3 من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - نضال لينين وستالين ضد التحريفية والانتهازية-
عبدالرحيم قروي
2024 / 6 / 15 - 16:47
.
3- إنجاز الثورة الثقافية.
وكانت السياسة الاقتصادية الجديدة "النيب" التي اتبعت منذ أوائل العشرينيات من القرن العشرين قد أحدثت سجالا إمتد حتى عام/1927/ داخل حزب البلاشفة كما ظهرت عدة تيارات داخل حزب البلاشفة مخالفة التعاليم اللينينية في بناء الدولة الاشتراكية الفتية. وبرز تروتسكي وأنصاره معارضين الاحتمالات والآفاق التي رسمها لينين للثورة الديمقراطية والثورة الاشتراكية في روسيا وأكدوا بأن ديكتاتورية البروليتاريا ستدخل في صدام مع جماهير الفلاحين وأن الاشتراكية السوفيتية لم تنتصر بدون مساعدة الثورة البروليتارية في أوروبا ، وفد استخدم تروتسكي مصطلحات كنظرية الثورة الدائمة ضد الملكية الاقطاعية والملكية البرجوازية التي ستتبعها البروليتاريا الروسية والتي لن تجد الحل إلا في مساعدة الثورة البروليتارية العالمية ، ولم يقتنع بأن البروليتاريا الروسية وحدها قد برهنت على كونها في الواقع ثورية حتى النهاية عندما قامت الثورة وانتصرت فيها ، وأن الثورة في أوروبا الغربية قد تخلفت في مضمونها وعادت إلى الماضي وبالتالي كان في لغوه اليساري حول "الثورة العالمية" قد التصق بفكر المناشفة الذين كانوا يعلنون بأنه لا الجماهير ولا الشروط الموضوعة ناضجة لبناء الاشتراكية في روسيا، وكان يقف منذ البداية منذ إصدار كتابه "مهامنا الجديدة" عام /1904/ وحتى كراسه "مسارنا الجديد" عام /1922/ ضد المبادىء اللينينية في بناء حزب من طراز جديد متهما لينين بشتى التهم السيئة وصابا افتراءاته وشتائمه فوق رأس ستالين طامحا للإمساك بزمام السلطة في الحزب البلشفي ومحاولا إقصاء الكوادر البشفية القديمة وإحلال محلها كوادر شابه ليس عندها الخبرة الكافية متسترا باتهامات لقيادة الحزب ما أنزل الله بها من سلطان .
لقد ناضل ستالين والخط اللينيني في مرحلة بناء الصناعة الثقيلة والتعاون الزراعي ضد كل التيارات التحريفية والانتهازية التي ظهرت داخل الحزب فوقف ضد أفكار بوخارين القائلة (بأن التصنيع قد أدى إلى استغلال عسكري – إقطاعي للفلاحين) وأنه (يجب تلبية الحاجات التموينية الشعبية قبل البدء في عملية التصنيع الواسع الأبعاد) وأنه يمكن التقدم عبر علاقات السوق ودعا الفلاحين أن يغتنوا وقد وجه ستالين له انتقادا بأن شعار (اغتنوا) ليس شعار البلاشفة وإنما الشعار الصحيح هو (التراكم الاشتراكي).
وعندما رأت قيادة الحزب أن المخرج من حدوث مجاعة مرتقبة لدى سكان المدن بسبب احتكار الكولاك للقمح هو تطوير الكولخوزات بسرعة وقف بخارين ضد ذلك مشجعا المزارع الفلاحية الفردية وداعيا إلى إقامة (سلام طبقي) مع الكولاك الذين بدأوا يفرضون شروطهم على الحكومة السوفيتية، عندها أدرك الخط اللينيني وعلى رأسه ستالين أن الاشتراكية مهددة بالخطر من ثلاث جهات: 1- خطر اندلاع ثورات الجياع في المدن 2- وخطر تعزيز وضع الكولاك في الريف بحيث يصبح التصنيع الاشتراكي في حكم المستحيل 3- خطر التدخلات الاجنبية العسكرية المثير للقلق.
قرر ستالين نقل الثورة للريف وخوض الصراع النهائي ضد الطبقة الرأسمالية الاخيرة في الاتحاد السوفيتي وهي طبقة الكولاك أو البرجوازية الزراعية ، وأدى ذلك إلى تسريع عملية التعاون الزراعي بشكل يفوق الوصف من قبل الفلاحين الفقراء والمتوسطين وشن حملة ضد الكولاك وانتزع أملاكهم وطردهم من الارض في بعص الأحيان وإلى تصفية نفوذهم الاقتصادي والسياسي في الريف وذلك بمساعدة البروليتاريا عبر صراع طبقي حاد.
