أوجلان : نداء إلى تحقيق السلم مع حكومة الجمهوريّة التركيّة و إلى حلّ حزب العمّال الكردستاني


شادي الشماوي
2025 / 4 / 15 - 23:37     

cpimlm.org / سميّة كرغر ، 16 أفريل 2025 ؛ موقع أنترنت الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي )

( ملاحظة : لعدم معرفتنا باللغة الفارسيّة ، لجأنا ، و كأوّل تجربة لنا ، إلى ترجمة المقال الوارد أدناه على الأنترنت بواسطة الذكاء الإصطناعي إلى اللغتين الأنجليزيّة و الفرنسيّة على أنّنا لاحظنا الكثير من المشاكل العويصة و أحيانا الفظيعة في النتيجة لا داعى للخوض فيها هنا و بذلنا جهدنا لمراجعة و فهم كلّ جملة و قد نكون أخفقنا في نقل فحوى النزر القليل منها و القليل جدّا منها و نرجو ان نكون أنصفنا الكاتبة و بلّغنا بأقصى قدر ممكن مضمون و فحوى مقال سميّة كرغر السجينة السياسيّة الإيرانيّة سابقا و التي عرّبنا لها أعمالا أخرى صدرت بالأنجليزيّة في جريدة " الثورة " ، لسان حال الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة . و ترجمتنا هذه تأتى مراكمة ثانية بصدد الجدال حول أوجلان فقد سبق ، منذ زمن غير بعيد ، أن ترجمنا و نشرنا موقف الحزب الشيوعي التركي – الماركسي – اللينيني تحت عنوان " المسألة القوميّة الكرديّة – " نداء القرن " حلّ أم تفسّخ ؟ [ تقييم لتصريح عبد الله أوجلان في 27 فيفري 2025 ] ) .
-------------------------------
لقد حفّز " نداء من أجل مجتمع سلميّ و ديمقراطي "(1) عديد النقاشات صلب أوساط متنوّعة من الأكراد و غير الأكراد . و قبل كلّ شيء ، أعتقد أنّه لا بدّ من التأكيد على أنّه ، بغضّ النظر عن ما نفكّر بشأن هذه الرسالة ، فإنّ النضال من أجل إطلاق سراح أوجلان بإعتباره قائدا سياسيّا كرديّا بارزا أمر ضروري سياسيّا بالنسبة إلى كافة المثقّفين التقدّميّين و الحركات الإجتماعيّة الشعبيّة . و بنعته ب " الإرهابيّ " ، سعت الحكومات الإمبرياليّة الغربيّة إلى دوس حقوقه كسجين سياسيّ و أسير حرب و إلى إسكات صوت الشعب الكرديّ . و مثل هذه الجريمة لا يجب أبدا القبول بها ... و بعد هذه المقدّمة ، سأسوق بعض الملاحظات حول هذا النداء في سياق قضايا أشمل ذات صلة به .
1- دعوة أوجلان في " نداء من أجل مجتمع سلميّ و ديمقراطي " يتنزّل ضمن خطّ تفكير أوجلان و لا يمثّل إنحرافا عنها :
لقد فاجأت دعوة أوجلان و بخاصة نداءه الموجّه لحزب العمّال الكردستاني ليسلّم سلاحه و يحلّ نفسه خلال مؤتمر يعقده ، فاجأت عديد الملاحظين المقرّبين والبعيدين ، و ضلّلت و أحبطت البعض من أنصاره الشبّان . والبعض الآخر من الشبّان، لولاء لأوجلان أو لقناعات لديهم ، يدافعون عن كون دعوته يجب أن تكون قرارا صائبا و عن أنّه " يعرف أكثر من أيّ شخص آخر ما الذى يقوم به " . و من الأكيد أنّه ما من شكّ في أنّ أوجلان " يعرف أكثر " ما تتطلّبه نظريّته في الممارسة العمليّة و في إطار الوضع العالمي الحالي . لكن ها الحدث ينبغي أن يدفع المناضلين و المناضلات السياسيّين إلى التفكير الجدّي . فسياسات و تصرّفات أشخاص من مثل أوجلان لها تأثير سياسي له دلالته ، على الأقلّ في تركيا و في إيران و في سوريا . و بالنسبة إلى الذين تابعوا خطّ تفكيره و درسوه بإعتباره شخصيّة سياسيّة مؤثّرة في الشرق الأوسط ، فإنّ السياسة الأخيرة التي يقدّمها أوجلان ليست بالمفاجأة . إنّ نداء أوجلان و دلالته السياسيّة لم يظهرا لحظتها أو بين ليلة و ضحاها ، و إنّما هي تنبع بالأحرى من أسس تفكيره . و بهذا الصدد ، من المناسب أن نحيلكم على كتاب " نقد عالم أوجلان " الذى نشره الحزب الشيوعي الإيراني (3) ؛ و عديد المقالات الأخرى في مجلّة " حقيقات " و المجلّة الشهريّة " آتاش / شعلة " وهي متوفّرة للعموم على موقع الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) cpimlm.org .
