تأسيس الديمقراطية الشعبية
المنصور جعفر
2025 / 4 / 17 - 08:39
هذه لمحة عن تأسيس الديمقراطية بنشاط طلائع الجماهير في بعض مجالات العمل ومجالات السكن وليست منحة للجماهير من نخبة معينة أو هدية من قوى خارجية.
1■ "الليبرالية" باب ومظلة لديكتاتورية البرجواز:
أدى فصل الديمقراطية عن الاشتراكية إلى ضياعهما في مستنقع الليبرالية التجارية السياسية التي تزيد في أي بلد فروق المعيشة والتفاوت والتوتر بين الطبقة المالكة والطبقة الكادحة وكذلك بين مناطق تركز كل طبقة، من ثم فتح فصل الديمقراطية عن الاشتراكية فكراً وعملاً الباب للأنانية والتوتر والكراهية والسلاح والانقلابات والنزاعات في كثرة من البلاد.
2■ التاريخ الدموي لتأسيس الديموقراطية الليبرالية:
النظر إلى تاريخ نشوء النظم الديمقراطية الليبرالية الحديثة في هولاند وفي إنجلترا ثم في أمريكا ثم فرنسا وامتداداتها في ايطاليا واسبانيا والشرق إلخ يجدها ان الديمقراطية قد نشأت ضمن ظروف نزاعات مسلحة بين النظام القديم الاقطاعي السمة والنظام الجديد الليبرالي السمة.
كذلك يوضح تاريخ تأسيس الديموقراطية الليبرالية انها قد انتهت إلى إنتصار دموي مسلح لأكذوبة "الحرية والإخاء والمساواة" حيث صارت الحرية لرأس المال في استغلال موارد المجتمع والناس وبهذا الاستغلال انكشف زيف الاخاء والمساواة بين طبقة البرجواز المنفردة بالتحكم في موارد ومعيشة غالبية الناس والطبقة الكادحة المحكوم عليها بضرورة بقاءها على قيد الحياة بخضوعها لاستغلال البرجواز.
3■ من بدايات الشيوعية:
بانكشاف نقص الديموقراطية الليبرالية زاد وعي طلائع الكادحين وتفكيرهم في تحسين أوضاعهم بروابط للتعليم والأعمال وبجمعيات تضامن معيشي وسنديكات وجمعيات تعاونية، ثم بأسئلة الكادحين في هذه التجمعات عن طبيعة تنظيم الأعمال؟ وطبيعة الحكم والإقتصاد وتوزيع الموارد ؟ وتفسير طبيعة الأجور ونظام المعيشة؟ وكيفية بناء نظام أو آلة اجتماعية جديد أفضل من الليبرالية؟
أسهمت تراكمات هذه الأسئلة وأنشطتها في تكوين "رابطة الكادحين العالمية" التي من تفاعلاتها وجمعها وتنظيمها خبرات الكادحين والفلسفة العلمية للتاريخ والفلسفة التاريخية للمعرفة تمكنت من صياغة معالم ترتيب جديد شيوعي للموارد والأوضاع الإجتماعية كأساس لما عرف آنذاك باسم "ديكتاتورية البروليتاريا" كبديل ل "ديكتاتورية البرجواز" ومع التطور والتثقيف واضافات الشعوب استوت تلك المنظومة الشعبية وعرفت كحالة عامة لتحكم الكادحين في أمور وموارد معيشتهم باسم "الديمقراطية الشعبية".
4■ نهاية نحكم البرجواز في معيشة الناس:
من المعلوم عن "الديمقراطية الشعبية" انها تجعل مقاليد الإقتصاد والمعيشة خاضعة لسيطرة الغالبية الكادحة نفسها وتنهي بذلك احتكار طبقة البرجواز وتحكمها في أمور المجتمع وسيطرتها على مصير الكادحين بل ستموت البرجزة نفسها بمنع الأفراد من السيطرة التجارية على إمكانات وموارد الإقتصاد والمعيشة (المياه والطاقة والأرض وحاجات الزراعة والصناعة والنقل والمواصلات والسكن والتعليم والصحة والاعلام).
5■ الصراع السياسي كصراع دموي:
"الديمقراطية الليبرالية" كمنظومة سياسية تجارية يتحكم فيها البرجواز -الأقلية- في موارد ومعيشة ومصير الغالبية الكادحة تأسست بقعقعة السلاح أو كهدية من قوة خارجية ونخبة تابعة لها. وحتى النسخ التي نشأت في بلاد أمريكا اللاتينية وباقي أوروبا وآسيا وإفريقيا كانت مزامنة ومواشجة لانقلابات أو حروب داخلية فالقوة العسكرية وأعمال تجاهل أو إهدار الحقوق أو سفك دماء بقيت أساساً في خلق أو بقاء الاستغلال و التمايز الطبقي.
6■ تاسيس الديموقراطية الشعبية في ظروف انهيار الدولة القديمة:
بداية العمل الديمقراطي في ظروف انهيار الدولة القديمة يحتاج أولاً الى تشبيك بعض الوحدات والمهمات الأساسية لأعمال الإغاثة والنزوح، ومع التشبيك يتطور العمل المجتمعي الصغير جداً إلى أعمال اجتماعية بسيطة وخلال هذا النشاط وتطوره الكمي والنوعي يكتسب شيئاً فشيئاً سمة "الديمقراطية الشعبية" بحكم تأثره بتطور حاجات الناس وقدرتهم في كل وحدة محلية على انجاز حاجاتهم وفرز خصوم تحقيقها، من ثم يتجمع بضعة أعمال وروابط وتحكم محلي في منطقة وتواصلها مع آخرى وتوالي هذه التحكمات والتداخلات تبدأ معالم تحكم الشعب في أمور موارده ومعيشته والتخلص من سيطرة التجار ومن سيطرة الحكومة عليها.