من أجل ثقافة جماهيلرية بديلة-غورباتشوف والغورباتشوفية -عن منتديات يساري - 5


عبدالرحيم قروي
2024 / 11 / 20 - 16:48     

الحلقة الخامسة

الغورباتشوفيه راية للهجوم على اللينينية باسم ستالين
أول مايذكرنا به اسم ستالين في أي مكان من العالم هو مرحلة إنشاء الاشتراكية . إن إضافات ستالين إلى المخزون الماركسي اللينيني لاتنكر حتى من ألد أعدائه . لأن الحقيقة ملموسة . لم يستطع أحد أن يطال بلسانه نجاحات ستالين التي لاتناقش كقائد حزب مقاوم ضد الأعداء الداخلين والمخربين ، وكافة الهجمات بدءاً من المرحلة التي كان فيها الاتحاد السوفيتي البلد الوحيد الاشتراكي في العالم ، حتى مرحلة الحصار و التطويق الإمبريالي ، والناجح في تعبئة الأطر الجماهيرية العمالية والفلاحية العريضة في وسط مساعد على بناء الرأسمالية أكثر مما هو مساعد لتأسيس الاشتراكية حسب قول لينين، وقاد إلى النصر الدفاع عن الوطن الأم للاشتراكية بوطنية كبيرة ضد الهجمة النازية، واحتلالها، وعبأ الجماهير بكثير من الصعوبات من أجل (( التحرر الثاني الجديد))، وضحى، وصمد في أثناء ترميم ما هدمته الحرب وتضميد الجراح.
وهذا ما قاله غورباتشوف حول إنشاء الاشتراكية:
(( فهمت الجماهير مخططات الحزب والأهداف والشعارات المكونة لروح ثورة أكتوبر، وقبلت ضرورتها، وترجمتها باندفاع أذهل ملايين المواطنين السوفيت المتوحدين لتأسيس صناعة في البلد ))
(( لم يتأخر الشعب عن خلق المعجزات في أحلك الظروف مع غياب المكننة وهو يواجه شبه قحط. إن مصدر الإلهام، والشعور الذي حركه هو وعي الأهمية التاريخية لما يقوم به )) ( غورباتشوف - طريقنا طريق أكتوبر، طريق الطليعة - ص17)
نعم، أقر غورباتشوف بسياسة الحزب في مرحلة بناء الاشتراكية بقيادة ستالين ويقول عنها: (( من غير الممكن اختيار طريق آخر )) (المصدر السابق نفسه - ص16)، ولايستطيع التهرب من الحقائق التي ثبتت صحتها عملياً، ولكنه من جهة أخرى لايتأخر عن تحضير الأرضية لتشويه مرحلة ستالين، فَدَسَّ عبارات مبهمة بين الأسطر لتشويه الموقع الحق الذي اكتسبه ستالين دولياً.
(( .. على الرغم أنهم لايعرفون القراءة والكتابة، لكنهم تلقوا تربية كافية، فقد عملوا بحدسهم الطبقي عملاً عظيماً لم يُر مثله )) ( المصدر السابق - ص17)
أي أنه لم يكن ثمة خيار آخر لتطبيق ما نفذه الحزب من سياسة، لهذا السبب طبقت تلك السياسة، وهذا من زاوية رؤية غورباتشوف أيضاً. ولكن العنصر المؤثر في الموقف الواعي للجماهير التي طبقت هذه السياسة، على الرغم من كل جهالتها هو الحدس الطبقي فقط. هذا ما يقوله تماماً غورباتشوف. وبضربة قلم واحدة يلغي تأثير الحزب البلشفي الموجه والمعلم والمحول للجماهير العريضة. لنبين أن غورباتشوف أضاف (!) في طرحه بأن بناء الاشتراكية تم بحدس الجماهير إضافة جديدة للمخزون الماركسي اللينيني. المشكلة الحقيقية هنا هي إنكار الموقع الحق الذي كسبه الحزب بسياسته مع الجماهير العريضة، وبذله الجهد للاستخفاف بالروابط القوية مع الجماهير. ويغذي غورباتشوف هذا الجهد بأفكاره الجديدة التي أنتجها حول عهد ستالين، ويتوضح المفهوم بشكل متكامل، وتبرز البنية الحقيقية:
