سلطة الثورة السورية تحت قيادة البرجوازية تبدأ حملة تسريح جماعي لآلاف العمال!
عامر رسول
2025 / 3 / 19 - 23:48
أفادت مصادر عمالية باندلاع سلسلة من الاحتجاجات في عدة مدن سورية، في سياق تسريح الحكومة الجديدة لآلاف من عمال القطاع العام، بالإضافة إلى رفضها ومعارضتها لخطط خصخصة مؤسسات الدولة.
تسعى الحكومة السورية الى إعادة هيكلة الاقتصاد عبر الخصخصة وتسريح آلاف من العمال والموظفين، مما يترك اثارا وتبعات عميقة على نمط معيشتهم. صرح وزير الاقتصاد السوري لوكالة "رويترز" في بداية العام الجاري، إنّ الحكومة ستبدأ في خصخصة 107 شركات صناعية تابعة للدولة، مع الاحتفاظ بالقطاعات الاستراتيجية مثل الطاقة والنقل تحت إدارة الدولة، وتشير الخطط الحكومية الى خفض عدد موظفي وعمال القطاع العام بنحو الثلث، مما يعني أن أكثر من ربع مليون عامل وموظف سيخسرون وظائفهم، وهو ما يعكس حجم التأثير الكبير على حياتهم وحياة اسرهم.
مع هذه الخطوة، بدأت الحكومة الجديدة في التحول الى تبني نموذج اقتصاد السوق الحر ودمج سوريا بالاقتصاد العالمي، ما يعني تقليص سيطرة الدولة على الاقتصاد. وبهذا التغيير، تنتهي أكثر من 54 عامًا من النظام الاقتصادي القائم على إدارة الدولة، وهو ما شكل جزءًا كبيرًا من حياة السوريين لعدة عقود.
فتح سوريا أبوابها أمام نموذج السوق الحر ومحاولة الحاقها بالاقتصاد العالمي، كانت خطوة متأخرة مقارنة بالتغييرات التي حدثت في العديد من الدول العربية وذلك في إطار ما سمي بالربيع العربي قبل 14 عاما، وتعود اسباب التأخير الى عوامل عدة، أهمها تمركز وشدة الصراع الإقليمي والعالمي، مما ادى إلى ما نشهدها الآن من تغييرات في بنية النظام الاقتصادي السوري وتحوله من نموذج رأسمالية الدولة الى نموذج اقتصاد السوق الحر بما يتوافق مع شروط الصندوق النقد والبنك الدوليين، وخضوعه لقوانين الدول الرأسمالية والأوروبية ومؤسساتها تحت غطاء إعادة هيكلة الاقتصاد.
من جانب اخر، تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم منح ومساعدات مالية تصل إلى 2.5 مليار يورو، وهي في الحقيقة تهدف الى دعم هذا التوجه الاقتصادي، من خلال تسريع عملية الاندماج الاقتصادي وزيادة الاستثمارات لتحقيق تراكم الأرباح. وبينما يروج الإعلام بأن هذه المساعدات موجهة لدعم الشعب السوري، إلا أن الواقع يظهر أن هذا الادعاء ليس سوى غطاء لمصالح اقتصادية وسياسية تتجاوز مصلحة الحقيقية للسوريين.
إن الوضع الراهن في سوريا يخلق ظروفًا موضوعية وذاتية تمهد الطريق لفتح آفاق جديدة أمام الطبقة العاملة في صراع طبقي لا محالة، خصوصًا في ظل السياسات الحالية التي تستهدف قطع أرزاق الآلاف من العمال والموظفين. هذه السياسات تنعكس بشكل سلبي على أوضاعهم المعيشية، مما يهدد استقرار عائلاتهم ويدفعهم للبحث عن طرق نضالية بديلة لتحسين ظروفهم المعيشية. ومع ذلك، فإن هذه الظروف الاقتصادية الصعبة قد أدى إلى تنشيط حركة احتجاجية ونضال طبقي كبير، حيث تجمع العمال في مختلف القطاعات، بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية أو القومية، من أجل مطالبهم المشتركة.
وقد شهدنا هذا التحرك بشكل واقعي من خلال تأسيس تجمعات عمالية في قطاعات متعددة، مثل قطاع الصحة، شركة الاتصالات، ورجال الإطفاء في دمشق العاصمة، حيث تحركت هذه التجمعات في ست مدن سورية مطالبة بوقف الخصخصة وحماية حقوق العمال. هذه الاحتجاجات تعكس تطورًا جديدًا في الواقع السوري، حيث يسعى العمال والموظفون إلى تحقيق مستوى معيشة أفضل والحفاظ على حقوقهم الإنسانية في ظل التغيرات الكبيرة التي يشهدها بلدهم.
شهدت الاحتجاجات التي نظمت في 6 محافظات مشاركة واسعة، حيث جذب بعضها نحو 400 شخص. هذه المبادرة تمثل بداية لصراع طويل وأكثر استقطابًا في المرحلة القادمة، يعكس معاناة العمال والموظفين وتطلعاتهم الانسانية في ظل الظروف الحالية.
بناءً على موقفنا الطبقي، نؤيد جميع المبادرات والتجمعات العمالية بغض النظر عن الاختلافات والتوجهات، لأننا نؤمن بأن وحدة الطبقة العاملة هي السبيل الوحيد لتحقيق حقوقها.
القضية الجوهرية للبروليتاريا السورية في هذا التحدي تكمن في تبني رؤية فكرية مستقلة تتجاوز الإيديولوجيات القومية والدينية التي تسعى البرجوازية لفرضها عليهم.