أليس المال المنهوب من أموال الشعب وحقا لخزينة الشعب.....2


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 8137 - 2024 / 10 / 21 - 12:28
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

والفرق بين الناهب، الذي صار ثريا، بطرق غير مشروعة، والثري، الذي أدرك ما أدرك، بطرق مشروعة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، هو أن الناهب، يوظف ثرواته: إما في الاستهلاك المبالغ فيه، وإما في اقتناء العقار، الذي يبيض فيه الثروات المنهوبة، حتى يخلفها من بعده، لورثته، إن كان له ورثة من صلبه. أما من اكتسب الثروات، بطرق غير مشروعة، كالتجارة، والصناعة، والزراعة، وتربية المواشي، فإنه يوظف ثرواته، في المجالات المنتجة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، بالإضافة إلى أن الناهب، يهرب ثرواته إلى خارج الوطن، بينما نجد أن الذي يكتسب ثرواته، بطرق مشروعة، فإنه يحافظ عليها في وطنه، ويوظفها في مشاريع منتجة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. والناهب، يمكن أن يتحول، إلى ريعي، أو تاجر الممنوعات، أو مهرب، عندما لا يصير مرتبطا بالمسؤولية، التي يتلقى عنها أجرا، بينما الذي يكتسب ثرواته، بطرق مشروعة، لا يفكر في ذلك أبدا.

وعادة ما يوظف الناهب الثروات، التي يجمعها، عن طريق النهب، إما في شراء العقارات التي يخزن فيها الثروات المنهوبة، وإما في الاستهلاك المبالغ فيه، ليرهب بكثرة استهلاكه هذه: الكادحين، الذين لا يستطيعون امتلاك ما يعوضون به، ما فقدوه من قوة العمل، حتى يستطيعوا بيع قوة عملهم، في المعمل، أو في المتجر، أو في الزراعة، أو في تربية المواشي، وغير ذلك، مما يشتغل فيه الكادحون من أعمال، تعتمد على القوة العضلية، بالدرجة الأولى، بخلاف الناهبين، الذين يهدرون ما فاض عن اقتناء العقار الحضري، أو القروي، من أجل تخزين الثروات، التي ينهبها، أو من أجل تبييضها، حتى تعتبر ثروات مشروعة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. حتى إذا وقف عليها، في آخر حياته، يجدها موثقة، ويتصرف فيها، كما يريد، بعد أن ينسى المواطنون، نهبه للمشاريع المختلفة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حسب اعتقاد الناهب: أن الجماهير الشعبية الكادحة، تنسى، والواقع: أنها لا تنسى، أبدا.

والناهب، لا يوظف الثروات، التي ينهبها، في مشاريع صناعية، وزراعية، حتى يوظفها توظيفا صحيحا، منتجا، ومفيدا للمجتمع، حتى لا يفضح نهبه للثروات الهائلة، التي يمكن أن تجعل المسؤولين: الأعلى منه، يسألونه عن مصدر الثروات، التي يوظفها في الصناعة، أو في الزراعة، أو في أي مشروع استثماري. وهو مسؤول، في إدارة الدولة، أو مسؤول، عن الجماعة الترابية، أو في أي إدارة دولتية، فيثير حوله التساؤلات: التي لا داعي لها. ولذلك، نجد أن الناهبين: لا يتجاوزون تبييض ثرواتهم، التي نهبوها، في اقتناء العقار، أو يهربونها إلى الحسابات البنكية الخارجية، التي لا يعلم عنها إلا الناهب، ومن أجل أن يحرص على التمتع بها، إذا ما كان هناك داع إلى اللجوء إلى الدولة، التي يوجد بها البنك، الذي يوجد به حساب الناهب.

ونظرا للأمية الفكرية، التي تسود، حتى لدى المتعلمين، فإن الناس الذين يعتبرون الثراء، أو عدمه، من عند الله، فإننا نجد أنهم، لا يلتفتون إلى عملية النهب، التي كان يمارسها، ولا يذكرون أن الناهب: نهب المشاريع المختلفة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تبقى منعدمة: وإذا تم إنجازها، فإنها تصير مغشوشة، بسبب انعدام الجودة، مما يجعل الناس، الذين يعتبرون ثراء الناهب، عطاء من الله، والله لا يعطي الأموال المنهوبة، وإلا لكان ظالما. ونحن ننزه الله تعالى، عن أن يكون ظالما. والظلم من شيم الأثرياء، وليس من الله تعالى، الذي لا ننسب إليه ما يضر الناس، وما يسيء إليهم، طبقا للآية الكريمة:

(فما أصابك من حسنة، فمن الله، وما أصابك من سيئة، فمن نفسك).