(( وفي الوقت نفسه شهدت المرحلة المذكورة الإيمان بالصلاحية الشديدة المركزية عالمياً، وأن الطريق الأفضل والأقصر لأية مشكلة، أو لكل المشاكل يمر عبر الأوامر والتوجهات (...) ظهرت إدارة تعتمد على الحكومة وقيادة الحزب، وقويت البيروقراطية )) (المصدر السابق - ص 17 )
تستطيع الجماهير بحدسها فهم ضرورة بناء الشتراكية، ولكن قوة الحدس ذاتها لاتكفي لمقاومة البيروقراطية والأوامر والتوجيهات (!). من الممكن الاعتقاد أن غورباتشوف لايدرك ما يقوله، مع أن ما يقوله هنا لايتطابق مع ما يقوله هناك. ولكن ثمة جانب واحد فيه توافق وتناغم، وهو يتركز على استصغار ستالين وتشويهه، والآن لنقارن بين رؤيتين له:
الأولى: أن المحرك الجماهيري في فترة بناء الاشتراكية ليس الحزب البلشفي، بل حدس الجماهير، وبهذا يسحب غورباتشوف شرف بناء الاشتراكية من يد الحزب وستالين، ويعطيه للجماهير، وما وراء الكلمات الحماسية استنكار للدور الطليعي القيادي للحزب، وهكذا يكون قد هدم ((أسطورة ستالين)).
الثانية: في عصر ستالين - حسب غورباتشوف - طبقت مركزية إلى حد بدت فيه الجماهير تدار بالأوامر والتوجيهات. هنا لابد للقارىء أن يتساءل: قبل قليل قال: إن الجماهير تحركت بحدسها .. وأهمل دور الحزب التعليمي والتوجيهي. والآن يقول عن الجماهير ذاتها: اعتادت التحرك بالأوامر والتوجيهات؟ نعم، لايمكن فهم جواب هذا السؤال إلا بالفهم الصحيح لهدف حملة تشويه ستالين.
وبقدر ما لهاتين الرؤيتين من هدف لإزالة الموقع الحق الذي أوجده ستالين، فالأكثر من هذا هو ضرورة وضع خط تحت إرادة إلقاء الظلال على الدور الذي لعبه الحزب الشيوعي في تنظيم الاشتراكية وتطويرها. بانتقادات غورباتشوف لستالين ينكر دور الحزب الشيوعي السوفيتي التعليمي والمحول للجماهير في مرحلة تنظيم الاشتراكية، حتى إنه يتهمه بالبيروقراطية والاستبداد، وهكذا حضر قاعدة من أجل إزالة ثقة المجتمع بالدور الطبيعي للحزب .عندما تصبح ثقة المجتمع في الحزب اللينيني وسياسته في موضع نقاش سيدخل الإنسان السوفيتيي حسابات البحث عن خيارات مختلفة وثمة عمل لتحضير هذا الوسط، وهذا مايرى اليوم بصورة أوضح . مع أنه من الواضح أ ن نهج غورباتشوف الذي يناسب الاشتراكية الديمقراطية لايتطابق أبداً مع ما يهدف إليه من ديمقراطية بورجوازية مع (( حزب وحيد )). ولأنه معروف أن الإنسان السوفيتي لن ينجرف في التيار الذي يشير إليه غورباتشوف بلحظة واحدة فمن الواضح جداً أن زعزعزة الثقة بالدور الطليعي للحزب في المرحلة الأولى يشكل درجة هامة على صعيد تحقيق الأهداف الطويلة الأمد.
إلى جانب كل هذا أعطى غورباتشوف أهمية لإبراز التناقض بين لينين وستالين لكي يقدم سياسته تحت قناع اللينينية.
وبهذا المفهوم يذهب إلى الثلاثينات، ومرحلة الحرب ضد ملاكي الأراضي الزراعية، ويعيد طرح بعض الأخطاء التي قُدِّم فيها نقد ذاتي، وصححت، وبهذا يريد ترك انطباعاً بأنه قدم اكتشافاً كبيراً :
(( في إعادة تشكيل الحياة الريفية، والانكباب على مشاكلها - كما في الصناعة - كانت المركزية الشديدة وعلاقات الأوامر والتوجيهات من الأشياء التي يجب ألا يسمح بها.
