض وصار من أتباع معاوية .
6 ـ ولكن التحول الأبشع له كان فى ماساة كربلاء .
6 /1 : كان شبث ممّن دعا الحسين ليأتى الى الكوفة . تقول رواية الطبرى : ( وكتب شبث بن ربعي وحجار بن أبجر ويزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجاج الزبيدي ومحمد بن عمير التميمي : " أما بعد فقد اخضر الجناب وأينعت الثمار وطمت الجمام فإذا شئت فاقدم على جند لك مجند والسلام عليك . ). وفوجىء الحسين فى كربلاء بأولئك الذين دعوه للمجىء هم الذين ينتظرونه بالسلاح لقتاله . تقول الرواية عن الحسين أنه نادى : ( فنادى: يا شبث بن ربعي! ويا حجار بن أبجر! ويا قيس بنالأشعث! ويا زيد بن الحارث! ألم تكتبوا إلي في القدوم عليكم؟ قالوا: لم نفعل. ثم قال: بلى فعلتم. ) .
6 / 2 : وقبل أن يأتى الحسين الى الكوفة أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل ، وتكاثرت الشيعة حول ابن عقيل ، ولكن تحرك عبيد الله بن زياد بسرعة ، فالتقى برؤساء العشائر فى الكوفة يخوفهم ويمنيهم حتى إنضموا اليه وضغطوا على أهاليهم فإنفضوا من حول مسلم بن عقيل . وكان شبث بن ربعى ممّن إستجاب لعبيد الله بن زياد . تقول الرواية : ( ودعا عبيدالله كثير بن شهاب بن الحصين الحارثي فأمره أن يخرج فيمن أطاعه من مذحج فيسير بالكوفة ويخذل الناس عن ابن عقيل ويخوفهم الحرب ويحذرهم عقوبة السلطان وأمر محمد بن الأشعث أن يخرج فيمن أطاعه من كندة وحضرموت فيرفع راية أمان لمن جاءه من الناس وقال مثل ذلك للقعقاع بن شور الذهلي وشبث بن ربعي التميمي ) . أكثر من ذلك ، صار شبث أحد قواد ابن زياد ، تقول الرواية : ( وعقد لشبث بن ربعي لواء فأخرجه ). وأخلص شبث بن ربعى فى قتال مسلم بن عقيل ،تقول الرواية : ( أن المختار بن أبي عبيد وعبدالله بن الحارث بن نوفل كانا خرجا مع مسلم ، خرج المختار براية خضراء وخرج عبدالله براية حمراء وعليه ثياب حمر.... وإن ابن الأشعث والقعقاع بن شور وشبث بن ربعي قاتلوا مسلما وأصحابه عشية سار مسلم إلى قصر ابن زياد قتالا شديدا، وأن شبثا جعل يقول انتظروا بهم الليل يتفرقوا . ) .
6 / 3 ـ وأخرج ابن زياد جيشا لمواجهة الحسين ، يقوده عمر بن سعد بن وقاص ، وكان شبث بن ربعى قائدا على الرجّالة ، تقول الرواية عن قادة الجيش : ( وعلى الرجال شبث بن ربعي الرياحي ). وامر قائد الجيش عمر بن سعد بن وقاص ( شبث ) أن يهاجم الحسين برجالته بالنبل ، فرفض شبث وقال : ( سبحان الله أتعمد إلى شيخ مضر وأهل المصر عامة تبعثه في الرماة ؟ لم تجد من تندب لهذا ويجزئ عنك غيري ؟ ). وكان شبث كارها لمشاركته فى قتال الحسين مع مشاركته الفعلية فى القتال . تقول الرواية : ( وما زالوا يرون من شبث الكراهة لقتاله . ) ووضح هذا فى مواقف أخرى له فى المعركة . أراد شمر بن ذى الجوشن أن يحرق فسطاط الحسين ومن فيه من نساء الحسين ، تقول الرواية : ( وحمل شمر بن ذي الجوشن حتى طعن فسطاط الحسين برمحه ونادى علي بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله قال فصاح النساء وخرجن من الفسطاط قال وصاح به الحسين يابن ذي الجوشن أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي حرقك الله بالنار) وتدخل شبث بن ربعى فقال لابن ذى الجوشن : (ما رأيت مقالا أسوأ من قولك ولا موقفا أقبح من موقفك أمرعبا للنساء صرت ؟ .! ).
6 / 4 ـ وظل ضمير شبث يعذبه على جريمته فى كربلاء . تقول الرواية : ( وقال أبو زهير العبسي فأنا سمعته في إمارة مصعب يقول :" لا يعطي الله أهل هذا المصر خيرا أبدا ولا يسددهم لرشد . ألا تعجبون إنا قاتلنا مع علي بن أبي طالب ومع ابنه من بعده آل أبي سفيان خمس سنين ، ثم عدونا على ابنه ، وهو خير أهل الأرض نقاتله مع آل معاوية وابن سمية الزانية. ضلال يا لك من ضلال . !!)
7 ـ شبث بن ربعى مع ابن الزبير ضد المختار : إنضم شبث الى ابن مطيع والى ابن الزبير ضد المختار بن أبى عبيدة الثقفى . والتفصيلات هنا كثيرة ومُملة ، وتنتهى بهزيمة ابن مطيع وهروبه من الكوفة . وانضم شبث الى المختار ليحمى نفسه ، وحين تتبع المختار قتلة الحسين تحارب معه شبث ، واسهم شبث فى هزيمة المختار بفضح مخاريق ومزاعم المختار عن التابوت الذى كان المختار يزعم أنه يستنصر به ، ثم وجد شبث بُغيته مع مصعب بن الزبير، فعمل على جذب خصوم المختار الى معسكر مصعب .
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور ) https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran


ف 3 ب 2 : إختلافهم نقمة .
كتاب (الخوارج تاريخيا ودينا ) الباب الثانى : دين الخوارج
مقدمة :
( الملطى ) ابو الحسن محمد بن احمد بن عبد الرحمن الفقيه الشافعى توفى عام 377 هجرية . إشتهر بكتابه ( التنبيه والرّد على أهل الأهواء والبدع ) . من وجهة نظر سُنّيّة إنتقد فرق وطوائف الشيعة والخوارج والمعتزلة والمُرجئة . ومع تحيّزه لدينه السُنّى فى نقدهم إلا أن ميزة كتابه بالنسبة لموضوعنا عن الخوارج فى أنّ ما قاله كان متفقا مع ما جاء عنهم فى مصادر التاريخ ، وانه كان معاصرا لبقايا منهم فى العصر العباسى . قام محمد زاهد الكوثرى بتحقيق الكتاب ، ونعرض لبعض ما سجّله عن فرق الخوارج.
يقول عنهم :
:ﺄﻣﺎ ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺨﺮﺟﻮﻥ ﺑﺴﻴﻮﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ ﻓﻴﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻏﻔﻠﺔ ﻓﻴﻨﺎﺩﻭﻥ ﻻ ﺣﻜﻢ ﺇﻻ ﷲ ﻭﻳﻀﻌﻮﻥ ﺳﻴﻮﻓﻬﻢ ﻓﻴﻤﻦ ﻳﻠﺤﻘﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻼ ﻳﺰﺍﻟﻮﻥ ﻳﻘﺘﻠﻮﻥ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﺘﻠوا. ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺇﺫﺍ ﺧﺮﺝ ﻟﻠﺘﺤﻜﻴﻢ ﻻ ﻳﺮﺟﻊ ﺃﻭ ﻳﻘﺘﻞ . ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻞ ﻭﻓﺘﻨﺔ ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﺤﻤﺪ ﺍﷲ
ﻭﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ ﻫﻢ ﺍﻹﺑﺎﺿﻴﺔ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺇﺑﺎﺽ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺧﺮﺟﻮﺍ ﻣﻦ ﺳﻮﺍﺩ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ ﻓﻘﺘﻠﻮﺍ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺳﺒﻮﺍ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ ﻭﻗﺘﻠﻮﺍ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻭﻛﻔﺮﻭﺍ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺃﻓﺴﺪﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻭﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﻤﻨﻬﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﺑﺴﻮﺍﺩ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ
ﻭﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﺍﻟﺤﺮﻭﺭﻳﺔ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺑﺘﻜﻔﻴﺮ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻳﺘﺒﺮﺅﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺘﻨﻴﻦ ﻭﻳﺘﻮﻟﻮﻥ ﺍﻟﺸﻴﺨﻴﻦ ﻭﻳﺴﺒﻮﻥ ﻭﻳﺴﺘﺤﻠون ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻟﻔﺮﻭﺝ ﻭﻳﺄﺧﺬﻭﻥ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻻ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﺃﺻﻼ .. ﻭﺗﻘﺎﺗﻞ ﻧﺴﺎﺅﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻴﻞ ﻣﻀﻤﺮﺍﺕ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﺗﻞ ﺭﺟﺎﻟﻬﻢ ﻭﻫﻢ ﺑﻨﺎﺣﻴﺔ ﺳﺠﺴﺘﺎﻥ ﻭﻫﺮﺍﺓ ﻭﺧﺮﺍﺳﺎﻥ ﻭﻫﻢ ﻋﺎﻟﻢ ﻛﺜﻴﺮ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻋﺪﺩﻫﻢ ﺇﻻ ﺍﷲ ﻭﻫﻢ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺧﻴﻞ ﻭﺷﺠﺎﻋﺔ ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺤﻤﺰﻳﺔ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺑﻜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺤﺮﻭﺭﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻠﻮﻥ ﺃﺧﺬ ﻣﺎﻝ ﺃﺣﺪ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﺘﻠﻮﻩ ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺠﺪﻭﺍ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻟﻢ ﻳﺘﻨﺎﻭﻟﻮﺍ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺷﻴﺌﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻈﻬﺮ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻓﻴﻘﺘﻠﻮﻩ ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺘﻠﻮﻩ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺍﺳﺘﺤﻠﻮﺍ ﻣﺎﻟﻪ ﻗﺪ ﺟﻌﻠﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﻟﻬﻢ ﻭﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﺍﻟﺼﻠﻴﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻤﺰﻳﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﻟﺤﺮﻭﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺤﻤﺰﻳﺔ ﻭﻳﻘﺘﻠﻮﻥ ﻭﻳﺴﺘﺤﻠﻮﻥ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻛﻠﻬﺎ ﻭﻫﻢ ﺃﺷﺮ ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ ﻭﺃﻗﺬﺭﻫﻢ ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﻓﺴﺎﺩﺍ ﻭﻟﻬﻢ ﻋﺪﺩ ﻭﺟﻤﻊ ﺑﻨﺎﺣﻴﺔ ﺳﺠﺴﺘﺎﻥ ﻭﻧﻮﺍﺣﻴﻬﺎ
باب ﺍﻟﺤﺮﻭﺭﻳﺔ ﻭﻫﻢ ﺧﻤﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﻓﺮﻗﺔ ﻓﺼﻨﻒ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ ﺍﻷﺯﺍﺭﻗﺔ ﻭﻫﻢ ﺃﺻﻌﺐ ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ ﻭﺃﺷﺮﻫﻢ ﻓﻌﻼ ﻭﺃﺳﻮﺃﻫﻢ ﺣﺎﻻ ﻓﺴﻤﻮﺍ ﺍﻷﺯﺍﺭﻗﺔ ﺑﻨﺎﻓﻊ ﺑﻦ ﺍﻷﺯﺭﻕ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺻﻨﻒ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺼﻔﺮﻳﺔ ﺳﻤﻮ ﺑﻌﺒﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﻷﺻﻔﺮ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻹﺑﺎﺿﻴﺔ ﺳﻤﻮﺍ ﺑﻌﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﺇﺑﺎﺽ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻨﺠﺪﻳﺔ ﺳﻤﻮﺍ ﺑﻨﺠﺪﺓ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺸﻤﺮﺍﺧﻴﺔ ﺳﻤﻮﺍ ﺑﺸﻤﺮﺍﺥ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ ﻫﻜﺬﺍ ﺑﺎﻷﺻﻞ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻌﺰﺭﻳﺔ ﺳﻤﻮﺍ ﺑﺮﺍﺳﻬﻢ ﺍﺑﻦ ﻋﺰﺭﺓ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻌﺠﺮﺩﻳﺔ ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻦ ﻋﺠﺮﺩ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺘﻐﻠﺒﻴﺔ ﺳﻤﻮﺍ ﺑﺘﻐﻠﺐ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺍﻟﻐﻼﻡ ﻣﺴﻠﻢ ﺃﺑﺪﺍ ﺣﺘﻰ ﻳﺒﺪﻭ ﻟﻨﺎ ﻣﻨﻪ ﺧﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻛﻴﻒ ﻧﺸﻬﺪ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﻭﻳﺆﺩﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺍﺋﺾ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻧﺆﺩﻱ ﻭﻳﺘﻮﻟﻰ ﻣﻦ ﻧﺘﻮﻟﻰ ﻭﻳﺘﺒﺮﺃ ﻣﻤﺎ ﺘﺒﺮﺃ ﻣﻨﻪ ﻭﻳﺤﺘﺞ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻨﺎ ﺑﻤﺜﻞ ﺣﺠﺘﻨﺎ ﻭﻫﻮ ﻣﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﻳﺨﺎﺻﻢ ﺧﺼﻤﺎءﻧﺎ ﺇﺫﺍ ﻏﻠﺒﺘﻪ ﻋﻴﻨﻪ ﻧﺎﻡ ﺛﻢ ﺍﺳﺘﻴﻘﻆ ﻓﻘﺎﻝ ﺇﻧﻲ ﻗﺪ ﺍﺣﺘﻠﻤﺖ ﺛﻢ ﺣﺪﺙ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻧﻜﻔﺮﻩ ﻭﻧﺴﺘﺤﻞ ﺩﻣﻪ ﺇﻧﺎ ﺇﺫﺍ ﻟﻤﻦ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻓﺮﻗﺔ ﺍﻟﺘﻐﻠﺒﻴﺔ ﺧﺎﻟﻔﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺯﻛﺎﺓ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻭﻣﻴﺮﺍﺛﻪ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺇﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻮﻻﻩ ﻣﻦ ﻗﻮﻣﻪ ﻭﺇﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﻤﻮﻻﻩ ﻣﻦ ﻣﻴﺮﺍﺛﻪ ﺷﻲء ﺛﻢ ﻓﺎﺭﻗﺘﻬﻢ ﻭﻛﻔﺮﺕ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻬﻢ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺸﻜﻴﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻗﻮﻟﻬﻢ ﺇﻥ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻬﻢ ﻣﺴﻠﻤﻮﻥ ﺳﺮﻗﻮﺍ ﺃﻭ ﺯﻧﻮﺍ ﺃﻭ ﻗﺬﻓﻮﺍ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ ﻧﺴﺘﻐﻔﺮ ﻟﻬﻢ ﻭﻧﺘﻮﻻﻫﻢ ﻭﻻ ﻧﺸﻬﺪ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺓ ﻷﻥ ﷲ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﺴﺮﺍﺋﺮﻫﻢ ﻓﻠﻢ ﻧﻜﻠﻒ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻓﺴﻤﻮﺍ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﻚ ﻭﻛﻔﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻬﻢ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻔﻀﻠﻴﺔ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺳﻤﻮﺍ ﺑﻔﻀﻞ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻓﺎﺭﻗﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻓﺰﻋﻢ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺫﻧﺐ ﺻﻐﻴﺮﺍ ﺃﻭ ﻛﺒﻴﺮﺍ ﺃﻭ ﻗﻄﺮﺓ ﺃﻭ ﻛﺬﺑﺔ ﺷﺮﻙ ﺑﺎﷲ ﺳﻤﻮﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻔﻀﻠﻴﺔ ﻭﻛﻔﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻬﻢ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻓﺮﻗﺔ ﺧﺎﻟﻔﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﺰﻭﻳﺞ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻓﺮﻗﺔ ﺧﺎﻟﻔﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺪﻯ ﻭﺍﻟﻘﻼﺋﺪ ﻭﺍﺳﺘﺤﻠﻮﻫﺎ ﻭﻛﻔﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻬﻢ ﻭﻛﺎﻥ ﺳﺎﺋﺮﻫﻢ ﻳﺤﺮﻣﻬﺎ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻨﺠﺮﺍﻧﻴﺔ ﺍﻓﺘﺮﻗﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺃﻡ ﻧﺠﺮﺍﻥ ﻫﺎﺟﺮﺕ ﺇﻟﻰ ﺑﻌﺾ ﺧﻮﺍﺭﺟﻬﻢ ﻓﺘﺰﻭﺟﺖ ﺭﺟﻼ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺑﺎﻟﺒﺼﺮﺓ ﻣﻦ ﻗﻮﻣﻬﺎ ﺛﻢ ﺍﺳﺘﺨﻔﺖ ﻓﺘﺰﻭﺟﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﺳﺮﺍ ﺛﻢ ﻇﻬﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﻗﻮﻣﻬﺎ ﻓﻘﺮﺑﻬﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﺘﺒﺮﺃ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻭﺗﻮﻻﻫﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻭﻛﻔﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻬﻢ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎ وﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺒﻴﻬﺴﻴﺔ ﺳﻤﻮﺍ ﺑﻬﻴﺼﻢ ﺃﺑﻲ ﺑﻴﻬﺲ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﻓﺰﻋﻢ ﺃﻥ ﺣﻜﻢ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺑﺎﻟﻜﻮﻓﺔ ﺣﻜﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻓﻔﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻳﻜﻔﺮ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺑﺨﺮﺍﺳﺎﻥ ﻭﺍﻷﻧﺪﻟﺲ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺇﺫﺍ ﺃﺑﺼﺮ ﻛﻔﺮﻩ ﻓﺘﺎﺏ ﻣﻨﻪ ﺃﺭﺳﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻞ ﺣﻜﻤﻪ ﻛﻠﻬﻢ ﻳﺴﺘﺘﻴﺒﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺸﻌﺮﻭﺍ ﺑﻪ ﻓﺈﻥ ﺃﺑﻰ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺏ ﻣﻨﻪ ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﺗﻮﺏ ﻣﻤﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴﻪ ﻭﻟﻢ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﻪ ﺿﺮﺑﺖ ﻋﻨﻘﻪ ﻭﻛﻔﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻬﻢ ﻭﻣﻦ ﻗﻮﻟﻬﻢ ﺃﻳﻀﺎ ﻟﻮ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﻗﻄﺮ ﻗﻄﺮﺓ ﺧﻤﺮ ﻓﻲ ﺟﺐ ﻓﻼ ﻳﺸﺮﺏ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﺐ ﺃﺣﺪ ﺇﻻ ﻛﻔﺮ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺸﻌﺮ ﻷﻥ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻳﻮﻓﻖ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﺯﻋﻤﻮﺍ ﻟﻮ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﺿﺮﺏ ﺃﺑﺎﻩ ﺃﻟﻒ ﺳﻮﻃﺎ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻛﺎﻥ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﻣﻦ ﺷﻚ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﻔﺮ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻓﺮﻗﺔ ﻓﺎﺭﻗﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺷﺮﺍﺏ ﺍﻟﺴﻜﺮ ﻭﺍﻟﻨﺒﻴﺬ ﺇﺫﺍ ﺳﻜﺮ ﻓﻼ ﺣﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﺸﻬﺪ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺸﺮﻙ ﻭﻛﻔﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻬﻢ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻓﺮﻗﺔ ﺧﺎﻟﻔﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ ﺑﻐﻴﺮ ﺷﻬﻮﺩ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﻧﻨﻜﺢ ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﻴﻦ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻔﺪﻳﻜﻴﺔ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺳﻤﻮﺍ ﺑﺄﺑﻲ ﻓﺪﻳﻚ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﻴﻤﺎﻣﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﺒﺼﺮﺓ ﻭﻻ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ ﻭﻻ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﺣﺪ ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﻓﺪﻳﻚ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻧﺠﺪﺓ ﺛﻢ ﺧﺎﻟﻔﻪ ﻭﻓﺎﺭﻗﻪ ﻭﻛﻔﺮ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻪ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻌﻄﻮﻳﺔ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺳﻤﻮﺍ ﺑﻌﻄﻴﺔ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺠﻌﺪﻳﺔ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺳﻤﻮﺍ ﺑﻤﺴﻠﻢ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻌﺪ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ
اخيرا
وإحتج عليهم الملطى بأحاديث سنية لا تزال رائجة بين مواشى عصرنا . قال :
ﻭﻋﻦ ﺍﻟﻔﺮﺯﺩﻕ ﻗﺎﻝ ﻗﻠﺖ ﻷﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺨﺪﺭﻯ ﻗﺒﻠﻨﺎ ﻗﻮﻡ ﻳﺼﻠﻮﻥ ﺻﻼﺓ ﻻ ﻳﺼﻠﻴﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﻭﻳﻘﺮﺅﻥ ﻗﺮﺍءﺓ ﻻ ﻳﻘﺮﺅﻫﺎ ﺃﺣﺪ ﻗﺎﻝ ﻓﻜﺎﻥ ﻣﺘﻜﺌﺎ ﻓﺎﺳﺘﻮﻯ ﺟﺎﻟﺴﺎ ﻭﻗﺎﻝ ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﺸﺮﻕ ﻗﻮﻣﺎ ﻳﻘﺮﺅﻥ ﻗﺮﺍءﺓ ﻻ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺣﻠﻮﻗﻬﻢ ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺇﺫﺍ ﺣﺪﺛﺘﻜﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻰ ﻭﺑﻴﻨﻜﻢ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺧﺪﻋﺔ ﻭﺇﺫﺍ ﺣﺪﺛﺘﻜﻢ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻓﻮﺍﷲ ﻷﻥ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎء ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺃﻛﺬﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺇﻧﻰ ﺳﻤﻌﺘﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﻳﺨﺮﺝ ﻗﻮﻡ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺍﻷﺳﻨﺎﻥ ﺳﻔﻬﺎء ﺍﻷﺣﻼﻡ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺒﺮﻳﺔ ﻻ ﻳﺠﺎﻭﺯ ﺇﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﺣﻨﺎﺟﺮﻫﻢ ﻳﻤﺮﻗﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﻤﺮﻕ ﺍﻟﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻣﻴﺔ ﻓﺄﻳﻨﻤﺎ ﻟﻘﻴﺘﻬﻢ ﻓﺎﻗﺘﻠﻬﻢ ﻓﺈﻥ ﻗﺘﻠﻬﻢ ﺃﺟﺮ ﻟﻤﻦ ﻗﺘﻠﻬﻢ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺨﺪﺭﻯ ﻳﺨﺮﺝ ﺃﻗﻮﺍﻡ ﻳﻘﺮﺅﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻻ ﻳﺠﺎﻭﺯ ﺗﺮﺍﻗﻴﻬﻢ ﻳﻤﺮﻗﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﻤﺮﻕ ﺍﻟﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻣﻴﺔ ﺛﻢ ﻻ ﻳﻌﻮﺩﻭﻥ ﺣﺘﻰ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﺴﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻓﻮﻗﺔ ﺍﻟﺘﺴﺒﻴﺪ ﻓﻴﻬﻢ ﻓﺎﺵ ﻗﻠﺖ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺘﺴﺒﻴﺪ ﻗﺎﻝ ﻻ ﺃﻋﻠﻤﻪ ﺇﻻ ﻧﺤﻮﺍ ﻣﻦ ﺭﺃﺳﻚ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺠﻠﺪ ﻭﺩﻭﻥ ﺍﻟﻮﻓﺮﺓ ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮﺓ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺇﺫﺍ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺎﻥ ﺑﺴﻴﻔﻴﻬﺎ ﻓﻘﺘﻞ ﺍﺣﺪﻫﻤﺎ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻓﺎﻟﻘﺎﺗﻞ ﻭﺍﻟﻤﻘﺘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻗﻴﻞ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻝ ﺍﻟﻤﻘﺘﻮﻝ ﻗﺎﻝ ﺇﻧﻪ ﺃﺭﺍﺩ ﻗﺘﻞ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻭﻗﺎﻝ ﺳﻠﻤﺔ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻣﻦ ﺣﻤﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻨﺎ ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻭﺣﺠﺎﺟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﻟﻤﺎ ﺧﺮﺝ ﺯﺭﻳﻖ ﺍﻟﺤﺮﻭﺭﻯ ﺍﺳﺘﻌﺮﺽ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻮ ﻭﻣﻦ ﻣﻌﻪ ﻭﺟﺎء ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ ﻃﺎﻭﺱ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺪ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﻏﺰﻭﺓ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﷲ ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻨﺪﻙ ﻫﺆﻻء ﻓﺎﺣﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﺆﻻء ﺍﻟﺨﺒﺜﺎء ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺆﺩﻱ ﻋﻨﻚ ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻳﺨﺮﺝ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻗﻮﻡ ﻳﻘﺮﺅﻭﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﺎﺗﺤﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺧﺎﺗﻤﺘﻪ ﻻ ﻳﺠﺎﻭﺯ ﺣﻨﺎﺟﺮﻫﻢ ﻳﻤﺮﻗﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﻤﺮﻕ ﺍﻟﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻣﻴﺔ .

شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور ) https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran



ف 4 ب 2 : تطرفهم فى (تأدية الصلاة ) وفى سفك الدماء

كتاب ( الخوارج تاريخيا ودينيا ) الباب الثانى : دين الخوارج
نموذج ( شبيب وزوجته غزالة والحجاج بن يوسف )
مقدمة
تعبير ( الاستعراض ) فى تاريخ الخوارج يعنى قتل من يلقونه طفلا او شيخا رجلا أم إمرأة ، وارتبط هذا عندهم بصيحتهم ( لا حكم إلا لله ) . يعنى انهم وحدهم المخولون والمُناط بهم تنفيذ حكم الله بقتل غيرهم . ويجعلون تشددهم فى تأدية الصلاة فى مواقيتها وسيلة للقتل العشوائى للجميع . فإذا كانت الصلاة الاسلامية تنهى عن الفحشاء والمنكر فإن الصلاة فى الأديان الأرضية تأمر بالفحشاء والمنكر ، لا فارق بين الخوارج والأمويين ، ولا فارق بين داعش والصليبيين .!
لمحة عن شبيب وزوجته غزالة
1 ـ عاش شبيب مع قومه ربيعة الناقمين على قريش ، وسرعان ما أصبح أشهر قواد الخوارج فى العصر الأموى . تزعّم شبيب فرقة الحرورية من الخوارج ، وهزم عشرين جيشا للحجاج وخمسة من قواده فى مدة سنتين فقط .
2 ـ زوجته غزالة مولودة فى الموصل . وشاركت زوجها شبيب فى حروبه ضد الأمويين. كانت غزالة قد نذرت لله جل وعلا أن تصلى فى مسجد الكوفة ، فصاحبت زوجها حين دخل الكوفة غازيا للمرة الثانية ، وكان مع غزالة مائتان من نساء الخوارج مسلحات ، ووصلوا الى المسجد الجامع فقتلوا الحراس ومن يصلى فى المسجد ، وخطبت غزالة على المنبر، هذا بينما هرب منها الحجاج متحصنا فى قصره . هنا صلاة للخوارج مرتبطة بقتل من يصلى فى المسجد
3 ـ سجل الشعراء شجاعة غزالة وجُبن الحجاج ، ومنهم عمران بن حطان ( ت 84 ) وهو من الخوارج الشراة ،من شيبان بن بكر بن وائل. كان الحجاج يطارد هذا الشاعر الخارجى ، فقال الشاعر يعيّره :
أسد علىّ وفى الحروب نعامة ربداء تجفل من صفير الصافر
هلا برزت الى غزالة فى الوغى بل كان قلبك فى جناحى طائر
صدعت غزالة قلبه بفوارس تركت منابذه كأمس الدابر
وصار قوله ( أسد علىّ وفى الحروب نعامة ) مثلا .
ونعطى بعض التفصيل عن ارتباط الصلاة بسفك الدماء فى الصراع بين شبيب والأمويين .
أولا : الصلاة والمسجد فى صراع الحجاج وشبيب :
1 ـ ( دخل شبيب الكوفة : ..... وذلك أنه لما قتل صالح كان قتله يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة بقين من جمادى الآخرة ، فقال شبيب لأصحابه‏:‏ بايعوني أو بايعوا من شئتم فبايعوه ، فخرج فقتل من قدر عليه . وبعث الحجاج جندًا في طلبه فهزمهم فبعث إليهم سورة بن الأبجر فذهب شبيب إلى المدائن فأصاب منها وقتل من ظهر له ، ثم خرج فأتى النهروان ، فتوضأ هو وأصحابه وصلوا ، وأتوا مصارع إخوانهم الذين قتلهم علي بن أبي طالب فاستغفروا لإخوانهم وتبرأوا من علي وأصحابه ، وبكوا فأطالوا البكاء ثم خرجوا فقطعوا جسر النهروان ونزلوا في جانبه الشرقي ثم التقوا فهزموا سورة.. ) . شبيب قتل ( من قدر عليه ) وقتل من ( ظهر له ) ثم ذهب يحُجُّ وأصحابه الى النهروان حيث كانت معركة النهروان التى قتل فيها (على ) معظم الخارجين عليه ، فتوضأ هو واصحابه وصلُّوا ، وبكوا علي أسلافهم قتلى النهروان واستغفروا لهم. .
2 : ( ...ثم جاء شبيب حتى دخل الكوفة ومعه زوجته غزالة، وكانت نذرت أن تصلي في جامع الكوفة ركعتين تقرأ فيهما البقرة وآل عمران، واتخذ في عسكره اخصاصاً، فجمع الحجاج ليلاً بعد أن لقي من شبيب الناس ما لقوا فاستشارهم في أمر شبيب، فأطرقوا، ) (.. أن غزالة امرأة شبيب نذرت أن تصلي في مسجد الكوفة ركعتين تقرأ فيهما البقرة وآل عمران فدخل بها شبيب الكوفة فوفت بنذرها‏. ). نذرت ان تقرأ فى صلاتها سورتى البقرة وآل عمران . أى كانت تحفظ أطول سورتين فى القرآن .!
3 : ( ..ذكر قدوم شبيب الكوفة وانهزامه عنها:.. وجاء شبيب فعسكر بناحية الكوفة وأقام ثلاثاً، فلم يكن في اليوم الأول غير قتل الحارث ، فلما كان اليوم الثاني أخرج الحجاج مواليه فأخذوا بأفواه السكك، وجاء شبيب فنزل السبخة وابتنى بها مسجداً .. ). وفى رواية أخرى : ( ..ثم أقبل إلى الكوفة وبعث الحجاج إليه جيشًا فهزمهم وجاء شبيب حتى ابتنى مسجدًا في أقصى السبخة ) فى خضم معاركه شبيب يبنى مسجدأ .
4 : ( .. وحمل عليهم شبيب بجميع أصحابه، فوثبوا في وجهه، وما زالوا يطاعنونه ويضاربونه قدما ويدفعونه وأصحابه حتى أجازوهم مكانهم، وأمر شبيب أصحابه بالنزول، فنزل نصفهم، وجاء الحجاج حتى انتهى إلى مسجد شبيب ثم قال: " يا أهل الشام هذا أول الفتح "، وصعد المسجد ومعه جماعة معهم النبل ليرموهم إن دنوا منه، فاقتتلوا عامة النهار أشد قتال رآه الناس...) الحجاج إستولى على ( مسجد شبيب ) وإعتبر هذا أول الفتح لأن المسجد مركزا حربيا ، وإعتلى المسجد ومعه فريق من الرُّماة ليرموا جيش شبيب إن إقتربوا من المسجد الذى إبتناه شبيب. المسجد هنا مركز حربى. .
5 : ( .. فخرج الناس يلعنون عنبسة بن سعيد لأنه هو الذي كلم الحجاج فيه حتى جعله من صحابته، وصلى الحجاج من الغد الصبح واجتمع الناس ...) . الحجاج يصلى الصبح ويجتمع اليه الناس فى المسجد.! الصلاة الشيطانية يؤدونها ــ كالعادة ـ فى معاركهم . لأنها أحد طقوس دينهم الشيطانى .
6 ـ عندما إقترب شبيب من جيش الحجاج فى الأنبار لم ينس أن يصلى المغرب. تقول الرواية : ( فخرج في أثره حتى نزل الأنبار، وكان الحجاج قد نادى عند انهزامهم: من جاءنا منكم فهو آمن. فتفرق عن شبيب ناس كثير من أصحابه. فلما نزل حبيب الأنبار أتاهم شبيب، فلما دنا منهم نزل فصلى المغرب ..).
7 ـ وفى رواية أخرى عن شبيب : ( فلما بلغ عتاب سوق حكمة أتاه شبيب، وكان أصحابه بالمدائن ألف رجل، فحثهم على القتال، وسار بهم، فتخلف عنه بعضهم، ثم صلى الظهر بساباط وصلى العصر وسار حتى أشرف على عتاب وعسكره، فلما رآهم نزل فصلى المغرب، ..)
8 : التوقيت بوقت الصلوات
8 / 1 : ( .. وخرج الحجاج نحو الكوفة فبادره شبيب إليها ، فنزل الحجاج الكوفة صلاة العصر ونزل شبيب السبخة صلاة المغرب. ) التوقيت هنا بمواقيت الصلاة : الحجاج يصل وقت صلاة العصر فى الكوفة ، وشبيب يصل وقت صلاة المغرب فى موضع آخر.
8 / 2 : ( .. ومضى هو في مائتين إلى الميمنة بين المغرب والعشاء الآخرة حين أضاء القمر.. )
ثانيا : التكبير وإستعمال لفظ الجلالة
1 ـ (ثم إن خالد بن عتاب قال للحجاج: ائذن لي في قتالهم فإني موتور، فأذن له، فخرج ومعه جماعة من أهل الكوفة وقصد عسكرهم من ورائهم فقتل مصاداً أخا شبيب وقتل إمرأته غزالة وحرق في عسكره. وأتى الخبر الحجاج وشبيباً، فكبر الحجاج وأصحابه، وأما شبيب فركب هو وأصحابه، وقال الحجاج لأهل الشام: احملوا عليهم فإنهم قد أتاهم ما أرعبهم. فشدوا عليهم فهزموهم، وتخلف شبيب في حامية الناس. فبعث الحجاج إلى خيله: أن دعوه، فتركوه ورجعوا، ودخل الحجاج إلى الكوفة فصعد المنبر ثم قال: والله ما قوتل شبيب قبلها، ولى والله هارباً وترك امرأته يكسر في استها القصب.). خالد بن عتاب قتل أخ شبيب وقتل غزالة فى هذه المعركة . وعندما عرف الحجاج صاح وأصحابه : ( الله أكبر ). ثم دخل الحجاج الكوفة وصعد منبر المسجد فيها وقال كلمة بذيئة فى حق غزالة (..وترك امرأته يكسر في استها القصب.! ) . نسى الحجاج أنه هرب منها متحصنا بقصره.!
2 ـ وعندما جاء الخبر بغرق شبيب فى نهر دجيل صاح سفيان قائد جيش الحجاج بالتكبير هو وجنوده : ( وكان أهل الشام يريدون الانصراف، فاتاهم صاحب الجسر فقال لسفيان: إن رجلاً منهم وقع في الماء، فنادوا بينهم: غرق أمير المؤمنين! ثم إنهم انصرفوا راجعين وتركوا عسكرهم ليس فيه أحد، فكبّر سفيان وكبّر أصحابه، )
3 ـ ( ثم دعا حبيب بن عبد الرحمن الحكمي فبعثه في ثلاثة آلاف فارس من أهل الشام في أثر شبيب، وقال له: "احذر بياته وحيث لقيته فانزل له، فإن الله تعالى قد فل حده وقصم نابه"...). الحجاج ينسب إنتصاره على شبيب الى رب العزة جل وعلا بقوله : ( فإن الله تعالى قد فل حده وقصم نابه ) .
4 ـ ( .. وحمل شبيب على خالد بن عتاب ومن معه وهو على ميسرة الحجاج فبلغ بهم الرحبة، وحمل على مطر بن ناجية وهو على ميمنة الحجاج فكشفه، فنزل عند ذلك الحجاج ونزل أصحابه وجلس على عباءة ومعه عنبسة بن سعيد، فإنهم على ذلك إذ تناول مصقلة بن مهلهل الضبي لجام شبيب وقال: ما تقول في صالح. فقال له مصقلة: برئ الله منك، وفارقه إلا أربعين فارساً. فقال الحجاج: قد اختلفوا،) . مصقلة الضبى من أتباع شبيب ، وإختلف معه فقال لشبيب : ( برىء الله منك ) . أى طالما تبرأ من شبيب فقد تبرأ الله من شبيب.!
5 ــ ( فاقتتلوا قتالًا شديدًا ، ثم حمل شبيب بجميع أصحابه ، ونادى الحجاج بجماعة الناس فوثبوا في وجهه فما زالوا يطعنون ويضربون ، فنادى شبيب‏:‏ " يا أولياء الله فى الأرض " ، ثم نزل وأمر أصحابه فنزل بعضهم .. ) . شبيب يجعل أصحابه ( اولياء الله ).
‏6 ـ (.. وبلغ شبيب أن عبد الرحمن بالأنبار ، فأقبل بأصحابه فبيتهم فما قدر عليهم بشيء لأنهم قد احترزوا ، وجرت مقتلة وسقطت أيد وفقئت أعين ، فقتل من أصحاب شبيب نحو من ثلاثين ، ومن الآخرين نحو من مائة . فملّ الفريقان بعضهم بعضًا من طول القتال ، ثم انصرف عنهم شبيب وهو يقول لأصحابه‏:‏ " ما أشد هذا الذي بنا لو كنا إنما نطلب الدنيا ، وما أيسر هذا في جانب ثواب الله عز وجل."! ) شبيب يرى أن قتله الناس من أجل ثواب الله جل وعلا.
7 ـ عن شبيب ووصوله الى قصر الحجاج ( ثم دخل الكوفة وجاء حتى ضرب باب القصر بعموده ثم خرج من الكوفة ، فنادى الحجاج وهو فوق القصر‏:‏ يا خيل الله اركبي‏. ). الحجاج يجعل خيوله ( خيل الله ).!! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. .
ثالثا : دين شبيب ضد دين الحجاج :
يتشاركان فى الصلاة الشيطانية ، وفى القتال ، وفى التكبير ، وكلاهما يزعم أن الله جل وعلا فى جانبه. يتشاركان فى عبادة الشيطان الذى أضلّهم وجعلهم يحسبون أنهم مهتدين ، وهما دينان مختلفان متصارعان ، ولكن تأديتهما الصلاة شكلا تجعل كلا منهم يعتقد أنه على الحق. ونعطى أمثلة :
1 ـ ( شبيب ) كان لقبه ( امير المؤمنين ) وكان يطلب من الناس أن يبايعوه ، وإلا قتلهم . وعندما قتل القائد الأموى عتّاب منع قتل الأسرى حتى يبايعوه خليفة ، فبايعوه خوف القتل ثم هربوا منه ليلا.تقول الرواية : (...وتمكن شبيب من العسكر وحوى ما فيه فقال‏:‏ " ارفعوا عنهم السيف" ثم دعا إلى البيعة ، فبايعه الناس من ساعتهم ، وهربوا تحت الليل. )
2 ـ وصيغة البيعة له هى شهادة: ( لاحكم إلا الله ) . تقول الرواية : (.. فرجع إليه ثمانية نفر فقاتلوه حتى بلغوا به الرحبة، وأتي شبيب بخوط بن عمير السدوسي فقال: يا خوط لا حكم إلا الله. فقال: إن خوطاً من أصحابكم ولكنه كان يخاف، فأطلقه؛ وأتي بعمير بن القعقاع فقال: يا عمير لا حكم إلا الله. فقال: في سبيل الله شبابي، فردد عليه شبيب: لا حكم إلا الله، فلم يفقه ما يريد، فقتله.). شبيب يعرض دينه على عمير ( لا حكم إلا لله ) ينتظر منه أن يردد نفس الشهادة بعده . لم يفعل فقتله.!
3 ـ وكان الخوارج يقاتلون أهلهم الذين هم على دين الأمويين ، يعتبرونهم كفارا. وبعض أتباع شبيب من قبيلة (تيم ) وقد رأوا منه تهاونا فى قتال عشيرته الشيبانيين مع انهم يقتلون ويقتلون عشائرهم من بنى (تيم ) ، فهجموا على عشيرة شبيب يقتلونهم بدون إذن شبيب ، فقال شبيب لقائدهم : ( ما حملك على قتلهم بغير أمري؟ فال: له: قتلت كفار قومي فقتلت كفار قومك، ومن ديننا قتل من كان على غير رأينا، وما أصبت من رهطي أكثر مما أصبت من رهطك، وما يحل لك يا أمير المؤمنين أن تجد على قتل الكافرين. قال: لا أجد ). ( تجد ) من الوجد ، وهو التعاطف . يتهمه بالتعاطف حزنا على قتل قومه ، وشبيب ينفى هذا.
4 ـ شبيب يحزن أن بعض قومه من ربيعة فى جيش الحجاج وهو يراهم كفارا ،ويعلن شعار دينه : ( .. ومضى هو في مائتين إلى الميمنة بين المغرب والعشاء الآخرة حين أضاء القمر، فناداهم: لمن هذه الرايات؟ فقالوا: رايات لربيعة. قال: طالما نصرت الحق وطالما نصرت الباطل، والله لأجاهدنكم محتبساً، أنا شبيب، لا حكم إلا الله، للحكم، اثبتوا إن شئتم! ثم حمل عليهم ففضهم، ) وحزن على قائدهم القتيل : ( .. ثم وقف عليه وقال: ويحك لو ثبت على إسلامك الأول سعدت! )
5 ـ وقبيل قتل ( عتّاب ) القائد للجيش الأموى قال له صاحبه زهرة بن حوية : (أحسنت يا عتاب، فعلت فعلاً لا يفعله مثلك. أبشر، فإني أرجو أن يكون الله، جل ثناؤه، قد أهدى إلينا الشهادة عند فناء أعمارنا ..) يعتبر مقتله شهادة عند الله جل وعلا.
6 ـ وبعد مقتل زهير بن حوية وقف عليه شبيب حزينا : ( .. فانتهى إليه شبيب فرآه صريعاً فعرفه فقال: هذا زهرة بن حوية، أما والله لئن كنت قتلت على ضلالة لرب يوم من أيام المسلمين قد حسن فيه بلاؤك وعظم فيه غناؤك! ولرب خيل للمشركين هزمتها وقرية من قراهم جم أهلها قد افتتحتها! ثم كان في علم الله أنك تقتل ناصراً للظالمين. وتوجع له. فقال له رجل من أصحابه: إنك لتتوجع لرجل كافر. فقال إنك لست أعرف بضلالتهم مني، ولكني أعرف من قديم أمرهم ما لا تعرف، ما لو ثبتوا عليه لكانوا إخواننا ). شبيب يتحسر على صديقه زهير أنه مات كافرا بدين الخوارج ، مات على دين الأمويين مناصرا للظالمين.
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور ) https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran






ف 5 ب 2 : الخوارج يبقرون بطون الحوامل .. وشنائع أخرى
كتاب ( الخوارج تاريخيا ودينيا ) الباب الثانى : دين الخوارج
مقدمة
إرتبط تدينهم الشديد بتطرفهم في سفك الدماء للجميع ، حتى النساء والأطفال ، وكانوا يبقرون بطون الحوامل لقتل الأجنّة . وهم فيما يفعلون يحسبون أنهم يحسنون صُنعا . الأصل هنا هو أن تطرفهم في تأدية شكلية للصلاة جعلهم يتخذون منها وسيلة للمعاصى . غفلوا عن ان الصلاة وكل العبادات ليست غاية بل وسيلة للتقوى . لم يقرأوا قوله جل وعلا : ( اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ(45) العنكبوت ) ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(21)البقرة ) إن الله جل وعلا لم يأمر بتأدية الصلاة ، فقد كان العرب يؤدُون الصلاة ( مُكاءا وتصدية ). جاء الأمر بإقامة الصلاة خشوعا في وقتها وتقوى فيما بين الصلوات الخمس ـ لتكون الصلاة وسيلة للتقوى . بدون ذلك تصبح الصلاة الشكلية وسيلة للعصيان ، ودافعا للتطرف فيه . والخوارج تطرفوا في صلاتهم وتطرفوا أيضا في سفكهم للدماء ، حتى الأجنّة في البطون .!
نتوقف مع الخوارج في لمحة سريعة
أولا :
الخوارج يبقرون بطون الحوامل
1 ـ بهذا بدأوا فى مستهل خروجهم على ( على بن أبى طالب ) تقول الرواية : ( لما أقبلت الخارجة من البصرة حتى دنت من النهروان رأى عصابةٌ منهم رجلاً يسوق بامرأة على حمار، فدعوه فانتهروه فأفزعوه وقالوا له: من أنت؟ قال: أنا عبد الله بن خباب صاحب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالوا له: أفزعناك؟ قال: نعم. قالوا: لا روع عليك.. ) وناقشوه فى التحكيم وفى (على ) ولمّا لم يعجبهم رأيه قتلوه وقتلوا زوجته : ( فقالوا: إنك تتبع الهوى وتوالي الرجال على أسمائها لا على أفعالها، والله لنقتلنك قتلةً ما قتلناها أحداً.فأخذوه وكتفوه ثم أقبلوا به وبامرأته، وهي حبلى متم ... فأضجعوه فذبحوه، فسال دمه في الماء، وأقبلوا إلى المرأة فقالت: أنا امرأة ألا تتقون الله! فبقروا بطنها، وقتلوا ثلاث نسوة من طيء، وقتلوا أم سنان الصيداوية.) . كنت حبلى توشك على الوضع أى ( مُتمّة ). وعلم أصحاب ( على ) ففزعوا ، زع اصحاب (على ) وقالوا له : ( علام ندع هؤلاء وراءنا يخلفوننا في عيالنا وأموالنا؟ سر بنا إلى القوم فإذا فرغنا منهم سرنا إلى عدونا من أهل الشام.). وأرسل (على ) الى الخوارج يطلب تسليم القتلة ، فقالوا : ( كلنا قتلهم وكلنا مستحل لدمائكم ودمائهم. ) . وبعد مناوشات كلامية تحتمت الحرب بينهما .
2 ـ ـ إستباح الخوارج فى العصر الأموى قتل المسلمين جميعا ، دون اهل الكتاب . وقالوا ب ( الاستعراض ) أى القتل العشوائى . وبعض الخوارج نصّ ــ علنيا ـ على قتل النساء والأطفال من المسلمين ، مثل نافع بن الأزرق ، تقول الرواية عن نافع بن الأزرق : ( ونظرنافع فرأى أن ولاية من تخلف عن الجهاد من الذين قعدوا من الخوارج لا تحل له، وأن من تخلف عنه لا نجاة له، فقال لأصحابه ذلك ودعاهم إلى البراءة منهم وأنهم لا يحل له مناكحتهم ولا أكل ذبائحهم، ولا يجوز قبول شهادتهم وأخذ علم الدين عنهم، ولا يحل ميراثهم، ورأى قتل الأطفال والاستعراض، وأن جميع المسلمين كفار مثل كفار العرب لايقبل منهم إلا الإسلام أو القتل.). ويقول الملطى عن الاباضية فى عهده : ( والفرقة الخامسة من الخوارج هم الاباضية ، اصحاب إباض بن عمرو ، خرجوا من سواد الكوفة (أى من ريف الكوفة ) ، فقتلوا الناس ، وسبوا الذرية ، وقتلوا الأطفال وكفّروا الأمّة ، وأفسدوا فى العباد والبلاد ، فمنهم اليوم بقايا بسواد الكوفة . )
3 ـ وبهذا إستمروا . وفى الفتنة الكبرى الثانية ـ وسبق أن عرضنا لها ـ كانت الخوارج الأزارقة يعيثون فسادا فى الشرق ثم زحفوا غربا نحو الكوفة فى عام 68 ، فإستغاث أهل الكوفة بالوالى (القباع ) خوفا من الأزارقة ، فتحرك القباع بطيئا بجيشه ، فقال له ابراهيم بن الأشتر ( سار إلينا عدو ليست له تقية ، يقتل الرجل والمرأة والمولود ، ويخيف السبيل ويخرب البلاد فانهض بنا إليه )
3 ـ ولقد دخل الخوارج المدائن ، تقول الرواية : ( فلما سمع مصعب بقدومهم ركب في الناس وجعل يلوم عمر بن عبيد الله بتركه هؤلاء يجتازون ببلاده، وقد ركب عمر بن عبيد الله في آثارهم، فبلغ الخوارج أن مصعباً أمامهم، وعمر بن عبيد الله وراءهم، فعدلوا إلى المدائن فجعلوا يقتلون النساء والولدان، ويبقرون بطون الحبالى، ويفعلون أفعالاً لم يفعلها غيرهم‏.‏ ) .
4 ـ وفى رواية الطبرى في حوادث عام 68 : ( وأقبلت الخوارج وعليهم الزبير بن الماحوز حتى نزلوا الأهواز فأتتهم عيونهم أن عمر بن عبيدالله في أثرهم وأن مصعب بن الزبير قد خرج من البصرة إليهم فقام فيهم الزبير فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن من سوء الرأي والحيرة وقوعكم فيما بين هاتين الشوكتين انهضوا بنا إلى عدونا نلقهم من وجه واحد فسار بهم حتى قطع بهم أرض جوخى ثم أخذ على النهر وانات ثم لزم شاطئ دجلة حتى خرج على المدائن وبها كردم بن مرثد بن نجبة الفزاري فشنوا الغارة على أهل المدائن يقتلون الولدان والنساء والرجال ويبقرون الحبالى . )
ثانيا :
فظائع أخرى للخوارج
أيضا فى حوادث عام 68 فى الفتنة الكبرى الثانية كتب الطبرى فى تاريخه :
1 ـ ( وهرب كردم فأقبلوا إلى ساباط فوضعوا أسيافهم في الناس، فقتلوا أم ولد لربيعة بن ماجد ، وقتلوا بنانة ابنة أبي يزيد بن عاصم الأزدي، وكانت قد قرأت القرآن وكانت من أجمل الناس، فلما غشوها بالسيوف قالت : " ويحكم هل سمعتم بأن الرجال كانوا يقتلون النساء ويحكم تقتلون من لا يبسط إليكم يدا ولا يريد بكم ضرا ولا يملك لنفسه نفعا أتقتلون من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين ؟! فقال بعضهم اقتلوها وقال رجل منهم لو أنكم تركتموها؟ فقال بعضهم " أعجبك جمالها يا عدو الله قد كفرت وافتتنت ". فانصرف الآخر عنهم وتركهم فظننا أنه فارقهم وحملوا عليها فقتلوها. فقالت ريطة بنت يزيد : " سبحان الله أترون الله يرضى ما تصنعون ؟ تقتلون النساء والصبيان ومن لم يذنب إليكم ذنبا؟ ثم انصرفت ، وحملوا عليها وبين يديها الرواع بنت إياس بن شريح الهمداني وهي ابنة أخيها لأمها فحملوا عليها فضربوها على رأسها بالسيف ويصيب ذباب السيف رأس الرواع فسقطتا جميعا إلى الأرض . )
2 ـ ( قال أبو مخنف حدثني يونس بن أبي إسحاق عن أبيه أن رجلا من السبيع كان به لمم وكان بقرية يقال لها جوبر عند الخرارة وكان يدعى سماك بن يزيد فأتت الخوارج قريته فأخذوه وأخذوا ابنته فقدموا ابنته فقتلوها وزعم لي أبو الربيع السلولي أن اسم ابنته أم يزيد وأنها كانت تقول لهم يا أهل الإسلام إن أبي مصاب فلا تقتلوه وأما أنا فإنما أنا جارية والله ما أتيت فاحشة قط ولا آذيت جارة لي قط ولا تطلعت ولا تشرفت قط فقدموها ليقتلوها فأخذت تنادي ما ذنبي ما ذنبي ثم سقطت مغشيا عليها أو ميتة ثم قطعوها بأسيافهم .)
أخيرا
لمجرد التذكير
قال ربنا جل وعلا :
1 ـ في عقوبة من يقتل مؤمنا ـ أي مأمون الجانب مسالما وفى حقن دم المقاتل في الجيش المعتدى لمجرد ان ينطق بكلمة الإسلام : (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا((93) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا(94)النساء )
2 ـ ( وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ(6)التوبة ) . هذا عن مقاتل في جيش معتد واثناء الحرب إستجار بالمسلمين ، فعليهم أن يجيروه ، وأن يُسمعوه من القرآن الكريم ، ثم يبلغوه الى مأمنه .
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )
https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran
اجمالي القراءات 791








