-ثوار- خارج الخدمة
ضيا اسكندر
2025 / 4 / 14 - 15:24
الثوري الحقيقي ليس رقماً في سجل الحزب، ولا يداً تلوّح بالمنشورات وكأنها تحرّك التاريخ.
ليس ذاك الذي يحضر اجتماعين شهريّين كأنه يؤدي واجباً منزلياً، يدفع الاشتراك كزكاة حزبية، ويوزّع جريدة لم يقرأ منها سوى العنوان.
الثوري ليس ببغاء يكرّر ما يقوله "الرفيق الأعلى"، ولا يجرؤ على الاعتراض حتى لو رأى الخلل بعينه.
النقد عنده ليس خيانة، بل حياة. والانتماء ليس عبودية فكرية، بل اختيار مستمرّ ومساءلة دائمة.
أي حزب هذا الذي لم يخطئ؟ وأي عقل يصدّق أن عقوداً من المسيرة لم تحمل سوى الانتصارات، كما تدّعي تقارير المؤتمرات؟
تاريخٌ بلا أخطاء… هو كذبة ترتدي ربطة عنق حمراء!
الحياة لا تمنح أحداً صكَّ العصمة، ولا تحفظ ماء وجه مَن يصرّ على دفن أخطائه في دفاتر المجد المزوّر.
الثوري الذي لا يسمع الصوت الآخر، لا يختلف عن خصومه الأيديولوجيين.
من يسفّه الرأي المخالف، أو يتمنى لصاحبه الزوال، لا يختلف كثيراً عن مستبدّ يضع صورة لينين خلف مكتبه، ويصرخ بالديمقراطية وهو يقمعها.
الرأي المختلف ليس نقيضاً للوفاء، بل مرآة قد تكشف صدقنا، أو تفضح خواءنا.
ثم… كيف يكون ابنَ العصر مَن ما زال يعيش في كهوف التنظيم الكلاسيكي؟
العالم تغيّر. الثورة الآن تصرخ من شاشات صغيرة، وتشتعل من "بوست" أو "تغريدة" إلكترونية تصيب ألف قلب.
فيسبوك، تلغرام، تويتر (أو X)، إنستغرام… هذه ليست نزوات رأسمالية، بل منصّات صراع حقيقي.
اكتبْ، صوّرْ، شاركْ، انشرْ. وإن خانتك البلاغة، استعنْ بالذكاء الاصطناعي. المهم أن تقول شيئاً، أن تصنع أثراً.
أما أن تظل مجرّد ناقل لأخبار الجريدة الحزبية، تنسخها كما تُتلى أدعية محفوظة… فهذه ليست ثورة، بل خنوعٌ مُقنَّع.
الثوري الحقيقي لا يحمل من الماضي إلا شرف التجربة، لا يحرس تمثال العهود الغابرة، بل يزرع بذور الغد. لا يعيش على أرشيف الحزب، بل يشتبك مع الحياة، يحمل أسئلته إلى الشارع، ويعود منها بوعي جديد.
فهل آن لنا أن نُصغي؟
أم سنظل نمارس الطقوس ذاتها… ثم نتساءل ببراءة قاتلة: لماذا لم يتغير العالم؟