يجب القول بصدق: في المرحلة الجديدة: هناك قضية إضعاف الرؤية اللينينية، والتسامح حتى إزالتها نهائياً ضد مصالح الفلاحين الكادحين...
ومن الممكن اليوم رؤية انحرافات في السياسة الموجهة نحو الفلاحين في هذا المشروع الضخم الذي يؤثر على غالبية السكان في البلد (...) إن السياسة المتبعة ضد كبار ملاكي الأراضي الزراعية وهي في الحقيقة صحيحة، توسعت إلى حد شموليتها قسم مهم من الملاكين المتوسطين. وهذه حقائق تاريخية )) (المصدر السابق ص17 - 18).
وكما يفهم من هذا، يقول غورباتشوف: حدث انحراف في سياسة الترابط العمالية الفلاحية اللينينية، وهكذا يكون قد وضع في رأسه ومنذ زمن طويل تحضيرات إعلان ستالين معاد للينينية. لكن غورباتشوف لم يكتف بهذا. ما أراده في الحقيقة هو ضرب عصفورين بحجر واحد. عمل على ربط الأخطاء المرتكبة بحق ملاكي الأراضي الزراعية المتوسطين بالسياسة المركزية ( إقرأوها أنتم ديكتاتورية البروليتاريا) و في الحقيقة يريد أن يقول: كم هي ديكتاتورية البروليتاريا مضرة .
قَبِلَ الحزب البلشفي سياسة إزالة طبقة الملاكين الزراعيين الكبار (كولاك) في 5 كانون الثاني 193.. من زاوية الحزب البلشفي يمكن اختصار هذه السياسة بالاعتماد على الفلاحين الفقراء، والتحالف مع الفلاحين المتوسطين، وإزالة الملاكين الكبار. في إطار هذه السياسة بدأ الحزب البلشفي بمخطط تأسيس النظام التعاوني وفق سرعة مناسبة لخصوصية كل منطقة. حسب هذا المخطط كان التاريخ النهائي لإزالة الملاكيين الكبار نهائياً وإنهاء عملية التأسيس التعاوني هو 1933. ولكن في قسم من الجمهوريات المحلية ظهر أنه حصل انحراف وراء نشوة النجاح المحققة. ولم تعط توجيهات الحزب المركزية أهمية، واكتسب التحول التعاوني سرعة قصوى. والأكثر من هذا، تم السقوط في بعض الأخطاء الأخرى خارج توجيهات الحزب المركزية.
برزت هذه الأخطاء بتجاوز الأساس الطوعي، ومصادرة أموال وأملاك بعض الفلاحين في مناطق مختلفة، وتهديدات ... إلخ. ولو أضفنا استفزازت بقايا الحراس البيض وملاكي الأراضي الكبار، سيبرز امتعاض جدي للفلاحين. وكان هذا الامتعاص تنبيهاً لفهم هذه الأخطاء وتصحيحها.
لكي لايولد المسير الخطر نتائج سلبية يجب عدم تأخير تدخل الحزب، وتطبيق سياسته، وهذا ما حدث. اتخذت سلسلة من الإجراءات الفورية لتصحيح الأخطاء، وصححت.
يعمل غورباتشوف على تحميل ستالين الأخطاء التي أوجدها ستالين نفسه وصححها ولكن ستالين معروف في النضال ضد التروتسكية، وبشكل خاص بحساسيته لقضية الفلاحين. دافع ستالين بحزم عن اللينينية في مواجهة تراوتسكي. أما غورباتشوف الذي يجهد نفسه من أجل إيجاد التناقض بين لينين وستالين، ألا يعمل على إعادة الاعتبار لتراوتسكي أكبر أعداء اللينينية؟ محرفوا اللينينية شاخصون أمام الجميع، لهذا يجب أن نمر ...
أما السفسطائية المدعية أن سبب التطرف في تطبيق التعاون نابع من السياسة المركزية .... فغورباتشوف هنا يلهث إثر إجراء تحريف كبير.
في الحقيقة إن السياسة المركزية رُسمت بشكل صحيح، ولكنها سقطت بأخطاء التطبيق في بعض المواقع، والسبب هو تجاوز بعض توجيهات الحزب. وقد برزت الحاجة مجدداً للتدخل المركزي لمتابعة الأخطاء وتصحيحها. ولم يتم تجاوز تلك التطرفات إلا بواسطة تلك التدخلات. عرف غورباتشوف أم لم يعرف هذه الحقائق، ثمة جانب واضح وهو أنه لم يستطع هضم نجاح التنظيم التعاوني في مطلع الثلاثينات.
