تونس : حيرة أوربية أمريكية .


فريد العليبي
2024 / 5 / 27 - 17:07     

تونس 25 جويلية أصبحت " مقلقة " للاتحاد الأوربي وامريكا والكيان ويكفي أنها الدولة العربية الوحيدة التي تقف ضد حل الدولتين وترى في الأفق فلسطين التاريخية كاملة لا جزء منها فقط .... لا محمود عباس ولا حتى حماس يريان ذلك الآن على الاقل ... الصحافة الغربية تركز حاليا على هذه النقطة محاولة قرع الطبول خاصة بعد زيارة قيس سعيد طهران بينما تجاهل قمة البحرين فتونس توشك أن تسقط في الخندق المقابل حيث تسكن روسيا والصين وايران الخ ..
لأجل ذلك سيشتد القصف على 25 جويلية بتوظيف الداخل والخارج في نفس الوقت وفي ماعون الهجوم المادي والمعنوي ( الوسائل ) نجد التالي :
داخليا .
ــــ فتح ملف الحريات وتصوير قيس سعيد باعتباره مستبدا يذكر بزين العابدين بن على عبر استعمال ملفات المحامين والصحافيين والقضاة والنقابيين والمهاجرين الخ... دفعة واحدة وفي نفس الوقت .
ـــ تصوير من يقف معه سياسيا باعتباره مرتزقا يبحث عن منافع شخصية وفئوية لعزله تماما عن السياسيين والنقابيين والمثقفين والحقوقيين فيكون التناقض بين من مع قيس سعيد ومن ضده لتصبح 25 جويلية مختصرة في شخص " الديكتاتور " من جهة ومقابله الشعب كله من جهة ثانية ، من هنا الشعار : " جاك الدور ، جاك الدور ، يا قيس يا دكتاتور " .
ــ المخاتلة بخيار ثالث هو في نفس الوقت ضد 25 جويلية و 24 جويلية مجتمعتين بتشغيل " كاسحات الغام " يتمثل دورها في تمهيد الأرض لعودة حكم العشرية السوداء فذلك الخيار ليس له من قوة تؤهله لكي يكون بديلا للخيارين المتناقضين والمتصارعين الآن . وعند دخول " بلدورز " العشرية السابقة ستختفي كاسحات الالغام تلك من الميدان ، وهذا التكتيك طُبق سابقا ويبدو أنه مرتبط بجبهة عريضة تجمع بين صفوفها الاسلام السياسي والدستوريين / البورقيبيين واليسار الليبرالي وهى التي حاولت دون جدوى حتى الآن جر الاتحاد العام التونسي للشغل وهيئة المحامين اليها بينما نجحت في جر منظمات حقوقية ولكنها دون تأثير كبير في مجرى المعركة السياسية التي تدور رحاها الأن .
خارجيا .
ـــ استعمال ملفات المهاجرين والقروض والمساعدات والحريات واثارة التناقضات ضمن مؤسسات الحكم نفسها ومحاولة الاستفادة من خدمات الطابور الخامس وعند اللزوم استعمال آخر الورقات وهي الانقلاب .
هنا تطرح جملة من الأسئلة :
السؤال الاول مركب وهو كيف تواجه الآن جبهة 25 جويلية ذلك كله وما علاقة هذا بالتحويرات الوزارية مؤخرا وماذا يمكن أن تكون خطة الرئيس تحديدا وهل هي قيد التنفيذ أم ان الأمر لا يتجاوز الفعل ورد الفعل ؟ السؤال الثاني ما هي شروط النصر في هذه المعركة؟ السؤال الثالث هل هي المعركة الأخيرة تلك الجارية الآن ( حياة أو موت ) والتي ستكون فاصلة في انتصار أو هزيمة الانتفاضة التونسية التي بدأت قبل حوالي أربعة عشر عاما وهي التي يرى الرئيس التونسي أنها متواصلة من خلال انفجار ثوري ، بما في ذلك صلب قصر قرطاج ، متخذة شكل حرب تحرير وطني ؟؟.
الاشتباكات السياسية متواصلة اذن في تونس وستحتد أكثر فأكثر في علاقة بالانتخابات الرئاسية القادمة .وبعد الهجوم الأول الذي خاضته جبهة 24 جويلية بتوظيف الاعلام القديم والتظاهر في الشوارع واستعمال بيت المحامين جاء الهجوم المضاد و من ملامحه أيضا النزول الى الشوارع في العاصمة حيث كان حضور الريف والجهات القصية لافتا فضلا عن المدينة ، ثم كان الهجوم الثاني الذي استعمل فيه داخليا " الطابور الخامس" وخارجيا وسائل اعلام إيطالية وفرنسية مثل " لا روبوبليكا وال سي ايLCI ولوموند " ولم يتأخر الرد عليه ومن قصر قرطاج مباشرة هذه المرة بالحديث عن الثعلب / الخارجي / الغازي ..الذي يريد أن يكون طليقا في مدجنة تعتقد أنها حرة وعن اليساريين الليبراليين الذين تنبض قلوبهم يسارا وحافظات نقودهم يمينا في إشارة الى كاسحات الألغام تلك.
عسكريا استعمل الطابور الخامس كثيرا في الحروب فالنائمون في الخندق المقابل يجري تحريكهم في الوقت المناسب لتخريب معدات حربية و بنايات و قتل قادة الخ وبدا أن بعض النائمين في خندق " قيس سعيد" يستيقظون لتأدية دور مماثل ففتح لهم الاعلام القديم الباب لاعتذارات صاخبة عن سنوات قضوها في " خدمة " 25 جويلية وهو ما وظفته الجبهة المقابلة بالقول ان سفينة قيس سعيد تغرق وان بعض من فيها ينجون بأنفسهم عبر القفز منها مسرعين .
وغني عن البيان أن الإعلام سلاح فتاك خلال الاشتباكات السياسية والحربية سواء بسواء خاصة من خلال التضليل ونشر الاشاعة وهو لا يزال تونسيا في اغلبه تحت سيطرة جبهة 24 جويلية ولكن نتف ريشه جار على قدم وساق واذا تم قطع التمويل الخارجي عنه ستزهق روحه بين يوم وليلة .
واللافت في الاشتباكات التونسية هذه المرة هو دخول الإعلام الخارجي الميدان بقوة بما في ذلك البث المباشر من بيت المحامين لقناة فرنسية ، فضلا عن نشر خبر عن طائرات روسية في جزيرة جربة وان فاغنر او الفيلق الروسي الذي ورثها شوهدت طائراته هناك وهى تحوم في الجو وتحط في البر ، مما اضطر السفارة التونسية في باريس إلى اصدار بيان يكذب الخبر.
ومن المنتظر اتساع مساحة الاشتباكات مع مرور الايام وستظهر في الأثناء أسلحة جديدة ..والجدير بالتذكير أن قيس سعيد فاجأ سابقا أعداءه في الداخل والخارج بما لم ينتظروه حتى في الخيال ونجح في ذلك ويبدو الآن في موقع يسمح له بالإقدام على مفاجآت أخرى .
وغير خافية تلك المؤشرات الدالة على وجود تحالف بين قوى داخلية وأخرى خارجية للتخلص من الرئيس الحالي سلما أو عنفا...وقد تلعب ورقتها الأخيرة .