التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
عبد السلام أديب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8057 - 2024 / 8 / 2 - 22:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أولا: مقدمة عامة
1 - يصر كارل ماركس في رسالته الى براكة سنة 1875 في سياق نقده لبرنامج غوتا على إن كل خطوة تخطوها الحركة الفعلية لأهم من دزينة من البرامج". ولعل ماركس يعني بمقولته هذه أن الحركة الفعلية لمجموعة سياسية على أرض الواقع تسبق كل البرامج التي قد توضع نظريا دون أن يكون لها أثر فعلى في الواقع العملي. لكن في المقابل يذكرنا لينين بأنه لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية، وهو يهذا يعنى ضرورة التزامن بين الحركة الفعلية الضرورية التي أشار لها ماركس وبلورة النظرية الثورية للمجموعة السياسية.
2 – مناسبة هذه المقدمة هو حلول شهر غشت 2024 الذي يؤرخ لتأسيس منظمة الى الأمام الماركسية اللينينية في 30 غشت 1970 أي الذكرى 54 لهذا التأسيس والتي تتزامن مع الذكرى المائوية لوفاة فلادمير اليتش أوليانوف لينين سنة 1924. وتدعونا الذاكرتين للتساؤل حول مفهوم وفلسفة التنظيم الماركسي اللينيني في المغرب ومدى اغترافه من الإرث اللينيني في هذا المجال.
3 – وإذا كان الهدف من هذه الورقة هو استعادة بعض ملامح التنظيم اللينيني الصارم الذي اعتمدته منظمة الى الأمام طيلة عقد السبعينات من القرن العشرين، وأن العبرة كما نوه الى ذلك كال ماركس هو في الحركة الفعلية التي خاضتها هذه المنظمة والتي واكبتها ببلورة نظريتها الثورية، فان ذلك لا يخفى مدى القصور في بعض جوانب هذه النظرية، والتي عابها حجم اغتراب الشباب الثائر آنذاك لهذه المنظمة نحو الخط الناصري والبعثي والفلسفة الثورية لحركة التحرير الفلسطينية وظلال الأيديولوجية العربية الإسلامية ولانعكاسات الحركات الثورية المتزامنة متزامنة كالثورات الصينية والفتنامية والفرنسية لسنة 1968.
4 - ويبدوا غياب التشبع بالتاريخ الاجتماعي الامازيغي المغربي ومحاولة اسقاط ما يسمى يثورة الغرب العربي، الى اعتماد مواقف غير شعبية بخصوص الصحراء مما سينعكس في اشكال من مناهضة الثورة والشيوعية واعتبار الماركسيين اللينينيين خونة لمصالح الشعب المغربي التاريخية والاثنية الامازيغية، علما ان قضية الصحراء هي قضية شعب وليست قضية نظام الذي كانت تصارعه منظمة الى الأمام. ولا يمكن تفسير هذا الاغتراب الا بالجهل الكبير بالتاريخ الحقيقي للمركزية الامازيغية المغربية واستراتيجيات الامبراطوريات والامبرياليات المحيطة التي ظلت تستهدف تقسيم وإخضاع الجماهير الامازيغية للقوى الأجنبية العثمانية أو العربية الإسلامية السنية والشيعية أو الأوربية وفي مقدمتها الامبرياليتين الفرنسية والاسبانية.
5 – ورغم النقص الحاد والاغتراب الناجم عن غياب العلم الحقيقي بتاريخ المجتمع الامازيغي المغربي (الانسان الحر النبيل) وهو معطى موضوعي بسبب الحشو بالتاريخ والادب العربي الإسلامي لعقود، فإن تجربة منظمة الى الامام الثورية كحركة ثورية فعلية وقسم كبير من انتاجها النظري والاستراتيجي في بناء الحزب الثوري يبقى قاعدة متينة يمكن للشباب الشيوعي المغربي الاستناد عليها في ابداعاتهم المستقبلية. وتشكل هذه الورقة مساهمة متواضعة في التذكير بالتجربة المغربية لمنظمة الى الأمام الرائدة في بناء الحزب اللينيني.