أين مصدر عدم الهضم هذا؟
تطابق الانتقادات التي طرحها بوخارين حول مرحلة (النيب/NEP) وبوجود طروحات دوغماتية في الثلاثينات يقول: ((لقد قبل بوخارين وأنصاره خلال فترة قصيرة بأخطائهم)) (غورباتشوف - طريقنا طريق أكتوبر، طريق الطليعة - ص15) وبرأ بوخارين من أخطائه وعمل على تقديمها أخطاء تكتيكية.
مع أن القضية ليست بسيطة إلى هذا الحد. لو طرقنا شهادة الحزب البلشفي سنرى الحقائق بشكل أفضل :
(( في الوقت الذي انتقل الحزب إلى الهجوم على كبار ملاكي الأراضي، وبدأ بتطبيق الإجراءات ضدهم، واتخذ احتياطات غير عادية ضدهم، انزلق قناع مجموعة بوخارين - ريكوف، وانتقلت إلى الوقوف ضد سياسة الحزب علناً، ودافعت هذه المجموعة الإقطاعية أكثر من الإقطاعيين عن كبار ملاكي الأراضي علناً )) ( تاريخ الحزب البلشفي - ص364)
عمل بوخارين و مجموعته داخل الحزب على نشر ((نظرية تهدئة الصراع الطبقي)) واعتبروا الهجوم على الاقطاعيين ((تطرفاً)) . بالنسبة إليهم كلما نجحت الاشتراكية في مواجهة العناصرالرأسمالية سيترك الرأسماليون مواقعهم حتماً. لهذاالسبب فخوض الصراع الطبقي لاضرورة له ، وخاطئ و(( متطرف)) وكما يرى إن خطأ بوخارين ليس خطأ تكتيكياً بسيطاً ، بل خطأ لايمكن العفو عنه ، وهو الفرق بين إرادة الاشتراكية والحرب من أجلها ، أو عدم إرادة الاشتراكية والتصالح مع البورجوازية . على الرغم من لعب هذا التيار دور السلطة ، لكنه لم يعلن النصر بعد ، فقد كان انحرافاً يمينياً خان الاشتراكية في الظروف التاريخية المعطاة .
أما الغورباتشوفية فهي مظهر بوخاريني في مفصل حياتي مختلف. و ارتباطاً بالظروف المختلفة المعاشة فإنه على الرغم من احتواء نظرية التصالح الطبقي الغورباتشوفية على اختلافات شكلانية لكنها تمثل المفهوم البوخاريني جوهرياً. لكن نهج غورباتشوف في التصالحية الطبقية أكثر انفلاتاً و وقاحة بكثير من قادته الإصلاحيين. تكون طروحات أكاديمية العلوم السياسية التي تعمل مرتبطة باللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي مثالاً صارخاً على هذا الانفلات اللامتوازن. لنلق نظرة على التوجه الجديد الذي تعمل الأكاديمية على طرحه من خلال أطروحاتها حول التصالح الطبقي
((إن القيام بالمهمة الثورية في ظروفنا الراهنة تهم الجميع دون النظر إلى جذرهم الطبقي، و يجب تناولها من خلال الحرب المخاضة من أجل استمرار الحياة الإنسانية، وحماية إمكانية التقدم. أي من أجل تقديم حلول للمهمات الاجتماعية الطبقية. ثمة ضرورة للتصالح و التعاون بين القوى الاجتماعية التي انفصلت بواسطة الجدران الطبقية. تكمن غرابة الوضع أن عدونا الطبقي سيكون معنا من أجل حالات تهم الإنسانية ككل )) ( نظرة العالم - 38 - ص 37 ) يبرز هذا الطرح الوجه الحقيقي للنهج الغورباتشوفي بشكل مباشر . يعمل هذا المنطق على النحو التالي : خطر الحروب النووية ، والمجاعات ، والقضايا البيئية هي قضايا عامة تفقز أمام الصراع الطبقي ، وعدم حل هذه القضايا العامة سيؤدي إلى زوال الكرة الأرضية . وزوال الأرض لايفيد الاشتراكية ولا الإمبريالية . في هذه الحالة لنمد يدنا إلى الطبقة المعاكسة لنا ونعمل قبل كل شيء على حل هذه القضايا العامة . لهذا السبب يجب أن تتوقف حروب التحرر الوطني على الصعيد العالمي ، وإحلال التفاهم والحوار والتعاون و التصالح محل التناقض الطبقي داخل الدول . وباسم إنقاذ(!) الإنسانية يقدم غورباتشوف مقولات: احنوا رؤوسكم يا شعوب دول المستعمرات لاستغلال الاحتكارات الإمبريالية ، ويا بروليتاريا الدول الأوربية عودوا عن نضالكم ، ويا أحزاب الدول الاشتراكية الشيوعية افتحوا الطريق للرأسمالية . إن النتائج التي خلفها نهج غورباتشوف التصالحي بين الطبقات شاخصة أمام الجميع . والمشهد الآن لايفتح النفس من زاوية الاشتراكية ، ولتناول القضية الآن من زاوية أخرى .