ف 6 ب 2 : الدين الشيطانى يجمع الخوارج وخصومهم

مقدمة :
في صراعهم حول حُطام الدنيا كلاهما إحتكر لنفسه دين الله جل وعلا .
ونعطى تفصيلا :

أولا : الدين الشيطانى بين الخوارج وخصومهم في العصر الأموى :
في خلافة معاوية :
تقول الرواية : ( ذكر شبيب بن بجرة: كان شبيب مع ابن ملجم حين قتل علياً، فلما دخل معاوية الكوفة أتاه شبيب كالمتقرب إليه فقال: أنا وابن ملجم قتلنا علياً، فوثب معاوية من مجلسه مذعوراً حتى دخل منزله وبعث إلى أشجع وقال: لئن رأيت شبيباً أو بلغني أنه ببابي لأهلكنكم، أخرجوه عن بلدكم، وكان شبيب إذا جن عليه الليل خرج فلم يلق أحداً إلا قتله، فلما ولي المغيرة الكوفة خرج عليه بالقف قريب الكوفة، فبعث إليه المغيرة خيلاً عليها خالد بن عرفطة، وقيل: معقل ابن قيس، فاقتتلوا فقتل شبيب وأصحابه.)
2 ـ قادهم حوثرة بن وداع الأسدى ، وتحرك بهم الى (النخيلة ) قرب الكوفة ، ومعه مائة وخمسون ولحق به آخرون . فأرسل معاوية والد حوثرة ليعظه ، ولم يتعظ حوثرة بوعظ أبيه، فقال له أبوه : ( ألا أجيئك بابنك فلعلك إذا رأيته كرهت فراقه؟) فقال حوثرة لأبيه : ( أنا إلى طعنة من يد كافر برمح أتقلب فيه ساعة أشوق مني إلى ابني.!). فرجع أبوه فأخبر معاوية بقول حوثرة ، فأرسل معاوية إليهم عبد الله بن عوف الأحمر في ألفين، وخرج أبو حوثرة فيمن خرج، فدعا ابنه إلى البراز، فقال: ( يا أبه لك في غيري سعة.! ). وإنهزم الخوارج، وقُتل حوثرة بيد عبد الله بن عوف قائد جيش معاوية. ورأى ابن عوف بوجه حوثرة أثر السجود، وكان صاحب عبادة، فندم على قتله.
3 ـ عام 42 : ثورة سهم بن غالب :
وفي هذه السنة خرج سهم بن غالب الهجيمي على ابن عامر في سبعين رجلاً، منهم الخطيم الباهلي، وهو يزيد بن مالك، وإنما قيل له الخطيم لضربة ضربها على وجهه، فنزلوا بين الجسرين والبصرة، فمر بهم عبادة بن فرص الليثي من الغزو ومعه ابنه وابن أخيه، فقال لهم الخوارج: من أنتم؟ قالوا: قوم مسلمون. قالوا: كذبتم. قال عبادة: سبحان الله! اقبلوا منا ما قبل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مني، فإني كذبته وقاتلته ثم أتيته فأسلمت فقبل ذلك مني. قالوا: أنت كافر، وقتلوه وقتلوا ابنه وابن أخيه.
4 ـ إبن عامر والى معاوية على العراق والمشرق :
إبن عامر قاتل الخوارج : ( فخرج إليهم ابن عامر بنفسه وقاتلهم فقتل منهم عدة وانحاز بقيتهم إلى أجمة وفيهم سهم والخطيم، فعرض عليهم ابن عامر الأمان فقبلوه، فآمنهم، فرجعوا، فكتب إليه معاوية يأمر بقتلهم، فكتب إليه ابن عامر: إني قد جعلت لهم ذمتك.)
زياد بن أبيه واليا لمعاوية بعده : ( فلما أتى زياد البصرة سنة خمس وأربعين هرب سهم والخطيم فخرجا إلى الأهواز، فاجتمع إلى سهم جماعة فأقبل بهم إلى البصرة، فأخذ قوماً، فقالوا: نحن يهود، فخلاهم، وقتل سعداً مولى قدامة بن مظعون، فلما وصل إلى البصرة تفرق عنه أصحابه، فاختفى سهم، وقيل: إنهم تفرقوا عند استخفائه، فطلب الأمان وظن أنه يسوغ له عند زياد ما ساغ له عند ابن عامر، فلم يؤمنه زياد، وبحث عنه، فدل عليه، فأخذه وقتله وصلبه في داره.وقيل: لم يزل مستخفياً إلى أن مات زياد فأخذه عبيد الله بن زياد فصلبه سنة أربع وخمسين)
( سنة ست وأربعين. ذكر خروج سهم والخطيم: وفيها خرج الخطيم، وهو يزيد بن مالك الباهلي، وسهم بن غالب الهجيمي، فحكما؛ فأما سهم فإنه خرج إلى الأهواز فحكم بها، ثم رجع فاختفى وطلب الأمان فلم يؤمنه زياد وطلبه حتى أخذه وقتله وصلبه على بابه. وأما الخطيم فإن زياداً سيره إلى البحرين ثم أقدمه وقال لمسلم بن عمرو الباهلي، والد قتيبة بن مسلم: اضمنه، فأبى وقال: إن بات خارجاً عن بيته أعلمتك، ثم أتاه مسلم فقال له: لم يبت الخطيم الليلة في بيته، فأمر به فقتل وألقي في باهلة..)
عام 69 :
( وفيها حكم رجل من الخوارج بمنى ( أي نطق بشهادتهم : لا حكم إلا لله ) وسلّ سيفه، وكانوا جماعة، فأمسك الله أيديهم فقتل ذلك الرجل عند الجمرة. ) أي إستحلال قتل الحجاج في بيت الله الحرام ، وهو الذى جعله الله جل وعلا مثابة للناس وأمنا ومفروض أن من دخله كان آمنا .!
إبن زياد ( عبيد الله بن زياد ) .
تقول الرواية : ( ثم إن ابن زياد ألح في طلب الخوراج ، فملأ منهم السجن وأخذ الناس بسببهم ( أي عاقب من يساعدهم أو من يعرفهم ولا يبلغ عنهم ) ، وحبس أبا بلال قبل أن يقتل أخاه عروة، فرأى السجان عبادته فأذن له كل ليلة في إتيان أهله، فكان يأتيهم ليلاً ويعود مع الصبح، وكان صديق مرداس إليه فأعلمه الخبر، وبات السجان بليلة سوء خوفاً أن يعلم مرداس فلا يرجع، فلما كان الوقت الذي كان يعود فيه إذا به قد أتى، فقال له السجان: أما بلغك ما عزم عليك الأمير؟ قال: بلى. قال: ثم جئت؟ قال: نعم، لم يكن جزاؤك مني مع إحسانك إلي أن تعاقب. وأصبح عبيد الله فقتل الخوارج، فلما أحضر مرداس قام السجان، وكان ظئراً لعبيد الله، فشفع فيه وقص عليه قصته، فوهبه له وخلى سبيله... ثم أنه خاف ابن زياد فخرج في أربعين رجلاً إلى الأهواز، فكان إذا اجتاز به مالٌ لبيت المال أخذ منه عطاءه وعطاء أصحابه ثم يرد الباقي، فلما سمع ابن زياد بخروجهم بعث إليهم جيشاً عليهم أسلم بن زرعة الكلابي سنة ستين، وقيل: أبو حصين التميمي، وكان الجيش ألفي رجل، فلما وصلوا إلى أبي بلال ناشدهم الله أن يقاتلوه فلم يفعلوا، ودعاهم أسلم إلى معاودة الجماعة، فقالوا: أتردوننا إلى ابن زياد الفاسق؟ فرمى أصحاب أسلم رجلاً من أصحاب أبي بلال فقتلوه، فقال أبو بلال: قد بدؤوكم بالقتال. فشد الخوارج على أسلم وأصحابه شدة رجل واحد فهزموهم فقدموا البصرة، فلام ابن زياد أسلم وقال: هزمك أربعون وأنت في ألفين، لا خير فيك! فقال: لأن تلومني وأنا حي خير من أن تثني علي وأنا ميتٌ. فكان الصبيان إذا رأوا أسلم صاحوا به: أما أبو بلال وراءك! فشكا ذلك إلى ابن زياد، فنهاهم فانتهوا.
وقال رجل من الخوارج:

أألفا مؤمنٍ منكم زعمتم ** ويقتلهم بآسك أربعونا
كذبتم ليس ذاك كما زعمتم ** ولكن الخوارج مؤمنونا
إنتقم زياد بأن أرسل جيشا آخر بلغ تعداده ثلاثة آلاف يقوده عباد بن الأخضر. ولحق هذا الجيش الخوارج فى منطقة ( توج ) ، وثبت الخوارج لجيش ابن زياد . وحلّ وقت صلاة الجمعة ، فطلب أبو بلال هدنة للصلاة ، فاستجاب له ابن الأخضر . وتوقف القتال . تقول الرواية (فعجل ابن الأخضر الصلاة، وقيل قطعها، والخوارج يصلون، فشد عليهم هو وأصحابه وهم ما بين قائم وراكع وساجد لم يتغير منهم أحد من حاله، فقتلوا من آخرهم وأخذ رأس أبي بلال. ). رأى الخوارج الجيش الأموى يهجم عليهم غدرا وهم فى الصلاة ، فلم يقطعوا صلاتهم ، وأتاحوا للجبناء قتلهم بلا مقاومة.! . وانتقم الخوارج بإغتيال قائد هذا الجيش ( عباد بن الأخضر ) .تقول الرواية ( ورجع عباد إلى البصرة فرصده بها عبيدة بن هلال ومعه ثلاثة نفر، فأقبل عباد يريد قصر الإمارة وهو مردف ابناً صغيراً له، فقالوا له: قف حتى نستفتيك. فوقف، فقالوا: نحن إخوة أربعة قتل أخونا فما ترى؟ قال: استعدوا الأمير. قالوا: قد استعديناه فلم يعدنا. قال: فاقتلوه قتله الله! فوثبوا عليه وحكّموا به ) ( حكّموا به ) أى صاحوا ( لا حكم إلا لله ) وهى صيحتهم عندما يبدأون فى القتل . تقول الرواية إن عباد بن الأخضر ألقى إبنه وثبت هو لهم فقتلوه ، ونجا إبنه . ثم إجتمع أهل البصرة على الخوارج الأربعة فقتلوا منهم ثلاثة ، وأفلت عبيدة بن هلال .
وصمم ابن زياد على الانتقام . وكان نائبه على البصرة ( عبيد الله بن أبي بكرة )، فكتب إليه يأمره أن يتتبع الخوارج، ففعل ذلك) وحبس ابن أبى بكرة كثيرا من الخوارج ، وكان من يشفع فى بعض الخوارج يطلق ابن أبى بكره سراحه على أن يكون الشافع فيه كفيلا أى مسئولا عن هذا الخارجى. وحضر ابن زياد الى البصرة ، وقتل كل المحبوسين من الخوارج . وطلب من كل كفيل أن يحضر اليه بمن يكفله من الخوارج ، فإذا عجز الكفيل قتله ابن زياد ، فإذا أحضر الخارجى أطلق ابن زياد الكفيل وقتل الخارجى . لقد إشتطّ وتطرّف في قتل الخوارج ، ولقد عوتب في ذلك فقال : ( وأما قولك ليتني لم أكن قتلت من أيا قتلت فما عملت بعد كلمة الإخلاص عملاً هو أقرب إلى الله عندي من قتل من قتلت من الخوارج.. ).!
ثانيا : الدين الشيطانى بين الخوارج والعباسيين في خلافة السفاح ، أول خليفة عباسى :
أساس دعوهم هو الزعم بالمهدى المنتظر الذى يملأ الأرض عدلا بعد أن إمتلأت جورا . وعندما وصلوا للحكم تفوقوا على الأمويين في الظلم وسفك الدماء ونقض العهود . وكان بقايا الأمويين أبرز ضحاياهم . ولقد بقيت من الخوارج بقية في أوائل العصر العباسى ، أشار اليهم الملطى في كتابه .
من شنائع العباسيين نكتفى بهذه الرواية : ( .ذكر ولاية يحيى بن محمد الموصل وما قيل فيها:
وفي هذه السنة استعمل السفاح أخاه يحيى بن محمد على الموصل عوض محمد بن صول.
وكان سبب ذلك أن أهل الموصل امتنعوا من طاعة محمد بن صول، وقالوا: يلي علينا مولى الخثعم، وأخرجوه عنهم. فكتب إلى السفاح بذلك واستعمل عليهم أخاه يحيى بن محمد وسيره إليها في اثني عشر ألف رجل، فنزل قصر الإمارة مجانب مسجد الجامع، ولم يظهر لأهل الموصل شيئاً ينكرونه ولم يعترض فيما يفعلونه، ثم دعاهم فقتل منهم أثني عشر رجلاً، فنفر أهل البلد وحملوا السلاح، فأعطاهم الأمان، وأمر فنودي: من دخل الجامع فهو آمن؛ فأتاه الناس يهرعون إليه، فأقام يحيى الرجال على أبواب الجمع، فقتلوا الناس قتلاً ذريعاً أسرفوا فيه، فقيل: إنه قتل فيه أحد عشر ألفاً ممن له خاتم وممن ليس له خاتم خلقاً كثيراً. فلما كان الليل سمع يحيى صراخ النساء اللاتي قتل رجالهن، فسأل عن ذلك الصوت فأخبر به، فقال: إذا كان الغد فاقتلوا النساء والصبيان. ففعلوا ذلك، وقتل منهم ثلاثة أيام، وكان في عسكره قائد معه أربعة آلاف زنجي، فأخذوا النساء قهراً. فلما فرغ يحيى من قتل أهل الموصل في اليوم الثالث ركب اليوم الرابع وبين يديه الحراب والسيوف المسلولة، فاعترضته امرأة وأخذت بعنان دابته، فأراد أصحابه قتلها فنهاهم عن ذلك، فقالت: له: ألست من بني هشام؟ أست ابن عم رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ أما تأنف للعربيات المسلمات أن ينكحهن الزنج؟ فأمسك عن جوابها وسير معها من يبلغها مأمنها، وقد عمل كلامها فيه. فلما كان الغد جمع الزنج للعطاء، فاجتمعوا، فأمر بهم فتلوا عن آخرهم.
وقيل: كان السبب في قتل أهل الموصل ما ظهر منهم من محبة بني أمية وكراهة بني العباس، وأن امرأة غسلت رأسها وألقت الخطمي من السطح فوقع على رأس بعض الخراسانية فظنها فعلت ذلك تعمداً، فهاجم الدار، وقتل أهلها، فثار أهل البلد وقتلوه، وثارت الفتنة وفيمن قتل معروف بن أبي معروف، وكان زاهداً عابداً، وقد أدرك كثيراً من الصحابة.)
أخيرا
ليس مثل الإسلام دين ظلمه المنتسبون اليه .
قال جل وعلا :
عن موسى لقومه ( وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60) البقرة )
عن صالح لثمود ( وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74) الاعراف )
عن شعيب لمدين ( وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) هود ) ( وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) الشعراء) ( وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36) العنكبوت )
ودائما : صدق الله العظيم .
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور ) https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran

ف 7 ب 2 : الخوارج من الأعراب . فما هو التأصيل القرآنى للأعراب ، وما يلحق بهم ؟
كتاب ( الخوارج تاريخيا ودينيا ) الباب الثانى : دين الخوارج
مقدمة :
بعد أن عايشنا الخوارج / الأعراب في تاريخهم ودينهم ، وموقفهم من قريش يبقى السؤال الهام . لقد تحدث القرآن الكريم عن الأعراب في القصص القرآنى المعاصر للنزول . فهل فيه ملامح للخوارج ؟
هذا يستلزم تأصيلا قرآنيا :
أولا :
الأعراب / البدو