لن تتطرق هذه الورقة الى تجربتين متزامنتين مع تجربة الى الامام وهما منظمة 23 مارس ومنظمة لنخدم الشعب نظرا لضعف انتاجها التنظيمي وتفككها السريع تحت ضربات القمع الوحشي.
ثانيا: لمحة تاريخية
1 - يعود تاريخ التنظيم الماركسي اللينيني في المغرب الى بداية العشرينات من القرن العشرين عندما بدأت تتشكل حلقات نقاش شيوعية تنتظم دوريا بين العمال الفرنسيين داخل المعامل والمناجم المغربية ونظرائهم العمال المغاربة. فبهذه الطريقة بدأ النضال العمالي يستمد روحه من الفكر الماركسي اللينيني الثوري في ظل جماعات مبعثرة. انتشر هذا الفكر الشيوعي خاصة بين عمال مناجم الفوسفاط لمدينة خريبكة ثم بين عمال مناجم الفحم الحجري بمدينة جرادة وكان وقع هذا الفكر فويا على التنظيم النقابي والانضباط النضالي خلال المعارك العمالية المتعددة والتي حققت عدة انتصارات خلال الاربعينات والخمسينات من القرن العشرين، وحيث تطور الامر لكي يشكل الفكر الشيوعي دافعا قويا للنضال من أجل استقلال المغرب عن الحماية الفرنسية. وقد استطاع ليون سلطان تأسيس حزب شيوعي علني في نوفمبر 1943 وبعد وفاته سنة 1945 خلفه على رأس الحزب علي يعتة. وفي سنة 1959 سيتم منع الحزب الشيوعي بأوامر من الملك بمبرر انه ضد الإسلام.
2 - ورغم التوجه الى القضاء الذي حكم بعدم تعارض الحزب الشيوعي المغربي مع الإسلام، واعتبروا أن هذا الحزب لم يعلن أنه ضد الدين الإسلامي، لكن الحكومة استأنفت الحكم، ليتم المنع بشكل رسمي خلال سنة 1961 في تزامن مع تولي الحسن الثاني العرش. ولم يعد الحزب إلى العمل القانوني مجددا إلا سنة 1969، لكن تحت اسم حزب «التحرر والاشتراكية »، وقد رفض الملك الموافقة على عودة الحزب للعمل تحت اسم « الحزب الشيوعي » بدعوى أن الشيوعية مرادفة للإلحاد، ثم غير الحزب اسمه من جديد في 1974 ليصبح التقدم والاشتراكية.
3 - بالموازاة مع تطور الحزب الشيوعي المغربي تشكلت تنظيمات شيوعية سياسية سرية خلال عقد الخمسينات من ابرزها منظمة "اليد السوداء" التي أسسها الشابان لحسن المكاوي والمهدي الناموسي سنة 1953 وعدد محدود من المناضلين لاقتناء الأسلحة وتثوير الطبقة العاملة والجماهير من اجل تصفية عملاء الاستعمار وانتزاع الاستقلال، لكن سرعان ما افتضح امرها واعتقل أعضاءها خلال عملية بالدار البيضاء.
4 - كانت «اليد السوداء» تضم شبابا منهم عبد الله الحداوي، والذي سيأخذ مشعل المنظمة بعد اعتقال رؤوسها المخططة. جرى تنسيق العمل بينه وبين الشيوعيين المغاربة لمواصلة النضال المسلح، وأنشأوا منظمة مقاومة مسلحة جديدة في مارس 1954 . حيث قام عبد الله الحداوي والحسن الكلاوي وعبد الكريم بنعبد الله، وعبد الله العياشي، والطيب بقالي، ومناضلون آخرون، بتأسيس تنظيم جديد أطلقوا عليه اسم «الهلال الأسود». كان الطيب البقالي بكر المجموعة، كان قد شارك في الشبكات الشيوعية للمقاومة الفرنسية في مطلع سنوات الأربعينات. وكان الحداوي أصغرهم: 17 سنة، وكان هو من اقترح اسم المنظمة «الهلال». ضمت منظمة الهلال الأسود عند تأسيسها مناضلين استقلاليين وشوريين وشيوعيين ولا منتمين.