2- نداء أوجلان و نبذه للكفاح المسلّح :
و لقد تفاجأ الكثير من المناضلين و المناضلات الموالين لحزب العمّال الكردستاني بنداء أوجلان لحلّ هذا الحزب و تسليم سلاحه . و مع ذلك ، رفع السلاح أو التخلّى عنه لا يحدّد الخطّ الفاصل بين النضال السياسي و الإستسلام ... فالكفاح المسلّح يمكن أن يستهدف تحقيق ثورة أو الوصول إلى تسوية مع النظام السائد و المشاركة فيه ؛ يمكن أن يتعلّق الأمر بتحطيم الدولة الرأسماليّة الماسكة بالسلطة لفسح المجال لبناء نظام إجتماعي جديد و مغاير جوهريّا ، أو يمكن أن يتعلّق الأمر بإيجاد موقع في الدولة الماسكة بالسلطة . و طوال القرن الماضي ، عدّة مجموعات في آسيا و أمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و خاصة الشرق الأوسط حملت السلاح و تخلّت عنه ، و بسبب طريقة تفكيرها تاهت في نهاية المطاف و بقيت آفاقها في حدود هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي . فقد إقتصر نضالها ، عن وعي أو عن غير وعي ، على الحصول على قطعة من الأمم - الدول المرتبطة بهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي ، و ليس الإطاحة بالدول القائمة و تشييد أنظمة سياسيّة و إقتصاديّة و إجتماعيّة إشتراكيّة خارج إطار النظام الرأسمالي – الإمبريالي المهيمن على العالم . و لهذا لم تستطع أن تعالج و لا ظرف من ظروف الإضطهاد التي إنتفضت ضدّها ، حتّى و إن بعثت ، خلال المسار ، تمرّدا جماهيريّا و أعطت أملا و ألهمت عديد الناس في العالم قاطبة .
عند إلقاء نظرة على النضالات المسلّحة في كردستان و في فلسطين ، أمكننا ملاحظة مثل هذه النزعة . فقد خاضت فصائل متنوّعة كذلك كفاحا مسلّحا ضمن هتين الأمّتين المضطهدتين . ورغم الإختلافات ذات الدلالة بين الحركات المسلّحة المتنوّعة، فإنّها ظلّت عامة في حدود التنازلات التي تمّ الحصول عليها في إطار النظام القائم . و على سبيل المثال ، كان نضال الأحزاب الكرديّة المعاصرة ، بما فيها حزب العمّال الكردستاني ؛ مختلفة جدّا عن نضالات الشيوخ السابقين و الأسياد الإقطاعيّين في كردستان . و من الإختلافات الأكثر بداهة يوجد دور النساء الأكراد في نضالات حزب العمّال الكردستاني؛ و كان تأثيره أبعد من كردستان ، و قد شاهدنا مثالا لذلك سنة 2025 في إنتشار شعار " تعيش النساء من أجل الحرّية " في كامل إيران ، و لا يجب أن ننسى أنّ الكاتب الرئيسي لهذا الشعار هو أوجلان نفسه . و بالرغم من أنّ مثل هذا الإختلاف يحمل مظهرا إيجابيّا لإعارة الإنتباه لمشكل إجتماعي هام كمسألة إضطهاد النساء و أنّ النساء تنهضن فيه بدور و حضور هامين ، فإنّه مع ذلك لا يمكن أن يُحدث التغيير في الأسس و الطبيعة التوفيقيّة لهذا الفكر و لهذا النضال .
و في فلسطين ، لعقود ، إضطلع النضال المسلّح اللائكي المعادي للإستعمار لمنظّمة تحرير فلسطين دورا هاما في تنشيط و تنظيم مقاومة الشعب الفلسطيني للإستعمار . لكن بسبب أفقه الوطني المحدود ، لم يجد في نهاية المطاف خيارا آخر عدا الإكتفاء بتنازلات طفيفة تحت ضغط عالمي من قوى إمبرياليّة كالولايات المتّحدة . و في النهاية ، أحد النتائج السلبيّة لفشل هذه الحركة هو صعود الحركات الأصوليّة الإسلاميّة الرجعيّة مثل حماس ، التي حوّلت النضال الوطني المعادي للإستعمار للشعب الفلسطيني إلى حرب دينيّة و مضمونها العلاقات الإجتماعيّة التي فات آوانها مثل التبعيّة التقليديّة للنساء إلى الرجال.
و بعد سنوات من النضال المسلّح ، أرست الحركة القوميّة بكردستان العراق حكما ذاتيّا بكردستان العراق ( الحكومة الجهويّة لكردستان العراق في التاريخ ) أثناء الحرب الأولى للتحالف الذى قادته الولايات المتّحدة ضد نظام صدّام حسين (1991)، بدعم من الولايات المتّحدة و بريطانيا العظمى . و قد جرى تركيز هذا الحكم لكيان حكم ذاتي في شمال العراق عقب الإتفاقيّات السياسيّة و العسكريّة بين الأحزاب الكرديّة العراقيّة و الحكومة المركزيّة العراقيّة . و مع تبنّى الدستور العراقي سنة 2005 ، تمّ الإعتراف بمنطقة كردستان كمنطقة حكم ذاتي بحقوق خاصة في إطار الحكومة العراقيّة ). و بينما وقع تعزيز ذات هيكلة العلاقات السياسيّة و الإقتصاديّة و الإجتماعيّة للإضطهاد و الإستغلال السابقين ، و قد فاق الأمر حتّى ما فعله نظام صدّام حسين في ما يتعلّق مثلا بتوسيع تأثير القادة الدينيّين و البطرياركيّة التقليديّة . و قد تعاونت منطقة كردستان في مناسبات عدّة مع الجمهوريّة الإسلاميّة ضد الأحزاب الكرديّة الإيرانيّة التي كانت لديها قواعد في منطقة كردستان ، و مع الحكومة التركيّة لقمع قوّات حزب العمّال الكردستاني التي كانت و لا تزال على ترابها .
