بيت المقدس عين التاريخ


حنان أحمد الخريسات
الحوار المتمدن - العدد: 8079 - 2024 / 8 / 24 - 15:49
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

بيت المقدس
عين التاريخ

د. حنان الخريسات
التاريخ ذاكرة الأمة لا ريب ، حيث الأحداث التاريخية التي مرت ببيت المقدس جراء الغزو الصليبي وربط أوجه التشابه لمعالم الأحداث التي تمر بها الأن في (طوفان الأقصى) جراء الغزو الص_هي_يوني، وحالة التشابه في الأهداف والغايات

ما يدفعنا إلى التفكر والعظة للربط بين الصورتين التاريخيتين: السابقة والمعاصرة

في الثالث والعشرين من شعبان سنة 492 هـ / 1099م عندما غزا الصليبيون بيت المقدس ، زار وفد من أهل الشام دار الخلافة في بغداد لطلب النجدة والاستنفار وشرح حال الناس في بيت المقدس تلك الحالة أبكت الحاضرين ومن به قلب بكى
تلك الصور لعين المشهد الذي نراه الآن في غزة حيث قتل الصليبيون نحو سبعين الفا من بينهم الائمة والعلماء والزهاد ومن مجاوريه ممن تركوا أوطانهم وسكنوا بيت المقدس تبركا
عدا سبي النساء ونهب الاموال .

يصف أحد المؤرخين المعاصرين للغزو الصليبي :
"وقعت مذبحة رهيبة وأصبحت المدينة المقدسة " مخاضة واسعة من دماء المسلمين أثارت خوف الغزاة واشمئزازهم " ، " لم أستطع شق طريقي وسط أشلاء المسلمين ، وقد بلغت دماؤهم ركبتيه دون تمييز بين الأطفال والشبان والشيوخ والنساء " .
الصور نفسها ، الحروب الصليبية عينها في غزة اليوم و لا تختلف في عمقها وأثرها النفسي والأخلاقي .

ليخرج اشعيا من التلمود يستند على متكأ توراتي ديني لتبرير قتل الأطفال والنساء والشجر والحجر المستند إلى عقل خرج للتو من التاريخ بعد بضعة آلاف من السنين .
هذه النبوءة المرضية هي جزء من سفر أشعياء المكون من 66 فصلاً للكتاب المقدس ، تتحدث هذه النبوءة عن قيام دولة إسرائيل الكبرى بين نهري النيل والفرات
هذا الاستحضار للخطاب الديني يشكل حاملة الوعي السياسي للكيان الصهي/وني / وللأمريكي و الاوروبي الذي يختبئ خلفه إحياء لحالة الحروب الصليبية التي دارت بين القرن الحادي عشر والقرن الثالث عشر الميلادي حيث اطلقت هذه الحروب الوحش القائم في قمقم عتمات اسفارهم العنصرية عندما انطلق البابا أوربان الثاني في خطابه شديد الحماسة (وقد كان خطيبا مفوها) في مجمع كليرمون عام 1095، للغزو الديني المقدس ،دعا به المسيحيين إلى حمل السلاح ضد المسلمين وتحرير الأراضي المقدسة. حيث قوبل خطابه بحماس شديد ، أدى إلى مشاركة أعداد هائلة من الرعاع والسوقة والقتلة ومن لا شغل لهم ولا متاع

الغرب بعقله الاستعماري هو امتداد للحالة الصليبية في العصور الوسطى غير أنه خلع عباءته الاستعمارية ليرتدي عباءة الصهي/ ونية التي تؤمًن له ولو شكلا براءته من دم غزة المهراق بسلاحه وعناقيد قنابله الغبية والذكية .
ما نراه الأن في غزة من فتك وقتل واشتراك الآلة الأمريكية وعتادها وسلاحها وما تمثله من غطاء سياسي وإعلامي هو جولة أخرى من جولات الحروب الصليبية
تلك المباركة الأوروبية الغربية يفسرها العقل الغربي الذي لا ينفك في تسخير ارثه الديني والتاريخي، وعقدة تفوقه الحضاري، والعنصري باعتبار الكيان قاعدته الأمامية التي تحقق اهدافه السياسية و الاستراتيجية ، بل ولـ"الحضارية بإرثها التاريخي والديني المتداخل .

ما يحشد من خطابات ولقاءات واساطيل وتهديد ووعيد ،وعشرات المليارات من الأسلحة الفتاكة للكيان ما هو إلا استشعار الغرب بهزيمته الكبرى على هذه الأرض التي طرد منها عبر التاريخ لمرا ت ومرات
ولا خيار آخر:
لا خيارات أمامنا كمسلمين إلا أن ننتصر في بيت المقدس وفي غيرها
ولا خيار للمشروع الغربي الصليبي إلا أن يعترف بهزيمته وإندحاره
لهذا ومن باب النصيحة والعظة علينا جميعا الوقوف مع الحق
فقد أفلت شمس الغرب عن أرض العرب والمسلمين
واشرقت روح الله والمدينة وإرث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من مطلع غزة الأبية ودمها الطاهر المعطاء
وإن غدا لناظره لقريب ..