ذكرى تأسيس الاتحاد الدولي للنقابات العمالية


جهاد عقل
2025 / 2 / 6 - 22:20     

في يوم االثلاثاء السادس من شهر شباط فبراير 1945 عقدت الجلسة الإفتتاحية التأسيسية للإتحاد الدولي للنقابات العمالية ، بقاعة بلدية لندن ، في العاصمة البريطانية لندن ، بحضور "240 مندوباً يمثلون 50 مليون عامل " (1) وإستمرت أبحاث المؤتمر حتى يوم السبت 17 شباط 1945 ،وكان هذا الإجتماع النقابي الدولي العام قد جاء قُبيل إنتهاء الحرب العالمية الثانية ، وساهمت فيه الإتحادات النقابية من مختلف دول العالم، من أجل حل التنظيم النقابي السابق وتشكيل،و "إيجاد منظمة عمالية دولية تضم جميع الحركات النقابية في العالم بغض النظر عن عقائدها الإجتماعية ومذاهبها السياسية لتحل محل المنظمة العمالية الدولية الحالية (I.F.T.U) التي تضم جميع الحركات النقابية في العالم"(2).
تمثيل عربي فلسطيني
لقد شارك في هذا المؤتمر النقابي الدولي الوفد النقابي العربي الفلسطيني ممثلاً بكل من النقابي سامي طه سكرتير جمعية العمال العربية والمحامي حنا عصفور المستشار القانوني لجمعية العمال العربية والنقابي بولس فرح عن اتحاد نقابات العمال العرب بحيفا، وقد حدث تأخير بوصول النقابي بولس فرح مما أدى الى إشكالية في بداية المؤتمر حتى إعترفت اللجنة التنظيمية بعضويته بالمؤتمر ، وكان سبب ذلك معارضة وفد الهستدروت ، الذي حاول لدى اللجنة التنظيمية بألا تعترف بعضوية الوفد النقابي العربي الفلسطيني ، بإدعاء أنها أي الهستدروت تمثل جميع عمال فلسطين اليهود والعرب، وضموا الى وفدهم عربي الا أن موقف الوفد العربي الفلسطيني والمؤيدين له إستطاعوا إفشال الإدعاء الصهيوني ، وتمكنوا بأن لا يعترف المؤتمر بعضوية ذلك العربي التابع لوفد الهستدروت وبأنه لا يمثل التنظيم النقابي العربي الفلسطيني.

وفي تصريح للنقابي سامي طه سكرتير جمعية العمال العربية عشية إفتتاح المؤتمر لوكالة الأنباء العربية جاء ما يلي :” لقد إعتزمنا أن نشترك في المناقشات التي ستدور حول وجوب إشتراك عمال العالم في محادثات الصلح التي ستعقب الحرب إذ لا بد من أن تسمع كلمتهم في مسائل السلام ما داموا قد ساهموا بنصيب كبير في القتال من أجل الحرية ، وهذه هي المرة الأولى في تاريخ الحركة العمالية العربية التي يوفد فيها ممثلون الى الخارج .وليس من شك في أن الغرض الرئيسي من حضورنا الى هنا هو شرح قضية العمال العرب لعمال الدول الأخرى …"(3)

لقد حظي الوفد النقابي العربي الفلسطيني بإهتمام كبير من قبل الوفود النقابية المشاركة في المؤتمر خاصة من قبل الوفد السوفيتي والوفد الهندي وغيرهما من الوفود ، وبالرغم من الأجواء التي هيمنت على المؤتمر بخصوص القضية اليهودية وما حدث في الحرب العالمية الثانية ، والتي إستغلها الوفد الصهيوني وبدعم من مجموعة اللوبي الصهيوني في بريطانيا ، بحيث حاولا القيام بتحويل هذا المؤتمر النقابي الدولي وكأنه مؤتمر لدعم الحركة الصهيونية ،مستغلين المشاعر المستنكرة لما قامت به النازية خلال تلك الحرب. والهدف هو التنكر لوجود حركة نقابية عربية فلسطينية ووجود شعب عربي فلسطيني لديه طبقة عاملة فلسطينية.

بالرغم مما قام به ممثلو الحركة الصهيونية من تلك الجهود، لطمس دور الوفد النقابي العربي الفلسطيني الا أن المحامي حنا عصفور ورفيقيه سامي طه وبولس فرح تمكنا من نقل حالة العامل العربي الفلسطيني وما يواجهه من صعوبات أمام ممارسات الحركة الصهيونية من جهة والإنتداب البريطاني من جهة أخرى ،ومما جاء في كلمة المحامي حنا عصفور أمام مندوبي المؤتمر يوم الإثنين 12 شباط 1945 :”إن حركتنا النقابية قد نجحت لدرجة ما رغم ما صادفته من مقاومات مزدوجة وان هذا النجاح يعود الى مجهود النقابيين العرب وحدهم . وإبتدأت حركتنا ككل حركة بعشرين أو ثلاثين عضواً أما اليوم فقد أصبح بسجلاتنا خمسين ألف عضو منظم . أشرت لكم بأنه صادفتنا صعوبات مزدوجة . فهذه الصعوبات هي أننا من مضي سبعة وعشرين سنة ونحن تحت الإنتداب – وأنتم تدركون ما معنى الإنتداب – ونواجه الحركة الصهيونية التي هي ضد المبادئ العمالية . ولكن رغم كل ذلك إستطعنا أن نبني أنفسنا وأن نحسن شروط الإستخدام وها نحن نحضر هذا المؤتمر العالمي لنمثل عمالنا لأول مرة".(4)
في هذه الذكرى النقابية الدولية والتي كانت ذكرى وحدة للحركة النقابية في العالم ، والدور الهام الذي قام به الوفد النقابي العربي الفلسطيني في هذا المؤتمر الدولي ، والذي كان الوفد العربي النقابي الوحيد المشارك في المؤتمر ، وبذلك مثّل الحركة النقابية العربية عامة ، وتمكن من إستنهاض بقية الحركات النقابية العربية للمشاركة في المؤتمر التكميلي لهذا المؤتمر والذي عقد بشهر تشرين أول 1945 في العاصمة الفرنسية باريس ، حيث تمكن الوفد النقابي الفلسطيني ومعه عدد من الوفود العربية من إنتخاب النقابي اللبناني مصطفى العريس عضواً في اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي للنقابات العمالية.
إننا نفتخر بقادتنا النقابيين من المؤسسين للحركة النقابية العربية الفلسطينية خاصة والعربية عامة.

هوامش:
1- جريدة فلسطين الاربعاء 7/2/1945 ص4
2-تقرير وفد جمعية العمال العربية الفلسطينية الصادر بتاريخ 22 شباط 1945 ص8
3- جريدة فلسطين الاربعاء 7 شباط 1945 ص 3
4-تقرير وفد جمعية العمال العربية الفلسطينية الصادر بتاريخ 22 شباط 1945 ص22