5 - شاركت منظمة الهلال الأسود في عدة عمليات مسلحة استهدفت الوجود الفرنسي ومصالحه في المغرب، مثل: تصفية المتعاونين مع الاستعمار أو إلقاء القنابل بالمدينة الأوربية مثل القنبلة التي انفجرت بشارع باريس بالدار البيضاء، إضافة للمشاركة في مواجهة سيدي معروف يومي 28-29 شتنبر 1955.
6 - قبيل استقلال المغرب، أعلنت المنظمة رفضها لمفاوضات إيكس ليبان مع المستعمر الفرنسي، وأصرت بالمقابل على مواصلة الكفاح المسلح، وهو ما أدخلها في خلافات عميقة مع بعض قياديي الحركة الوطنية وخاصة المنتمين إلى حزب الاستقلال.
7 - تبعا لعدم تفاهم قادتها مع قادة حزب الاستقلال، سيتم اغتيال أغلب قادة منظمة الهلال الأسود تباعا، حيث أن عبد الله الحداوي وثلاثة من رفاقه سيتعرضون للاغتيال بوم 28 يوليوز 1956, وذلك بأوامر من وزير الدخلية إدريس محمدي. كان عمر عبد الله الحداوي عند اغتياله 19 سنة.
8 - في 15 يونيو 1956، اغتيل لحسن الكلاوي بحي لوازيس في البيضاء، قبل أن تتم تصفية اعمامو الزياني يوم 30 يونيو 1956، بدرب البلدية، من قبل أربعة أفراد من المنظمة السرية، وهي منظمة كانت تابعة لحزب الاستقلال. أدت كل هاته الاغتيالات إلى نهاية منظمة الهلال الأسود، حيث أن أغلب قادتها لم يبقوا على قيد الحياة.
9 - رأى عدد من شباب حزب التحرر والاشتراكية سنة 1969 أن هذا الحزب أكثر رجعية وتحريفية ومهادنة مع توجهات النظام الملكي فقرروا الانسلاخ عن هذا الحزب وتأسيس حزب سيوعي ثوري قي السرية تحت تسمسة منظمة الى الأمام حيث جاء التأسيس في 30 غشت 1970. وعلة ضوء هذا التأسيس انطلقت عملية بناء الحزب الثوري تحت نيران العدو مستلهما فلسفة الحزب وأسلوب بنائه من الإرث اللينيني العظيم، وفيما يلي أهم المحاور التي استند عليه هذا البناء:
ثالثا: الأساس الأيديولوجي الماركسي اللينيني لمنظمة الى الأمام
1 - تؤكد وثيقة تأسيس منظمة الى الأمام تحت عنوان : "سقطت الأقنعة، فلنفتح الطريق الثوري" على الأهمية الأيديولوجية للماركسية اللينينية في مواجهة الوضع السياسي المعقد للبلاد المتسم بخضوعه من جهة لصراع طبقي تهيمن عليه "الاوليغارشية الكومبرادورية والبرجوازية الليبرالية في مواجهة الطبقة العاملة وعموم الجماهير المفقرة والتي تخضع بدورها للرأسمالية الامبريالية العالمية وفي مقدمتها الامبريالية الفرنسية.
2 - وعلى أساس ذلك دعت المنظمة الى بناء الهياكل الثورية على ضوء الأيديولوجية الماركسية اللينينية من أجل شن حرب شعبية ضد الامبريالية والقوى القمعية المحلية. تقوم استراتيجية بناء الحزب على أساس المبادئ اللينينية الأساسية التالية:
3 - المركزية الديمقراطية: حيث يؤكد الحزب على تطبيق المركزية الديمقراطية التي تتضمن الإعداد الجماعي والمركزي من القاعدة إلى القمة وبالعكس. وهذا يضمن أن القرارات يتم اتخاذها بشكل جماعي وأن هناك تكاملًا سلسًا بين النظرية والتطبيق داخل الحزب.
