الدولة والإنسان


محمد رضا كاظم الموسوي
2024 / 10 / 23 - 19:59     

منذ أن تكونت الدولة قبل ملايين السنين هي مؤسسة خدمية للشعب لأن الشعب هو الذي يملك الأرض وهي مشاعة له وأصبحت الدولة ومنتسبيها يستغلون الأرض ويستثمرونها لقاء أجور يطلق عليها (الراتب) من أجل سعادة الشعب ورفاهيته وأمنه واستقراره وإقامة المؤسسات التي تعلمه وتوفر الصحة له وتأمين مستقبله وقد اختار الإنسان رئيس الدولة الذي يثق به ويؤتمن له ويحافظ على أملاك الشعب وخيرات الأرض واستغلالها من أجل سعادته واستقراره وأمنه ومستقبله وبعد مرور الزمن قام رجال الكنيسة بالطغيان والاستبداد والسيطرة على أرض الشعب وخيراتها بالتواطؤ مع رئيس الدولة الذي أصبح خاضعاً لهم ومنفذاً ومطيعاً لأمرهم وتأسست من رجال الدين محاكم التفتيش الدكتاتورية الدموية في محاكمة وقتل كل من يخالف أمر وطاعة الكنيسة واستمرت هذه الظاهرة إلى القرون الوسطى وبعد أن ضج الناس وانفجرت الثورات ضد الاستبداد والحكم الدموي للكنيسة والحكام وبرز المفكرون وأصحاب الرأي واصطفوا إلى جانب الشعب وبعد أن قال الفيلسوف (باورز) : الإنسان ذئب لأخيه الإنسان رد عليه المفكرين جان جاك روسو وفولتير بأن سبب الظلم ليس من الإنسان وإنما من المجتمع والدولة وبرز الفيلسوف (مونتسكيو) وقام بتقسيم الدولة إلى ثلاث سلطات (التنفيذية والتشريعية والقضائية) وأصبح لكل سلطة مهمتها فالسلطة التنفيذية (مجلس الوزراء) هو تنفيذ المشاريع التي تخدم الشعب وأمنه واستقراره (السلطة التشريعية) متكونة من نواب يختارهم الناس من الشعب في مجلس أطلق عليه البرلمان ويجمع نواب الشعب وعمله القيام بمراقبة السلطة التنفيذية وعملها في خدمة الشعب والدفاع عن حقوقه أما (السلطة القضائية) فعملها يتركز في حل ومعالجة القضايا والخلافات بين السلطة التنفيذية والتشريعية وكذلك الخلافات بين الشعب وحسمها وحسم بعض الخلافات القانونية.
إن السلطة التنفيذية ورئيسها التي يختارها نواب الشعب (مجلس البرلمان) الذي يختارهم الشعب عن طريق بطاقة الانتخابات هي التي يتحمل كل ما يصيب الشعب من إهمال أو تقاعس في وسائل معيشته وأمنه واستقراره بالتواطؤ مع مجلس البرلمان مما يدفع الشعب باستعمال حقه الذي كفله الدستور إلى التظاهر والوسائل الأخرى من أجل إجبار والضغط على الحكومة (السلطة التنفيذية) قبل فترة من الزمن قامت باستيراد (25 ألف قنبلة مسيلة للدموع) من كوريا الجنوبية التي أثارت السؤال والعجب لدى الكثير من المفكرين والباحثين وأهل الرأي العراقيين وقد ظهر أن هذه الصفقة من القنابل هي بداية للحكومة العراقية لعملية استباقية ضد الناشطين في انتفاضة تشرين عام/ 2019 في محافظة ذي قار.
إن الحكومة العراقية هي التي تقوم بعملية الإحصاء والتخطيط في أسس الإصلاحات الاقتصادية والقيام بالمشاريع والمؤسسات التي تخدم الشعب والمفروض برئيس الحكومة أن يحسن ويصيب باختياره لوزراءه والمنتسبين في السلطة التنفيذية من أجل خدمة الشعب ... فليس الذنب يتحمله الشعب عندما يحتج ويتظاهر من أجل ضمان وتوفير حقوقه في التعيين والوظيفة والعيش الرغيد والأمن والاستقرار كما أن رئيس الحكومة يتحمل مسؤولية الضبط والإحصاء والتخطيط في الدولة.
إن الإنسان من نعومة أضفاره حتى مماته تتحمل الحكومة رعايته وتعليمه وصحته ومستقبله ومعيشته حتى رحيله من الحياة الدنيا لأن الدولة مؤسسة خدمية للشعب وواجبها استغلال أرض الشعب ما عليها وما في باطنها من خيرات هي تعود للشعب والدولة تتصرف بها من أجل إقامة المشاريع والمؤسسات التي تصب في مصلحة الشعب وعدم التصرف بعائدية هذه الأموال إلا لمصلحة الشعب لأنها هي التي توضع وترسم الخطط والإحصاء في سلوكها وتصرفاتها ومن خلال ذلك هي التي تتحمل المسؤولية وليس الشعب.
إن الجائع والفقير والبطال هم من الشعب وعندما يطالبون الدولة بإشباع بطونهم وعدم التسول والعمل هم يطالبون بحقوقهم من الدولة التي تستغل أرضهم وعندما لا تلبي الدولة مطاليبهم يلجأون إلى التظاهر والوسائل الأخرى من أجل تنفيذ مطاليبهم ... إن الدولة العراقية لم تحاسب في وقتها أي عام / 2019 المتظاهرين (انتفاضة تشرين عام/ 2019) وإنما الآن اعتقلت المئات من النائطين في عملية استباقية وإن هذه العملية لابد عن وجود سبب وخلفيات أخرى دفعت الحكومة القيام بها الآن ... وإلا ما هو السبب لذلك ؟