- حرب التعويض - الإسرائيليّة – هجوم إرهابي - يغيّر وجه الشرق الأوسط - و يهدّد بأسوأ من ذلك حتّى


شادي الشماوي
2024 / 12 / 19 - 00:48     

آلان غودمان ، جريدة " الثورة " عدد 884 ، 16 ديسمبر 2024
www.revcom.us

في 26 نوفمبر 2024 ألقى الوزير الأوّل الإسرائيلي نتنياهو ( نتن – النازي ) خطابا إحتفالا بما أسماه " حرب التعويض" الإسرائيليّة طوال سنة – أساسا حربا مقدّسة ضد أعداء إسرائيل . و صرّح ، " إنّنا نغيّر وجه الشرق الأوسط ". و وعد بما هو أسوأ مستقبلا " بعون الإلاه ..."
ما يطلق عليه نتن – النازى " حرب التعويض " ضد السبع جبهات يشمل إبادة جماعيّة في غزّة و إبادة جماعيّة في الضفّة الغربيّة و تدمير كبير في سوريا و هجمات على قوى عراقيّة . و فضلا عن ذلك ، القتل الجماعي للمدنيّين في لبنان و تحطيم مسالك الوصول إلى ما يحتاج إليه بيأس من غذاء في اليمن ، و تعريض إيران إلى الإبتزاز .
إسرائيل " تغيّر وجه الشرق الأوسط " ليس " بعون من أيّ إلاه " بل بتمكين و دعم من عرّابها ، إمبراطوريّة الولايات المتّحدة الرأسماليّة – الإمبرياليّة . و في الوقت الحاضر ، على الأقلّ ، " حرب التعويض " الإسرائيليّة قد حوّلت ديناميكيّات القوّة في الشرق الأوسط بشلّ قدر كبير من ما يسمّى ب " محور المقاومة " (1) المرتكز على إيران و المتحالف مع روسيا و الصين .
إنّ جرائم إسرائيل الإرهابيّة في هذه " الحرب " التي ستقرأون للتوّ كلّها مسلّحة و مموّلة و سمحت بها و دافعت عنها الولايات المتّحدة . و سأعود للماذا و لإنعكاساتها على الإنسانيّة و ما العمل تجاه ذلك ؟ لكن نبدأ مع عرض مع ما تجلبه حرب إسرائيل للإنسانيّة في الشرق الأوسط .
النقطة صفر : التطهير العرقي الإبادي الجماعي لغزّة :
إستغلّت إسرائيل هجوم حماس عليها في 7 أكتوبر 2023 ، لتحاول " حلاّ نهائيّا " ( مصطلح إستخدمه هتلر للإحالة على القضاء على اليهود في أوروبا ) ؛ يعنى ، جعل من غير الممكن للفلسطينيّات و الفلسطينيّين البقاء على قيد الحياة كشعب في وطنهم التاريخي فلسطين – سواء من خلال القتل الجماعي و النفي و السجن و حتّى المزيد من القمع الوحشيّ ...أو بجميع الطرق المذكورة أعلاه .
و قد إتّخذ هذا شكل بعض الجرائم الأشنع في التاريخ الإنساني المعاصر . في غزّة الصغيرة المساحة ( 141 ميل مربّع ) ، تأثير القنابل التي زوّدت بها الولايات المتّحدة إسرائيل كان شديدا . ، و أكثر تدميرا في الميل المربّع و أكثر قتلا من كافة القنابل التي ألقتها الولايات المتّحدة و بريطانيا على ألمانيا إبّان الحرب العالميّة الثانية . و إعتبارا للمساحة الصغيرة لغزّة ، أكثر قتلا و تدميرا من القنابل النوويّة التي ألقتها الولايات المتّحدة على مدينتين في اليابان أثناء الحرب العالميّة الثانية . (1)
وسط تجويع يحتدّ ، قد قلّصت الآن إسرائيل المساعدات الغذائيّة من الدخول إلى غزّة إلى أدنى المستويات طوال الوقت منذ بُعيد 7 أكتوبر 2023 .