في كلمة : ينبغي على الدوام المضيّ أبعد من المطالب و المظاهر الخارجيّة للنضال و الخوض في المضمون السياسي و الاجتماعي لأهدافها الواقعيّة ، و بتقييم هذا المضمون ، تحديد طبيعة و مميّزات كلّ حركة سياسيّة .
3- الإشتراكيّة " الواقعيّة " !
من أهمّ نقاط نداء أوجلان نقطة تتّصل بالسياسة الماضية للحزب . ففي هذا النداء ، يقول إنّ سياسة حزب العمّال الكردستاني تشكّلت تحت تأثير " الإشتراكيّة الواقعيّة " [ إحالة على الاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة ] عند تأسيسه [ تأسّس حزب العمّال الكردستاني سنة 1978 و إنطلق في الكفاح المسلّح سنة 1984 ] : " لقد تأثّر حزب العمّال الكردستاني بالوقائع القاسية للقرن و بالنظام الإشتراكي الواقعي في ما يتعلّق بالنظريّة و البرنامج و الإستراتيجيا و التكتيكات الذين تبنّاهم . ففي السنوات 1990 ، مع إنهيار الإشتراكيّة الواقعيّة جرّاء ديناميكيّتها الداخليّة ، أدّى التخلّى عن إنكار الهويّة الكرديّة في البلاد و التحسّن في حرّية التعبير إلى إضعاف لأسس حزب العمّال الكردستاني و إلى ركوده ركودا بالغا . "
هنا يتعيّن علينا أن نتوقّف لتوضيح المسألة .
مع إنتصار ثورة أكتوبر 1917 و إرساء أوّل دولة إشتراكيّة في التاريخ في ظلّ قيادة الشيوعيّين ، ظهرت تصدّعات كبرى في هيكلة الرأسماليّة العالميّة . و مذّاك ، من ميزات الساحة السياسيّة العالميّة أنّ عديد مستعمرات النظام الرأسمالي العالمي، و عديد الحركات السياسيّة نهضت ضد المستعمرين . يتعلّق الأمر بالحركات الوطنيّة التي كانت عادة تحت قيادة أوساط الملاّكين العقّاريّين و منشقّين برجوازيّين ( على غرار جمهوريّة مهاباد التي أرسيت سنة 1946 ) . إلاّ أنّها كانت تشعر بالوحدة مع البلد الإشتراكي السوفياتي . و أثناء خمسينات و ستّينات القرن العشرين و كذلك إبّان الحرب الباردة لثمانينات القرن الماضي ، في عديد بلدان العالم ، نهضت حركات وطنيّة ضد هذه أو تلك من القوى الرأسماليّة الإمبرياليّة التي كانت تهيمن على هذا البلد أو ذاك . كانت تحتاج إلى " مساندة " سوفياتيّة للحصول على " إستقلالها " و تجاوز تخلّفها الاقتصادي. لكن الإتّحاد السوفياتي لم يعد بلدا إشتراكيّا كما كان في السابق . و أواسط خمسينات القرن العشرين ، جرى الإنقلاب على الإشتراكيّة في الإتّحاد السوفياتي و تمّت إعادة تركيز الرأسماليّة ، و ب " مساندة " هذه الحركات الوطنيّة و الإستقلاليّة ، كان يبحث عن تعزيز نموّه و تطوّره الرأسماليّين في كافة أنحاء العالم ، في تنافس مع الرأسمال الإمبريالي " الغربيّ " . و هذه النضالات الوطنيّة أو الإستقلاليّة ألهمت ، في حالات عدّة ، الشعوب و جرّتها إلى نضالات عامة .بيد أنّه من الجهة ألأخرى ، كانت قياداتها حركات برجوازيّة محدودة الآفاق تعوّل على " الدعم " السوفياتي . و كان بعض قادتها هؤلاء ، مع روايات مضطربة ، نعتوا أنفسهم حتّى بصفة " الشيوعيّين " و " الإشتراكيّين " ، و في الواقع ، إستخدموا هذه العناوين لشرعنة آفاقهم و سياساتهم البرجوازيّة و توطيد قيادتهم للنضالات الشعبيّة . و كذلك إستخدم الإتّحاد السوفياتي التحالف معها بهدف الضغط على منافسيه الإمبرياليّين الغربيّين ، و بصفة خاصة الولايات المتّحدة و الأنظمة المحلّية الواقعة تحت الهيمنة الأمريكيّة .(4) و وجد الكثير من الناس مثل كاسترو ( كوبا ) و كيم إيل سونغ ( كوريا الشماليّة ) و بول بوت ( كمبوديا )، و جلال طلباني و حركة " الضبّاط الأحرار العرب " إلخ تقدّموا بآفاقهم الوطنيّة باسم و تحت يافطة الإشتراكيّة .
و أوجلان و حزب العمّال الكردستاني تأثّرا أيضا بالإمبرياليّة الإشتراكيّة السوفياتيّة . و إستراتيجيا أوجلان في تلك الحقبة كانت الإستناد إلى قوّة " الإشتراكيّة الواقعيّة " و بمساندتها ، خوض النضال المسلّح من أجل تقاسم السلطة . و بالتعويل كذلك على هذه " الإشتراكيّة الواقعيّة " ، همّش قوى الحركة الشيوعيّة الجديدة التي أسّسها إبراهيم كايباكايا و الحزب الشيوعي التركي ( الماركسي – اللينيني ) ، و التلى مثّلت قوّة هامة في كردستان تركيا في سبعينات القرن العشرين و ثمانيناته .