1 ـ جاءت كلمة (البدو)في القرآن تعني البادية في قصة يوسف (وَجَاءَ بِكُمْ مِنْ الْبَدْوِ ) يوسف 100) ، وجاءت مشتقاتها بنفس المعني، فكلمة (الباد) أي الذي يقطع البادية مسافرا للحج (وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَاد ) (25) الحج )، وبمعني المقيم في البادية من الاعراب ( يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ ) (20) الاحزاب ).اذا فالاعراب هم الذين يعيشون في البادية او الصحراء.
2 ـ واستعمل القرآن الكريم مصطلح الاعراب كثيرا ،بينما لم يستعمل لفظ العرب الا للدلالة علي اللسان العربي . يقول جل وعلا : (وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) النحل )( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) الشعراء ).
3 ـ هذا مع إن أخبار العرب جاءت في القصص القرآنى الذى يحكى معاصرا للنزول . قال جل وعلا
{لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ} ( الأنبياء 10 ). جاء ذكر العرب بدون لفظ العرب .!
ثانيا :
الأعراب هم الأشد كفرا ونفاقا .. ولكن :
هناك تنوع : نلاحظه كالآتى :
1 ـ الأغلبية العظمى منهم كانوا الأشد كفرا ونفاقا ، ولكن يأتي الإستثناء بعدها . قال جل وعلا : ( الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (99)التوبة ) . لا شكّ أن الخوارج ينتمون الى الأعراب الأشد كفرا ونفاقا .
2 ـ هناك تنوع حسب المواقف ، خصوصا في النهوض للقتال الدفاعى ، فهناك من يعتذرون بحُجج واهية شأن المنافقين . وفى سورة التوبة مسح لسكان المدينة ومن حولها ، من مؤمنين مخلصين سابقين بالإيمان والعمل الصالح ، الى من خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، ثم الذين أرجأ الله جل وعلا أمرهم الى مغفرة أو عذاب ، ومنافقين صرحاء ، ومنافقين مردوا على النفاق ، وهذا بالإضافة الى الكفار المعتدين ناقضى العهود ، والذين بدأت بهم السورة . نتعرض للآيات الخاصة بالأعراب في هذا السياق . قال جل وعلا :
2 / 1 : عن الأعراب المتخلفين عن القتال الدفاعى بأعذار وهمية : ( وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (90) التوبة ) .
2 / 2 : وجاء في وعظهم : ( مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (121) التوبة ). ( ما كان ) أي لا ينبغي ولا يليق ..!!
3 ـ وسبق هذا قوله جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : ( سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11) بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا (12) وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (13) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (14) سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلا (15) قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16)الفتح ).
4 ـ ظن بعضهم أنه بإعلانهم الايمان باللسان فهذا يكفى . وكانوا يمُنُّون على النبى بهذا الايمان الشكلى ، ولكنهم لم يُسلموا دينهم لله جل وعلا وحده ، ولمّا يدخل الايمان الكامل قلوبهم . ولو حدث هذا لكان الفضل والمنّة من الله جل وعلا أن هداهم للإيمان الحقيقى الذى هو تسليم بالألوهية للخالق وحده جل وعلا بلا ريب ، وجهاد بالأموال والأنفس يؤكّد صدق ما في القلب . قال جل وعلا : ( قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (14) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (17) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)الحجرات ).
الأعراب المنافقون المعتدون المسلحون
1 ـ كان أخطرهم يعيش بجوار المدينة . وفى أواخر ما نزل قال جل وعلا عنهم : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ) (101) التوبة ) . والمنافقون من أهل المدينة وفى داخلها أقاموا مسجدا للتآمر ، وكان مرصدا يلتقى فيه منافقو الداخل ومنافقى الخارج . إنه مسجد الضرار الذذى قال فيه ربنا جل وعلا : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) التوبة ).
2 ـ قبلها إعتاد منافقو الأعراب المجىء للمدينة بزعم الإسلام ، بينما الهدف هو التعرف على مناطق الضعف في المدينة ، ثم يهاجمونها . وكان التصرف معهم مثار جدل بين المؤمنين ، إستلزم أن ينزل التشريع الخاص بالتعامل معهم . قال جل وعلا : ( فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (88) وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا (89) إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَاؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (90) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّواْ إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُواْ فِيهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّواْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا (91)النساء )
أي أوجب الله جل وعلا عليهم أن يهاجروا الى المدينة ويعيشوا فيها مسالمين ، ينعمون بحرية الدين وحرية المعارضة الدينية والسياسية بدون حمل السلاح شأن المنافقين ساكنى المدينة . إن رفضوا تعين مواجهتهم برد الإعتداء كما جاء في تفصيل الآيات الكريمة . أي وضع القرآن الكريم حلا لمشكلة هؤلاء الاعراب المنافقين بأن منع التحالف مع من يظهر الايمان منهم الا بعد ان يهاجروا الي المدينة ويكونوا من اهلها ، تحت السيطرة ، فلا يهاجموها علي حين غرة وحتي لا تشجعهم الصحراء علي الاعتداء علي المسلمين ،فان ظلوا علي تقلبهم ونكث عهدهم واعتدائهم علي المؤمنين فلابد من تأديبهم واظهار قوة المسلمين .
أخيرا
نجد توصيف الخوارج في بداية سورة الحجرات ، في قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (4) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5) الحجرات ). :
نلاحظ الآتى :
1 ـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) هذا تشريع بمنع المزايدة على الله جل وعلا ورسوله .
2 ـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3). كانوا يرفعون أصواتهم فوق صوت النبى ـ في مزايدة عليه ، ويكلمونه جهرا كما يفعلون مع بعضهم البعض .
3 ـ ( إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (4) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5) الحجرات ). لا يتورعون عن الصياح ينادون النبى أن يخرج اليهم .
إذا كانوا يفعلون هذا مع النبى محمد عليه السلام وهو قائد الدولة في المدينة يكون سهلا على الخوارج أن يفعلوا ما هو أكثر مع الخلفاء على بن أبى طالب ومعاوية ومن جاء بعدهم .
التعليقات
سعيد على
التأصيل القراني لفهم عقلية الخوارج .
عندما تقرأ التاريخ تنصدم من أفعال هؤلاء و حججهم .. كيف يقتلون رجلا يقول ربي الله و يبقرون بطن ثكلى مؤمنة و هم يصيحون الله أكبر ! ان الأمثلة التى ضربها الدكتور أحمد حفظه الله : منع المزايدة على الله جل و علا و رسوله .. رفع الأصوات فوق صوت رسول الله عليه السلام .. الصياح لمناداه رسول الله . و هناك أمثلة أخرى كثيرة لا شك أنها تؤصّل لعقلية و سلوك هؤلاء و ربما يكون الدكتور أحمد هو أول باحث اقترب من التأصيل القراني لعقلية و سلوك هؤلاء . ان الخوارج اليوم هم ليسوا من خرجوا على علي بل هم من خرجوا على القران الكريم و هم من يتهمون من يتمسك بالقران الكريم مصدرا وحيدا للتشريع بأنه خارج ملتهم ! أي خارج عن الخوارج الذين خرجوا من التمسك بالقران الكريم . عقليتهم عقلية ارهابية كعقلية أوائل من خرج و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .
أحمد صبحى منصور
اكرمك الله جل وعلا ابنى الحبيب استاذ سعيد على

ما اجمل ما قلت انهم جميعا خوارج على القرآن الكريم ، والاسلام العظيم.

اللهم اجعلنا ممّن يتبع القرآن الكريم.

شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )

https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran
الخاتمة : من الخوارج الى داعش .. إحزن يا قلبى !!
مقدمة
1 ـ الحزن هنا على الإسلام العظيم ، كيف يزعمون الانتماء اليه ويرتكبون باسمه فظائع .
2 ـ منشور لنا هنا دراسة تحليلية عن ( مقدمة إبن خلدون ) . نتذكر منها قوله :
( الفصل السادس والعشرون :
العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب ، لأنهم أمة وحشية بالطبع ، وتعودوا عدم الخضوع لحاكم أو سياسة ، وهذا ينافي العمران، وقد اعتادوا الرحلة والغارة ، وذلك يناقض الاستقرار وهو أساس العمران ، ولذلك يكون سهلا عليهم تخريب المباني واستخدام حجارتها للطبخ عليها ، واستخدام خشبها للخيام وللتدفئة . ثم أن طعامهم في انتهاب ما في أيدي الناس ورزقهم في ظلال رماحهم، وليس عندهم حد في النهب ، وذلك يعني بطلان السياسة التي تقوم على حفظ الأموال والعمران ، ثم هم لا يرون قيمة لعمال الحرف والصناعة ويسخرونهم بلا أجر فيكف العمال والحرفيون عن العمل ، وتتوقف حركة العمران . وربما يفرضون العقوبات المالية حرصا على تكثير الجباية وجمع الأموال بأي طريق فيكثر الفساد وتعم الفوضى . ثم هم متنافسون في الرئاسة وأسرع للإختلاف ، ويتعدد امراؤهم وتمتد أيديهم في إطار التنافس إلى نهب ما في أيدي الناس ، فيفسد العمران . وعلى أيدي العرب تخربت الأمصار من اليمن إلى العراق والشام . وحدث نفس الشئ لشمال أفريقيا عندما سيطر عليها بنو هلال وبنوسليم إذ أصبح خرابا بعد أن كان عمرانا فيما بين السودان والبحر المتوسط .)( الفصل السابع والعشرون : العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين : بسبب توحشهم فهم أصعب انقيادا ، لما فيهم من الأنفة والمنافسة في الرياسة فيما بينهم، فإذا كانت ثمة دعوة دينية أذهبت من نفوسهم أخلاق الكبر والمنافسة وإذا قام فيهم صاحب دعوة دينية ودعاهم بالدين وابتعد بهم عن الأخلاق الذميمة استطاع تأليف كلمتهم وأرجعهم للفطرة الأولى .)
( الفصل الثامن والعشرون :
( العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك ) ( لأنهم أكثر بداوة من سائر الأمم وأكثرهم ضربا في عمق الصحراء وابتعادا عن الحضر ، فكان صعبا أن ينقاد بعضهم إلى بعض ، ويضطر رئيسهم إلى الإحسان إليهم ليتألف قلوبهم وحتى لا ينقلبوا عليه ، وهذا ينافي سياسة الملك التى تقوم على القهر . ثم أنهم يعيشون على النهب فإذا ملكوا أمة تسلطوا عليها بالنهب والمصادرات وتحويل العقوبات إلى غرامات مالية ، مما ينشر الفساد والفوضى والتخريب . ويتعرف العرب على السياسة إذا تبدلت طباعهم بالدعوة الدينية كما حدث منهم في تاريخ الإسلام . ثم إنهم بعد ذلك نبذوا الدين فنبذوا السياسة ورجعوا إلى الصحراء والتوحش ، وقد يحدث أن يتغلبوا على بعض الدول المستضعفة فيخربونها . ).
ونقول :
إستقى ابن خلدون أحكامه من مراجعة دقيقة للتاريخ ، من الفتوحات والفتن الكبرى والصراعات المسلحة بين العرب ، وهذا يتضمن الخوارج . وفى كل الأحوال إستخدموا إسم الإسلام في هذا الصراع ( الفتوحات والحروب الأهلية ) ، ودفع الثمن الضحايا من النساء والأطفال والشيوخ ، قتلا وسبيا وتشريدا .
ونعطى بعض الشواهد التاريخية :
أولا : نموذج عن الفتوحات :
ذكر إبن الجوزى في تاريخه ( المنتظم ) في حوادث سنة 98
( وفيها‏:‏ غزا يزيد بن المهلب جرجان وطبرستان فى مائة الف مقاتل سوى الموالى والمتطوعين.‏ وجاء فنزل بدهستان فحاصرها ومنع عنهم المواد فبعث إليه ملكهم‏:‏ إني أريد أن أصالحك على أن تؤمنني على نفسي وأهل بيتي ومالي وأدفع إليك المدينة وما فيها وأهلها‏.‏فصالحه ووفى له ودخل المدينة ، وأخذ ما كان فيها من الأموال والكنوز ومن السبي ما لا يحصى ، وقتل أربع عشر ألف تركي صبرًا، وكتب بذلك إلى سليمان بن عبد الملك .ثم خرج حتى أتى جرجان و قد كانو يصالحون أهل الكوفة على مائة ألف ومائتي ألف وثلاثمائة ألف وقد كانوا صالحوا سعيد بن العاص ثم امتنعوا وكفروا، فلم يأت بعد سعيد إليهم أحد ، ومنعوا ذلك الطريق فلم يسلكه أحد إلا على وجل وخوف منهم‏.‏ فلما أتاهم يزيد استقبلوه بالصلح فاستخلف رجلا .......‏ ثم إنهم غدروا بجنده فقتلوا منهم ونقضوا العهد فأعطى الله عهدًا لئن ظفر بهم لا يرفع عنهم السيف حتى يطحن بدمائهم ويختبز من ذلك الطحين ويأكل فنزل علها سبعة أشهر لا يقدر منهم على شيء ولا يعرف لها مأتى إلا من وجه واحد فكانوا يخرجون فيقاتلونهم ويرجعون إلى حصنهم فدله رجل على طريق آخر يشرف عليهم فبعث معه جندًا ونهض هو لقتالهم فركبهم المسلمون فأعطوا بأيديهم ونزلوا على حكمه فسبى ذراريهم وقتل مقاتليهم وصلبهم على الشجر عن يمين الطريق ويساره وقاد منهم اثني عشر ألفًا إلى الوادي فقتلوا فيه فأجرى فيه دماءهم وأجرى فيه الماء وعليه أرحاء فحطن واختبز وأكل .....
وكتب يزيد إلى سليمان‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏أما بعد فإن الله تعالى ذكره قد فتح لأمير المؤمنين فتحًا عظيمًاوصنع للمسلمين أحسن الصنع فلربنا الحمد على نعمه وإحسانه واظهر في خلافة أمير المؤمنين على جرجان وطبرستان وقد أعيا ذلك سابور ذا الأكتاف وكسرى بن قباد وكسرى بنهزمز وأعيا الفاروق عمر بن الخطاب وذا النورين ومن بعدهما حتى فتح الله سبحانه ذلك لأمير المؤمنين كرامة الله عز وجل له وزيادة في نعمه عليه وقد صار عندي من خمس ما أفاء الله عز وجل على المسلمين بعد أن صار إلى كل ذي حق حقه من الفيء والغنيمة سبعة آلاف ألف وأنا حامل هذا لأمير المؤمنين إن شاء الله‏.‏).
التعليق : الشناعة هنا ليس فقط في التوحّش في الانتقام من ثوار يريدون التحرر ، بل جعل ذلك التوحش دينا منسوبا بالزور للإسلام .
ثانيا : عن الحروب الأهلية :
ثورة الزنج الجائعين (255ـ 270هـ)
1 ـ كانت ثروة المترفين في العصر العباسي ترجع إلي مجهودات الزنوج وعرقهم . فقد نشأ الإقطاع الزراعي من خلال الملكيات الواسعة التي كان يقطعها الخليفة لأتباعه ، وكان من أهم هذه الأراضي مناطق كثيرة من الأراضي البور في منطقة البطائح بالبصرة ، ووقع علي الزنوج العبيد عبء استصلاحها، وتخصص التجار في استجلاب هؤلاء الزنوج إلي جنوب العراق وحول الخليج ، وتكدست بهم هذه المنطقة حيث عملوا في استزراع الأراضي تحت ضرب السياط وسوء التغذية ، يحملون علي البغال الطبقة الملحية التي تكونت بفعل ظاهرة المد من الخليج العربي ويكشفون عن التربة الزراعية تحتها ويقومون بنقل أكوام الطبقة الملحية إلي حيث تباع ، وفي نظير هذا العمل الشاق كانوا يحصلون علي غذاء بائس من تمر وسويق ، في الوقت الذي كان فيه المترفون في بغداد بجانب الخليفة يأكلون طبق ( الجام) وهو لسان السمك ، ويبلغ ثمنه أكثر من ألف درهم !!
2ــ لذا كانت معسكرات الزنوج وقودا لثورة الزنج التي قادها مغامر مجهول الاسم تسمى باسم علي بن محمد وقد ادعي النسب العلوي والتشيع ودعا للثورة في المنطقة بين الأعراب النجديين ، وانتقل بهم الى جنوب العراق ،بعد أن غيّر دينه من التشيع الى الخوارج ، كى يتحبب الى الزنوج ويتألف ويتودد الى قادتهم . وبين دينى التشيع والخوارج استغل سوء الأوضاع والفجوة الهائلة بين الفقراء المعدمين في جنوب العراق وحول الخليج وبين المترفين في بغداد حول قصور الخلافة العباسية .
3 ـ وقد استمرت ثورته من 225 ــ 270هـ . وتكاثر أتباعه ولم تتغلب عليه الدولة العباسية إلا بشق الأنفس ، وقد دخل بأتباعه من الزنج البصرة وأعمالها وخربوها وسبوا النساء وأحرقوا ما وجدوه ، وأعقب ذلك الوباء الذي أفني خلقا لا يحصون ، وذكر الصولي إن صاحب الزنج قتل من المسلمين نحو مليون ونصف المليون ، وأنه قتل في يوم واحد بالبصرة نحو ثلاثمائة ألف وكان له منبر في مدينته يصعد عليه يسب فيه الصحابة ، وقالوا أنه كان ينادي علي المرأة الهاشمية في معسكره بدرهمين وثلاثة دراهم لمن أراد شراءها، وأنه كان عند الواحد من الزنج العشر من السبايا الهاشميات يطؤهن ويستخدمهن ..
ثورة القرامطة :
1 ـ عاصر الملطى ( 377 ) القرامطة ، و في كتابه ( التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع) عنهم قال إن المؤمن عندهم هو من يعتقد بفكرهم وتصوراتهم عن الله والأنبياء والأئمة واليوم الآخر. ومن لا يؤمن مثلهم يعتبرونه كافرا حلال المال والدم والعرض. ويقول الملطى عنهم:"زعموا أن نساء بعضهم حلال لبعض وكذلك أولادهم, وأبدانهم متاحة من بعضهم لبعض لا تحظير بينهم ولا منع, فهذا عندهم محض الأيمان حتى لو طلب رجل منهم امرأة نفسها أومن رجل أو من غلام فامتنع عليه فهو كافر عندهم خارج عن شريعتهم, وإذا أمكن من نفسه فهو مؤمن فاضل, والمفعول به أفضل من الفاعل عندهم, حتى يقوم الواحد منهم من فوق المرأة التي لها زوج فيقول لها: طوباك يا مؤمنة".!! .
2 ـ وعاصر المؤرخ الطبرى ظهور القرامطة ، وذكر قصة واقعية عن امرأة أغوى القرامطة ابنها ، وحاولت إنقاذه فكاد أن يقتلها ، والطبرى يذكر قبل هذه القصة الواقعية عمليات الإبادة الجماعية التي ارتكبها كبير القرامطه في الشام, يقول: ( إن أهل دمشق صالحوه على دفع الأموال, وكذلك فعل أهل حمص, ثم سار إلى حماة ومعرة النعمان وغيرهما, فقتل أهلها وقتل النساء والأطفال, ثم سار إلى بعلبك فقتل عامة أهلها حتى لم يبق منهم إلا اليسير, ثم سار إلى سلمية فحاربه أهلها ومنعوه الدخول, ثم انخدعوا بالأمان الذي أعطاه لهم وفتحوا له أبواب المدينة," فبدأ بمن فيها من بنى هاشم وكان بها منهم جماعة, فقتلهم, ثم ثنى بأهل "سلمية" فقتلهم جميعا. ثم قتل البهائم, ثم قتل صبيان الكتاتيب, ثم خرج منها وليس بها عين تطرف, وسار فيما حوالي ذلك من القرى يقتل ويسبى ويحرق ويخيف السبيل". وظلت حركات القرامطة مشتعلة إلى أن انتهت سنة 378 هجريا على يد أعراب المنتفق .
أخيرا : الوهابية السعودية
1 ـ ذكر النويرى في كتابه نهاية الأرب( جزء 25 ص : 236) أن أبا سعيد الجنابى القرمطى كان يجمع الصبيان في بيوت أعدها لهم وجعل عليهم دعاة يقومون على تنشئتهم وغسيل عقولهم وأجرى عليهم المرتبات, ورسم وجوههم بعلامات تميزهم عن غيرهم ,وجعل عليهم عرفاء ونقباء, وكان يقرن دعوته التعليمية الفكرية بتعليمهم فنون القتال وركوب الخيل, فينشئون لا يعرفون إلا دعوته دينا وإلا شخصه زعيما.
2 ـ هو نفس ما فعله عبد العزيز آل سعود فى نفس المكان فى أوائل القرن العشرين حين أنشأ من شباب الأعراب جيشا أسماه (الإخوان )، وكان يقوم بتجميعهم فى معسكرات وقرى مسلحة أسماها ( الهجر ) وكانوا يتعلمون فيها فنون القتال ومؤلفات ابن عبد الوهاب وابن تيمية . وبهؤلاء (الاخوان) أسس عبد العزيز آل سعود قام بضم كل نجد ثم الأحساء وعسير والحجاز ، وأسفر هذا عن ذبح (إخوان عبد العزيز) حوالى مليون مسلم فى الجزيرة العربية و الشام والعراق، وإغتصاب آلاف المسلمات بزعم السبى . أقام ( إخوان ) عبد العزيز مذابح .باسم الإسلام شملت النساء والاطفال ، و أدت بدورها الي فزع ساعد علي سهولة استيلاء عبد العزيز علي بعض المدن كما حدث في ضم مكة والمدينة وجدة . كانوا يهجمون علي الهدف بشكل خليط همجي من الرجال والخيول والابل والمشاة يدمرون معسكر العدو ويقتلون كل من يجدونه من البشر دون رحمة ،فاذا كان الهدف مدينة او قرية اضيف الاطفال والنساء والشيوخ الي قائمة الضحايا .ففي هجومهم علي الكويت في معركة الجهرة قتلوا النساء سنة 1920 ،ونفس الحال في هجومهم علي ثريب في شرق الاردن سنة 1924 ،وقتلوا النساء والاطفال والشيوخ عندما افتتحوا الطائف في 7/9/1921 وسجل المراقبون الاجانب ان الاخوان لايحتفظون بالاسري وانما يذبحون كل من يقع في ايديهم، وكانت الدعوات للانضمام الي الوهابية او الاسلام تحمل التهديد لمن لا يستجيب بالاعدام .وتقول احداها (ان من ينضم الينا يأمن علي ممتلكاته واسرته )وقيل عنهم انهم ظلوا لعدة سنوات لا يخيفون الاطفال وحدهم وانما الكبار ايضا ..وقد قتلوا جميع الرجال والنساء والاطفال في المنطقة ما بين المويلة وشرق الاردن، وقد ادت هذه الوحشية الي انشاء البريطانيين قلعة بسية التي كانت سبب المعارضة السياسية والحربية بين الاخوان وعبد العزيز .وقد اعترف اثنان من الاخوان الاحياء الي جون حبيب ،وقد قالا انهما شاركا في الغارة التي توغل فيها الاخوان داخل العراق ،وقد استغرقت المسيرة عشرة ايام، وانهما فيما بينهما قتلا حوالي الف شخص ، وكان القتال يجري ليل نهار ،وانهما لم يناما سوي ثلاث ساعات فقط في اليوم ،وكان طعامهما من التمر والخبز والقهوة ،وحفنة من التمر. وعندما تمردوا وهاجموا اخوانهم الوهاببين من اتباع عبد العزيز، فأنهم قتلوا الشيوخ والنساء والاطفال .
3 ـ بعد أن إستفاد منهم عمل على التخلص منهم بالتدريج ، فأسّس ( الإخوان المسلمين ) في مصر ، بديلا لهم عام 1928خارج دولته ليؤازروه وينشروا دعوته فى الافاق بدون قلاقل . وبتخلصه من معارضة الاخوان سمى الدولة باسم عائلته ( السعودية ) عام 1932 .
4 ـ ومصر بمكانتها ودورها أتاحت الانتشار للفكر الوهابى داخلها وخارجها . وفيما بين أعوام 1928 : 1948 اسّس حسن البنا خمسين ألف شُعبة للإخوان في مصر ، وتنظيم الاخوان العالمى ، والجهاز السرى للاغتيالات ، وجماعات علنية وسرية . إنتشرت في كوكب المحمديين ، وخارجه ، ليست آخرها داعش . وكلها تسفك الدماء باسم الإسلام ، وتُشوّه إسمه العظيم ، وتعوق تطور المحمديين نحو الديمقراطية .
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )
https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran