رسالة مفتوحة الى العاملة المناضلة سعيدة، سيكوم/سيكوميك، مكناس


زينة أوبيهي
2024 / 10 / 16 - 02:49     

مناضلة ومعتقلة سياسية سابقة


سيدتي سعيدة؛

تحية نضالية

قرأت رسالتك المُؤثرة الى أبنائك، الرسالة المُتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ومن نفس الخندق أوجِّه اليك هذه الرسالة المفتوحة والى الرأي العام، دعماً وتضامناً في محنة تدمي القلب وتفضح الإجرام والاضطهاد الذين يطالا بنات وأبناء شعبنا.
إن رسالتك صرخةٌ مُدوِّية اخترقت جدران الصمت والتواطؤ، ومزِّقت ستائر المؤامرات التي تحاك ضد معركتكم البطولية في السِّر والعلن.
أولا، يُشرفني التواصل معك الآن ولو عن بُعد، باعتبارك أماً وقلباً كبيرا وعاملةً مناضلة. وسنتواصل قريبا ومباشرة بدون شك، علما أني قريبة منك ومن كل العاملات والعمال من خلال رفاقي دائمي الحضور الى جانبكم؛
ثانيا، إن معركة عاملات وعمال سيكوم/سيكوميك بمكناس معركتُنا جميعا، نساءً ورجالاً، أمهات وآباء وأطفالا. وتأكدي سيدتي/رفيقتي أن أبناءكم هم أبناؤنا، ولن نتخلف عن القيام بالواجب في حقهم رغم إمكانياتنا المتواضعة.
كُلّنا أطفال،
كلنا أمهات،
كلنا آباء،
كلنا عاملات وعمال...
معركتكم وكل معارك العمال منارتنا وبوصلتنا، اليوم وغداً.
لن ينال منّا الترهيب والإرهاب،
لن يهزم الألم قبضتنا،
لن يسقط القمع الحبّ من قلبنا،
والأكيد أن الأمل سيرفع رؤوسنا عالياً...
إن المعركة أكبر من الباطرونا والعملاء من نقابيين متخاذلين ومرتزقة وغيرهم ممن يدّعون خدمة قضية شعبنا ويمتطون متْن معاناتكم بواسطة مختلف أساليب التضليل والتشويش. فما قصّرت سيدتي/رفيقتي سعيدة، لكن النظام القائم مسؤول، أولا وأخيرا، عن جريمة التشريد والاستنزاف، وكذلك باقي أزلامه.
إن التاريخ سيذكُر تضحياتكم، وأبناؤكم سيفتخرون بشموخكم.
إنكم تنسجون قصصا واقعية تترجم صدقكم وصمودكم الاستثنائي واستماتتكم في الدفاع عن حقوقكم العادلة والمشروعة وعن كرامتكم.
إننا نخجل من عظمتكم، ونقف لكم وفاء وإجلالا وتقديرا واحتراما.
نقول نحن معكم، بل الأصح أنتم معنا.
إننا نتعلم منكم معنى مواصلة معانقة الحياة الشريفة، وإننا الى جانبكم عن قرب وعن بعد. إنكم المرآة التي نرى من خلالها القبح الذي يحيط بنا من كل صوب.
إن معركتكم تجيب عن الأسئلة الحارقة وتؤكد الحضور النضالي الدائم لبنات وأبناء شعبنا في معارك الكرامة، كما أنها في نفس الوقت تفضح غيابنا وانشغالنا بتفاهات وفسيفساء الهامش والذاتية القاتلة.
ستنتصرون سيدتي/رفيقتي سعيدة رغم قساوة الجلاد وحقد المتورطين في حمايته وفي التستر عن فضائحه.
ستنتصرون على فظاظة خدام الشر والظلم وعلى كل من يقف في صفهم.
شكرا لكم ولكل المتضامنين المبدئيين...
شكرا لجنود الخفاء...
ألف تحية للعاملات الصامدات وللعمال الصامدين وللعائلات الصامدة وللأطفال الصامدين...
ولا أخفيك أني أرى فيك عُمق الرفيقة الشهيدة سعيدة المنبهي، رمز المرأة المغربية المناضلة...
لنا لقاء قريب.

