سمفونية سقوط عروش العرب
امال الحسين
2025 / 3 / 15 - 14:02
يستيقظ أطفال غزة على القصف وهدير الطائرات والحوامات وصفارات سيارات الإسعاف ويهرولون راكدين وراء أمهاتهم بحثا عن ملجأ، منذ خمسة أشهر وأسبوع تتطور أساليب حرب الإبادة الجماعية ودمار العمران والشهيدات والشهداء والجرحى والأيتام بالآلاف، وما زال حكام العرب لا يستطيعون الإجماع على أنها حرب إبادة جماعية في حق شعب عزلوه هم أنفسهم، يصبحون ويمسون على مأساة شعب أبى أن يباد ويهجّر من وطنه الأبدي لحظة ولو في أحلام النوم، والمهجرون منهم ما زالت مفاتيح دورهم بأيديهم أو معلقة في غرف النوم بمنازلهم بالمهجر.
والعالم يشاهد أول مرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتطورة بالذكاء الاصطناعي إبادة جماعية في رقعة ضيقة في العالم، والسياسيون منهم الرسميون والمعارضون يتباحثون في الفنادق والحانات في أمر المعتدي، هل فعله عدوان أم دفاع عن النفس،.؟
كل سياساويي العالم في صروحهم يهمهمون وراء مكرفونات الإذاعات والتلفاز ويعلكون كلماتهم الصغيرة قبل إخراجها حتى لا تجرح سماع المعتدي، ويبحثون عن هفوة يهربون منها يمططونها وينمطونها تحت يافطة الإحسان بالجرحى والجياع من الأطفال والنساء والعجزة، علاهم يعبرون عن شيء من بقايا إنسانيتهم التي أعدموها منذ زمان، وهم متربعون على عروشهم يتباهون بعضهم على بعض بالسيطرة على الشعوب،
ويتملقون ويفتخرون بجمع كثير مما سرقوه من شعوبهم الفقيرة حتى يقولوا أنهم أحسنوا بالشعب الفلسطيني المحاصر والذي تتم إبادته، التي صادقوا عليها في الخفاء والعلن راكعين أمام المعتدي، حتى يحافظوا على عروشهم المحنطة بدماء شعوبهم، وحتى لا يزعجوا المعتدي فيمطرهم بوابل من غضبه يزعزع صداه كراسيهم الكرطونية وتتطاير في سبع سموات.
هكذا تحولت السياسة إلى طغيان ينكر كل ما له صلة بإنسانية البشر ويحولها إلى عذاب في جنهم صنعتها أيادي الطغاة، فتشكلت عصبة الطغاة في مأدبة اللئام ليلة القبض على نبي الإنسانية متلبسا في كوخه الصوفي وحيدا، فاتهموه بالوحدة التي يخطط لها منذ هروبه من منكر صروحهم تاركا عرشه يطفو على الهواء، فأقسموا أن ينزلوه على سطح مياه بحرهم الراكض ويغرقوا كوخه الوحيد بالمياه المالحة، فاتهموه بالوحدة وحاكموه على انتمائه إلى أرض الميعاد وقرروا إعدامه على هويته الفلسطينية التي يخفيها، وفي ليلة الإعدام اتفق كل العرب على تقديم فدية قدرها يقاس بتبعات التطبيع على صروح الحرمين حتى يسقط مفعول الإسراء إلى القدس، وتبقى الصلوات صلوات التراويح تراويح في ساحات الأقصى استعراضا للسياح والزوار دون إزعاج.
هي سمفونية الليل في دجاه لما يعم الصمت بالمدن بعد صمت القرى ويبقى الليليون المشردون مع القطط يتنافسون على مجمع القمامات، ويمر هناك هاهنا سكير عربيد خرج من حانة ملأى بصاحبات الهوى ويحدث ضجيجا أمام القصر بالمدينة، وتحوم سيارات الشرطة تجمع الجميع حتى الصباح، حتى لا يتم تعكير الليالي الحمراء لحكام صنعوا تاريخ الإبادة، ودفعوا من الدولار ما شاء الله من الملايين حتى لا تزعجهم آهات وصرخات الأمهات والأطفال في مسارح الإبادة الجماعية ليلا.
يسمع صياح الديكة من بعيد بالقرى المجاورة للمدينة في الفجر وتعج شوارع المدينة بالمهرولات والمهرولين إلى المعامل في سباق مع الساعة حتى لا يؤخروا جمع المال للرأسمال، والحكام من السياسيين يتجرعون آخر كأس بعد ليلة خمراء وحمراء تحت رقصات الجاريات كأنهم في عرس هارون الرشيد على إيقاع شدي أبي نواس، والقرية تعلو دخاخينها في سماها وتخرج الفلاحات والفلاحون لجمع ما تبقى للرأسمان من المال حتى لا تتخلخل الميزانيات.
هكذا يحرص الملوك والأمراء والرؤساء على حفظ مصالح الرأسمال على حساب دماء الشعب الفلسطيني وكل شعوب العالم، وتبقى فلسطين محور العالم من يسيطر عليها يسيطر على العالم أجمع، والرأسمال يقول لهم : فليتنافس المتنافسون من أمراء وبارونات الحروب في مباريات حروب الإبادة الجماعية بدون رحمة ولا شفقة والمال لي.
كتبت في 15 مارس 2024 بصفحة الفايسبوك Lahoucine Lahcen Amal