في نهاية المطاف ، التنافس العدائيّ بين القوّتين الرأسماليّتين الإمبرياليّتين ، الإتّحاد السوفياتي و الولايات المتّحدة ( لكلّ منهما أيضا تحالفاته الخاصة في شكل " كتلة غربيّة " و " كتلة شرقيّة " . ) بلغ أوجه في ثمانينات القرن الفارط ، و عُرف باسم " الحرب الباردة " . و كان من الممكن أن تُؤدّي هذه " الحرب الباردة " إلى حرب عالميّة " ساخنة " ، و حتّى حرب نوويّة عالميّة . لكن قبل بلوغ ذلك الحدّ ، إنهارت الكتلة السوفياتيّة وإنتهت الحرب الباردة . و ميّزت نهاية " الحرب الباردة" نهاية حقبة في الهياكل السياسيّة و الإقتصاديّة للنظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي . (5)
و مع هذا المنعرج الكبير ، تغيّر مصير عديد القوى السياسيّة و الحركات الوطنيّة التي توجّهت إلى الإتّحاد السوفياتي و دعمه ، و إختارت خطواتها المميّزة لها في إنسجام مع زعم أنّ الإتحاد السوفياتي " إشتراكي " . و وجد الكثيرون أنفسهم في ضياع . و من هؤلاء الحركات الأنصاريّة في ألمانيا و إيطاليا و فرنسا التي كانت تستفيد من دعم " الكتلة الشرقيّة " ، و بخاصة دعم ألمانيا الشرقيّة . " تغيير المبدأ " الفكري لأوجلان و تحوّل حزب العمّال الكردستاني من حركة تزعم أنّها " ماركسيّة – لينينيّة " ( مع تأويل أوجلان و روايته لذلك ) إلى حزب من أجل تحقيق " كنفدراليّة ديمقراطيّة " حدثا كذ1لك في إطار و تحت تأثيره . هذا المنعرج و هذا التحوّل مثّلا إعلانا عن الإنفصال عن الكتلة الشرقيّة المهزومة و التحالف مع كتلة الغرب المنتصرة . و ترافق هذا المنعرج بمفاهيم نظريّة جديدة لأوجلان ، الذى هذه المرّة ، بدلا من " الماركسيّة – اللينينيّة " ، كانت تنطوى على نعوت " ديمقراطيّة " : الكنفدراليّة الديمقراطيّة و الأمّة الديمقراطيّة و الإسلام الديمقراطي ( لنقاش هذه المفاهيم الثلاثة ، أنظروا الفصول 3 و 5 و 7 من كتاب " نقد عالم أوجلان " ).
و من المهمّ فهم أنّ هذا التحوّل و الضغوطات العالمية التي شكّلته لأنّ هناك منعرجات عدّة في النظام الرأسمالي العالمي ، و كلّ إضطراب سيرمى بالقوى السياسيّة التي عقدت آمالها عليه تحت رحمة قادة العالم . ينبغي أن نقلق و نحذّر الحركات مثل حزب العمّال الكردستاني و القوى الكرديّة في روجوفا بسوريا برهن سياساتها و قواها بالقوى الإمبرياليّة و الرجعيّة فى المنطقة . لعب " ورقة الأكراد " لدي الإمبرياليّين و الحكومات الإقليميّة لعبة في منتهى الرجعيّة و عدم الإنسانيّة يجب القطيعة معها مرّة و إلى الأبد .
4- ظهور الأمّة و الإضطهاد القومي : تحليل علمي و الحلّ الذى ترتئيه الثورة الشيوعيّة لوضع حدّ لهذا الإضطهاد
يعلن أوجلان : " طوال تاريخهم الممتدّ لآلاف السنوات ، إعتبر الأتراك و الأكراد ضروريّا شكل وحدة طوعيّة للحفاظ على وجودهم و مقاومة القوى الهيمنيّة . لكن خلال هذين القرنين الأخيرين ، بحثت الحداثة الرأسماليّة عن كسر هذا التحالف...". إنّ توحيد مختلف الشعوب في مجموعات قوميّة و تحوّلها إلى أمّتين كردية و تركيّة إلخ ظاهرة حديثة مرتبطة بإضمحلال الإقطاعيّة و بصعود النظام السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي الرأسمالي ، و كذلك لنموّه و عولمته . و التناقض العدائي بين مختلف مجموعات الأمم الواحدة ضد الأخرى نتيجة ديناميكيّة أو القوى المحرّكة للرأسماليّة ، و التي تجد تعبيرها بإختصار في القوّة المحرّكة " التوسّع أو الموت " . تولّد الرأسماليّة في آن معا أمما و تنافسا بين الأمم . يتعلّق الأمر بمشكل محتدم ليس بوسع النظام السياسي الرأسمالي معالجته و " يعالج " هذا التناقض بتحويل بعض الأمم إلى أمم مضطهِدة و أخرى إلى أمم مضطهَدَة . و لا يمكنه فعل شيء غير ذلك . نظرا لكونه على الصعيد العالمي ، تقوم المراكمة المربحة لرأس المال على تقسيم العالم إلى أمم إمبرياليّة ، مهيمنة و أمم مهيمَن عليها ( و لنقل ، أمم " شمال الكوكب " و أمم " جنوب الكوكب " ) ...