وعندما شنت الانتهازية اليمينية الممثلة بالمجموعة البوخارينية والمجموعة التروتسكية التي أخذت تشكك في العملية الانتاجية وتعتبر نزع أملاك الكولاك (مغامرة بيروقراطية) وأن الكولخوزات ستنهار ووصفوا التعاون الزراعي بأنه ذو طابع طوباوي كل ذلك بهدف تشويه موقف القيادة اللينينية وعلى رأسها ستالين ودعوا إلى الاطاحة بها غير أن النتائج الباهرة التي حققها التعاون الزراعي في الريف رد على كل تخرصاتهم وانتهازيتهم.
لقد شن تروتسكي على الخط الماركسي ـ اللينيني في الحزب البلشفي حملة يصف فيها قيادة الحزب (بالبيروقراطية الستالينية) وكان الهدف من ذلك الاطاحة بدكتاتورية البروليتاريا وتزعم الحزب ، غير أن لينين وستالين ورفاقهم المبدئيين كانوا يشنون حملة ضد البيروقراطية من أجل الحفاظ على نقاء الخط البلشفي وإلى تطوير الديمقراطية داخل الحزب وتنشيط التربية السياسية من أجل رفع الوعي السياسي للأعضاء الجدد. ومن أجل القضاء على الفساد البيروقراطي في الدولة والجهاز الحزبي طبقوا طريقة المراجعة والتطهير في الحزب في أعوام /1927-1929-1932-1937/ لكل الأعضاء غير المطابقين للمعاير الأولية (المعادون للثورة ـ الكولاك ـ الظباط البيض) والوصوليون والفاسدون والبيروقراطيون الذين يرفضون الانظباط الحزبي ويتجاهلون قرارات اللجنة المركزية ومرتكبوا الجرائم والمدمنون على الخمور.
وتصدى ستالين للمؤامرة التي انكشفت والتي قامت بها المجموعة التروتسكية المتعاونة مع كامنيف وزينوفييف عضو المكتب السياسي والتي كانت تدعم منظمة سرية معادية للشيوعية قامت باغتيال الشخصية البلشفية المعروفة (كيروف) عام /1934/ وأدى ذلك إلى إبعادهم إلى منفى داخل روسيا بينما تابع تروتسكي حملته الفكرية والإعلامية ضد القيادة البلشفية وضد ديكتاتورية البروليتاريا واصفا المناخ السياسي بأنه ملائم للإرهاب ومناديا بإقامة أممية رابعة ومشجعا على (الارهاب الفردي) وممجدا لقيام ثورة مسلحة ضد البلاشفة وبذلك أصبح ناطقا باسم الطبقات الرجعية المهزومة (الكولاك ـ القيصريون ـ البرجوازيون ـ والضباط البيض) أي أصبح ضد الشيوعية.
وناضل التيار المبدئي اللينيني وعلى رأسه ستالين ضد أعمال التخريب والتجسس والعبث التي يقوم بها جواسيس الدول الاجنبية في المناطق الاقتصادية في كازخستان والأورال وضد عملاء الدول الأجنبية في الداخل وعلى رأسهم التروتسكيون الذين وصلوا إلى بعض مواقع المسؤولية في الحزب والدولة وضد بعض القادة والذين ساهموا في إيصال عملاء الدول الأجنبية إلى هذه المواقع الهامة وتوصل ستالين إلى نتيجتين :
1- التخلص من السذاجة السياسية وسرعة التصديق وتعزيز اليقظة الثورية في الحزب وقال قوله المشهور "كلما تقدمنا نحو الاشتراكية كلما تزداد حدة الصراع الطبقي" .
2- الارتقاء بالتربية السياسية لكوادر الحزب عن طريق إقامة دورات سياسية بدءا من قيادة الخلايا وانتهاء بالقادة في قمة هرم الحزب وذلك من أجل الوقوف ضد كافة الانحرافات في الحزب وعلى الأخص اليسارية البيروقراطية ولكنه حذر من توسيع حملة التطهير في الحزب بدون معايير وكذلك حذر من القمع بطريقة تعسفية.
وتصدى لبرنامج بوخارين الذي كان يرتكز على إنهاء الصراع الطبقي وإنهاء اليقظة الثورية السياسية تجاه القوى المعادية للإشتراكية ويعد بتحسين فوري لمستوى حياة السكان، والديمقراطية للتيارات الانتهازية والاشتراكية الديمقراطية أي أن برنامجه كان يهدف إلى حماية البرجوازية الزراعية والتجارية وإيقاف التصنيع الثقيل وإقامة الصناعة الخفيفة ، كان تطبيق مثل هذا البرنامج سيؤدي حتما إلى الهزيمة أمام الفاشية والنازية أبان الحرب العالمية الثانية . والتطهيرات التي نفذتها القيادة البلشفية في الحزب (المدنيون والعسكريون) وضد معظم المعارضة التحريفية والانتهازية في الحزب والدولة هيأت الأجواء والأرضية الملائمة للرد على ألمانيا النازية وقادت الجيش والشعب إلى النصر المؤزر في 9/5/1945 عليها مجترحة المآثر والمعجزات في الوقت الذي كان ينادي فيه تروتسكي لقيام ثورة سياسية جديدة تسحق ما زعم بأنه بيروقراطية بلشفية.