كيف سيسمى (( البوخارينيون الجدد )) ، المدافعوان عن التصالح الطبقي؟ إن سلطة غورباتشوف البوخارينية الجديدة على رأس عملها. أي أن الانحراف اليميني حقق النصر في الحزب، وهنا لنترك الحديث لستالين:
(( نجاح الانحراف اليميني في حزبنا يعني قوة العناصر الرأسمالية في بلدنا إلى أقصى درجة. حسن، ماذا يعني تقوية العناصر الرأسمالية في بلدنا؟ يعني ضعف ديكتاتورية البروليتاريا، وزيادة احتمالات بعث الرأسمالية مجدداً. هذا يعني أن انتصار الانحراف اليميني هو بعث الرأسمالية في بلدنا، وقوة شروط فرض سيطرتها )) ( ستالين - قضايا اللينينية - ص285)
تبنى غورباتشوف النهج البوخاريني المناهض للينينية، وانتقد سياسة ستالين المطبقة على الفلاحين، وأول عمل قام به على هذا الصعيد هو إعادة الاعتبار لبوخارين. ومما لاشك فيه إن تبني نهج نوقش في الماضي وأدين، يرتبط بتبرئة هذا النهج وإعطائه مشروعية. حوكم بوخارين عام 1937، وحكم لارتكابه جرائم ضد السلطة البروليتارية والسوفيتية. لو تركنا جرائم بوخارين الأخرى جانباً، فإن جهده لإضعاف ديكتاتورية البروليتارية المبني على نظرية التصالح مع الرأسمالية التي دافع عنها ضمن الحزب كافية لإصدار الحكم بحقه. كذلك لم ينل بوخارين نصيباً في حملة إعادة الاعتبار التي ظهرت مع قرارات المؤتمر العشرين. لأن تبني بوخارين الفائحة رائحته ودعمه بشكل مباشر يحتاج إلى جرأة. ولم يستطع خريتشوف أخذ النتائج التي يسببها إعادة اعتبار بوخارين بعين الاعتبار فلم يقدم على خطوة عملية على هذا الصعيد. أما بريجنيف فقد أوقف حملة إعادة الاعتبار.
غورباتشوف هو الذي نال شرف (!) إعادة الاعتبار لبوخارين . يفهم بشكل جيد أن غورباتشوف الذي يكرر بوخارين بشكل وقح عندما يرد الاعتبار لبوخارين، فمن أجل كسب الاعتبار لنفسه .
إن انتقادات غورباتشوف لستالين في الحقيقة تستهدف اللينينية، وهذا ماتوضح الآن بصورة أفضل . لننه كلامنا في هذا الموضوع بكلام لينين في معرض رده على أمثال غورباتشوف المتكلم عن أخطاء السياسة المركزية، وخلف هذا الكلام تبني لبوخارين وهجوم على ستالين وإهمال لديكتاتورية البروليتاريا (لايمكن إلا للماركسي أن يوسع الاعتراف بالصراع الطبقي إلى القبول بديكتاتورية البروليتاريا )) (لينين- الدولة والثورة- ص45 ). كيف يقيم لينين غورباتشوف الذي لايرفض ديكتاتورية البروليتاريا فحسب، بل يرفض حتى الصراع الطبقي ؟
يتبع