بوب أفاكيان – الثورة عدد 54 : لماذا رغم أنّه كان من الضروريّ التصويت لبايدن سنة 2020 ، التصويت له في الانتخابات القادمة هذه السنة سيكون خطأ فظيعا
شادي الشماوي
2024 / 11 / 5 - 00:35
بوب أفاكيان 21 جوان 2024
www.revcom.us
سبب كون التصويت لبايدن هذه المرّة سيكون خطأ فادحا ليس مجرّد أنّ أعماله تدعم الدعم الكامل لإسرائيل في مذابحها الإبادية الجماعيّة للشعب الفلسطيني .و مهما كان ذلك فظيعا ، فإنّ جرائما من هذا النوع يقترفها هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي بصفة مستمرّة – إنّها مبنيّة في أسس و تنبع من ذات طبيعة هذا النظام . و بإستثناء نوع الظروف الخارقة للعادة التي وُجدت سنة 2020 و التي ناقشتها في رسالتى السابقة ( عدد 53 ) ، الطبيعة الوحشيّة لهذا النظام ستكون أكثر من سبب كاف لعدم التصويت لأيّ سياسي يبحث عن تمثيل هذا النظام . لكن مجدّدا ، مثلما تعمّقت في ذلك في تلك الرسالة السابقة ، هناك أسباب خاصة – ظروف إستثنائيّة – للماذا كان من الضروريّ و الصحيح التصويت لبايدن سنة 2020 . و هناك الأسباب الأعمّ للماذا سيكون ذلك خطأ فادحا الآن .
لقد تحدّثت عن هذا في بيانى للسنة الجديدة سنة 2021 ، " سنة جديدة ، الحاجة الملحّة إلى عالم جديد راديكاليّا – من أجل تحرير الإنسانيّة جمعاء " ( متوفّر ضمن أعمال بوب أفاكيان المجمّعة على موقع أنترنت revcom.us ) :
" إنّ الهزيمة الإنتخابيّة لنظام ترامب / بانس لا توفّر عدا " كسب بعض الوقت " – في كلّ من العلاقة بالخطر الذى تطرحه الفاشيّة التي يمثّلها هذا النظام و أكثر جوهريّة و بمعنى أزمة الوجود التي تواجهها بصفة متصاعدة الإنسانيّة بفعل ديناميكيّة هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي . لكن ، بالمعنى الأساسي ، ليس الوقت إلى جانب النضال من أجل مستقبل أفضل للإنسانيّة . لذا ، الوقت الذى لدينا لا يجب أن يضيع – لا يجب أن نبذّره في الأنانية الغافلة و الشلل السياسي أو أن نضيّعه في نشاط توجّهه سيّء و لا يفعل سوى تعزيز هذا النظام الذى يؤبّد فظائع لا نهاية لها بالنسبة إلى جماهير الإنسانيّة و قد أوصل الأمور إلى حافة كارثة حقيقيّة جدّا . "
و :
" حتّى بينما كانت أهميّة التصويت في هذه الانتخابات التي أدّت إلى هزيمة حيويّة لنظام ترامب / بانس و محاولاته مزيد تعزيز أتمّ للحكم الفاشيّ حيويّة ، لا ينبغي أن نسمح بحجب هذه الحقيقة الحيويّة : الإستقطاب بين الديمقراطيّين و الجمهوريّين كما يتمّ التعبير عنه عبر السيرورة الإنتخابيّة في هذه البلاد ، يعنى النزاع حول كيفيّة الدفاع عن و التقدّم بمصالح النظام الرأسمالي – الإمبريالي و حكم الطبقة الرأسماليّة . إنّه لا يمثّل الإنقسامات الأساسيّة في المجتمع و العالم و لا المصالح الأساسيّة للجماهير الشعبيّة في هذه البلاد و في العالم ككلّ . و كذلك ليس بوسعه معالجة المشاكل العميقة التي تواجه الإنسانيّة – و في الواقع ، ليس بوسعه سوى أن يزيدها سوءا – ضمن إطار هذا النظام الإضطهادي والإستغلالي القاتل و الفوضى و الدمار الذين يواصل إطلاق العنان لهما على نطاق واسع ، طالما ظلّ يهيمن على العالم ."