و البُعد الإنساني لهذه الفظائع لا عدّ لها و لا يمكن إستيعابها تماما . تقريبا جميع سكّان غزّة قد أخرجوا من ديارهم ، لاجئين إلى البقاء تحت خيام في طقس شتوي بارد و رطب في غزّة . و بإستمرار أُمِروا بمسيرات قسريّة ، الآن إلى خارج غزّة ، حيث تُطلق إسرائيل النار عليهم و تقتلهم ، أو تقصف بالقنابل " المناطق الآمنة " التي وُجّهوا إليها . و إسرائيل ب" مساعدة" الولايات المتّحدة ، قد خلقت أرضا من التجويع و الجرحى و الذين لا مأوى لهم و من المرضى . أرض أطفال إذا ظلّوا على قيد الحياة لن يعرفوا أبدا أولياءهم و أشقّاءهم و شقيقاتهم الذين قُتلوا .
و كجزء من " حرب التعويض " نتن- النازي ، توسّع إسرائيل بسرعة ممرّ نتساريم . و هذه القاعدة العسكريّة تحتلّ 1/7 من كافة تراب غزّة . إنّه يقسم غزّة إلى جزئين ، شمال و جنوب . إنّه منصّة إنطلاق منها يمكن لإسرائيل أن توجّه ضربات لأيّ مكان في غزّة . أمير أفيفي ، جنرال عميد متقاعد عادة ما تحاوره المؤسّسة الأمنيّة الإسرائيليّة ، قال لجريدة " النيويورك تايمز " إنّ عديد القادة العسكريّين للبلاد يعتقدون الآن أنّ " الانسحاب و الفصل لم يعودا من الخيارات " . و هذا يعنى أنّ غزّة ستكون محتلّة من المستوطنين اليهود و ملحقة بإسرائيل . و مشيرا إلى ممرّ نتساريم ، أفاد " لهذا يبنون كلّ هذا ... في نهاية اليوم ، الوقائع ستتكلّم بنفسها " . ( أنظروا صندوق معلومات جانبي ، " تحيين 15 ديسمبر 2024 في غزّة : إسرائيل تقترف مجازرا في حقّ العشرات في يومين ".)
النقطة صفر II : التطهير العرقي الإبادي الجماعي في الضفّة الغربيّة :
طوال العام بداية من 7 أكتوبر 2023 ، قتل الجنود و المستوطنون الإسرائيليّون أكثر من 700 فلسطيني و فلسطينيّة في موجة إرهاب و تدمير في منطقة الضفّة الغربيّة من فلسطين . و المزارع و المدارس و المعاهد و المدن الفلسطينيّة تقع تحت الحصار . و قرابة التسعين غارة عسكريّة إسرائيلية أوجدت حالة من الرعب في مدن الضفّة الغربيّة . و يتمّ على الدوام توسيع جدار " المستوطنات " اليهوديّة و عزل المجموعات الفلسطينيّة ما يجعل الأماكن غير قابلة للحياة .
لقد إستولت إسرائيل على منطقة الضفّة الغربيّة من فلسطين وإحتلالتها بصفة غير قانونيّة . لكن في خطابه " التعويض " ، شدّد نتن - النازي على تسمية الضفّة الغربيّة " يهودا و السامرة ". فارضا أسماء إنجيليّة على مناطق من فلسطين التاريخيّة مجرّدا تماما الشعب الفلسطيني من إنسانيّته . و يبرّر التدفّق الكبير ل" المستوطنين " ليحاصروا و يبثّوا الرعب و يقتلوا و يهجّروا الفلسطينيّين .