الجمهوريّة التركيّة تركّزت كدولة في ظلّ الإمبرياليّة ( 1923 ) عقب هزيمة الإمبراطوريّة العثمانيّة إبّان الحرب العالميّة الأولى و تفكّك هذه الإمبراطوريّة . أوّل قائد للبلاد ، كنيته " أتاتورك " أو " أب الأتراك " ، أسّس جمهوريّة تركيا على أساس القوميّة التركيّة و قمع هويّة و لغة و وجود الشعوب غير التركيّة من مثل الأكراد و ا{من ، ضمن آخرين . و لأوّل مرّة في التاريخ السياسي التركي ، في ستّينات و سبعينات القرن العشرين ، نظّر إبراهيم كايباكايا ، قائد الحزب الشيوعي التركي ( الماركسي – اللينيني ) المكوّنات التي تحدّد طبيعة هذه الدولة . (6) و بيّن ذلك أنّ أتاتورك يمثّل الطبقات الإقطاعيّة و الكمبرادوريّة التركيّة المرتهنة بالإمبرياليّة ، و أنّ الشوفينيّة القوميّة التركيّة و الإضطهاد القومي للشعوب غير التركيّة ، خاصة الأكراد ، من ميزات وجود الجمهوريّة التركيّة .
و هذه الميزة بذاتها تجعل من مساهمة القوى الكرديّة في حكم الجمهوريّة الكرديّة مرادفا للسياسة الرجعيّة ذلك أنّها تخدم تعزيز هذه الجمهوريّة و توطيدها . و حتّى إن كان الأمر في ظلّ ظروف مثل نهضة " الأخوّة التركيّة – الكرديّة " . إنّ نظرة أوجلان و كافة نظريّاته حول مفاهيم مثل " الكنفدراليّة الديمقراطيّة " و " الأمّة الديمقراطيّة " تمثّل تسوية مع هذا الصنف من الدول الرجعيّة المرتهنة للنظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي و محاولة للإندماج فيه . و سيرورة السلام أو حتّى إلتحاق قوى سياسيّة قريبة من حزب العمّال الكردستاني ، مثل الحزب الديمقراطي للشعوب و حزب الديمقراطية و العدالة بين الشعوب ، إلى البرلمان التركي لن يُغيّر الطبيعة الطبقيّة للدولة التركيّة فحسب و إنّما سيعزّز كذلك البرجوازيّة الإسلاميّة التركيّة و الحركة الفاشيّة ل " الذئاب الرماديّة " ، و أحد قادتها " دفلت بهسلى " . تصوّروا أنّه خلال السنة الأخيرة وحدها ، 433 امرأة بتركيا زقع قتلهنّ على يد أقاربهنّ و إقترفت هذه الجرائم بدعم من قوانين أردوغان الرجعيّة . و يجب إثارة السؤال : ماذا ستكون نتائج سياسة أوجلان الرامية إلى تعزيز تركيا ؟ فهذا الحكم ملك دائما للرأسماليّين الكبار و للملاّكين العقّاريّين الكبار في تركيا وهو حارس النظام الاقتصادي و الاجتماعي الرأسمالي كدكتاتوريّة طبقيّة . [...] و مهما كانت الطبقة التي الإجتماعيّة التي ينحدر منها أوجلان و حزب العمّال الكردستاني ، سواء إنحدروا من الطبقة العاملة أو من البرجوازيّة الصغيرة أو من البرجوازيّة ، فإنّ أفقهم و برنامجهم لمعالجة مشكل الإضطهاد القومي الكردي هي آفاق و برنامج البرجوازيّة الكرديّة في تركيا ،و اليوم ، إنتهت إلى إستنتاج أنّها تبحث عن مصالح الطبقيّة في خدمة حكم الجمهوريّة التركيّة .
و يشرح أوجلان كيف أنّه في تركيا ، " التخلّى عن إنكار الهويّة الكرديّة و التحسّن في وضع حرّية التعبير أدّيا إلى إضعاف أسس حزب العمّال الكردستاني ".