4 - مركزية المسؤولية: هناك تركيز على المركزية عندما يتعلق الأمر بالمسؤوليات داخل الحزب. وأن يلتزم كل عضو بشكل صارم بمبادئ السرية التامة وأن يتم اختياره على أساس خبرة النضال الملموسة. وهذا يساعد في الحفاظ على الانضباط وضمان تكريس نشطاء الحزب لقضية خدمة الثورة.
5 - النقد والنقد الذاتي: يشجع الحزب على ممارسة النقد والنقد الذاتي بشكل مستمر بين أعضائه. ويساعد ذلك في تحديد نقاط الضعف ومعالجتها وتحسين الأداء العام للحزب.
6 - التقدم الجماعي: تؤكد المنظمة على أهمية التقدم الجماعي داخل الحزب، وتدعو إلى القضاء على النزعة الفردية والفهم العميق للأيديولوجية الماركسية اللينينية.
رابعا: استراتيجية الحزب الثوري
1 – نظرت منظمة الى الأمام إلى الوحدة بين أعضاء الحزب وتفانيهم في خدمة مبادئ الحزب على أنها أمر بالغ الأهمية لنجاح استراتيجيتها.
2 - بشكل عام، تركز استراتيجية المنظمة على بناء حزب ثوري منضبط وسليم إيديولوجيا وموحد وملتزم بمبادئ الأيديولوجية الماركسية اللينينية وملتزم بقيادة الجماهير نحو التغيير الثوري.
3 - تشير عبارة "سقطت الأقنعة" في وثيقة التأسيس إلى موقف يتم فيه الكشف عن النوايا الحقيقية أو الهويات أو الحقائق التي كانت مخفية سابقًا. فهي تقترح لحظة كشف القناع أو كشف النقاب، حيث لم يعد يتم الحفاظ على التظاهرات أو التنكر أو الأوهام، وتنكشف الحقيقة وراء الواجهة.
4 - وفي سياق مغرب السبعينيات، فإن عبارة "سقطت الأقنعة" تشير إلى كشف الطبيعة الحقيقية للطبقة البرجوازية والسياسية في المغرب. وتدل على الكشف عن التطلعات والدوافع والأفعال الأعمق للطبقات الحاكمة التي كانت محجوبة أو مقنعة في السابق. وتسلط الوثيقة الضوء على كيف أدى ظهور البرجوازية بدون أقنعتها إلى فهم أوضح لطبيعتها الاستغلالية وتجاهلها لمصالح الجماهير.
5 - وتصور المنظمة ظاهرة "سقوط الأقنعة" في المغرب في السبعينيات من خلال فضح تلاعب البرجوازية بالشعب واستغلاله لتحقيق مكاسب خاصة به. كما تشير إلى تحول في التصور حيث تم الكشف عن النوايا والأفعال الحقيقية للطبقات الحاكمة التي ظلت تابعة للإمبريالية الفرنسية منذ الحصول على الاستقلال الشكلي، وهو ما دفع المنظمة إلى الدعوة إلى التغيير الثوري وضرورة تنظيم الجماهير ضد القوى القمعية الموجودة في السلطة.
خامسا: جدلية بناء الحزب الثوري في خضم الصراع الطبقي
في صيف 1973 أصدرت الى الأمام وثيقة "لنبن الحزب الثوري تحت نيران العدو" والتي ظلت بمثابة المرجع الأساسي لجميع الشيوعيين الماركسيين اللينينيين المغاربة نظرا لوضوح استراتيجية المنظمة في بناء الحزب الثوري والتي يمكن ان نستخلص منها المبادئ ذات المرجعية اللينينية الأساسية التالية:
أ - التجذر وسط الجماهير:
1 - استهداف الطبقة العاملة: تؤكد الوثيقة على أن الحزب هو اندماج بين الاشتراكية والطبقة العاملة باعتبار هذه الأخيرة القوة الأساسية للثورة، مع الاعتراف بارتباطها بالبادية وبعدد كبير من الفلاحين. ولتنظيم الطبقة العاملة يجب:
2 - تنظيم المصانع: من خلال بناء النقابات والحركات العمالية داخل الصناعات الحضرية.