إدارة بايدن – هاريس سلّحت و موّلت و سمحت بالإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة في غزّة و الضفّة الغربيّة ، بينما تزعم الإعتراف بوجود الشعب الفلسطيني . ومع النظام الفاشيّ لترامب القادم ، أيّ زعم بحتىّ وجود الشعب الفلسطيني سيُستبعد! (2)
الهجوم الإسرائيلي على سوريا حتّى قبل سقوط الأسد :
في 8 ديسمبر 2024 ، تمّت الإطاحة بحاكم النظام السوري القمعي المكروه بشّار الأسد من السلطة على يد المجموعة الأصوليّة الإسلاميّة السنّية ، هيئة تحرير الشام ، إلى جانب الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا . و مع سقوط نظام الأسد ، يهرول الناس إلى سجونه و غُرف تعذيبه الشهيرة لإخراج أحبّائهم المقبورين فيها . و كان نظام الأسد متحالفا مع إيران و روسيا . و سوريا الآن موضوع صراع بين إمبرياليّين المتنافسين و القوى الإقليميّة الذين موّلوا المجموعات المسلّحة المتنوّعة كجزء من صراعهم من أجل الهيمنة على الشرق الأوسط . ( أنظروا " تمّت الإطاحة النظام الرجعيّ لسوريا بشّار الأسد – ما الذى يجرى في سوريا ؟ لماذا . و ما هي القوى المعنيّة ؟ و أين تكمن مصالح الشعب ؟ " )
قبل سنوات من سقوط الأسد ، كانت إسرائيل تقصف سوريا بالقنابل و تقتل مئات البشر ، و تبثّ الرعب في صفوف اللاجئين المرحّلين الداخلين لسوريا و الخارجين منها . و في أكتوبر 2024 ، الوسيط الكبير للأمم المتّحدة في المنطقة حذّر من أنّ الهجمات الإسرائيليّة كالنت تخلق " إعصارا إنسانيّا و إقتصاديّا يكسر ظهر سوريا المدمّرة بعدُ بتبعات خطيرة و غير متوقّعة ". ( التشديد مضاف )
و قد تضمّن خطاب " التعويض " لنتن – النازي تصريحا هاما أنّه حتّى مع إيقاف إطلاق نار ، لإسرائيل حقّ مواصلة مهاجمة أهداف في لبنان ( " نوبة القتل الإسرائيلي في لبنان يستمرّ تحت إسم " إيقاف إطلاق النار " ). و قد حذّر من أن تتابع إسرائيل هجماتها الأكثر قتلا و تدميرا حتّى . (3)
إسرائيل و داعميها ، إدارة بايدن – هاريس ، يؤكّدون على أنّ إسرائيل تقوم بهجمات مركّزة على مقاتلى حزب الله المتحالفين مع إيران . لكن هدفا كبيرا للقصف الإسرائيلي هم المدنيّين . في خطاب " التعويض " ، أعلن نتن – النازي بشكل خاص " إنّنا أسقطنا عشرات منشآت الإرهاب [ إقرأوا : المنشآت السكنيّة التي يسكنها المدنيّون ] في ضاحية بيروت [ منطقة كثيفة السكّان من ضواحي عاصمة لبنان ، بيروت ] . الأرض في بيروت مرتجّة ."
و قد وصف تقرير لإذاعة عامة وطنيّة نتيجة هذا القصف الإسرائيلي : " و نحن ندخل الضاحية ، عثرنا على مدينة أشباح. كلّ ما يجعل مكانا منزلا قد مضى . غادر الأطفال المنطقة . واجهة مقهى الهوى في الطابق الأرضي للنزل بثريّات زجاجيّة لم تعد موجودة . و صاحب مطعم الشورما قد غادر ...كلّ هذا قد دُمّر بالملموس و شُوّهت المعادن ".
إيران : إبتزاز منافس إقليمي :
لقد شلّت إسرائيل القوى المتحالفة مع إيران في فلسطين و لبنان و سوريا و في مكان آخر جعلت إيران أكثر عُرضة لهجمات إسرائيل .
و في خطاب " حرب التعويض " ، صرّح نتن – النازي ، " أنا مصمّم على القيام بأيّ شيء لازم لمنع إيران من الحصول على سلاح نوويّ . و قد كان هذا التهديد على الدوام على قمّة أولويّاتى و حتّى أكثر اليوم و نحن نستمع إلى قادة دولة إيران المرّة تلو المرّة يعلنون عن نيّتهم الحصول على أسلحة نوويّة ".