أجل ، صحيح أنّه وقع التراجع عن " إنكار الهويّة الكرديّة " ، خاصة منذ أن وصل الرأسماليّون الإسلاميّون بقيادة حزب العدالة و التنمية التابع لأردوغان إلى الحكم . و لم يمض وقت طويل ، كان الأكراد يُسجنون ببساطة لتكلّمهم اللغة الكرديّة، لكن اليوم ، دخلت هذه اللغة البرلمان و حتّى رسالة أوجلان باللغة الكرديّة أذيعت على وسائل الإعلام الرسميّة الكرديّة . لكن هذه إمتيازات حصل عليها الشعب الكردي بفضل الإنتفاضات الكبرى و النضالات الكبرى في القرن الماضي . حيث يوجد إضطهاد ، توجد مقاومة . و نضالات الشعوب ، حسب الديناميكيّات القوميّة و العالميّة الأوسع نطاقا ، هي عوامل أفضت إلى الوضع الراهن للشعب الكردي في تركيا . فجزء من البرجوازيّة الكرديّة ، و قد إفتكّت قيادة نضالات الشعب الكردي الواقع تحت الإضطهاد القوميّ بقوّة السلاح ، ترغب في المساهمة في هيكلة الدولة التركيّة ، و قد حصلت على بعض النجاح بهذا المضمار . و الحكومة التركيّة ، شأنها شأن كلّ دولة أخرى رأسماليّة يمكن أن توطّد أسسها بإعادة هيكلة نفسها . و جزء من سيرورة إعادة الهيكلة هذه يمكن أن يتمثّل في إدماج قسم من البرجوازيّة الكرديّة و من ممثّليها و الناطقين بإسمها السياسيّين في الهياكل القياديّة للدولة التركيّة . و قد عرفت الحكم التركيّ بعدُ إعادة الهيكلة هذه ذاتها بفتحه أبوابه للبرجوازيّة الإسلاميّة ن دائسا مبدأ لائكيّة الجمهوريّة التركيّة . و نظام حزب العدالة و التنمية ، حزب أردوغان ، هو إفراز لإعادة الهيكلة هذه . و اليوم ، تطوّرت البرجوازيّة الكرديّة تحت تأثير العولمة و التحوّلات العالميّة ، و يجد الحكم التركي نفسه مجبرا [ ربّما رغم إرادته ] على أن يسلّم لها جزء من السلطة للحفاظ على وحدته . و كذلك يتمنّى أوجلان أن يشارك في الجمهوريّة التركيّة . غير أنّ ذلك سيكون سيرورة عسيرة و ملحّة . و إستراتيجيا الحكومة التركيّة لتجاوز هذه التحدّيات مع الحفاظ على أسسها الإجتماعيّة القائمة على القوميّة التركيّة المتطرّفة ، كانت مزيجا من القمع العسكري و المفاوضات، و إستراتيجيا أوجلان طوال المسار كانت مزيجا من حمل السلاح و تسليم السلاح .
5- الإنسانيّة على شفا حفرة :
نعيش فترة فيها كافة التناقضات التي أفرزها سير و تحوّلات النظام الرأسمالي- الإمبريالي صارت محتدمة إلى أقصى الحدود التنافس و الحروب التجاريّة و العسكريّة بين القوى الإمبرياليّة ، حتّى بإعتراف من قادتهم مثل ترامب و بوتين ، يمكن أن تفضي إلى حرب نوويّة ؛ و النموّ السريع لتقنيات مدهشة في الوقت نفسه تجعل مئات ملايين الناس بلا مواطن شغل و مشرّدين و جياع ؛ و جشع الرأسمال و منافسته تحطّم البيئة بسرعة ؛ و تعظيم جيوش الجهل و الأصوليّة الدينيّة و تجّار المخدّرات الذين باتوا يسودون بلدانا ؛ و التصاعد غير المسبوق لكره النساء و تغيير الحروب الكلونياليّة إلى حروب إبادة جماعيّة كما هو الحال في غزّة . في إطار النظام الرأسمالي العالمي ، ما من مشكل من هذه المشاكل الكبرى للمجتمع الإنساني يمكن معالجته و تزداد هذه المشاكل خطورة مع مرور كلّ لحظة . و يفضّل المحلّلون البرجوازيّون أنّ سيرورة أطلقها ترامب الفاشيّ في أمريكا و منها سيولد " نظام عالمي جديد " . بيد أنّ الواقع المرير هو أنّ كلّ " نظام " سيولد من هذه السيرورة سيكون حقّا أفظعه من النظام القديم الذى هو الآن بعدُ جبلا من العذابات بالنسبة إلى الإنسانيّة ؛ عدا أن تحبط قوّة ثوريّة هذا المسار . و في هذه الأوضاع المحتدمة ، توجد فرصا كبرى في قلب طاولة ألعاب الإمبرياليّين و الرجعيّين؛ و من أجل القيام بالثورة في أيّ بلد كان ، علينا أن نراكم قوى ثوريّة كافية و ممرّنة . و يساعدنا فهم هذا في رؤية أنّ " مشروع السلام " ليس فقط " فرصة تاريخيّة " بالنسبة إلى الأكراد و إنّما بالأحرى إهدار لفرصة تاريخيّة في سبيل نضال تحرّري حقّا .
