-غيَّروا وجه التاريخ-… بينهم المصريان: “نجيب ونوال-
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن
-
العدد: 8185 - 2024 / 12 / 8 - 20:18
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
Facebook: @NaootOfficial
مئةٌ من أعظم الكتّاب والمفكرين من جميع أرجاء المعمورة، ممن كان لمؤلفاتهم وأفكارهم التأثيرُ الأهمُّ على حراك التاريخ، جمعهم كتابٌ جديد صدر مؤخرًا عن دار DK البريطانية المهتمة بإصدار الكتب المرجعية في ٦٣ من لغات العالم. عنوان الكتاب "Writers Who Changed History “كُتابٌ غيّروا وجهَ التاريخ"، وضعه البريطانيُّ "جيمس نوجتي"، الصحفي ومقدم البرامج الشهير في إذاعة BBC، الحائز على عديد الجوائز في مجال الإعلام والتحقيق الصحفي وصاحب العديد من الكتب المهمة في تراجم الأعلام والسياسة. يًقدُّم الكتابُ نفسَه باعتباره سياحة احتفائية مُصوّرة لأهم مفكري وكتّاب وشعراء العالم، لنتعرف عليهم ونستكشف كيف أحدثوا تأثيرهم الأدبي الهائل الذي نعرفه. تُسلّط هذه الموسوعة المصوّرة الضوءَ على أعمال أهم مائة كاتب منذ قبيل القرن ١٩، وحتى اليوم. تطالع الأسماءَ في فهرس الكتاب، فتجد من بين أولئك العظماء: دانتي، فرجينيا وولف، وليم شكسبير، مارسيل بروست، أوسكار وايلد، أنطون تشيكوف، إدجار آلان بو، جورج إليوت، والت ويتمان، مارك توين، إيميل زولا، فيكتور هيجو، تشارلز ديكنز، جوته، موليير، جون دون، ميلتون، فولتير، وليم فوكنر، جيمس جويس، بريخت، كافكا، عذرا باوند، صمويل بيكيت، مايا أنجلو، ميلان كونديرا، جارثيا ماركيز، تشينوا أتشيبي، إيزابيل الليندي، إرنست هيمنجواي، ت س إليوت، ثم يطالعُك وجها المصريين الشهيرين: "نجيب محفوظ"، و "نوال السعداوي"، فتشرقُ على وجهك ابتسامةُ الرضا. على غلاف الكتاب اختاروا ستة عشر وجهًا من أولئك العباقرة، من بينهم صورة الدكتورة "نوال السعداوي"، الطبيبة والمفكرة والروائية والمناضلة المصرية التي احتفى بها كلّ العالم فكانت تُبسَطُ تحت قدميها السجاجيدُ الحمراء تخطرُ عليها حين تُستضاف في محافل العالم لكي تُحاضِرُ أو تناقَش أو تقدّمُ الأوراقَ البحثية في المؤتمرات الأدبية والعلمية المختلفة، فتحتشدُ الجموعُ على الجانبين حين تخطو، وتلاحقُها الكاميراتُ والصحفيون المتشوّفون لكلمة منها، وتزدحم القاعاتُ بالحضور حين تعتلي المنصّاتِ لكي تتكلم، وتعرض أفكارها التنويرية حول حقوق المرأة كإنسان راشد كامل الأهلية العقلية والسيادة الذاتية، بوصفها الكائنَ الأرقى الذي يسهمُ بالدور الأكبر والأهم في ميلاد وتنشئة البشرية والنهوض بها. يحتفي الكتابُ بالمصرية "نوال السعداوي" التي استعارت مدارسُ العالم الأول وجامعاتُها العديدَ من أعمالها لتضعها في المناهج الدراسية، ومازال اسمُها، وسوف يظلُّ، ضوءًا ساطعًا ينبعُ من أرض مصرَ وينتشر في جميع أرجاء الأرض.
يهدفُ الكتابُ الصادر بالإنجليزية، والذي أرجو أن أترجمُه للعربية ليكون إضافة مهمة للمكتبة، إلى مشاهدة كل كاتب في سياقه التاريخي ومجال تأثّره وتأثيره الثقافي؛ عبر استكشاف حواديت حيواتهم الشيقة، وقصص حبهم ومناطق شغفهم وأفكارهم الرائدة التي ساهمت في تغيير وجه التاريخ. في كل باب من أبواب الكتاب المئة، وُضع بورتريه فوتوغرافيا للكاتب/ـة، وصورٌ من منزله وغرفة مكتبه، وصور لمخطوطاته القلمية بخط اليد، وخطاباته وأغلفة الطبعات الأولى من كتبه/ـا، وببلوغرافيا عن منجزه الأدبي والفكري، وقصص من صداقاته، ودوائر معارفه التي ألهمته وأثّرت في وعيه ورؤاه، وسياحة تجوالية بين المفاتيح التي صاغت أفكاره/ـا ضمن سياقاتها التاريخية التي عاشوا فيها. يقدّم كتاب "كُتّاب غيروا التاريخ" رؤية كاشفة للشرط الحياتي الشاقّ الذي دفع أولئك الرواد لحفر طريق جديد لاستكشاف العالم.
دعوني أترجم لكم شيئًا من مقدمة مؤلف الكتاب "جيمس نوجتي": (اعتذرَ لي أحدُ أشهر المؤلفين عن اضطراره للاختفاء عن الأضواء والحياة العامة قائلا: “على مدى ستة أشهر أحاول إكمال رواية!!” ولم أكن بحاجة إلى مزيد من التوضيح. لقد كان الروائيُّ بحاجة إلى العودة إلى بوتقة الانصهار، لأن معركته مع القلم لا يمكن تغافلها ويجب أن تُحسَم بطريقة أو بأخرى. القلمُ بين أصابعه، وعيناه شاخصتان في الورقة البيضاء. الكتّاب الموهوبون من الروائيين والشعراء في هذا المجلد، وغيرهم من حشود المبدعين، جميعهم لابد قد سمعوا هذا النداء المُلحّ الذي يجتذبهم بعيدًا عن الحياة. وجميعهم قد تعلّموا، بدرجات متفاوتة من الوجع والبهجة، أن الأمكنة التي يُقتادون إليها رغمًا عنهم هي بالضبط حيث مُقدّرًا لهم أن يكونوا. الفصل الأول للكاتب لا يبدأ بوضع الكلمة الأولى في الورقة، بل يبدأ بالإنصات الواعي لهذا النداء السحري. هذا حقيقي للكتّاب المجبولين على مواجهة العالم المحيط بهم، والذين بأقلامهم يرومون خلق عوالم جديدة وبعيدة من صنع خيالهم. لم يستطع واحدٌ من الكتّاب المرموقين الفرارَ من هذا الصراع وذاك النداء وتلك المعركة. هذا ما نعرفه عن السر السحري المُحيّر لأولئك العظماء، ذلك السؤال العصيّ حول كيف كتبوا ما نعشق من إبداعهم، وحين لا نعرف الإجابة نتأكد أن أولئك العظماء بشرٌ استثنائيون. يصنعون ما لا نستطيع صناعته، ولهذا نحتاجُ إليهم. ولكننا لا نشعرُ نحوهم بالحسد، وكيف نفعل وهم مصفّدون بسلاسل داخل دوائر النار المتأججة!) لكم أتوقُ إلى ترجمة هذا الكتاب الجميل.
***