وفي مقولته التي ساوى فيها (البلشفية بالنازية) يصف الستالينية بأنها تمهد الطريق لصعود الفاشية وانتصارها ويصفها بحليفتها المنحطة ويقول(تروتسكي): " إن انحطاط الستالينية هو المشهد الأكثر فظاعة والأكثر قبحا في تاريخ الإنسانية". يروج تروتسكي بهذه المقولات للدعاية الانهزامية وللروح الاستسلامية بشكل مضلل بغية خنق الثورة البلشفية والبروليتارية من خلال حقده على القيادة البلشفية واصفا إياها بأنها قوضت القوى الأخلاقية وروح المقاومة في البلاد عامة وفي اللحظات العصيبة ستجد نفسها عديمة الشرف والذمة ومرغمة على خيانة البلاد وبهذه المقولة يحرض النازية على الحرب ضد الاتحاد السوفييتي ويؤكد لها بأنها ستكسب الحرب . وكان معارضا لكل تدابير الحزب البلشفي الرامية إلى ممارسة رقابته السياسية على الجيش الأحمر بإدخال الفوضويين السياسيين إلى الجيش مدغدغا مشاعر النخبة لدى العسكريين وضباط الجيش ضد الحزب من أجل تفجير الجيش الأحمر من داخله وإشعال حرب أهلية وهم على أعتاب الحرب العالمية الثانية.
وفي دفاعه عن الموضوعة التي تقول : " من أجل الاستعداد للحرب العدوانية النازية ينبغي ضرب البلاشفة وعلى رأسهم ستالين " أصبح تروتسكي يتمرد ضد النظام القائم من أجل الإطاحة به فكشف عن نفسه بأنه العدو اللدود للشيوعية ، لقد ناضل ستالين وواجه تيارات مناهضة للماركسية اللينينية وعلى رأسها التروتسكية ـ المنشفية المتسترة خلف لغة يسارية متطرفة والبوخارينية (الانحراف نحو الاشتراكية الديمقراطية) والميول البونابرتية (داخل الجيش الأحمر) والقومية البرجوازية (التيتوية) التي اتخذت داخل الحزب الشيوعي اليوعسلافي مواقف مناهضة للماركسي ـ اللينينية قد بدأت تصدع الجبهة الموحدة للإشتراكية في أوروبا والواقفة ضد الإمبريالية وأدت هذه المواقف إلى تصفية الشيوعيين الحقيقيين في الحزب مما سبب انحرافا نحو الاشتراكية الديمقراطية التي تنادي بالانتقال إلى الاشتراكية دون صراع طبقي وإحلال السوق محل التخطيط الاقتصادي كما هاجم هذا التيار شعار "ديكتاتورية البروليتاريا" ثم أضعف دور الدولة في المجال الاقتصادي ومهاجمة الاتحاد السوفييتي وتأيده للعدوان الأمريكي على كوريا وبذلك تحولت التيتوية إلى أداة في يد الإمبريالية المعادية للشيوعية.
وقد حذر ستالين من تنامي النزعة القومية في الأحزاب الشيوعية واعتبرها عقبة إيديولوجية أساسية في طريق تشكيل الكوادر الطليعية الماركسية داخل هذه الأحزاب ، ورغم انشغاله في إعادة بناء ما دمر في الحرب العالمية الثانية داخل الاتحاد السوفييتي واهتمامه بالقضايا الدولية، فإنه أوضح بأن تأثير البرجوازية في الداخل والإمبريالية من الخارج كان ينعكس داخل الحزب في ظل أشكال من الانتهازية وكان على قناعة تامة بأن تطهيرا جديد داخل الحزب يجب أن يحدث ضد الانتهازية فقد ضعف النقد والنقد الذاتي والرقابة الحزبية من القاعدة وكذلك الانضباط الحزبي وعدم التزام بعض القادة بقرارات الحزب وقوانين الدولة وانتشار الفساد في أوساطهم وتراجع الاهتمام بالعمل الأيديولوجي مما هيأ أرضية لنمو البيروقراطية التي كان نبه منها لينين وقاومها ستالين ، كما هيأ لبروز تيار انتهازي تحريفي في قيادة الحزب بزعامة بيريا وخروتشوف ، وبعد موت ستالين عام /1953/ بدأ التراجع عن الخط اللينيني في المجال الفكري والسياسي وأعيد الاعتبار إلى العديد من الانتهازيين وأعداء اللينينية الذين أبعدهم ستالين مما هيأ ذلك لبداية الانحراف نحو نهج أدى بعد أربعين عاما إلى إنتصار ثورة مضادة للاشتراكية في الاتحاد السوفييتي على أيد الانتهازيين والتحريفيين والصهيونيين والمرتدين.
لقد صدق ستالين القول "سيضعون الزبل على قبري ولكن التاريخ كفيل بإزالته"
أزاد الملا