6- ما هو مشكلنا الرئيسيّ مع أوجلان و حزب العمّال الكردستاني ؟
إنّ الإضطهاد القومي و إضطهاد النساء و تدمير البيئة و الحرب كامنين في النظام الرأسمالي الذى يحتاج إليها كي تسير أجهزة الحكم بطريقة سلسة و مريحة . و طالما سيبقى هذا النظام موجودا ، سيعتبر المجتمع النساء و الأمم المضطهَدَة ككائنات أدنى بالنسبة للإنسانيّة ، ما لم يشن هجوم جماهيري واعي ضد جذور هذا النظام . و في حال أدّى هذا الهجوم إلى صعد في هيكلة النظام ، ستظهر علاقات جديدة و ثقافة جديدة و تتطوّر إلى أن يتمّ ، مع إجتثاث هذا النظام و مجمل علاقات الإضطهاد و الإستغلال ، تدشين فصل جديد من الحياة الإجتماعيّة الإنسانية و يتقدّم لا تحطّمها إعادة نموّ الرأسماليّة ، مثلما في التجارب الماضية . و أهمّية إيجاد ماركس و إنجلز علم الشيوعيّة تتجسّد في أنّه لأوّل مرّة فهمنا فهما علميّا ما هو مشكل المجتمع الإنساني و ما هو حقّا حلّ هذا المشكل . و بفضل هذه المعرفة ، فهمنا أنّه ليس الإستغلال و مراكمة الفقر من جهة و الثراء من الجهة الأخرى بيد حفنة من الناس ، فحسب ، بل كذلك كافة أشكال الإضطهاد الاجتماعي كالإضطهاد القومي و إضطهاد النساء ، من أسس النظام الرأسمالي . و بوسع الحكومات الرأسماليّة من فترة إلى أخرى أن يُدمجوا فئات صغيرة من الأشخاص المضطهَدين في المستويات العليا للحكم لتبرير وجودها أمام الرأي العام ، غير أنّهم لا يقدرون أبدا على أبدا على إلغاء الإضطهاد الاجتماعي و لا على إعادة إنتاج السلطات الطبقيّة و الجندريّة و القوميّة ضمن سكّان البلاد. و بالتالى علينا أن نقبل بواقع أنّ الإضطهاد القومي و إضطهاد الأقلّيات و إضطهاد النساء و الحروب الإمبرياليّة ، و إحتلال الجيوش العدوانيّة إلخ لا يمكن أن تُعالج في إطار هذا النظام . لقد بيّن علم الشيوعيّة لماذا و لا واحدة من هذه التناقضات يمكن أن تعالج في إطار هياكل الرأسماليّة – الإمبرياليّة . و بدلا من محاولة ترميم النظام الرأسمالي هنا و هناك ، يتعيّن علينا أن نجتهد لإنجاز ثورة حقيقيّة . و من المهمّ جدّا فهم هذه المشاكل ، و لفهمها بعمق ، نحن في حاجة إلى العلم . لا يمكن ببساطة أن " نُقنع " القيادات بتغيير أفكارهم . فهذا خداع للنفس و تضليل .
و اليوم ، يُطرح سؤال معرفة أيّ برنامج و أيّة سياسة و أيّ عمل يمكن حقّا أن يقيموا حقيقة أسس تحرير حقيقي ، ليس في الشرق الأوسط و في كردستان فحسب ، بل أيضا في العالم قاطبة . كيف يمكن لنا أن نستغلّ هذه الفرصة في لحظة يغرق فيها العالم و تغرق فيها القوى الإمبرياليّة في أزمة و أن نتّخذ إجراءات لنرسم طريقا مغايرا ، بالتأكيد شائك ، لكنّه تحريريّ؟ إنّها لحقيقة حيويّة لا ينبغي نسيانها : و التناقضات ذاتها التي أفرزت إضطهاد شعوب العالم توفّر أساسا صلبا لصياغة حلّ مغاير قائم على فهم علميّ و شيوعيّ .
النضال ضد الإضطهاد و العنف و المظالم المخزية لهذا النظام حيويّ و ضروريّ في كلّ يوم و في كلّ لحظة . و مع ذلك ينبغي المضيّ إلى أبعد من ذلك و فهم وجود التناقضات الهيكليّة الداخليّة في التنظيم و سير مختلف الأنظمة الإقتصاديّة و السياسيّة ، و أنّ مجمل هذه التناقضات الكامنة هي منبع الظلم و العنق الرهيبين . و لمعالجة هذه التناقضات ، نحن في حاجة إلى إقتصاد مغاير و إيديولوجيا مغايرة و نظرة مغايرة إلى العالم و إلى الأهداف الإجتماعيّة المختلفة . و نحتاج إلى تعبأة شتّى القوى الإجتماعيّة لتحقيق هذه الأهداف كما نحتاج إلى سلطة الدولة الإشتراكيّة و ليس حتّى صنف الدول الإشتراكيّة التي جرى إرساؤها في بداية القرن العشرين ، بداية في الإتّحاد السوفياتي ، ثمّ في الصين على أنّها فتحت صفحة جديدة في تاريخ الإنسانيّة . و لكن الخطوات الأولى كانت في الإتّجاه الصحيح و تزخر بالأخطاء . و كلّ هذا درسه و صنّفه بوب أفاكيان خلال القرن الماضي ما أفضى في نهاية المطاف إلى تطوير الشيوعيّة الجديدة .
و تندرج تجارب النضالات الكرديّة ، بما في ذلك نضالات حزب العمّال الكردستاني ن ضمن جهود الإنسانيّة لتخطّى هذا الوضع الفظيع . وينبغي تلخيص هذه التجارب بتطبيق علم الشيوعيّة الجديدة و دروسها لفتح المجال لطريق التحرير الحقيقي.
في نهاية الحوار الصحفي المجرى معه في فيفري 2025 ، توجّه بوب أفاكيان إلى المضطهَدين و المستغَلّين الذين يدوسهم و يسحقهم هذا العالم ن مؤكّدا صراحة أنّ العمل الرئيسي للنظام الرأسمالي هو إستغلالهم إلى أن لا تعودوا تدرّون عليه الأرباح ثم يلفظهم لفظ النوى ؛ و من السائد أنّ القوى الإمبرياليّة و الحكومات الرجعيّة تستعملهم في حروبها كبيادق للحفاظ على إمبراطوريّاتها ، ثمّ تلفظها كسقط المتاع : " يُشكّل هذا النظام أفكاركم و يعوّدكم على الإعتقاد في مزاعمه ... لكن ، وفق معايير هذا النظام ، لا قيمة لكم ... إذا لم يجدوا طريقة لإستغلالكم بما يدرّ عليهم أرباحا ، أو إذا لم يقدروا على إستعمالكم كحطب لإشعال النار و إذكائها في حروبهم ، لا قيمة لكم في عيونهم ، لا تمثّلون رقما وفق مقاييس هذا النظام ، و طالما بقيتم في الحدود و الإطار المقبولين من النظام ، كلّ ما تقومون به سينتهى إلى صفر كبير . لكن ستكون لكم قيمة هائلة متى قفزتم فوق جدران هذا النظام و عبرتموها و ستقرّون بطبيعته المجرمة و طابعه المتقادم و الفظيع تماما ، حينما تلتحقون بالقوى الثوريّة و تنهضون للإطاحة بهذا النظام و تعويضه بنظام أفضل بكثير فيه أنتم و كافة الذين يشبهونكم ، و في نهاية المطاف ، الإنسانيّة قاطبة سيكون لها أخيرا قيمة و تؤخذ بعين الإعتبار بأبعاد جديدة " .