لإسرائيل مخزون بعلى الأقلّ 200 سلاح نوويّة ، كلّها موجّهة إلى إيران . و حتّى إن تمكّنت إيران من بناء بعض الأسلحة النوويّة ، يمكن لإسرائيل أن تمحو كامل البلاد ردّا على أيّ محاولة لإستخدامها . (4) لكن إن كانت إيران قادرة على بناء حتّى بعض الأسلحة النوويّة ، ستكون لديها بعض القدرة على ردع هجوم نوويّ إسرائيلي بإظهار أنّه بوسعها شنّ هجوم مضاد .
لا شيء جيّد بشأن أيّ بلد يملك أسلحة نوويّة . يتعيّن منعها عالميّا ، إلى الأبد ! (5) لكن إن صمّم نتن – النازي على القيام بأيّ شيء للحفاظ على قدرة إسرائيل على ضرب إيران بضربة نوويّة أولا دون حشية أيّ نوع من الردّ النووي الإيراني .
و قد وصف نتن – النازي هدف الهجوم الإسرائيلي الأحدث على إيران على أنّه نظام الدفاع الجوّي الإيراني . لم يقل أنظمة الأسلحة الهجوميّة ، بل قال نظام الدفاع الجوّي . و هذا يعنى أنّ إيران هو الآن عُرضة للهجمات الإسرائيليّة بالقنابل و الصواريخ التي لا تجد تحدّى لها . و هذا يشدّد ما كان بعدُ منتهى عدم توازن بين القوى . و في الأساس يعنى أنّ إسرائيل بإمكانها أن تهاجم أيّا كان و أيّ شيء و في أيّ مكان في إيران ، جاعلة جميع السكّان رهائن لديها .
العراق و ميناء الحديدة في اليمن يبعدان 1700 ميل . هما لا يوجدان على الحدود مع إسرائيل . و لا أحد منهما فيه قوى لها قدرة على شنّ هجمات لها دلالتها على إسرائيل . لكنّ كلاهما كانا هدفين ل " حرب تعويض " نتن – النازي – أو كما يشدّد على ذلك مساندو إسرائيل مؤكّدين مدحهم للإرهاب العالمي الذى تنفّذه إسرائيل ، " إسرائيل تدافع عن نفسها " .
في العراق ، تزعم المليشيات المتحالفة مع إيران أنّها شنّـت عشرات الهجمات بالمسيّرات على إسرائيل و الأراضي التي تحتلّها إسرائيل في سوريا في سبتمبر و أكتوبر 2024 . و وفق مصادر موالية للولايات المتّحدة ، ما من هجوم من هذه الهجمات ألحق ضرارا ثابتا و جروح أو قتلى في إسرائيل . و مع ذلك ، هذه القوى في العراق متحالفة مع إيران ، و تواصل تمثيلها صداع لإسرائيل . و قد تعهّد نتن – النازي بشكل مشؤوم في تشدّق " التعويض " بأنّه سيرفع " عديد التحدّيات مستقبلا " في العراق . و في نوفمبر و ديسمبر 2024 ، كان المحلّلون يكتبون " يمكن ان تصبح العراق أرض المعركة القادمة في الشرق الأوسط " .
في اليمن ، الحوثيّون ، قوّة إسلاميّة مموّلة من إيران ، يسيطرون على معظم البلاد بما فيها ميناء الحديدة في المضيق الضيّق لباب المندب . و نسبة كبيرة و إستراتيجيّة من التجارة العالميّة تمرّ من ذلك المضيق . و قد أعرب الحوثيّون عن أنّهم سيمنعون البواخر المتّجهة لإسرائيل عبر مياه اليمن إلى أن " تفكّ إسرائيل حصارها لقطاع غزّة و توقف عدوانها على لبنان ". و قد حاول الحوثيّون أن يفرضوا هذا ، ببعض النجاح ، بواسطة الهجمات الصاروخيّة على السفن في مضيق باب المندب .
