-تساؤلاتٌ في التُّراث الماركسيّ-


أحمد الإبراهيمي
2025 / 3 / 25 - 14:44     

الإتلاف والتشويه الذي طرأ على الماركسية لم يكن بالحسبان، مطلقًا، ولا سيّما بعد تبنّي الحركات الاشتراكية التقليدية "الفكر الماركسي"، لأنّها ساهمت في تشويهها أيديولوجيًا أكثر ممّا يعتقد القارئ. وأنا أعتقد وإلى أبعد حدّ أن للماركسية موقفًا صوفيًا محضًا حيال الإله، ولا أظنّ في استحالة هذا الموقف العقائدي تّجاه الخالق. إذن، علينا أن نجرّب التفسير والتدقيق في نصوص ماركس أولًا، وإعادة النظر في أدبيات ومقولات الماركسية مرّة أخرى. ففائدة هذا التدقيق تعني مراجعة آراء ماركس القطعية إزاء تلك المعتقدات الدينية في المجتمعات الإنسانية. وإن تعدّدت الآراء والتصوُّرات في هذه الجدلية المعقّدة، فالبعض يعترّف على أن وجودها من عدميتها دون فائدة، وكأنّه أمرٌ غير مبالٍ، بل سيقرأ القارئ ويقول: هذه دعاية وتسويق أيديولوجي، وأكثر من ذلك، سيقول: هذا تملُّق ودغدغة للماركسيين. لكنّ الحقيقة، وبالتأكيد، موقف الماركسية من الإله والدين معًا، يختلف عمّا يعتقّد فيه الإنسان السطحي، لأن الماركسية تتصوّر الإله إلهًا فيزيائيًا ماديًا كونيًا. وهذا ما أشكُّ فيه منذُ البداية. كان فيورباخ رسّخ اعتقادًا عامًا أن للإنسان إلهًا طبيعيًا صرفًا. ليس كما تتوهّم غالبية القرّاء أن فيورباخ ملحدٌ بالمقام الأوّل، استفاد ماركس من هذا الأخير كثيرًا، وقد وقع في مشكلةٍ أمام أعُين الناس، وخصوصًا بعدما اتّخذ مادّية فيورباخ سلاحًا فلسفيًا يحاربُ فيه أطلال الإقطاع والمؤسّسة الكنسية في أوروبا. لكن لا نجزم بإلحاده وإنكاره للإله. وما يصدرُ من أتباع الماركسية في تلحيد ماركس للإله، كما أتوقّع، هو إساءة لماركس، في حين كان يرفض ماركس تسميته ملحدًا. ويتفقّ الفيلسوف المغربي "طه عبد الرحمن" في هذا الأمر، وعلى الصعيد العامّ، إذ سمعتُ رأيًا متلفزًا ذات مرّة لعبد الرحمن المُتخصص في المنطق وفلسفة اللُّغة، يقول في المحتوى الفلسفي وتأمُّلات أغلبية الفلاسفة إنهم يؤمنون بالإله حقّ الإيمان، وإن كان بدون دراية، فهذا الإيمان يعتبر من تنوّع صور الله لدى الفلاسفة.