الاستغلال الرأسمالي ، ما بين دافوس والسودان


جهاد عقل
2025 / 1 / 25 - 02:54     

عُقد أيام 20 - 24 كانون ثاني الجاري المنتدى الاقتصادي العالمي في بلدة او منتجع داڤوس
في سويسرا الدولة الغنية التي تُمثّل قوى رأس المال ، وتعتبر بنوكها البيت الدافئ والآمن لقوى رأس المال في العالم أو أصحاب الثروات فيه.
منتدى داڤوس تحوّل مع مرور السنين الى منصة عالمية تسيطر عليها الدول الرأسمالية وتفرض من خلالها خطط الاقتصادية الإستغلالية ، بينما يكون حضور رؤساء الدول الأخرى مجرد حضور تمثيلي إعلامي لا غير ، كما هو حضور بعض قادة الاتحادات النقابية العالمية الذين يعرضون توقعاتهم وشعاراتهم علّ وعسى من يسمع يسمع من هؤلاء الرأسماليين.
عشية انعقاد منتدى داڤوس ،أي يوم الاثنين 20 الجاري أصدرت منظمة أوكسفام التنموية دارسة لها أو تقريراً ، تناولت من خلالها مختلف الأوضاع الاقتصادية في العالم ما بين الرأسمالي الغني والذي يرزح تحت طائلة الفقر المدقع ، ويكشف التقرير عن معطيات تثير الغضب وليس فقط القلق ، حيث تؤكد الدراسة أن الأغنياء يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقراً ،أي تتواصل مسيرة أتساع هوة عدم المساواة ،وعجز الخطط التي تتخذها بعض المؤسسات العولمية من تقليص تلك الفحوه.
* ملياردير كل 30 ساعة
تؤكد الدراسة أنه منذ جائحة كورونا أو كوفيد 19
"يولد ملياردير جديد نتيجة للجائحة كل 30 ساعة - بالمقابل من المحتمل أن يقع مليون شخص في براثن الفقر المدقع بنفس الوتيرة في عام 2022  "، كما تشير الدراسة الى وجود 2769 ملياردير في العالم سنة 2024، إي انضمام 204 مليارديرا خلال عام واحد بالمقارنة مع العام 2023، أي بمعدل أربعة أصحاب مليارات في الأسبوع الواحد ، وأن 60 بالمئة من ثروة أصحاب المليارات في العالم نتجت عن أما عن الميراث أو السلطة الاحتكارية أو المحسوبية والفساد.
بالمقابل بقي عدد الفقراء كما هو منذ العام 1990، بل ارتفع عدد المواطنين في العالم الذين يعانون ليس فقط من الفقر ، بل ومن الجوع.

*الشرق الاوسط وشمال افريقيا أيضاً.
كما يؤكد التقرير بأن الوضع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يشير الى إتساع فجوة اللامساواة كما جاء في مقدمة التقرير:"ينظر التقرير الى تفاقم اللامساواة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع التركيز على مصر ولبنان والمغرب والأردن في أعقاب جائحة كورونا وأزمة تكاليف المعيشة. ويتمعّن التقرير في غياب أنظمة ضريبية مناسبة وعادلة على امتداد المنطقة، ولا سيما الضرائب على الثروة. ويحدّ ذلك من القدرة المالية للحكومات وإنفاقها على الخدمات العامّة، ما يؤدّي إلى التمييز بين الانواع الاجتماعية واتساع فجوة اللامساواة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
لذا، يجب على الأغنياء دفع حصّتهم العادلة من الضرائب. ولا يمكن أن يصبح التقشف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو القاعدة. وسيوفّر فرض ضرائب على أرباح أثرياء المنطقة مواردًا أساسية تفتقر إليها البلدان المختلفة حاليًا ولكنه سيبدأ في سدّ الفجوة بين الأغنياء والبقية".
فيما يلي بعض الأرقام التي تؤكد فقدان العدالة الاجتماعية وسيطرة الوحش الرأسمالي على خيرات العالم بينما أكثرية الشعوب تعيش في فقر مدقع.
- تضخمت ثروة أصحاب المليارات بمقدار تريليوني دولار في عام 2024، أي بوتيرة أسرع بثلاث مرات من عام 2023،
- تتوقع منظمة أوكسفام ظهور ما لا يقل عن خمسة أصحاب تريليونات في غضون عقد من الزمان..
- في عام 2023، استخرج أثرى 1 بالمئة من أثرياء الشمال العالمي 30 مليون دولار في الساعة من الجنوب العالمي.
- تحث منظمة أوكسفام الحكومات على فرض ضرائب على الأغنياء للحدّ من اللامساواة وإنهاء الثراء الفاحش وتفكيك الطبقة الأرستقراطية الجديدة. ويجب على القوى الاستعمارية السابقة معالجة أضرار الماضي بدفع التعويضات.
- في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2024 زادت ثروة المليارديرات بمقدار 6 مليارات دولار أمريكي، أي ما يعادل 16 مليون دولار يومياً.
- بلغ إجمالي ثروة المليارديرات 71 ترليون دولار أمريكي ، موزعة بين 22 مليارديرا حتى شهر تشرين ثاني/ نوفمبر 2024.
- يمكن لثروة المليارديرات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تغطي مساحة قدرها 740 كيلو متراً مربعاً إذا حوّلت إلى أوراق نقدية من فئة دولار واحد .
هذا المعطيات من دراسة منظمة أوكسفام هي ليست مجرد أرقام ،بل هي تعكس حقيقة ما يجري في عالمنا من إستغلال رأسمالي تقوم به قوى رأس المال ، على حساب حقوق الشعوب ورفاهيتها ، تشير المعطيات الدولية الى أن أفقر دولة في العالم هي الدولة التي فرّخها الاستعمار ، أي جنوب السودان ، فما بين داڤوس والسودان تقع هوة اللامساواة في عالمنا الغير عادل.