إذا جلستم على قمّة عالم من الإستغلال و الإضطهاد يرتهن بطريق الملاحة البحريّة ، لا يمكنك الحصول على ذلك . الولايات المتّحدة و حلفاؤهم قد ردّوا بضربات مدمّرة على مواقع القصف بالصواريخ الحوثيّة . لكن نتن – النازي إفتخر بأنّ إسرائيل لم تكن بشأن الهجمات المعيقة على اليمن للأهداف العسكريّة . و تشدّق بأنّ إسرائيل " هاجمت الميناء الحوثي للحديدة بقوّة، ما لم يقم به التحالف الدولي ".
وفق الأمم المتّحدة ، سنة 2023 ، عشرات ملايين الناس في اليمن كانوا عرضة للجوع و الأمراض و 14 مليون من ال34 مليون نسمة كانوا " في حاجة ماسة إلى المساعدات " . ( أنظروا " نحن نتحدّاكم بأن تكتشفوا معلومات عن اليمن " ). و قد تسبّب الهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة في أضرار كبرى للميناء الذى من خلاله تصل المساعدات إلى هذا البلد الذى دمّرته المجاعة . و قد أصابت أيضا مولّدات كهربائيّة و حطّمت مخازن وقود ، فارضة الظلام و البرد القارس على ملايين المدنيّين .
نظام قتل و تدمير و أمرض و صدمات " غير قابلة للقياس " :
إنّ " حرب التعويض " الإسرائيليّة المدعومة من الولايات المتّحدة ، الكبرى و الشاملة ليست هي الحرب الأولى التي تحاول من خلالها قوّة إمبرياليّة أن " تعيد تشكيل الشرق الأوسط " . ساعات فقط بعد الهجمات الإرهابيّة بالطائرات المخطوفة من الأصوليّين الإسلاميّين على الولايات المتّحدة في 11 سبتمبر 2001 ، تحدّث وزير دفاع الرئيس جورج بوش ، دونالد رامسفيلد مع أحد مساعديه و طلب منه الشروع في إعداد مخطّطات للحرب . و كانت أوامره : " ليكن الأمر بكثافة . إمسح كلّ شيء . الأشياء المتّصلة [ بالهجمات ] و التي ليست كذلك "
و ما سمّتها الولايات المتّحدة " حرب على الإرهاب " كانت حربا للإرهاب . في غضون أسابيع ، بدأت بغزو أفغانستان و تبعت بغزو العراق سنة 2003 . و أبعد من أفغانستان و العراق ، حرب الإرهاب هذه كانت تستهدف " كنس " القوى الإسلاميّة المناهضة للولايات المتّحدة في سوريا و لبنان و ليبيا و الصومال و السودان و الإنتهاء بإيران . و أدّت إلى عاصفة قتل لا حصر له و لا عدّ و دمار لا تزال تردّداتهما متواصلة إلى اليوم . و يقدّر تقرير لمعهد وتسن من جامعة براون أنّ الثمن الذى دفعته الإنسانيّة كان 4.5 مليون بين قتلى و جرحى و مصدومين و فقر و تدمير للبيئة . و بكلّ أبعادها، العذابات الناجمة عن ذلك " غير قابلة للقياس " (6).
و لسخرية الأقدار ، عقب كلّ العذابات المريعة التي أنزلت بالعالم ، و ما يسمّى ب " الحرب على الإرهاب "، عمليّا ضعُف موقع الولايات المتّحدة في الشرق الأوسط و العالم بأسره . و مع كلّ ما ينبعث الآن من نتنياهو ، لا يمكن التنبّؤ بأين سينتهى كلّ هذا .