هنا المسألة واضحة : بالنظر إلى الظرف الخاص الذى نشأ في انتخابات سنة 2020 – مع الخطر الداهم لمزيد تعزيز ترامب للفاشيّة و القوى التي يمثّلها – ذلك الظرف الخاص مضى و وضع محدّد جديد ظهر بعد تلك الانتخابات مع إخفاق ترامب في محاولته الإنقلابيّة للبقاء في السلطة بعد خسارة الانتخابات .
في أكثر من ثلاث سنوات منذ كتابة ذلك البيان للسنة الجديدة ، واصلت التشديد على أنّه لا يجب إضاعة الوقت في البحث عن حلّ الفظائع الحقيقيّة جدّا التي تواجهها الإنسانيّة بالبقاء في حدود و ديناميكيّة هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، وهو مصدر هذه الأهوال . بدلا من ذلك ، مع إحتدام كبير للتناقضات المحدّدة لهذا النظام ، في العالم ككلّ و خاصة في هذه البلاد – بما في ذلك نوع الإنقسامات العميقة و العدائيّة في صفوف الطبقة الحاكمة للبلاد لم نشهد لها مثيلا منذ إقتراب الحرب الأهليّة في ستّينات القرن التاسع عشر : هذا " زمن نادر " فيه ثورة تطيح بالنظام برمّـه ، أجل في هذا البلد الرأسمالي – الإمبريالي القويّ ، ليس ضروريّة بصفة إستعجاليّة فقط بل أيضا صارت ممكنة أكثر – ليست أكيدة ، و بالتأكيد ليس يمكن بلوغها بسهولة ، بل ممكنة – و هذا " الزمن النادر " لا يجب التفريط فيه ( إضاعته ، إهداره ) و إنّما يجب إستغلاله عمليّا من كلّ من يتطلّع حقّا و يتعطّش إلى نمط حياة مختلف جوهريّا و تحريريّا و ملهما .
و لنكثّف هنا جوهر المسألة . كان من الصحيح و الضروريّ كسياسة تكتيكيّة في الظروف المباشرة الخاصة لسنة 2020 التصويت لبايدن في تلك الانتخابات ، لمنع المزيد من تعزيز الفاشيّة بالذات حينها . لكن تكرار ذلك الآن سيُحوّل ما كان ضرورة تكتيكيّة إلى كارثة و هزيمة لقضيّة الثورة التي تمثّل الحلّ الإيجابي الوحيد للتناقضات العميقة و الحادة لهذا النظام. الزمن لا يتوقّف و الظروف تتغيّر . و التصويت في الانتخابات هذه المرّة لن يعني تشريع ببساطة مرّة أخرى للعادة المتكرّرة للتصويت ل " الأقلّ سوءا " الديمقراطيّون ( أو في حال البعض ، التصويت عمليّا " للأسوأ " ، ترامب ، نتيجة قرف من بايدن و الديمقراطيّين ). و المحاججة من أجل التصويت في هذه الانتخابات سيجعل في الجوهر مبدأ من السقوط في أحابيل التصويت لهذا النظام ( و هذا ما تمثّله حقّا هذه الانتخابات ) . سيعزّز تعزيزا كبيرا الدفع القويّ بعدُ – رغم أنّ بعض الناس باتوا مغتربين عنه ، و نهضوا يقومون ، هذا النظام و الفظائع التي يقترفها بإستمرار – لن يقطعوا أبدا مع حدود هذا النظام ، لأنّ كلّ بضعة سنوات سيُجلبون ليعودوا إلى القبول بإطار هذا النظام ، و " المصادقة " على جرائمه الوحشيّة ، بالمشاركة في إنتخاباته .