3 - التنظيم الفلاحين في البادية: من خلال تشكيل التعاونيات الفلاحية ومجموعات العمال الزراعيين.
4 - الشباب كطليعة: تُنظر المنظمة إلى الشباب على أنهم عنصر حاسم في الثورة، ومن أجل تحقيق هذا الهدف يجب:
5 - تنظيم المدارس والجامعات: من خلال بناء مجموعات طلابية ثورية لتكون بمثابة قادة المستقبل.
6 - التعليم الأيديولوجي: خلق مساحات للمناقشة ونشر الفكر الماركسي اللينيني في المدارس والجامعات وخزانات الكتب ...
7 - الروابط بين المجموعات: تؤكد المنظمة في وثيقتها على الحاجة إلى الروابط بين المجموعات الحضرية والريفية، وبين حركات العمال والفلاحين. وأن يتضمن ذلك:
8 - العمل المشترك: من خلال تنسيق الاحتجاجات والمظاهرات لزيادة الوعي على نطاق أوسع والضغط على الحكومة.
9 - بناء الوحدة: من خلال إنشاء "جبهة ثورية" أوسع تشمل مجموعات متنوعة.
ب - الدفاع الاستراتيجي:
1 - تجنب المواجهة المفتوحة: تقترح الوثيقة تجنب المواجهات المباشرة مع الدولة التي من شأنها أن تؤدي إلى قمع سريع ووحشي. وذلك من خلال:
2 - العمليات السرية: ممارسة العمل السياسي في سرية تامة لتجنب الانكشاف والاعتقال.
3 - الإجراءات صغيرة النطاق: التركيز على العمليات السياسية المحلية الأصغر التي يصعب قمعها.
4 - بناء القدرة على الصمود: التأكيد على الأمن التنظيمي وأساليب الاتصال لتجنب التسلل.
5 - استخدام استعارة "المطرقة والفولاذ": تؤكد الوثيقة على فكرة أنه حتى في ظل النكسات والاعتقالات يمكن أن تقوي الحركة. وهذا يعني:
6 - الحفاظ على الروح المعنوية: من خلال المحفاظة على الدافع والثقة وسط القمع.
7 - التعلم من الأخطاء: بمعنى تحليل الإخفاقات في تحسين الاستراتيجيات والتكتيكات.
8 - استغلال الفرص: اغتنام لحظات الضعف في قبضة الحكومة، وتعميق أشكال الدعاية والنقد والتحريض.
ج - الاستفادة من وسائل الإعلام:
1 – "المنظم الجماعي": تسلط الوثيقة الضوء على دور صحيفة "إلى الأمام" السرية كأداة لتنظيم وتعبئة الناس. يمكن أن يشمل ذلك:
2 - نشر الرسائل الأيديولوجية: نشر الأفكار الماركسية اللينينية ونقد النظام القائم.
3 - تعزيز الإجراءات: الدعوة إلى الاحتجاجات والإضرابات وغيرها من أشكال المقاومة.
4 - بناء التضامن: ربط المجموعات المختلفة وإلهام المشاركة على نطاق أوسع.
د - مواجهة التحديات الرئيسية التي تعترض المنظمة:
1 - نظام الملك الحسن الثاني: كان هذا النظام قاسياً ومرعبا ومعروفاً بقمعه الشديد للمعارضة. وتعترف الوثيقة بتحديات العمل في ظل هذه الظروف.
2 - التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية: واجه المغرب فوارق كبيرة بين الأغنياء والفقراء، وبين سكان الريف والحضر، وبين السكان المتعلمين وغير المتعلمين. وقد شكل ذلك تحديات أمام بناء الوحدة والتغلب على الانقسامات الطبقية.
3 - انقسام "نظرية الكوادر": تنتقد الوثيقة فكرة عزلة الكوادر، مما يوحي بوجود صراعات داخلية داخل الحركة. ربما يكون هذا الانقسام قد أعاق الوحدة والفعالية.