بقدر ما نعتبر ذلك، من ممارسة المسؤولين، الذين يتحملون مسؤولية كل ما يقومون به.

وللتخلص من النهب، لا بد من القيام بالعديد من الإجراءات، التي تعتبر أساسية، لمحاربة النهب، وإخضاع كل الأثرياء المشكوك في عدم سلامة ثروتهم، مما يسيء إليهم، وإلى عائلاتهم، وإلى المسؤوليات التي كانوا يقومون بها، سواء كانت جماعية، أو إدارية، أو غيرها، من المسؤوليات التي تمكن المسؤول، أي مسؤول، من النهب المباشر، أو غير المباشر، لا بد من:

1) سن قانون:

من أين لك هذا؟

حتى يتم تفعيله، في اتجاه التخلص من النهب.

2) تكوين لجن للمراقبة، بدون تعويض، على أساس التفرغ من العمل، الذي يمارسه في أي جماعة، وفي أي جهاز، من أجهزة الدولة، على أساس أن يترأسهم قاض، من قضاة المحكمة، من أجل تتبع جميع المشاريع: التي تقع في دائرة محكمة معينة، ابتدائية كانت، أو استئنافية، أو إدارية، أو تجارية، حتى يقوم هؤلاء، بدورهم، لصالح إنجاز المشاريع، كما يجب، والتي يتم تقييمها، ومراقبة الأشغال الجارية على جميع المستويات، وخاصة، على مستوى الجودة، حتى لا تتعرض مؤسسة المشروع، مستقبلا، للتلف، نظرا لعدم جودة الإنشاء، الذي لا يتطابق، أبدا، مع دفاتر التحملات، التي تلزم المقاول، باتباع شروط معينة، في إقامة المشروع الاقتصادي، أو الاجتماعي، أو الثقافي، أو السياسي، ومن أجل أن تخضع جميع المشاريع، لشروط دفاتر التحملات، حتى نضمن تنمية سليمة للمشاريع، وبالمشاريع، التي تنجز، في كل مكان من المغرب.

3) محاسبة جميع المسؤولين، عن ثرواتهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى تعتبر الدولة حريصة على ثورة الشعب، وعلى حريته، وحتى تصرف ثورة الشعب، فيما يجب أن تصرف فيه، مما يمكن اعتباره خدمة لمصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي خدمة مصالح الجماهير الشعبية الكادحة، وفي خدمة مصالح الشعب المغربي الكادح.

4) تفعيل قانون:

من أين لك هذا؟

الذي يقتضي إنشاء محاكم محلية، وإقليمية، وجهوية، ووطنية، التي تشتغل على قضايا التعمير، في مستوياته المختلفة.

والعوامل التي تجعل النهب مختفيا، وإلى الأبد، من المشاريع المختلفة، التي تتقرر جماعيا، ودولتيا، وتنفذ جماعيا، ودولتيا، في كل مجال جماعاتي، أو دولتي، على أساس:

1) حضور الضمير الوطني، والمهني، لدى كل مواطن مغربي، بما في ذلك: المسؤولون الجماعيون، والإداريون، وغيرهم، حتى يصير الضمير الوطني، والمهني، من العوامل التي تحول دون النهب الكلي، أو الجزئي، للمشاريع المختلفة.

2) حضور هاجس المراقبة الممكنة، في أي لحظة، من لحظات إنشاء المشروع، من قبل المسؤولين، الذين يقع المشروع في دائرتهم، عن طريق الهيأة التقنية، المخصصة لذلك.

3) الحرص من قبل المسؤولين الإداريين، أو الجماعيين: محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا، على إنجاز المشاريع، وطبقا لما هو وارد في دفتر التحملات، حتى يقف ذلك، وراء تقدم الوطن، وتطوره، ووراء تقدم الشعب، وتطوره.

4) توعية الناس، بأهمية إنجاز المشاريع المختلفة، على جميع المستويات، وبجودة عالية، حتى يطمئن المواطنون، وخاصة منهم العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والجماهير الشعبية الكادحة، والشعب المغربي الكادح.

وللعمل من أجل أن تصير الجماعات الترابية المغربية، بدون نهب، على الدولة، أو على الجهة التي تكون لها الوصاية على الجماعات الترابية:

1) أن تعمل على محاربة الفساد الانتخابي، بكافة الوسائل، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالمرشحين، والناخبين، والعلاقة بين من يترشح للرئاسة، وباقي الأعضاء، أو ما يمكن تسميته بالفساد الانتخابي الجماعي.