و كمسألة عمليّة ، التصويت لبايدن هذه المرّة ليس بتاتا " ضمانة " منع ترامب من الصعود إلى السلطة و التطبيق التام لأجندته الرهيبة حقّا . أوّلا و قبل كلّ شيء ، حتّى الناس الذين يشعرون بالقرف من بايدن" يسدّون أنوفهم " و يصوّتون له، لا يزال من الممكن أن يتمكّن ترامب عمليّا من كسب الانتخابات . و إذا ، كما في سنة 2020 ، يكسب بايدن عمليّا – ليس في التصويت الشعبي العام فحسب بل في حسابات المعهد الإنتخابي أيضا – نهائيّا لا وجود لضمان بأنّ ترامب سيعترف بذلك و يقبل به – في الوقاع ، من الأكيد تقريبا أنّه لن يفعل ذلك ، و يرجّح أن يحصل حتّى على دعم أكثر تصميما من الحزب الجمهوريّ و مؤسّسات مفاتيح أخرى بأنّه الفائز " الشرعيّ " ،و يتصرّف على ذلك الأساس . و هذه المرّة ، ليس من العسير أبدا تصوّر أنّ الكنغرس الذى يهيمن عليه الجمهوريّون سيُعلن ببساطة ترامب الفائز ، بأيّ حال من الأحوال – و كذلك ليس من العسير تصوّر أنّ المحكمة العليا التي يهيمن عليها الفاشيّون ستصدر حكما بأنّ ذلك " قانونيّ " . في مواجهة هذا ، إمّا سيستسلم بايدن و الديمقراطيّون و يدعون ترامب يفتكّ المنصب ، و إمّا سيرفضون القيام بذلك و سيبحثون بدلا من ذلك عن فرض الفوز في الانتخابات الذى حقّقه بايدن عمليّا ( لكن الذى رفض ترامب و حلفاؤه الإقرار به ) . و مثلما أشرت إلى ذلك في الرسالة عدد 11 :
" يمكن لهذا أن يؤدّي إلى صدامات مسلّحة بين الفئات المتعارضة من الطبقة الحاكمة قد تتطوّر حتى إلى مواجهات عسكريّة على نطاق واسع – نوع جديد من الحرب الأهليّة . "
في هكذا وضع ، كلّ من يشعر بالمرض تجاه الفظائع التي يقترفها هذا النظام – و " الخيارات " التي يوفّرها للناس ، وهي لا تشمل خيارات إيجابيّة حقّا أبدا – ستكون الحاجة الملحّة هي الإلتحاق بالشيوعيّين الثوريّين الذين سيقومون بفضح واقع ما يحدث بحدّة و يشرحون لماذا يجرى ذلك و يقدّمون بحيويّة الحلّ الإيجابيّ الوحيد لكلّ هذا ؛ التحرّك بصفة إستعجاليّة و حاسمة ، لتغيير الإصطفاف برمّته ، " الإستقطاب " برمّته في المجتمع – معيدة الإستقطاب بسرعة على نحو يكون مواتيا بشكل متنامى للثورة – كسب الجماهير الشعبيّة من كافة أنحاء المجتمع ، لإحداث قطيعة مع كامل النظام و التحوّل إلى جانب الثورة .
خلاصة القول : بكلمات جوهريّة و عامة ، ما من حلّ جيّد لهذا ضمن حدود هذا النظام . و حتّى بمعنى منع ترامب من الصعود إلى السلطة و تعزيز الحكم الفاشيّ ، التصويت لبايدن لا يضمن ذلك . و أكثر من ذلك ، الإنجثاب إلى التصويت لبايدن يربط الناس إلى النظام الذى ولّد الفاشيّة و يحرمهم من المشاركة في قوى الثورة التي نحن في حاجة إستعجاليّة لها – و التي بقوّة ليس الآلاف فقط بل الملايين يمكن أن تكون لديها فرصة إنجاز هذه الثورة – إلحاق الهزيمة بالفاشيّة كجزء من الإطاحة بكامل هذا النظام الوحشيّ الذى ولّد هذه الفاشيّة ، إلى جانب كلّ الفظائع الشنيعة الأخرى التي يقترفها بإستمرار.
و الإستنتاج الأساسيّ من هذا : المشاركة في و العمل بصفة إستعجاليّة من أجل تلك الثورة ، الآن ، هو المطلوب لأجل معارضة ذات مغزى حقيقي لكلّ من الجنون و الخطر الفاشيّين الذين يمثّلهما ترامب ، و الأشياء المريعة الواقعيّة جدّا التي يمثّلها جو بايدن الإبادي الجماعي و العنف المدمّر الذى إستخدمه و يهدّد بإستخدامه خدمة للمصالح الفاسدة لهذا النظام . العمل بنشاط من أجل هذه الثورة هو الوسيلة الوحيدة لكنس هذا النظام ككلّ إذ هو منبع هذا الجنون الواقعي جدّا و العذابات الذين يمثّلهم كافة هؤلاء السياسيّين و يبحثون عن فرضهم ، بوسائل وحشيّة حقّا .