لينين و طوفان الأقصى


سفيان نور الإسلام
2024 / 9 / 18 - 15:04     

كتاب بصدد الجملة الثورية للينين يصلح لحل الكثير من النقاشات الجارية حول جدوى الحرب التي بدأتها حماس من حيث توقيتها أو الوسائل و الطرق التي اعتمدتها و يرد على الكثير من الحجج المتناثرة هنا و هناك و التي تدافع عن طوفان الأقصى بشكل مغرق في العاطفية يتجاهل الوقائع و العواقب.
يرد لينين على من اعتبروا صلح بريست خيانة و خطوة غير موفقة و خطأ استراتيجيا، و تمحور رده حول أن الظروف الموضوعية و المادية للدولة و المجتمع و الحلفاء هي الحاكم في قرار القبول بصلح مجحف و مهين أو الدخول في حرب مع الامبريالية الألمانية. و قد دافع لينين عن قرار القبول بالصلح باعتباره الأكثر ملاءمة للظروف حينذاك و رد على الحجج التي قدمها خصومه:
–كانت روسيا و شعبها منهكين من الحروب و لا قدرة للجيش على مجابهة ألمانيا و لا للشعب و البلد على تحمل تكاليف و نتائج الحرب، فقد كان يرى أنها حرب خاسرة مسبقا و الدخول فيها لن يفيد، بل سيقود إلى خسارة أفدح و صلح أكثر اجحافا من الصلح المعروض و ظروف تخدم العدو أكثر و أن من يطالبون بخوضها يريدون إرضاء مشاعرهم متعامين عن الواقع رافضين أخده بعين الاعتبار و يربطون بين الصلح و التراجع خطوة إلى الوراء مراعاة للظروف و للخروج بأخف الاضرار و الحفاظ على القليل المكتسب و بين الخيانة و الذل و يشنعون بكلام رنان لكنه فارغ و لا معنى له. نفس الشيء ينطبق على أنصار الطوفان الذين يفضلون معاناة غزة و أهلها و فلسطين كلها بطريقة بشعة بسبب حرب عبثية على شعورهم هم بالمرارة بسبب التراجع أمام الكيان و استفزازته مراعاة لضعف الموقف الفلسطيني و العربي عموما.
((ان الجملة الثورية انما هي تكرار الشعارات الثورية دون حسبان الحساب للظروف الموضوعية الناشئة عند وقوع انعطاف معني في الاحداث وعند ظهور وضع معني.))

–رفض لينين المقارنات التي قام بها خصومه بين روسيا 1918 و فرنسا 1792 لأن الظروف الموضوعية تختلف بشكل كبير، فروسيا بلد جائع عذبته الحرب و بدأ للتو علاج جراحها و عدوها يملك جيشا قويا مدججا بالسلاح و التقنية بينما فرنسا كانت تقودها طبقة بورجوازية قوية "شبعانة" و راسخة في مواجهة إقطاع مهلهل في طريق الاندثار. و هذا فيه رد على من يقارن غزة بالجزائر و فيتنام و غيرهما و يتناسى كل الظروف الموضوعية الزمانية و المكانية المحيطة بكل حالة، فغزة مساحتها صغيرة و هي محاصرة من كل الجهات و يسعى الجميع الى التنصل من قضيتها او استعمالها لخدمة مصالحه، و في سياق دولي أحادي القطبية لن تجد نصيرا للحركات التحررية كالاتحاد السوفييتي، فدخول غزة في أي معركة يعني أنها ستواجه آلة الموت الصهيونية المدعومة غربيا وحدها، و هل لغزة القدرة على مجابهة هذه القوة في الظروف الحالية؟
(( كل اعتبار تاريخي عام يمسي جملة ، كلاماً فارغاً ، اذا طبق على حالة بمفردها دون تحليل خاص لظروف الحالة المعنية بالذات))

–خصوم لينين ادعوا أنهم يعلقون الأمل على ثورة عمالية "قد تحصل" في ألمانيا ضد الامبريالية الألمانية، لذا ففي حالة الدخول في حرب معها ستكون هذه الثورة الداخلية نصيرا و حليفا لروسيا و تسقط الامبريالية الالمانية، لكن لينين رفض أن تبنى تكتيكات و قرارات حربية مصيرية على مجرد تخمينات، خاصة إذا كانت الظروف المادية لا تسعف هذه التخمينات فألمانيا كانت حبلى بثورة لكن لا أحد يدري موعد ميلادها بدون حساب و تدقيق. نفس التحليل ينسحب على حماس التي عولت على حلفائها دون إعلامهم و دون مراعاة ظروفهم فسوريا ممزقة و ايران مهتزة داخليا و تزداد عزلتها خارجيا و لبنان و الحزب يمران بأزمة و الأنظمة العربية يعلم الجميع حتى العجائز الأميات أنها لن تتدخل لنجدة حماس، فالتعويل على الحلفاء و الجيران لا يقوم به سوى أبله أو صاحب نية خبيثة.

((والآن ينتصب أمامنا عات ظالم ، وخير رد على الظلم انما هو، بالطبع ، الحرب الثورية ، والانتفاضة ، ولكن التاريخ مع الأسف ، بين انه ليس من الممكن دائماً الرد على الظلم بالانتفاضة ؛ ولكن العدول عن الانتفاضة لا يعني ابداً العدول عن الثورة))
((ان الاستسلام هو ، على العموم ، شيء سيئ ، ولكن هذه الحقيقة الكبرى لا تحل على كل وضع بمفرده ، لأنه تمكن كذلك تسمية رفض القتال في ظروف غير ملائمة بالاستسلام ، ومثل هذا الاستسلام واجب على الثوري الجدي.))