طاووس المحكمة
وليد عبدالحسين جبر
2024 / 4 / 29 - 01:08
نادى المنادي على اسمها كي تدخل قاعة المحكمة لإكمال اجراءات طلاقها من ابن عمها الذي ضاق ذرعا بمرضهما نتيجة زواجهما الذي لم يفلح بحياة الابناء بسبب مرض ولادي يصيبهم كونهما ابناء عم.
اخيرا فضّلا ان يفترقا بعد حياة مليئة بالعجائب بالحلو والمر ، بالتضحيات بالآهات
دخلت انيس وقد سيطر عليها الأرق والحزن الا انه فشل في اخفاء مفاتن جمالها الهادئ الذي سيطر على مجلس المحكمة بلونه الاسمر وقسمات وجهها البريئة و عيناها الساحرتين اللتين رغم صغرهما الا انهما بانفتاحهما يدلان دلالة واضحة ان الانثى ما هي الا جمال وحياة وسحر!
بصوت ملئ بالأنوثة وهادئ كهدوء جمالها الخلاب اجابت قاضي المحكمة باقتضاب وكأنها تريد ان تضع حمل ناءت به طويلا.
وهكذا خُتم محضر حياة زوجية شائكة بلحظات بعد ان فشل الزوج في ادارتها ام افشلته اقدار الزمان ، النتيجة فشل.
مدت يدها التي تفنن صانعها في ابداعها وببصمة ابهامها الجميل وضعت بصمتها وخرجت تتمايل بطولها الجذاب تاركة خلفها كل شيء.
بعد سنوات واذا انيس وبذات الطلة تدخل المحكمة بذات الاسى ومعها درة ابنتها التي رُزقت بها من زوج ذو نزوة ، توسل بأهلها بكل عبارات وافعال التوسل مجرد ان رآها ، وبعد اخذ وردّ، يتم الزواج وتحصل القسمة كما تعّبر النساء الكبيرات .
وتعيش معه انيس بضعة اشهر حياة حلوة واذا به بعد حملها تتغير عقارب ساعته ويكون غير الذي عرفت!
وتستمر المشاكل والخلافات حتى يرسلها الى بيت اهلها ويرسل خلفها ورقة الطلاق وتبليغ دعوى تصديقه!
ماذا تقول لأهلها هذه المرة وقد تكلل زواجها من قريبها والغريب بطلاقين قبيحين .
تقبلت الامر الذي لا ذنب لها به بصبر جميل و هدوء كهدوء جمالها ودخلت قاعة المحكمة كما دخلتها اول مرة تاركة خلفها ذكر لا يملك أيا من صفات الرجولة ، اخطأت في تقديره ولات حين مندم .
تشعر انيس ان ما بقي من حياتها ملك درة وان الرجال كل الرجال متشابهين ، وانها دخلت حربين دون ارادتها و خسرت فيهما او ربحت لا تريد ان تفكر في ذلك اصلا .
باقية في دار اهلها تنتظر من وكيلها الذي كلفته باستحصال حقوقها الشرعية من طليقها ناكر الجميل . ولا تريد ان تفكر في اية خارطة مستقبلية فقد ساهم هذين الطليقين بإصابة انوثة قلبها ولم تبقى في اماله سوى قسمات وجهها التي تراها في المرآة يتطاير شعرها الاسود الداكن محاولا اخفاء وجهها البريء متمددا على جوانب متنها يفترش الارض كأنها الطاووس .
باغتتها امها إذ كانت ترقب جلوسها امام المرآة ، انيس خلي يولون هم الخسرانين ايها الحلوة الخلوقة المهذبة ، اتركِ ما مرّ خلف ظهرك و عيشي حياتك كما يحلو لكِ.