2) أن تعمل على محاربة الفساد الجماعي، الذي بدون محاربته، تبقى الجماعات الترابية، مجالا لنهب مختلف المشاريع الجماعية، التي تبقى خارج المراقبة، سواء أنجزت، أو لم تنجز.

3) محاربة فساد الإدارة الجماعية، الذي يكاد يتفوق على الفساد الجماعي، والفساد الانتخابي، والذي لا تمارسه إلا العاملات، والعاملون في الإدارة الجماعية، والذين يعتبرون، للأسف الشديد، من أبناء الشعب المغربي.

4) الفساد المترتب عن العلاقة بين المسؤول الجماعي، أي مسؤول جماعي، وبين أي مقاول، نزل عليه إنجاز مشروع جماعي معين.

5) محاربة باقي أشكال الفساد الجماعي، أو كل فساد له علاقة بأية جماعة ترابية.

ولا يمكن، أبدا، أن نعتبر ما يكسبه الناهبون من ثروات، عن طريق النهب، لحماية التقدم، والتطور، إلا إذا تعلق الأمر بهم، أو كانوا يعتبرون ما نهبوه، وسيلة لتقدمهم، وتطورهمـ كناهبين لثروات الشعب المغربي، خاصة، وأن النهب دليل على تخلف الناهبين، الذين يقفون وراء تخلف وتراجع الشعب المغربي إلى الوراء؛ لأن التقدم، والتطور، حسب فهمنا للتقدم، والتطور، يتناقضان تناقضا مطلقا، مع النهب، ومع كل أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

ويمكن أن نحقق شعارا جماعاتيا، وإداراتيا، بدون نهب، حتى نتقدم، ونتطور، كباقي الشعوب المتقدمة، والمتطورة، التي يتناقض تقدمها، وتطورها، مع إمكانية شيوع النهب في إداراتنا، وفي جماعاتنا. وذلك التناقض، هو الذي يجعل جماعاتنا، وإداراتنا، خالية من النهب، ولا يمكن أن تفكر فيه؛ لأنها حريصة على نظافة اليد، ليصير فساد النهب، في ذمة التاريخ.

وبالإضافة إلى ما ذكرنا، فإن الضرورة، التي تقتضي الحرص على تقدم، وتطور الوطن، وعلى تقدم، وتطور الشعب، وعلى تقدم، وتطور الكادحين، تفرض، كذلك، الحرص على محاربة الناهبين، ومحاربة النهب في الجماعة، وفي الإدارة، وفي أوساط المسؤولين، وعلى جميع المستويات، وفي كل الإدارات، وفي كل الجماعات، وفي أوساط المسؤولين الجماعيين، والإداريين: محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا.

وكيفما كان الأمر، فإن الأموال المنهوبة، من أموال الشعب المغربي، وهي حق لخزينة الشعب المغربي، وعلى الدولة القائمة، إن كانت تهتم بالشعب المغربي، أن تعمل على استرجاع الأموال، التي تم نهبها من خزينة أموال الشعب المغربي، التي إن لم نحرص على عدم نهبها، نبقى متخلفين، إلى ما لا نهاية. مع أن تقدم الشعب المغربي، وتطوره، يقتضي ذلك، كما يقتضي وضع حد لكل أشكال الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يجعل الدولة المغربية، تسعى إلى إيجاد مجتمع مغربي، بدون فساد، مهما كان، وكيفما كان، حتى ينخرط الشعب المغربي في مجال التقدم، والتطور، كباقي الشعوب المتقدمة، والمتطورة، التي بدون محاربتها للفساد، لا يمكن أن تتقدم، وأن تتطور: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ويبقى التخلف هو السائد، على جميع المستويات، كما هو حاصل الآن.

فالمال المنهوب، مال الشعب، وإذا قامت الدولة باسترجاعه، فإنها تصير أغنى دولة، على الإطلاق، إذا تم استرجاع ما تم نهبه، منذ استقلال المغرب، إلى الآن. والناهبون معروفون، سواء ماتوا، أو لا زالوا على قيد الحياة. واسترجاع أموال الشعب، أو الدولة، من المهام الموكولة إلى أجهزة الدولة المختلفة، وإلى المحاكم، وإلى المجلس الأعلى للحسابات، وإلى المجالس الجهوية للحسابات، وإلى الدولة كلها، وإلى الشعب كله، الذي عليه أن يساعد في عملية البحث، التي تعد تقريرا عن المشاريع، التي تم تقرير إنجازها، منذ استقلال المغرب، إلى الآن، حتى نخرج وطننا، وشعبنا، من عنق الزجاجة.