4 - بشكل عام، كانت الإستراتيجية على الأرجح عبارة عن مزيج من:
5 - التدرج: بناء الحركة ببطء، وتزايد قاعدتها ونفوذها بشكل مطرد.
6 - الانتهازية: استغلال لحظات معينة من الضعف أو الضعف في الحكومة.
7 - القوة الأيديولوجية: إقناع الناس بصلاحية الأفكار الماركسية اللينينية كطريق للتحرر.
سادسا: النقد والنقد الذاتي
لم يشكل بناء الحزب الثوري لمنظمة الى الامام عملا مجردا من النقد والنقد الذاتي كآلية ضرورية لتطور التنظيم ، بل كان نقد أعضاء المنظمة الذاتي متواصلا منذ اصدار اللجنة الوطنية للمنظمة وثيقة "عشرة أشهر من كفاح التنظيم، نقد نقد ذاتي" في 20 نونبر 1972 ،والتي يمكن تلخيص أهم محاورها في ما يلي:
1 - هذه الوثيقة المطولة عبارة عن تقرير نقدي ذاتي أعدته اللجنة الوطنية لمنظمة الى الأمام الماركسية اللينينية المغربية، وتعكس نضال المنظمة لمدة عشرة أشهر، وعيوبها الداخلية، وطريقها نحو التحول إلى حزب ثوري. ويعتبر التقرير تحليلاً معقداً ومتعدد الأوجه للخط السياسي للمنظمة، وهيكلها التنظيمي، وتجاربها مع القمع.
وفيما يلي تفصيل للنقاط والموضوعات الرئيسية:
أ - نقد ماضي المنظمة:
1 - اللامركزية والعفوية: ينتقد التنظيم اعتماده السابق على الهياكل اللامركزية ومفهوم "الاختراق الثوري"، معتبراً أن ذلك أدى إلى العفوية المفرطة، وغياب السيطرة المركزية، والفشل في بناء طليعة قوية وموحدة.
2 - البنية البرجوازية الصغيرة: يعترف التقرير بتركيبة المنظمة البرجوازية الصغيرة ونضالها ضد النزعات النخبوية، وبناء الشبكات، والفهم الميكانيكي للثورة.
3 - إهمال الدور الطليعي: وينتقد التركيز على "الحزب الواحد" - بما في ذلك الجماهير - وإهمال دور الطليعة الماركسية اللينينية في تنظيم وقيادة وبناء الجبهة الثورية.
4 - الممارسات الليبرالية: يشير التقرير إلى وجود سلوكيات ليبرالية، وغياب الانضباط الحديدي، والفشل في تطوير جهاز سري قوي، مما ساهم في التعرض للقمع.
ب - الدروس المستفادة من نضالات 1972:
1 - انتفاضات فبراير ومارس 1972: يشيد التقرير بدور المنظمة في قيادة النضالات الجماهيرية عام 1972، لكنه ينتقد فشلها في تأطير الحركة وتنظيمها بشكل مناسب، لا سيما فيما يتعلق بتعبئة العمال والفلاحين.
2 - القمع والاعتقالات: تفصل الوثيقة تجربة التنظيم مع القمع، وتسلط الضوء على الإخفاقات في بناء هيكل سري متين ونقاط الضعف التي كشفتها الاعتقالات. كما يسلط الضوء على أهمية مقاومة التعذيب وضرورة وجود رقابة سياسية وأيديولوجية صارمة لمكافحة الممارسات الليبرالية.
3 - الانكماش التنظيمي: يعترف التقرير بانكماش التنظيم في صيف عام 1972، بسبب مزيج من القمع، والمبالغة في تقدير العدو، وعدم وجود هيكل مركزي قوي قادر على العمل في ظل السرية.
4 - الحركة الطلابية: يشيد التقرير بنمو الحركة الطلابية ونجاح الخط الثوري داخلها، لكنه ينتقد عدم قدرة المنظمة على تقديم الدعم الكامل وتوجيه تطور الحركة.