مُرفق:
رسالة العاملة المناضلة سعيدة (حرفيا):

"رسالة من مناضلة بشركة سيكوم / سيكوميك بمكناس.
إلى أبنائها الأعزاء .

لازلت صامدة
أعرف جيدآ أنني قصرت من جانبي تجاهكم،
حناني وحبي لكم لا يقدر بثمن، وأنتم على ذراية بذلك،
بناي.. ،
كما تعلمون، لقد شردونا، وجردوا منا كل مواصفات الأمومة،
ثلاث سنوات ونحن نعيش كل أنواع المعانات،
حتى شوارع مكناس تعرفوننا جيدآ، وتصرخ معنا عندما نصمت،
صراخنا فاق الحدود، طرقنا كل الأبواب، راسلنا كل من له صلة بملفنا، تنقلنا من مدينة لأخرى.. لكن وعودهم الكاذبة تبخرت..،
بناي.. ،
كما تعرفون، أنا مشردة في الشارع العام لأكثر من ثلاث سنوات ،
ذقت فيها مرارة الواقع، لا طعم لي بدونكم،
عيناي لا تنام، صدقوني إن قلت لكم، بأن قلبي معكم رغم بعدي عنكم،
بناي.. ، صدقوني إن قلت لكم بأننا عشنا طيلة هاته المدة كل أنواع التعديب النفسي والجسدي ،
الإرهاب النفسي اليومي، الهجوم المنظم من طرف عصابة الذل والعار،
تهجموا علينا وهم محميون، مدججين بكل أنواع الأسلحة من سكاكين وعصي..،
وحتى الأكواخ التي نصبت لمرضانا نهشوها، معتقدين بأن هاته الأكواخ هي التي تناضل وليس نحن،
بناي.. الكل تآمر على ملفنا، حتى النقابة التي كنا نناضل في إطار ها لأكثر من ثلاثين سنة تاجرت في ملفنا، و أصبحت بوقا للباطرونا،
يحاكموننا زورا، يتهموننا بكل أنواع التهم،..
ثلاث سنوات من التشرد، ثلاثة أشهر من الإعتصام في الشارع العام، تعلمت فيها معنى النضال والصمود،
تعلمت فيها معنى التضحية والصدق والوفاء،
بناي.. أنا هنا قوية، فلو جردونا حتى من ملابسنا، و مزقوا كل أفرشتنا المهترئة التي نصبت لمرضانا، سنبقى أوفياء للقضية،
بناي.. أحبكم رغم بعدي عنكم، وظروفي الصعبة والقاسية ، فإنني أستحضركم ثانية بثانية،
بناي.. أنا لازلت هنا صامدة، قوية، رغم كل المؤامرات(مؤامرات النظام الرجعي ،البروقراطية النقابية ،و الباطرونا) ،
فلو خيروني بين العودة إلى البيت محنطة بالثوب الأبيض أو مهزومة، سأختار العودة وأنا في نعشي وعلى أكتافكم يا بناي،
فالحياة إما أن تعيشها حر، وإما مذلولا،
بناي.. قريبآ سأعود إليكم وأنا منتصرة،
سأعود إليكم، لأعانقكم، فأعذروني إن تأخرت عنكم لأن الجلاد يتلذذ بمعاناتنا، وكل ما نملك هو صمودنا في الميدان.
(هاته تدوينة قمت بتدوينها وأنا في البرد، وتحت الأمطار، أتألم مرات ثم مرات، لأعانق الحياة من جديد بين أبنائي وبين أسوار بيتي،
فكل تحية من القلب إلى كل عاملات وعمال سيكوم ميك الذين أتقاسم معهم نفس مرارة الحياة القاسية والذين أصبحوا جزءا من أفراد الأسرة، وإلى كل المناظلين الشرفاء،
سعيدة _ عاملة مشردة في شركة سيكوم ميك بمكناس.)"