سأترك الكلمة الختاميّة لبوب أفاكيان ، مهندس الشيوعيّة الجديدة ، أهمّ قائد سياسي على الكوكب ، و شخص درس بعمق الشرق الأوسط . و إليكم مقتطف من رسالته على وسائل التواصل الاجتماعي @BobAvakianOfficial ، الثورة عدد 99 : " بينما يندّدون ب" الإرهابيّين " ، حكّام هذه البلاد يدعمون بسفور الإرهاب " :
" الإرهاب يعنى القتل المتعمّد لناس أبرياء ، و هذا شيء يتعيّن على جميع الناس النزهاء أن يعارضوه بقوّة .
حسنا ، وفق هذا المفهوم – و بأيّ مفهوم عقلانيّ – إسرائيل دولة إستيطانيّة إرهابيّة تزعم أنّ لها الحقّ في تحدّى القانون الدوليّ ، حتّى إلى درجة إقتراف إبادة جماعيّة ، كما تفعل في فلسطين .
و الواقع هو أنّ إسرائيل لم تكن لتستطيع بسهولة و بصفة متكرّرة أن ترتكب جرائما كبرى ضد الإنسانيّة و جرائم حرب، إن لم تكن مدعومة تمام الدعم من قبل الولايات المتّحدة . و مثلما وضعت ذلك بوضوح في الرسالة عدد 7 :
نشاهد أمامنا كامل الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة برمّتها ، و كلّ سياسيّيها الكبار ، من كلّ من الديمقراطيّين والجمهوريّين ، يدعمون كلّيا دولة فصل عنصريّ / أبارتايد ، إسرائيل ، وهي تنفّذ مذابحا إباديّة جماعيّة ضد الفلسطينيّين على مرأى و مسمع من العالم بأسره .
و كما توضّح أيضا تلك الرسالة - يدعم بايدن و أساسا كامل الحكومة و الطبقة الحاكمة في الولايات المتّحدة ، و نهائيّا ضمنها كمالا هاريس - إسرائيل في إرتكاب الإبادة الجماعيّة ضد الشعب الفلسطينيّ على مرأى ومسمع من العالم قاطبة ... و لا يعزى ذلك إلى" قوّة اللوبي اليهوديّ " - أو لفهم سخيف و فاحش بأنّ " اليهود يتحكّمون في كلّ شيء ". و إنّما يُعزى إلى كون إسرائيل تنهض ب " دور خاص " كقلعة مدجّجة بالسلاح لدعم إمبرياليّة الولايات المتّحدة في جزء إستراتيجيّا هام من العالم ( " الشرق الأوسط " ) . و قد كانت إسرائيل قوّة مفتاح في إقتراف الفظائع التي ساعدت على الحفاظ على الحكم الإضطهادي للإمبرياليّة الأمريكيّة في عديد أنحاء العالم .
الآن توسّع هذا الدعم لإسرائيل في تنفيذها لمذابح عشوائيّة ليشمل لبنان و بلدان و شعوب أخرى في الشرق الأوسط – بما فيها إيران . و هذا يصعّد من خطر حرب أوسع و حتّى أكثر تدميرا .
و ما من شكّ أو خلط حول هذا : مسؤوليّة التصعيد الجدّي للنزاع العسكريّ في الشرق الأوسط ، و مهما إنجرّ عنها من نتائج ، تقع على إسرائيل – و حكومة الولايات المتّحدة التي تواصل دعمها الكامل لإسرائيل .
ما الذى تحتاجون أيضا إلى معرفته لتقولوا إنّه يجب الإطاحة بهذا النظام اللعين برمّته ؟! "
تحديث غزّة 15 ديسمبر : إسرائيل تقتل العشرات في يومين :
تستمرّ الإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة في التصاعد ، مهما كانت صعوبة تصوّر ذلك و مواجهته . نسبة القتلى الحقيقيّة هناك تفوق 100.000 إنسان . و المجازر التي إقترفتها إسرائيل في المدّة الأخيرة قصفت سكّانا ضربهم الجوع و المرض و الإرهاق و يُجبرون على القيام بمسيرات موت نحو " مناطق آمنة " حيث يتمّ إطلاق النار عليهم و قصفهم بالقنابل و قتلهم .
