لأجل جبهة اجتماعية شعبية مغربية مناهِضة للاستبداد
أحمد زوبدي
2025 / 4 / 17 - 23:53
انطلقت الجبهة الاجتماعية المغربية معلنة عزيمتها وإصرارها على مواجهة المخزن لأجل القضاء على الفساد. لكنها تعرف العديد الثغرات، مما جعلها تثعتر في مهامها التاريخية أي تغيير موازين القوى والعمل على مد جسور التغيير الفعلي بدءا بدحض تغول المخزن وفضح سياسة نهب الثروات وسياسة البفتيك ( la politique du bifteck).
إذا كان المخزن هو المسؤول الرئيسي الوحيد ومعه الامبريالية الفاشستية عن الوضع المزري الذي تعيشه البلاد على جميع المستويات، الإقتصادي و الاجتماعي والثقافي، إلخ، أعتقد أن القوى الوطنية والديموقراطية واليسارية، المكونة للجبهة، هي نفسها مسؤولة عما آلت إليه الأوضاع الكارثية لأنها انحرفت عن المقومات التي تؤسس لائتلاف ديموقراطي و يساري يؤدي دوره التاريخي المنوط به. الانحراف مرده الانتهازية التي تنخر قياداتها. القيادة إما أنها قيادة تنضبط لشروط النضال الصادق بما فيه نكران الذات والانتحار الطبقي( le suicide de classes ) بالارتباط بالطبقات الشعبية والفقيرة والتسلح ليس فقط بالصرامة لكن وهذا أساسي جدا التسلح بالجرأة السياسية، أو أنها ليست مؤهلة وبالتالي سيكون الائتلاف ائتلافا فاشلا !
مشكلتنا اليوم في اليسار، على وجه التحديد، الذي أخذ على عاتقه هذا المشروع التاريخي ليست بالأساس مشكلة لملمة مواقف بل مشكل جوهري يمس نواة البناء الملوثة بالأمراض، منها الإنتهازية والزعامة وادعاء تملك الحقيقة، إلخ. مما جعل الكثير من المناضلين الصادقين يأخذون مسافة من التنظيم اليساري !
نجاح التكتل اليساري في مشاريعه ومنها المشاركة الفعالة في بناء قوة ضاغطة أو قل سلطة مضادة (le contre-pouvoir) لتغيير موازين القوى لأجل تغيير يمس البنية أو قل البنيات السائدة التي تقف حجر عثرة في وجه توفير شروط بناء الدولة الوطنية المستقلة للتخلص من هيمنة الإمبريالية والصهيونية، رهين بتفكيك بنياته التقليدية المتهالكة والمتقادمة وإعادة بناء تكتل جديد قوامه المعرفة والعلم يستجيب لمشاكل روح العصر. بمعنى أن السياسة يجب أن تكون مرتبطة بالثقافة وليست سجينة البراغماتية القاتلة ( le pragmatisme fatal).
الجبهة الإجتماعية الشعبية المنوط بها مهمة النضال على كل الواجهات ملزمة بأن تعود النظر في مكوناتها وإلا أنها ستسقط في الخطأ الفادح الذي عرقل العديد من المشاريع المجتمعية وأخص بالذكر هنا حركة 20 فبراير التي تم اختراقها من طرف المخزن القرسطوي والصهاينة وكل الأيادي القذرة ومنها طبعا اليسار المخزني !
الجبهة المنشودة، المكونة من فعاليات متعددة تختلف أكيد في الكثير من الأمور، هي مدعوة اليوم لأن تكرس شروط تطوير القواسم المشتركة بينها أكانت قواسم سياسية أو إيديولوجية أو ثقافية مع تذويب كل الخلافات الموسمية أو الجوهرية لصالح المشروع المنشود أي بناء جبهة وطنية شعبية لإسقاط المخزن من خلال مد جسور التحالف الوطني الشعبي ( L alliance nationale et populaire). الجبهة الوطنية تكون شعبية أو لا تكون لأن كل ما هو وطني ليس بالضرورة يخدم مصالح الشعوب بل يخدم الطبقة البورجوازية التي أبانت عن فشلها في خدمة سيادة الاقتصاد الوطني والمجتمع، خاصة عندما يتعلق الأمر بطبقة كومبرادورية طفيلية لصيقة بالإمبريالية والصهيونية..
الجبهة الاجتماعية الشعبية المغربية في حاجة للمثقف وبالضبط المثقف النقدي أو قل المثقف العضوي ولما لا المثقف الرسولي (l intellectuel prophétique ). ولذلك فهي مدعوة لأن تفتح النقاش الفكري والثقافي العميق لأجل تنوير المشروع النضالي العملي. صحيح أن المثقف في المغرب قد تنصل عن دوره التاريخي في سيرورة التغيير الثوري الذي لا محيد عنه اليوم في زمن هيمنة الأوليغارشيات بكل تلاوينها ومنها الأوليغارشية الإعلامية(l oligarchie médiatique) خصوصا التي تسوق لثقافة الإذعان للسياسات اللاشعبية واللاديموقراطية، لكن الجبهة الاجتماعية الشعبية المغربية عليها لتنجح في مهامها التاريخية اليوم، أن تقوم بإعادة نسج علاقات الحوار الفكري والثقافي مع المثقفين المناضلين والثوريين الأحرار لهدف وضع إطار معرفي ونظري لبرنامج النضال من أجل التغيير.
الجبهة مدعوة في برنامجها النضالي لأن تنزل إلى الشارع للاحتجاج، وهذا شرط نجاحها وللتغلغل في الأوساط الشعبية لهدف تعبئة الطبقات المقهورة ومدها بكل الوسائل التوعوية لتتحمل هذه الأخيرة مسؤوليتها التاريخية في التغيير من أجل مغرب الديموقراطية والحرية والعدالة الإجتماعية.