هوامش المقال :
1- رسالة أوجلان تحمل عنوان " نداء من أجل مجتمع سلمي و ديمقراطي " ، بتاريخ 25 فيفري 2025 .
2- جرى إختطاف عبد الله أوجلان في كينيا و نُقل إلى تركيا في فيفري 1999 في إطار عمليّة إرهابيّة بالتعاون الأمني لعدّة حكومات منها الحكومة التركيّة و حكومة الولايات المتّحدة و إسرائيل و كينيا . و سنة 1998 ، عبّدت سوريا و روسيا و إيطاليا الطريق لهذا الإختطاف بطردها لأوجلان .
3- " نقد عالم أوجلان " عنوان كتاب نشره الحزب الشيوعي الإيراني سنة 2016 . و قد ألّفه صلاح غازيزاده بالتعاون مع أوميد بهرانغ . و محور الكتاب هو دراسة نقديّة لنظرة أوجلان للعالم و لخطّه السياسي . . و قد كتب هذا النقد إثر دراسة و تحليل أكثر من 15 كتابا من مؤلّفات أوجلان ذاته . و المصدر الأهمّ للنقد هو مختارات من كتابا أوجلان من خمسة مجلّدات و عنوانها " بيان الحضارة الديمقراطيّة " ، المنشور بداية من سنة 2009 . و كذلك تمّ إعتماد التاريخ الرسميّ لحزب العمّال الكردستاني و كراريس و مجلاّت الحزب من أجل حياة حرّة لكردستان (PJAK ) . وهي متوفّرة على موقع الأنترنت التالي ...
4- على سبيل المثال ، بعض الفصائل الفلسطينيّة كالجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين ، و في نيكاراغوا السندينيّين ، و في السلفادور جبهة فربندو مارتى ، و في أفريقيا الجنوبيّة المؤتمر الوطني الأفريقي ، و في أنغولا جيش مابيلا Mapela إلخ...
5- سنة 1971 ، قدّم إبراهيم كايباكايا أطروحات خمس هامة على النحو الآتى ذكره : أوّلا ، طبيعة الدولة التركيّة : الدولة التركيّة دولة شبه مستعمَرة و شبه إقطاعيّة . و هذا يعنى أنّ تركيا في ظاهرها مستقلّة إلآّ أنّها لا تزال تحت تأثير القوى الإمبرياليّة ، و أنّ مهمّة الدولة هي حماية مصالح الطبقة السائدة ، غالبا على حساب مصالح الطبقة العاملة و الفلاّحين .
ثانيا ، طبيعة الثورة التركيّة : الثورة التركيّة يجب أن تكون " ثورة ديمقراطيّة جديدة " للإطاحة بالعناصر الإمبرياليّة و الإقطاعية في المجتمع التركي و يجب أن تقودها الطبقة العاملة و حزبها الثوري . لكنّها تشمل كذلك تحالفا واسعا للعمّال و الفلاّحين و الشعوب المضطهَدَة .
ثالثا ، دور الحزب الشيوعي : الحزب الشيوعي التركي ( TKP ) حزب إصلاحيّ و ينبغي إنشاء حزب ثوريّ بدلا عنه و التوجّه إلى الطبقة العاملة في النضال ضد الإمبرياليّة و الإقطاعيّة .
رابعا ، المسألة القوميّة : القوميّة التركيّة [ التي تشجّع عليها النخبة الحاكمة ] رجعيّة و تضرّ بالطبقة العاملة . و الأمم المضطهَدَة و منها الأمّة الكرديّة ، لها حقّ تقرير المصير .
خامسا ، دور الفلاّحين : في بلد شبه إقطاعي ّكتركيا ، يمثّل الفلاّحون القوّة الثوريّة .
و هذه الأطروحات كانت محلّ جدال وقتها ، خاصة التشديد على الطبيعة شبه المستعمرة و شبه الإقطاعيّة للدولة التركيّة ، ما كان مناهضا لوجهات نظر مشتركة لدي المجموعات اليساريّة الأخرى حينها . و كان لأفكار كايباكايا تأثيرا كبيرا على حركات اليسار الراديكالي في تركيا ، و لا تزال مؤلّفاته تُدرس من الذين يهتمّون بالنظريّات الماركسيّة و بالحركات الثوريّة. و قد جرى إغتيال كايباكايا و كان عمره 23 سنة تحت التعذيب من قبل الحكومة التركيّة . و مع سجنه و هيمنة الحركة المناهضة للشيوعيّة على العالم ، شهد الجوّ السياسي التركي كذلك إنهيارا معاديا للثورة .
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++