و في يومين لا غير في الأسبوع الماضي ، نفّذت إسرائيل هجمات متنامية الشناعة و قاتلة بوضوح .
وكالة الأخبار الفرنسيّة AFP أصدرت تقريرا بأنّ الغارات الإسرائيليّة في 12 ديسمبر 2024 قتلت ما لا يقلّ عن 58 إنسانا ، بمن فيهم حرّاس كانوا يقومون بحماية الشاحنات . قُتل سبعة حرّاس أثناء ضربة إسرائيليّة في رفح ، جنوب غزّة . و خلّف هجوم آخر خمسة حرّاس قتلى قرب خان يونس . و العشران و معظمهم أطفال جرحوا جرّاء هتين الغارتين .
كانت شاحنات المساعدات تجلب الطحين إلى المخازن التي تديرها وكالة غوث الأمم المتّحدة ، الأونروا . و قد صيّرت إسرائيل الأونروا غير قانونيّة ضمن حدودها و بإستمرار هاجمت إسرائيل توزيع الأونروا للمساعدات و فرق الأونروا بغزّة. و في مجزرة إسرائيليّة إحاديّة الجانب على غزّة عقب 7 أكتوبر 2023 ، قُتل 254 من أعضاء فرق الأونروا .
و في 13 ديسمبر 2024 ، قتلت غارة إسرائيليّة على لاجئين يائسين يبحثون عن الأمان في ما كان مركز بريد في مخيّم اللاجئين بالنصيرات ، قتلت ما لا يقلّ عن 33 إنسانا . و كان العديد منهم من ذات الأسرة . " لقد قتلوا الأمل و التفاؤل " ، قال سهيل مطّار الذى قُتل أحفاده و زوجة إبنه . و زعمت إسرائيل أنّ المجزرة كانت تستهدف عنصرا واحدا من منظّمة الجهاد الإسلامي .
و الهجوم الإسرائيلي الرهيب الجاري على مستشفى كمال عدوان في شمال غزّة إشتدّ مع قصف ثقيل بالقنابل أرضا و جوّا طوال الليل في 12 ديسمبر إلى 13 ديسمبر . و قد خلّف الهجوم ضررا " كارثيّا " بالمستشفى الذى يحتاجه الناس بيأس ، حسب مدير المستشفى ، الدكتور حسام أبو سيفيّة . و نطاق و وحشيّة الهجمات كسرا الأبواب و النوافذ في جهة من المستشفى، حسب الدكتور أبو سيفيّة الذى صرّح لقناة السى أن أن بأنّ خزّانات الماء " تفتّتت من شدّة الإنفجار " . و صبيحة يوم 13 ديسمبر ، قال شهود عيان للسى أن أن هاتفيّا و المستشفى يتعرّض إلى هجمات إسرائيليّة إنّ أربعة من الأطبّاء وقع قتلهم جرّاء الهجوم . و في صباح يوم 13 ، أفاد الدكتور أبو سيفيّة متحدّثا إلى قناة السى أن أن ب " لقد ذهلنا لرؤية مئات الجثامين و الأشخاص الجرحى في الشوارع حول المستشفى ".
هوامش المقال :
1- " محور المقاومة " هذا مجموعة من القوى الإسلاميّة الرجعيّة الموالية لإيران و المناهضة للولايات المتّحدة ، بمن فيها حماس في غزّة و الضفّة الغربيّة ، و حزب الله في لبنان ، و الحوثيّين باليمن . و في إرتباط بهذا الخليط كان النظام القمعيّ للمطاح به الآن الأسد في سوريا. و" حرب التعويض " هذه ضربت بقوّة ما سمّاه نتن - النازي " رأس الأخطبوط – إيران".