ج - نحو بناء حزب ثوري ماركسي لينيني:
1 - الحاجة إلى التغيير: يدعو التقرير إلى تحول كامل للمنظمة، مع التركيز على الحاجة إلى بناء طليعة ثورية قوية ومركزية وذات قاعدة جماهيرية.
2 - المبادئ الأساسية: يوضح التقرير المبادئ الأساسية لبناء هذه المنظمة الثورية:
3 - المحترفون الثوريون: وهي مجموعة أساسية من الشيوعيين المتفانين الملتزمين بالنضال الثوري.
4- القيادة البروليتارية: التركيز على التأصيل داخل الطبقة العاملة وبناء طليعة بروليتارية.
5 - المركزية الديمقراطية: توازن الديمقراطية والمركزية في الديناميكيات الداخلية للمنظمة.
6 - القيادة القوية: قيادة قادرة على تنفيذ الخط السياسي وضمان الوحدة.
7 - الانضباط الصارم: الالتزام بالانضباط الثوري على جميع المستويات.
8 - الخط السياسي السليم: خط متجذر في التحليل الماركسي اللينيني للوضع المغربي ويهدف إلى قيادة الجماهير إلى الحرب الشعبية.
9 - وحدة الماركسيين اللينينيين: العمل من أجل منظمة ماركسية لينينية موحدة.
د - قرارات تنظيمية:
1 - تعزيز اللجنة الوطنية: يوضح التقرير الخطوات اللازمة لتعزيز اللجنة الوطنية ودورها كقيادة وطنية.
2 - النشرة الداخلية: تقوم المنظمة بإصدار نشرة داخلية سرية لتعزيز الوحدة والتماسك.
3 - الإجراءات التأديبية: تم تأديب العديد من الرفاق لارتكابهم جرائم مختلفة، بما في ذلك الممارسات الفصائلية والاستسلام للعدو.
4 - شكلت هذه الوثيقة فحصا ذاتيا نقديا لتجريه منظمة الى الأمام الماركسية اللينينية المغربية والتي كافحت من أجل أن تصبح قوة ثورية. إنها تعكس تحديات بناء حزب ثوري في سياق قمعي، وتسلط الضوء على أهمية التنظيم القوي، والخط السياسي الواضح، والالتزام بالنضال الجماهيري. ويعد التقرير بمثابة دليل للمسار المستقبلي للمنظمة، مع التأكيد على ضرورة التغلب على نقاط الضعف الماضية وبناء طليعة صلبة وفعالة قادرة على قيادة الشعب المغربي نحو الثورة.
خاتمة:
تعرضت المنظمة منذ تأسيسها لموجة نت القمع الشرس والملاحقات والاعتقالات والتعذيب مما أدى الى وفاة كاتبها الوطني الرفيق عبد اللطيف زروال في 14 نونبر 1974 والى وفاة الرفيقة سعيدة المنبهي سنة 1977، ثم الى موجة ثانية من الفمع طيلة عقد الثمانينات. بينما حاولت المنظمات الماركسية اللينينية المتفرعة عن منظمة الى الأمام ممارسة العمل السياسي بشكل لا مركزي وفي سرية تامة وبنفس البنيات التنظيمية والنضالية للمنظمة الى اليوم.
المصادر الأساسية:
1 – وثيقة تأسيسية "سقطت الأقنعة، فلنفتح الطريق الثوري" صادرة عن منظمة الى الأمام في يوم تأسيسها بتاريخ 30 غشت 1970؛
2 – وثيقة "الوحدة الجدلية لبناء الحزب الثوري والتنظيم الثوري للجماهير" وثيقة صادرة عن منظمة الى الأمام في 29 مايو 1972؛
3 – وثيقة "حول الاستراتيجية الثورية" وثيقة صادرة عن منظمة الى الأمام بتاريخ 30 يونيو 1972؛
4 – وثيقة "عشرة أشهر من كفاح التنظيم، نقد نقد ذاتي" وثيقة صادرة عن منظمة الى الأمام بتاريخ 20 نونبر 1972؛
5 – وثيقة "لنبن الحزب الثوري تحت نيران العدو" وثيقة صادرة عن منظمة الى الأمام في صيف 1973.