تعارض إيران و القوى المتحالفة معها و تمثّل تحدّيات لإسرائيل . لكن هذه القوى لا تهدف البتّة إلى تحرير الشعب الفلسطيني ( و من النساء الفلسطينيّات ) أو أي شخص آخر ، و في أيّ مكان آخر . و حتّى مع ذلك ، من المهمّ فهم أنّ لا يوجد " تكافؤ " بين نطاق جرائم إسرائيل و النطاق الأصغر بكثير و إن كان إضطهادا حقيقيّا و بؤسا حقيقيّا مفروضا على من الأصوليّين الإسلاميّين الكارهين للنساء و المتحالفين مع إيران .
2- Israel’s military campaign in Gaza seen as among the most destructive in recent history, experts say (AP) and Israel hits Gaza Strip with the equivalent of two nuclear bombs (Euro-Med Human Rights Monitor).
3- See Bob Avakian’s social media message REVOLUTION #110: Trump and Netanyahu—Nazi Madmen on a Mission of Destruction
4- صرّح نتن – النازي ، " أسمع زعم أنّه إذا دخلنا إيقاف إطلاق نار ، لن نقدر على الهجوم و لن نقدر على تجديد الحرب. أذكّركم ، هذا بالضبط ما قالوه عندما كان هناك إيقاف إطلاق نار في غزّة لإطلاق سراح الرهائن . قالوا لن نعود إلى القتال لكنّنا فعلنا ". و " أعلم أنّ هناك ناس لا يؤمنون بأنّنا سنقوم بذلك [ مواصلة القتل و التدمير في لبنان ] . لكن الكثيرين أيضا لم يؤمنوا بأنّنا سندخل غزّة أرضا ، و فعلنا ذلك . لم يعتقدوا أنّنا سندخل الشفاء و خان يونس ، و دخلنا . لم يعتقدوا أنّها سندخل رفح و محور فيلادلفيا ، أمام كلّ الضغط العالمي . و لم ندخل فحسب ، بل هاجمنا و تاليا ...العديدون لم يعتقدوا أنّنا سنهاجم لبنان و فعلنا ذلك أيضا . هاجمنا بقوّة و بشكل متطوّر بحيث فاجأنا العالم برمّته . لذا بعد كلّ هذا ، ربّما علينا أن نشرع في الإيمان ؟ ".
5- في رسالة إلكترونية مسرّبة سنة 2015 ، كتب سكرتير الدولة السابق كولين باول أنّ " ليس بوسع الإيرانيّين إستخدام و لا سلاح [ نوويّ ] واحد إذا توصّلوا في النهاية إلى صنعه ... الجماعة في طهران يعرفون أنّ إسرائيل تملك 200 [ سلاح نوويّ ] ، كلّها تستهدف طهران [!] و نحن [ الولايات المتّحدة ] لدينا الآلاف ".
6 – يتضمّن بيان " نحتاج و نطالب ب : نمط حياة جديد تماما و نظام مغاير جوهريّا " للشيوعيّين الثوريّين التالي :
" لن تطوّر الحكومة الإشتراكيّة الجديدة و لن تستخدم الأسلحة النوويّة و ستتّخذ خطوات ملموسة و تخوض نضالا محدّدا للقضاء على الأسلحة النوويّة في كلّ مكان ، بهدف في نهاية المطاف الإلغاء النهائيّ للحروب بين البشر ، مع القضاء على النظام الرأسمالي – الإمبريالي و كافة أنظمة و علاقات الإستغلال و الإضطهاد بما هي أساس الحروب ."
7- أنظروا : How Death Outlives War: The Reverberating Impact of the Post-9/11 Wars on Human Health.
و يقدّر التقرير أنّ بين 906.000 و 937.000 إنسان قُتلوا نتيجة الحروب في أفغانستان و العراق و الباكستان و سوريا و اليمن و ليبيا و الصومال . و إضافة إلى ذلك ، ما يقدّر ب 3.6 مليون إنسان ماتوا بصفة غير مباشرة من المشاكل المرتبطة بالحرب مثل الإنهيار الاقتصادي و إنعدام الأمن الغذائيّ و التدمير للخدمات الصحّية العامة ، و التلوّث البيئيّ و العنف المتكرّر .